الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو لم يكن معينا لا يحوز لما ذكرنا، وللجهالة، أيضا ولو قطع البائع الذراع أو قلع الجذع قبل أن يفسخ المشتري، يعود صحيحا؛ لزوال المفسد، بخلاف ما إذا باع النوى في التمر أو البذر في البطيخ حيث لا يكون صحيحا، وإن شقهما وأخرج المبيع؛ لأن في وجودهما احتمالا، أما الجذع فعين موجود.
قال: وضربة القانص، وهو ما يخرج من الصيد بضرب الشبكة مرة لأنه مجهول ولأن فيه غررا.
ــ
[البناية]
ش: أي الجذع أو الذراع م: (ولو لم يكن معينا لا يجوز لما ذكرنا) ش: وهو أنه لا يمكن تسليمه إلا بضرر.
م: (وللجهالة أيضا) ش: أي ولجهالة المبيع أيضا، ولا خلاف لأحد أن جهالة المبيع يمنع الجواز م:(ولو قطع البائع الذراع أو قلع الجذع قبل أن يفسخ المشتري) ش: البيع م: (يعود) ش: البيع م: (صحيحا لزوال المفسد) ش: فزال المانع م: (بخلاف ما إذا باع النوى في التمر أو البذر) ش: أي أو باع البذر لأن في وجودهما احتمالا، أي في وجوده م:(في البطيخ حيث لا يكون صحيحا، وإن شقهما) ش: أي التمر والبطيخ م: (وأخرج المبيع) ش: وهو النوى أو البذر م: (لأن في وجودهما احتمالا) ش: أي في وجود النوى في التمر والبذر في البطيخ، احتمالا يعني يجوز أن يكون في زمان البيع.
م: (أما الجذع فعين موجود) ش: ومحسوس ولا احتمال فيه، وفيه إشارة إلى تمام الفرق بين البذر والنوى والجذع المعين في السقف، فإن الجذع معين موجود، والبذر والنوى ليس كذلك والبذر بكسر الباء وفتحها بذر البقل وغيره.
فإن قيل: إذا باع جلد الشاة المعينة قبل الذبح لا يجوز، ولو ذبح الشاة وسلخ جلدها وسلمه لا ينقلب المبيع جائزا، وإن كان الجلد عينا موجودة كالجذع في السقف، وكذا بيع كرشها وأكارعها.
أجيب: بأن البيع وإن كان موجودا فيه لكنه متصل بغير انفصال خلقة فكان متابعا فكان العجز عن التسليم هناك معنى أصليا لأنه اعتبر عاجزا حكما لما فيه من إفساد شيء غير مستحق بالعقد، وأما العجز فإنه عين مال نفسه، وإنما ثبت الاتصال بينه وبين غيره بعارض فعل العباد والعجز عن التسليم حكمي لما فيه من إفساد لما هو غير مستحق بالعقد، فإذا أقلع والتزم الضرر زال المانع فيجوز.
[بيع ما يخرج من ضربة القانص]
م: (قال) ش: أي القدوري رحمه الله: م: (وضربة القانص) ش: أي لا يجوز بيع ما يخرج من ضربة القانص أي الصياد بالشبكة، ولا خلاف فيه لأحد، وفسر المصنف ضربة القانص بقوله: م: (وهو ما يخرج من الصيد بضرب الشبكة مرة لأنه مجهول ولأن فيه غررا) ش:
قال: وبيع المزابنة وهو بيع التمر على النخيل بتمر مجذوذ مثل كيله خرصا؛ لأنه عليه الصلاة والسلام نهى عن المزابنة والمحاقلة.
ــ
[البناية]
لأنه يحتمل أن يحصل بشيء من الضربة ويحتمل أن لا يحصل، والقانص اسم فاعل من قنص يقنص قنصا إذا صاد من ضرب يضرب، وروي في " تهذيب الأزهري " أن «النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ضربة الغاصي» بالغين المعجمة، والياء آخر الحروف وهو الغواص على اللآلي، وكذلك ذكر الزمخشري في الفائق، وفسر بقوله هي أن يقول للتاجر أغوص غوصة فما أخرجته فهو لك بكذا، وهذا هو الصحيح والمعنى فهما والحد وهو أنه بيع المجهول ولأنه معدوم في الحال.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وبيع المزابنة) ش: وهو عطف على ما ذكر قبل هذا بقوله ولا يجوز بيع السمك قبل أن يصاد، وكذا قاله الأترازي رحمه الله فيه تعسف تقدير ولا يجوز بيع المزابنة عطفا على ما قبله ويجوز فيه الرفع والجر أيضا كما تقدم.
