الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
194 -
باب لا هجرة بعد الفتح
[حديث انقطعت الهجرة منذ فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم مكة]
144 -
[3080] حَدَّثَنَا عَليُّ بْنُ عبد الله: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ: قَالَ عَمْرو وابْنُ جرَيجٍ: سَمِعْتُ عَطَاءً يَقَولُ: ذَهبْتُ مَعَ عُبَيدِ بْنِ عُمَيرٍ إِلَى عَائشةَ (1) رضي الله عنها وَهِيَ مجَاوِرَةٌ بِثَبِيرٍ، فَقَالَتْ لَنَا:«انقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ منْذُ فَتَحَ اللهُ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مكَّةَ» (2).
وفي رواية: ". . «فَقَدْ أَظْهَرَ الله الإِسْلامَ، فَالمُؤمِنُ يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ شَاءَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ ونيَّةٌ» (4).
* شرح غريب الحديث: * " ثبير " جبل عظيم بالمزدلفة على يسار الذاهب منها إلى منى، وعلى يمين الذاهب من منى إلى مزدلفة (5).
* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:
(1) تقدمت ترجمتها في الحديث رقم 4.
(2)
[الحديث 3080] طرفاه في: كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، 4/ 305، برقم 3900 وكتاب المغازي، باب 5/ 115، برقم 4312.
(3)
الطرف رقم 3900.
(4)
من الطرف رقم 4312.
(5)
انظر: مشارق الأنوار للقاضي عياض، حرف الثاء مع الباء، 1/ 136، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي 3/ 46، وشرح الكرماني على صحيح البخاري 13/ 68، وهدي الساري مقدمة فتح الباري لابن حجر ص 94، وعمدة القاري للعيني 15/ 11، وكل هؤلاء أجمعوا على أن جبل ثبير على يسار الذاهب من مزدلفة إلى منى. وانظر: معجم البلدان لياقوت بن عبد الله الحموي، 2/ 73، وكأنه أشار إلى أن ثبيرًا سُميَ بذلك، لحبسه الشمس عن الشروق في أول طلوعها.
1 -
أهمية زيارة العلماء للاستفادة من علمهم.
2 -
أهمية السؤال في تحصيل العلم.
3 -
من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم: الإخبار ببقاء مكة دار إسلام.
4 -
من صفات الداعية: الصبر على الابتلاء والامتحان.
5 -
من موضوعات الدعوة: الحث على الجهاد في سبيل الله عز وجل.
6 -
من موضوعات الدعوة: الحض على النية الصالحة.
7 -
من موضوعات الدعوة: بيان بقاء الهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام.
8 -
من صفات الداعية: التحدث بنعم الله عز وجل.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
أولا: أهمية زيارة العلماء للاستفادة من علمهم: دل هذا الحديث على أنه ينبغي للمسلم وخاصة الداعية إلى الله عز وجل أن يزور العلماء؛ ليستفيد من علمهم ويتخلق بأخلاقهم الجميلة، لأنهم ورثة الأنبياء والأنبياء في الحقيقة إنما ورثوا العلم فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر؛ ولهذا زار عطاء بن أبي رباح وعبيد بن عمير رحمهما الله عائشة رضي الله عنها؛ ليستفيدا من علمها كما جاء في هذا الحديث، قال عطاء:«ذهبت مع عبيد بن عمير إلى عائشة رضي الله عنها وهي مجاورة بثبير فسألناها عن الهجرة فقالت: "لا هجرة اليوم» . . . ". وهذا يبين أهمية زيارة العلماء والاستفادة من علمهم (1).
ثانيا: أهمية السؤال في تحصيل العلم: ظهر في هذا الحديث أهمية السؤال في تحصيل العلم؛ ولهذا سأل عطاء وعبيد بن عمير عائشة رضي الله عنها عن الهجرة، فقالت رضي الله عنها:«لا هجرة اليوم. . . ولكن جهاد ونية» . وهذا يؤكد أهمية العناية بالسؤال عن العلم؛ للاستفادة (2).
(1) انظر: الحديث رقم 108، الدرس الثالث.
(2)
انظر: الحديث رقم 92، الدرس الرابع.
