الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأما خيار الشرط لا يورث، وقد ذكرناه من قبل. ومن اشترى دارا على أنه بالخيار فبيعت دار أخرى إلى جنبها فأخذها بالشفعة فهو رضا؛ لأن طلب الشفعة يدل على اختياره الملك فيها؛ لأنه ما ثبت إلا لدفع ضرر الجوار وذلك بالاستدامة، فيتضمن ذلك سقوط الخيار سابقا عليه، فيثبت الملك من وقت الشراء، فيتبين أن الجوار كان ثابتا، وهذا التقرير يحتاج إليه لمذهب أبي حنيفة رحمه الله خاصة.
قال: وإذا
اشترى الرجلان غلاما على أنهما بالخيار فرضي أحدهما
فليس للآخر أن يرده، عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: له أن يرده، وعلى هذا الخلاف خيار العيب وخيار الرؤية.
ــ
[البناية]
م: (فأما خيار الشرط لا يورث، وقد ذكرناه من قبل) ش: يعني عند قوله: وإذا مات من له الخيار بطل خياره م: (ومن اشترى دارا على أنه بالخيار فبيعت دار أخرى إلى جنبها فأخذها بالشفعة فهو رضا) ش: أي الأخذ بالشفعة رضا م: (لأن طلب الشفعة يدل على اختياره الملك فيها) ش: أي في الدار التي اشتراها بالخيار م: (لأنه) ش: أي؛ لأن طلب الشفعة م: (ما ثبت إلا لدفع ضرر الجوار وذلك) ش: أي دفع ضرر الجار م: (بالاستدامة) ش: أعني باستدامة الملك في الدار المشتراة بالخيار.
م: (فيتضمن ذلك) ش: أي اختيار الملك م: (سقوط الخيار سابقا عليه) ش: أي على طلب الشفعة م: (فيثبت الملك من وقت الشراء فيتبين أن الجوار كان ثابتا) ش: عند بيع الدار الثانية وهو يوجب الشفعة م: (وهذا التقرير) ش: الذي ذكره من قوله: لأن طلب الشفعة يدل على اختيار الملك إلى آخره م: (يحتاج إليه لمذهب أبي حنيفة رحمه الله خاصة) ش: إنما قال: خاصة؛ لأن عندهما يدخل المبيع في ملك المشتري فلا يحتاج إلى التقرير الذي يؤدي إلى اختيار المالك.
قال الإمام السرخسي رحمه الله: وجوب الشفعة مذهبهما ظاهر، وأما عند أبي حنيفة رحمه الله فلأنه صار أحق بالتصرف فيها وذلك يكفيه لاستحقاق الشفعة بها كالمأذون المستغرق بالدين أو المكاتب فإنهما يستحقان الشفعة، وإن لم يملكا رقبة الدار بخلاف ما إذا كان الخيار للبائع فالمشتري هناك لم يصر أحق بالتصرف فيها.
[اشترى الرجلان غلاما على أنهما بالخيار فرضي أحدهما]
م: (قال) ش: محمد رحمه الله في " الجامع الصغير ": م: (وإذا اشترى الرجلان غلاما على أنهما بالخيار فرضي أحدهما فليس للآخر أن يرده عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا:) ش: أي أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله- م: (له أن يرده، وعلى هذا الخلاف خيار العيب وخيار الرؤية) .
ش: وقال صاحب " الخطر والمختلف " إذا اشتريا غلاما ليس لأحدهما أن يرده بخيار الرؤية أو بخيار العيب بدون صاحبه قبل القبض وبعده على الخلاف المذكور.
وقال الفقيه أبو الليث في شرح " الجامع الصغير ": رجلان اشتريا غلاما على أنهما بالخيار
لهما أن إثبات لهما إثباته لكل واحد منهما، فلا يسقط بإسقاط صاحبه؛ لما فيه من إبطال حقه. وله أن المبيع خرج عن ملكه غير معيب بعيب الشركة، فلو رده أحدهما رده معيبا به وفيه إلزام ضرر زائد، وليس من ضرورة إثبات الخيار لهما الرضا برد أحدهما؛ لتصور اجتماعهما على الرد.
ــ
[البناية]
فرضي أحدهما فليس للآخر أن يرده في قول أبي حنيفة رحمه الله وفي قولهما له ذلك.
م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد -رحمهما الله- م: (أن إثبات الخيار لهما) ش: أي للرجلين المذكورين م: (إثباته) ش: أي إثبات الخيار م: (لكل واحد منهما فلا يسقط بإسقاط صاحبه لما فيه من إبطال حقه) ش: في الخيار.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة رحمه الله م: (أن المبيع خرج عن ملكه) ش: أي عن ملك البائع م: (غير معيب بعيب الشركة) ش: لأن الشركة في الأعيان المجتمعة عيب فإن البائع قبل البيع كان متمكنا من الارتفاع متى شاء، وبعده إذا أراد البعض لا يتمكن إلا مهاباة، والخيار يثبت نظرا لمن هو له على وجه لا يلحق بالضرر لغيره م:(فلو رده أحدهما رده معيبا به وفيه إلزام ضرر زائد) ش: وقيد الضرر بالزائد؛ لأن في امتناع الرد ضررا أيضا زائدا للرد، ولكن لم يكن من الغير، بل لعجزه عن إيجاد شرط الرد كان دون الأول فإن الضرر الحاصل من الغير أقطع -أنجع- من الحاصل من نفسه.
فإن قيل: بيعه منهما رضا منه يعيب التبعيض. أجيب: بأنه إن سلم به فهو رضا به في ملكها لا في ملك نفسه، فإن قيل: حصل العيب في يد البائع بفعله؛ لأن تفرق الملك إنما هو بالعقد قبل القبض.
قلنا: بل حصل بفعل المشتري برد نصفه، والمشتري إذا عيب المعقود عليه في يد البائع ليس له أن يرده بحكم خياره، لكن هذا العيب لعرض الزوال بمساعدة الآخر على الرد، فإذا امتنع ظهر عمله.
م: (وليس من ضرورة إثبات الخيار لهما) ش: جواب لهما وتقريره أن إثبات الخيار لهما ليس من ضرورته م: (الرضا برد أحدهما لتصور اجتماعهما على الرد) ش: أي اجتماع الشريكين يعني يتصور الانفكاك بتصور اجتماعهما على الرد فلا يلزم من إثبات الخيار لهما الرضا برد أحدهما.
وعن أبي حنيفة في غير رواية الأصول: أنه لو رد أحدها يؤمر الآخر برده؛ لأنه لو امتنع عن الرد كان فيه إبطال حق الآخر، وليس له ذلك؛ لأن الخيار بشرط الرد وقد اشترطا. كذا في " جامع الإسبيجابي ".