قال الأترازي: بيع الثمر بالثاء المثلثة بثمر مجذوذ بالثاء المثلثة من فوق، كذا وقع سماعنا مرارا بفرغانة وبخارى، وذلك لأن ما على النخل قد يكون رطبا وقد يكون تمرا إذا جف، فقلنا بالمثلثة حتى يعينها جميعا، والثالث من حال المجذوذ أن يكون تمرا فقلنا بالمثناة من فوق ولو رويا بالمثلثة فيهما حتى يعينها جميعا أو بالمثناة فيها جميعا، فالحكم كذلك لأن بيع المزابنة لا يجوز كيف ما كان لشبهة الربا سواء كان الرطب بالرطب أو التمر بالتمر أو أحدهما بالآخر.
وفسر المصنف رحمه الله المزابنة بقوله: م: (وهو بيع التمر على النخيل بتمر مجذوذ) ش: أي مقطوع م: (مثل كيله خرصا) ش: أي من حيث الخرص وهو نصب على التمييز من مثل كيله، يقال: خرص النخل خروصا فيها من باب نصر ينصر كذا في " المغرب "، وفسر القدوري رحمه الله المزابنة بقوله وهو بيع التمر على النخل بخرصه تمرا، والمزابنة لغة المدافعة من الزبن وهو الدفع، وسمي هذا النوع من البيع بها لأنها تؤدي إلى النزاع والتدافع لأنها مبنية على التخمين والغبن فيها مما يكثر، فيريد المغبون دفعه والغابن إمضاءه فيتدافعان م:(لأنه عليه الصلاة والسلام) ش: أي لأن النبي صلى الله عليه وسلم م: «نهى عن المزابنة والمحاقلة» ش:، روي هذا عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم.
وروى البخاري ومسلم من حديث جابر بن عبد الله قال «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة والمحاقلة، زاد في مسلم في لفظ: وعن التثنية إلا أن يعلم» وأخرجا أيضا من حديث أبي سعيد الخدري رحمه الله قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة والمحاقلة» والمزابنة شراء التمر في رؤوس النخل والمحاقلة اكتراء الأرض.
وأخرج البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن
فالمزابنة ما ذكرنا، والمحاقلة بيع الحنطة في سنبلها بحنطة مثل كيلها خرصا، ولأنه باع مكيلا بمكيل من جنسه، فلا يجوز بطريق الخرص، كما إذا كانا موضوعين على الأرض، وكذا العنب بالزبيب على هذا. وقال الشافعي رضي الله عنه: يجوز فيما دون خمسة أوسق لأنه عليه الصلاة والسلام نهى عن المزابنة ورخص في العرايا، وهو أن يباع بخرصها تمرا فيما دون خمسة أوسق.
ــ
[البناية]
المحاقلة والمزابنة» وأخرج أيضا من حديث أنس رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمخابرة والملامسة والمنابذة والمزابنة» .
وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم: «نهى عن المزابنة والمحاقلة» وأخرجه الترمذي أيضا عن أبي هريرة نحوه. ثم قال: وفي الباب عن ابن عمر وابن عباس وزيد بن ثابت وسعد وجابر ورافع بن خديج وأبي سعيد رضي الله عنهم.
قلت: حديث ابن عمر عند الشيخين، والثاني وحديث زيد عند الترمذي، وحديث أبي سعيد عند الدارمي والنسائي، وحديث رافع بن خديج عند الستة م:(فالمزابنة ما ذكرنا، والمحاقلة بيع الحنطة في سنبلها بحنطة مثل كيلها خرصا) ش: وبه قال الشافعي، وأحمد رضي الله عنهما، وقال مالك: المحاقلة هي اكتراء الأرض ببعض ما يخرج منها من الثلث أو الربع أو غيرهما.
