الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وإذا أوجب أحد المتعاقدين البيع، فالآخر بالخيار، إن شاء قبل في المجلس، وإن شاء رد، وهذا
خيار القبول
؛ لأنه لو لم يثبت له الخيار يلزمه حكم البيع من غير رضاه، وإذا لم يفد الحكم بدون قبول الآخر فللموجب أن يرجع عنه قبل قبوله؛ لخلوه عن إبطال حق الغير، وإنما يمتد إلى آخر المجلس
ــ
[البناية]
اشتريت صح، ولو قال لرسوله فبلغه فقال: اشتريت صح، والواحد لا يتولى طرفي العقد إلا الأب يشتري مال ولده الصغير لنفسه، أو الوصي مال اليتيم لنفسه، أو القاضي بأمره أو العبد نفسه من مولاه بأمره، وفي " أجناس الناطقي " لو قال: بكم تبيع قفيز حنطة، فقال: بدرهم، فقال: اعزله فعزله، فهو بيع، وكذا لو قال مثله للقصاب فوزنه وهو ساكت فهو بيع حتى لو امتنع من دفع الثمن، وأخذ اللحم، أو امتنع القصاب من دفع اللحم أجبره القاضي عليه، وعن محمد أن بيع التعاطي كما يثبت بقبض البدلين يثبت بقبض أحدهما، وقال صدر القضاة وغيره: إن بيع التعاطي بيع وإن لم يوجد تسليم الثمن.
[خيار القبول]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وإذا أوجب أحد المتعاقدين البيع فالآخر بالخيار، إن شاء قبل في المجلس وإن شاء رد) ش: انتهى إلى هنا كلام القدوري، ومعنى أوجب أثبت وحقق بأن قال: بعت، أو قال: اشتريت، والمراد بالإيجاب ما يبدي من لفظه بعت أو اشتريت أو ما يقوم مقامهما.
قال المصنف: م: (وهذا خيار القبول) ش: أي الخيار الذي ذكره القدوري خيار القبول م: (لأنه) ش: أي؛ لأن أحد المتعاقدين م: (لو لم يثبت له الخيار، يلزمه حكم البيع من غير رضاه) ش: فيكون مجبورا، فينتفي التراضي فما فرضته بيعا لم يكن بيعا، وهذا خلف م:(وإذا لم يفد الحكم) ش: أي إذا لم يفد إيجاب أحدهما الحكم م: (بدون قبول الآخر، فللموجب) ش: أي البائع أو المشتري م: (أن يرجع عنه قبل قبوله) ش: قبل قبول الآخر م: (لخلوه عن إبطال حق الغير) .
ش: فإن قلت: يثبت للمشتري حق التملك بقول البائع، فيكون الرجوع إبطالا، قلت: هذا الحق ثبت له من جهة البائع فيكون له إبطال ما أثبت.
فإن قيل: يشكل بما إذا عجل الزكاة إلى الساعي قبل الحول حيث لا يجوز له حق الاسترداد لتعلق حق التملك للفقير.
أجيب: بأن الأصل موجود وهو النصاب، والوصف ثابت وهو النماء، فلا يرجع لأجل فوات الأصل، ولا كذلك هاهنا؛ لأن الأصل ما وجد بل وجد شطره فلا يكون البيع موجودا.
م: (وإنما يمتد إلى آخر المجلس) ش: هذا يجوز أن يكون جوابا عما يقال، ما وجه اختصاص
لأن المجلس جامع المتفرقات فاعتبرت ساعاته ساعة واحدة؛ دفعا للعسر وتحقيقا لليسر، والكتاب كالخطاب، وكذا الإرسال حتى اعتبر مجلس بلوغ الكتاب وأداء الرسالة.
ــ
[البناية]
خيار الرد والقبول بالمجلس؟ ولم لا يبطل الإيجاب عقب خلوه عن القبول، أو يتوقف على ما وراء المجلس؟ وتقريب الجواب أن امتداده إلى آخر المجلس م:(لأن المجلس جامع المتفرقات) ش: كما في الصرف والسلم وخيار المخيرة وقراءة آية السجدة م: (فاعتبرت ساعاته) ش: أي ساعات المجلس م: (ساعة واحدة) ش: كما في الأشياء المذكورة.
وإنما فعل كذلك هنا أيضا م: (دفعا للعسر) ش: أي لأجل دفع العسر عن البائع والمشتري جميعا، أما عن المشتري فلأن في إبطاله قبل انقضاء المجلس عسرا له، وأما عن البائع فلأن في إبقائه فيما وراء المجلس عسرا له وفي التوقف على المجلس يسر لهما جميعا، وأشار إليه بقوله: م: (وتحقيقا لليسر) ش: أي ولأجل تحقيق اليسر في حقهما.
فإن قيل: فلم يكن الخلع والعتق على مال كذلك. قلنا: فإنهما اشتملا على اليمين من جانب الزوج والمولى، فكان ذلك مانعا عن الرجوع في المجلس فيتوقف الإيجاب فيهما على ما وراء المجلس.
