المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حديث ها هنا الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان] - فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري - جـ ٢

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌ باب يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة

- ‌[حديث إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا]

- ‌ باب السير وحده

- ‌[حديث لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده]

- ‌ باب الجهاد بإذن الأبوين

- ‌[حديث جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال أحي والداك]

- ‌ باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل

- ‌[حديث لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت]

- ‌ بَابُ الجَاسُوسِ

- ‌[حديث انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها]

- ‌ بَابُ الأُسَارَى فِي السَّلَاسِلِ

- ‌[حديث عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل]

- ‌ بَابُ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ، فَيُصَاُب الوِلْدَانُ وَالذَّرَارِيُّ

- ‌[حديث حمى إلا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم]

- ‌ بَابُ قَتْلِ الصِّبْيَانِ فِي الْحَرْبِ

- ‌[حديث إنكار النبي صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان]

- ‌ باب لا يعذب بعذاب الله

- ‌[حديث لا تعذبوا بعذاب الله]

- ‌ بَابٌ

- ‌[حديث أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله]

- ‌ باب حرق الدور والنخيل

- ‌[حديث ألا تريحني من ذي الخلصة]

- ‌ بَابُ قَتْلِ النَّائِمِ المُشْرِكِ

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم رهطا من الأنصار إلى أبي رافع]

- ‌ باب لا تمنوا لقاء العدو

- ‌[حديث لا تمنوا لقاء العدو]

- ‌ باب الحرب خدعة

- ‌[حديث هلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده]

- ‌[حديث تسمية النبي صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة]

- ‌[حديث الحرب خدعة]

- ‌ باب من لا يثبت على الخيل

- ‌[حديث ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي]

- ‌ باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه، حتى يسمع الناس

- ‌[حديث أخذ لقاح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب إذا نزل العدو على حكم رجل]

- ‌[حديث حكم سعد في بني قريظة]

- ‌ بَابُ هل يستأسر الرجل؟ ومن لم يستأسر، وَمَنْ ركَعَ رَكعَتينِ عندَ القتل

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم عشرة رهط سرية]

- ‌ باب فكاك الأسير

- ‌[حديث فكوا العاني وأطعموا الجائع وعودوا المريض]

- ‌ باب الحربِي إِذَا دخَل دار الإسْلامِ بغَيْرِ أمَانٍ

- ‌[حديث أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر]

- ‌ بَابُ كيفَ يُعرَض الإسلامُ على الصّبيّ

- ‌[حديث ذكر الدجال وقوله فيه تعلمون أنه أعور وإن الله ليس بأعور]

- ‌ باب إذا أسلم قوم في دَارِ الحرب ولهُمْ مال وأَرَضُونَ فَهي لهمْ

- ‌[حديث استعمال عمر بن الخطاب مولى له يدعى هنيا ونصيحته له]

- ‌ باب كتابة الإمام الناس

- ‌[حديث اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس]

- ‌ بَاب إِن الله يُؤيِّدُ الدِّين بالرجُل الفاجر

- ‌[حديث قال لرجل ممن يدعي الإسلام هذا من أهل النار]

- ‌ باب من غلب العدو، فأقام على عرصتهم ثلاثا

- ‌[حديث أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال]

- ‌ باب إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم

- ‌[حديث أن ابن عمر ذهب فرس له فأخذه العدو]

- ‌ باب من تكلم بالفارسية والرطنة

- ‌[حديث إن جابرا قد صنع سور فحيهلا بكم]

- ‌[حديث أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي]

- ‌ باب القليل من الغلول

- ‌[حديث كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة]

- ‌ باب لا هجرة بعد الفتح

- ‌[حديث انقطعت الهجرة منذ فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم مكة]

- ‌ باب استقبال الغزاة

- ‌[حديث قول ابن الزبير لابن جعفر أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث ذهبنا نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصبيان إلى ثنية الوداع]

- ‌الفصل الثالث: كتاب الفرائض

- ‌ باب فرض الخمس

- ‌[حديث أن فاطمة سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها]

- ‌[حديث لا نورث ما تركنا صدقة]

- ‌ باب نفقة نساء النّبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

- ‌[حديث توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيته من شيء]

- ‌ باب ما جاء في بيوت أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما نسب من البيوت إليهنّ

- ‌[حديث ها هنا الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان]

- ‌ باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم، وعصاه، وسيفه، وقدحه، وخاتمه وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم يذكر قسمته، ومن شعره، ونعله، وآنيته، ممّا تبرك أصحابه وغيرهم بعد وفاته

- ‌[حديث إخراج أنس نعلين جرداوين لهما قبالان]

- ‌[حديث إخراج عائشة كساء ملبدا وقولها في هذا نزع روح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم كسر]