ثالثا: من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم: الإخبار ببقاء مكة دار إسلام: دل هذا الحديث على أن مكة تبقى دار إسلام فلا يهاجر منها إلى المدينة أو غيرها؛ ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها: «انقطعت الهجرة منذ فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم مكة» . وهذا يؤكد صدق النبي صلى الله عليه وسلم وأن بقاء مكة دار إسلام من علامات نبوته (1).
رابعا: من صفات الداعية: الصبر على الابتلاء والامتحان: ظهر في هذا الحديث أن من صفات الداعية: الصبر على الابتلاء والامتحان؛ ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها في هذا الحديث: "كان المؤمنون يفر أحدهم بدينه إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، مخافة أن يفتن عليه. . . " وهذا يبين ما وقع للصحابة رضي الله عنهم من الابتلاء والامتحان فصبروا وهاجروا، ونصرهم الله عز وجل (2) فينبغي للداعية أن يسأل الله العافية في الدنيا والآخرة دائما، وإذا حصل شيء من الابتلاء صبر واحتسب (3).
خامسا: من موضوعات الدعوة: الحث على الجهاد في سبيل الله عز وجل: إن من الموضوعات المهمة التي ينبغي أن يعتني بها الدعاة الحض على الجهاد في سبيل الله عز وجل؛ بالنفس، والمال، والسنان، واللسان؛ ولهذا حثت عائشة رضي الله عنها في هذا الحديث على الجهاد بقولها:«ولكن جهاد ونية» . وهذا يؤكد أهمية الحث على الجهاد في سبيل الله عز وجل (4).
سادسا: من موضوعات الدعوة: الحض على النية الصالحة: دل هذا الحديث على أن من موضوعات الدعوة الحث والحض على النية
(1) انظر: الحديث رقم 155، 101، الدرس السادس.
(2)
انظر: معالم السنن للخطابي، 3/ 353، وفتح الباري، لابن حجر، 7/ 229 - 230، وفيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي 6/ 438، ومرقاة المفاتيح للملا علي القاري، 5/ 595، 7/ 382.
(3)
انظر: الحديث رقم 9، الدرس الثامن، ورقم 16، الدرس الخامس.
(4)
انظر: الحديث رقم 2، الدرس الثاني، ورقم 18، الدرس الثاني.
الصالحة (1)؛ ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها في هذا الحديث: «لكن جهاد ونية» وهذا فيه حث على النية الخالصة والعناية بها. فينبغي للداعية أن يبين ذلك للناس بيانا واضحا كاملا؛ لأهميتها ومكانتها في الإسلام (2).
سابعا: من موضوعات الدعوة: بيان بقاء الهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام: الناظر في هذا الحديث يظهر له أن الهجرة قد انقطعت؛ لقول عائشة رضي الله عنها: «انقطعت الهجرة منذ فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم مكة» ولكن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم يفسر بعضها بعضا؛ فإن الهجرة التي انقطعت هي الهجرة من مكة إلى المدينة؛ لأن مكة صارت دار إسلام (3) أما الهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، أو من بلد المعاصي والسيئات إلى بلد الطاعات والحسنات فهذه باقية إلى يوم القيامة (4).
ثامنا: من صفات الداعية: التحدث بنعم الله عز وجل: دل هذا الحديث على أهمية التحدث بنعم الله عز وجل وشكره عليها؛ ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها: «فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام، والمؤمن يعبد ربه حيث شاء. . .» وهذا فيه إظهار النعم والتحدث بها.
فينبغي للداعية أن يتحدث بنعم الله عليه ويثني على الله عز وجل بها ويشكره عليها بقوله وفعله (5).
[باب استقبال الغزاة]
(1) انظر: إكمال إكمال المعلم للآبي، 6/ 581، وشرح رياض الصالحين لابن عثيمين 1/ 25.
(2)
انظر: الحديث رقم 73، الدرس السابع، ورقم 112، الدرس الأول.
(3)
انظر: عارضة الأحوذي شرح سنن الترمذي لابن العربي، 4/ 89.
(4)
انظر: الحديث رقم 100، 101، الدرس السابع.
(5)
انظر: الحديث رقم 46، الدرس السادس عشر، ورقم 106، الدرس الخامس، ورقم 123، الدرس الثامن.