وفي " الفائق ": الجعل القراح من الأرض وهي الطيبة التربة الخالصة من شائب النسج الصالحة للزرع ومنه حقل بحقل إذا زرع، والمحاقلة مفاعلة من ذلك وهي المزارعة بالثلث والربع وغيرهما، وقيل: هي اكتراء الأرض بالبر، وقيل: بيع الطعام في سنبله بالبر. وقيل: بيع الزرع قبل إدراكه إلى هاهنا لفظ " الفائق "، وجاء في أمثالهم ينبت البقلة إلا الحقلة. م:(ولأنه باع مكيلا بمكيل من جنسه فلا يجوز بطريق الخرص) ش: لاحتمال الربا م: (كما إذا كانا موضوعين على الأرض) ش: وباع أحدهما بالآخر خرصا م: (وكذا العنب بالزبيب) ش: أي وكذا لا يجوز بيع العنب بالزبيب م: (على هذا) ش: أي على الحكم المذكور وهو ما إذا كانا موضوعين على الأرض فبيع أحدهما بالآخر خرصا لاحتمال الربا م: (وقال الشافعي رضي الله عنه: يجوز) ش: أي شراء التمر بتمر مجذوذ على الأرض خرصا م: (فيما دون خمسة أوسق) ش: ولا يجوز فيما زاد عليها قولا واحدا، وبه قال أحمد رحمه الله وفي قدر خمسة أوسق، له قولان في قول يجوز وهو منقول المزني عن الشافعي رضي الله عنه وفي قول: لا يجوز وهو مختار المزني وهو مذهب أحمد رحمه الله والأول هو الأظهر عند صاحب " الوجيز ".
م: (لأنه عليه الصلاة والسلام) ش: أي لأن النبي صلى الله عليه وسلم م: (نهى عن المزابنة ورخص في العرايا وهو أن يباع بخرصها تمرا فيما دون خمسة أوسق) ش: حديث المزابنة قد تقدم وحديث العرايا أخرجه البخاري ومسلم عن داود بن الحصين عن أبي سفيان عن أبي هريرة رضي الله عنه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البناية]
«أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق، شك داود فقال: دون خمسة أوسق» والعرايا جمع عرية وهي النخلة التي عريها الرجل محتاجا أي أن يجعل له ثمرتها فرخص للمعري أن يبتاع ثمرتها من العري بتمر لموضع حاجته بسبب عرية؛ لأنه إذا وهب ثمرتها فكأنه جردها من الثمرة وعراها منه، ثم اشتق منه الإعراء كذا قاله في " الفائق "، والكلام في العرايا كثير، وقد وضع الطحاوي لها بابا، فقال: باب العرايا، وقد بسطت الكلام فيه في شرحنا له.
فأول ما قلت: العرية فعلية، بمعنى مفعولة من عراه يعروه إذا قصده ويحتمل أن يكون فعلية، بمعنى فاعلة من عري يعري إذا خلع ثوبه كأنها عريت من جملة التحريم، فعريت أي خرجت، وذكر الطحاوي بطرق مختلفة كلها تدل على صحة العرايا، حتى قال الطحاوي: قد جاءت هذه الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتواترت في الرخصة في بيع العرايا، فقبلها أهل العلم جميعا ولم يختلفوا في صحة مجيئها ولكن تنازعوا في تأويلها، فقال قوم: العرايا أن يكون الرجل له نخلة أو نخلتان في وسط النخيل الكثير لرجل آخر وقد كان أهل المدينة إذا كان وقت الثمار خرجوا بأهليهم إلى حوائطهم فيجيء صاحب النخلة أو النخلتين بأهله فيضر ذلك بصاحب النخيل الكثير، فرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحب النخل الكثير أن يعطي لصاحب النخلة أو النخلتين بخرص ماله من ذلك تمر لينصرف هو وأهله عنه ويخلص تمر الحائط كله لصاحب النخل الكثير، فيكون هو وأهله فيه.
وقد روي هذا القول عن مالك بن أنس.
قلت: وروي أيضا عن الأوزاعي رحمه الله وسعيد بن جبير رحمه الله. وقال قوم مثل هذا، إلا أنهم خصوا بذلك المساكين يجعل لهم تمر النخل فيصعب عليهم القيام عليها، فأبيح لهم أن يبيعوه بما شاءوا من التمر، وهذا قول سفيان بن حسين وسفيان بن عيينة، وأحمد بن حنبل رحمهم الله وقال قوم: العرية الرجل يعري النخلة أو يستثني من ماله النخلة أو النخلتين بأكلها، فيبيعها بمثل خرصها، وهو قول عبد العزيز بن سعيد الأنصاري رحمه الله.