م: (والكتاب كالخطاب) ش: إذ الكتاب من الغائب كالخطاب من الحاضر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبلغ تارة بالكتاب، وتارة بالخطاب، فلو لم يكن الكتاب كالخطاب لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم مبلغا به، قاله تاج الشريعة.
وصورة الكتابة أن يكتب إلى رجل: أما بعد فقد بعت عبدي فلانا منك بكذا، فلما بلغه الكتاب وقرأ وفهم ما فيه، وقبل في المجلس صح البيع م:(وكذا الإرسال) ش: أي وكذا الإرسال كالخطاب، صورته أن يقول الرجل: اذهب إلى فلان وقل له: إن فلانا باع عبده فلانا منك بكذا فجاءه الرسول وأخبره بما قال فقال فلان في مجلسه ذلك: اشتريت أو قبلت، تم البيع، وعند الشافعي رضي الله عنه ينعقد في صورة الكتابة على أصح الوجهين إذا كانت مقرونة بالنية، وفي وجه لا ينعقد، وبالرسالة ينعقد كما في الكفالة، كذا في " شرح الوجيز ".
وفي " الحلية ": لو كتب إليه بيع سلعة منه لم يصح في أصح الوجهين. وفي " المجتبى ": يصح الرجوع عن الرسالة، ولو بلغه الرسول بغير أمره فقال: اشتريت لم يجز. ولو كتب إليه يعني بكذا فوصل إليه فكتب إليه بعتك لم يتم، ما لم يقل الكاتب: اشتريت، ولو كتب إليه اشتريت بكذا فكتب إليه بعت تم البيع، ولو قال: بعته من فلان الغائب وحضر الغائب في المجلس وقبل صح.
م: (حتى اعتبر مجلس بلوغ الكتاب وأداء الرسالة) ش: هذا نتيجة قوله والكتاب كالخطاب
وليس له أن يقبل في بعض المبيع، ولا أن يقبل المشترى ببعض الثمن؛ لعدم رضا الآخر بتفرق الصفقة إلا إذا بين ثمن كل واحد؛ لأنه صفقتان معنى.
ــ
[البناية]
، وكذا الإرسال وقوله -حتى اعتبر مجلس بلوغ الكتاب- يرجع إلى قوله -والكتاب كالخطاب- وقوله- وأداء الرسالة، يرجع إلى - قوله- وكذا الإرسال-.
وفي " شرح الطحاوي " بعدما كتب شطر العقد أو بعدما أرسل رسولا إذا رجع عن ذلك صح رجوعه سواء علم الرسول أو لم يعلم، بخلاف ما إذا وكل وكيلا ثم عزله بغير محضر منه، فلا يصح عزله.
وفي " التحفة " وعلى هذا الجواب في الإجارة والهبة والكتابة، وأما في الخلع والعتق على مال فإنه يتوقف شطر العقد على قبول الآخر في ذلك المجلس بالإجماع، فإن من قال: خالعت امرأتي فلانة الغائبة على ألف درهم، فبلغها الخبر فأجازت أو قبلت صح. وكذا لو قال: أعتقت عبدي فلان الغائب بألف درهم فإنه يتوقف على إجازة العبد، فأما في جانب المرأة والعبد لا يتوقف إذا كان الزوج والمولى غائبين، وأما في النكاح فلا يتوقف الشطر عند أبي حنيفة ومحمد، وعلى قول أبي يوسف يتوقف.
وتفسير ما قال في " شرح الطحاوي ": وهو أن يقول الرجل للشهود: إني قد تزوجت فلانة بكذا، فبلغها الخبر فأجازت، أو قالت المرأة: بكذا فبلغ الزوج الخبر فأجاز لا يجوز عندهما، ويجوز عند أبي يوسف.
وفي البيع لا يتوقف بالإجماع، وقال شمس الأئمة السرخسي في كتاب النكاح من " المبسوط ": كما ينعقد النكاح بالكتاب ينعقد البيع وسائر التصرفات بالكتاب أيضا.
م: (وليس له) ش: أي للبائع م: (أن يقبل في بعض المبيع) ش: يعني إذا أوجب المشتري في شيء، فليس للبائع أن يقبل في بعض م:(ولا أن يقبل المشترى) ش: بفتح الراء أي المبيع م: (ببعض الثمن) ش: يعني أن البائع إذا أوجب في شيء بأن قال: بعته بألف، فقال المشتري قبلت بخمسمائة فليس له ذلك م:(لعدم رضا الآخر بتفرق الصفقة) ش: فإن من عادة الناس ضم الرديء إلى الجيد في البياعات؛ ليروج الرديء بالجيد.
فلو ثبت خيار القبول في أحدهما فالمشتري يقبل العقد في الجيد ويترك الرديء على البائع فيزول الجيد عن ملكه بأقل من ثمنه، وفيه ضرر للبائع، فكان تفريق الصفقة مستلزما للضرر، وفي " المغرب ": الصفقة ضرب اليد على اليد في البيع، ثم جعلت عبارة عن نفس العقد.
م: (إلا إذا بين) ش: أي البائع م: (ثمن كل واحد؛ لأنه صفقتان معنى) ش: أي؛ لأن البيع الذي فيه بيان ثمن كل واحد صفقتان من حيث المعنى.