الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
135 -
باب يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة
[حديث إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا]
112 -
[2996]- حدثنا مطر بن الفضل: حدثنا يزيد بن هارون: حدثنا العوام: حدثنا إبراهيم أبو إسماعيل السكسكي قال: سمعت أبا بردة واصطحب هو ويزيد بن أبي كبشة في سفر فكان يزيد (1) يصوم في السفر، فقال له أبو بردة (2) سمعت أبا موسى (3) مرارًا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا»
الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:
1 -
من موضوعات الدعوة: الحض على النية الصالحة.
2 -
من صفات الداعية: النية الخالصة.
3 -
من صفات الداعية: الحرص على الخير.
4 -
من أساليب الدعوة: الترغيب.
* والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
أولًا: من موضوعات الدعوة: الحض على النية الصالحة: إن الحث على النية الصالحة من أهم موضوعات الدعوة؛ لأن الأعمال
(1) يزيد بن أبي كبشة بن جبريل بن يسار بن عد في التابعين، وهو من كبار الأئمة، كان صاحب شرطة عبد الملك، وولي على الغزاة ثم ولي إمرة العراقيين للوليد، فلما استخلف سليمان ولاه خراج السند، فأدركه الأجل قبل سنة مائة للهجرة. وورد أنه كان يصوم في السفر، وكان كبير الشأن رضي الله عنه، انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 4/ 443.
(2)
أبو بردة بن قيس الأشعري أخو أبي موسى الأشعري، مشهور بكنيته كأخيه، قال رضي الله عنه: خرجنا من اليمن في بضع وخمسين رجلا من قومنا ونحن ثلاثة إخوة: أبو موسى، وأبو بردة، وأبو رهم فأخرجتنا سفينتنا إلى النجاشي بأرض الحبشة، وعنده جعفر بن أبي طالب وأصحابه، فأقبلنا جميعا في سفينتنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر. انظر: الاستيعاب لابن عبد البر، 4/ 18، والإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر 4/ 18، وتعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة، لابن حجر، 2/ 416.
(3)
تقدمت ترجمته في الحديث رقم 66.
بالنيات؛ ولهذا حض النبي صلى الله عليه وسلم أمته على إصلاح النية بقوله في هذا الحديث: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا»
* فينبغي للداعية أن يحث الناس على النية الصالحة؛ قال العلامة محمد بن صالح العثيمين حفظه الله: "وفي هذا تنبيه على أنه ينبغي للعاقل ما دام في حال الصحة والفراغ أن يحرص على الأعمال الصالحة، حتى إذا عجز عنها لمرض أو شغل كتبت له كاملة"(1) وهذا يؤكد على الدعاة أن يحثوا الناس على الأعمال الصالحة حتى يغتنموها في حال الفراغ والصحة، وتكتب لهم عند العجز والمرض والهرم (2).
ثانيًا: من صفات الداعية: النية الخالصة: يظهر في هذا الحديث أنه ينبغي للمسلم، وخاصة الداعية إلى الله عز وجل، أن يتصف بالنية الصالحة؛ لأنها من أهم أعمال القلوب المخلصة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث:«إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا» وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء.
* فينبغي للداعية أن يغتنم الفرص، والفراغ، والصحة، والشباب، والغنى قبل حصول ما يضاد هذه النعم؛ فإنه إذا اغتنمها كتب الله له أعماله عند مفارقة هذه النعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ» (3) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه: «اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك» (4). وهذا يبين أهمية
(1) شرح رياض الصالحين، 3/ 277.
(2)
انظر: الحديث رقم 73، الدرس السابع.
(3)
البخاري، كتاب الرقاق، باب ما جاء في الصحة والفراغ، ولا عيش إلا عيش الآخرة، 7/ 218، برقم 6412.
(4)
الحاكم وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، 4/ 306 ورواه ابن المبارك في الزهد، 1/ 104، برقم 2، من حديث عمرو بن ميمون مرسلًا، وقال ابن حجر في فتح الباري 11/ 235: بسند صحيح من مرسل عمرو بن ميمون. فمرسل عمرو بن ميمون شاهد لرواية الحاكم. وصحح الحديث الألباني في صحيح الجامع الصغير 2/ 355 برقم 1088.
اتصاف المسلم بحسن النية والعمل في حال الصحة والفراغ والإقامة (1).
ثالثًا: من صفات الداعية: الحرص على الخير: ظهر في إسناد هذا الحديث حرص التابعي الجليل: يزيد بن أبي كبشة على الأعمال الصالحة في السفر رغبة وحرصًا على الثواب والخير؛ ولهذا كان يصوم في السفر، فبين له الصحابي الجليل أبو بردة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا»
* فينبغي للداعية أن يكون حريصًا على فعل الخير، ولكن عليه أن يراعي في ذلك هدي النبي صلى الله عليه وسلم، والله المستعان (2). رابعًا: من أساليب الدعوة: الترغيب: دل هذا الحديث على أن الترغيب من أساليب الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى؛ وقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في الأعمال الصالحة والمداومة عليها في الصحة والإقامة؛ ليكتب للعبد ما كان يعمل إذا مرض أو سافر؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا»
* فينبغي للداعية أن يرغب الناس في الأعمال والمداومة عليها حتى يكتب لهم إذا سافروا أو مرضوا ما كانوا يعملون في صحتهم وإقامتهم (3).
(1) انظر: الحديث رقم 22، الدرس السادس.
(2)
انظر: الحديث رقم 9، الدرس الخامس عشر. ورقم 18، الدرس السادس.
(3)
انظر: الحديث رقم 7، الدرس الرابع عشر. ورقم 8، الدرس الرابع.