وقال قوم: العرية أن يأتي أوان الرطب، وهنالك قوم فقراء لا مال لهم، ويريدون ابتياع رطب يأكلونه مع الناس ولهم فضول تمر من أموالهم، فإنه لهم أن يشتروا الرطب بخرصها فيما دون خمسة أوسق، وهو قول الشافعي رضي الله عنه وأبي ثور، ولا عرية عندهما في غير النخلة والعنب، وقال الطحاوي رحمه الله: وكان أبو حنيفة رحمه الله يقول فيما سمعت أحمد بن عمران يذكر أنه سمع ابن سماعة عن أبي يوسف عن أبي حنيفة رحمه الله -
قلنا: العرية: العطية لغة، وتأويله أن يبيع المعرى له ما على النخيل من المعري بتمر مجذوذ، وهو بيع مجازا لأنه لم يملكه فيكون برءا مبتدأ
ــ
[البناية]
قال: يعني ذلك عندنا أن يعري الرجل الرجل تمر نخلة من نخله فلم يسلم ذلك إليه حتى يبدو له، فرخص له أن يحبس ذلك. ويعطيه مكانه بخرصه تمرا وكان هذا التأويل أشبه وأولى مما قال مالك رحمه الله لأن العرية إنما هي العطية، ألا ترى إلى الذي مدح الأنصار كيف مدحهم، إذ يقول:
ليست بسنها ولا رجبية
…
لكن عرايا في السنين الجوائح
أي: إنهم كانوا يعرونها في السنين الجوائح، فلو كانت العرية كما ذهب إليه مالك إذا لما كانوا ممدوحين بها إذا كانوا يصلحون كما يعطون، ولكن العرية بخلاف ذلك.
قلت: هذا الشعر لسويد بن الصامت من شعر الأنصار.
يقال: نخلة سنها، وهي التي تحمل سنة وتحول سنة فلا تحمل وذلك عيب في النخل، والرجبية بضم الراء وفتح الجيم وفتح الباء الموحدة وتشديد الياء آخر الحروف، وهي النخلة التي ترجب أي يبنى حولها جدار لتعتمد عليه، والجوائح جمع جائحة وهي الشدة التي تجتاح المال من سنة أو فتنة، وجاح الله ماله وأجاحه ماله واجتاحه على واحد، أي أملكه بالجائحة.
قوله: أن تباع بخرصها تمرا منصوب على التمييز من بخرصها فإن قوله: أن تباع مسندا إلى ضمير يرجع إلى التمر الذي على رأس النخل، لأن الكلام فيه وأنت ضميره البارز في تخرصها على أنه جمع الثمرة، وفي مثله يجوز التذكير والتأنيث فكان تقديره، وهو أن يبيع العرايا، أن يباع التمر الذي على رأس النخل لخرصها تمرا مجذوذا بمثله خرصا، قوله: أوسق جمع وسق بفتح الواو وهو ستون صاعا وهو ثلاثمائة وعشرون رطلا عند أهل الحجاز وأربعمائة وثمانون رطلا عند أهل العراق على اختلافهم في مقدار الصاع والمد م: (قلنا: العرية: العطية لغة) ش: يعني العرية التي فيها الرخصة معناها في اللغة العطية دون البيع.
م: (وتأويله) ش: أي تأويل قوله: ورخص في العرايا م: (أن يبيع المعرى له) ش: أي الغرض م: (ما على النخيل من المعري) ش: بكسر الراء م: (بتمر مجذوذ) ش: أي مقطوع م: (وهو بيع مجازا) ش: نظرا إلى الصورة، حيث أعطي في مقابله شيء تحرزا عن الخلف فألقت أن ذلك كان على خمسة أوسق، فظن الراوي أن اختصار الرخصة على ذلك المقدار م:(لأنه لم يملكه) ش: أي لأن المعري لم يملك التمر الذي على رؤوس النخل لأنه لم يقبضه فكيف يكون بيعا م: (فيكون برءا مبتدأ) ش: أي يكون أعطى العري بكسر الراء التمر المجذوذ برا ابتداء لا بيعا له، قال تاج الشريعة رحمه الله: لأنه أعطى شجرة، وقال: كل من ثمارها ثم أعط مثل ما كان على