- ‌[حديث لو كان علي ذاكرا عثمان ذكره يوم جاءه ناس

- ‌ باب الدّليل على أنّ الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمساكين

- ‌[حديث أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحنه]

- ‌ باب قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [

- ‌[حديث إنما أنا قاسم وخازن والله يعطي]

- ‌[حديث إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت]

- ‌[حديث إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق]

- ‌ باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحلّت لكم الغنائم»

- ‌[حديث أحلت لكم الغنائم]

- ‌[حديث غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة]

- ‌ باب بركة الغازي في ماله حيّا وميتا، مع النّبي صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر

- ‌[حديث لما وقف الزبير يوم الجمل دعا ابنه عبد الله]

- ‌ باب إذا بعث الإمام رسولا في حاجة، أو أمره بالمقام، هل يسهم له

- ‌[حديث قوله صلى الله عليه وسلم لعثمان إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه]

- ‌ باب ومن الدّليل على أنّ الخمس لنوائب المسلمين

- ‌[حديث والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم]

- ‌[حديث بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية قبل نجد فيها عبد الله بن عمر]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش]

- ‌[حديث قسم النبي لإصحاب السفينة مع جعفر وأصحابه حين افتتح خيبر]

- ‌[حديث لقد شقيت إن لم أعدل]

- ‌ بَابُ ما مَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الأَسارى من غيرِ أن يخمّسَ

- ‌[حديث قوله في أسارى بدر لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتتركتهم له]

- ‌ باب وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الخُمُسَ لِلإِمَامِ، وأَنهُ يُعْطِي بعض قَرَابَتِهِ دُونَ بعض

- ‌[حديث إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد]

- ‌ باب مَنْ لم يخَمِّس الأَسلابَ وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلا فَله سَلبه من غَير أن يخَمّسَ، وحكم الإمَامِ فيهِ

- ‌[حديث قتل إبي جهل]

- ‌ باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعطي المُؤلفة قلوبهم وغَيْرهم مِنَ الخمس وَنحوِه

- ‌[حديث أسماء كنت أنقل النوى من أرض الزبير

- ‌ باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب

- ‌[حديث استحياء عبد الله بن مغفل من رسول الله]

- ‌[حديث ابن عمر كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه]

- ‌[حديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الأهلية]

- ‌[الفصل الرابع كتاب الجزية والموادعة]

- ‌ باب الجزية والموادعة، مع أهل الذمة والحرب

- ‌[حديث قول عمر فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر]

- ‌[حديث بعثه صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها]

- ‌[حديث بعث عمر الناس في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين]

- ‌[حديث كان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات]

- ‌ بابُ إثم من قتل معاهدا بغير جرم

- ‌[حديث من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة]

- ‌ بابُ إِخْراجِ اليهُودِ من جزيرةِ العرب

- ‌[حديث أقركم ما أقركم الله]

- ‌ بابُ إِذا غدر الْمُشْركُون بِالْمُسْلمين هلْ يُعْفى عنْهمْ

- ‌[حديث لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم]

- ‌ بَاب هَل يُعفَى عنِ الذِّمِّيِّ إذا سَحَر

- ‌[حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئًا ولم يصنعه]

- ‌ باب ما يحذر من الغدر

- ‌[حديث اعدد ستا بين يدي الساعة]

- ‌ باب إثم من عاهد ثم غدر

- ‌[حديث كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارا ولا درهما]

- ‌ باب

- ‌[حديث قول سهل بن حنيف اتهموا رأيكم رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر النبي لرددته]

- ‌ باب إثم الغادر للبر والفاجر

- ‌[حديث لكل غادر لواء يوم القيامة]

- ‌[حديث لكل غادر لواء ينصب لغدرته]

- ‌القسم الثانيالمنهج الدعوي المستخلص من الدراسة

- ‌الفصل الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالداعية

- ‌[الفصل الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالمدعو]

- ‌[الفصل الثالث المنهج الدعوي المتعلق بموضوع الدعوة]

- ‌الفصل الرابع: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل والأساليب

- ‌المبحث الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل

- ‌[المبحث الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالأساليب]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[التوصيات والمقترحات]

الفصل: ‌[حديث ها هنا الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان]

4 -

‌ باب ما جاء في بيوت أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما نسب من البيوت إليهنّ

وقول الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33](1) و {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53](2).

[حديث ها هنا الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان]

150 -

[3104] حدّثنا موسى بن إسماعيل: حدّثنا جويرية، عن نافع، عن عبد الله (3) رضي الله عنه، قال: " قام النّبيّ صلى الله عليه وسلم خطيبا فأشار نحو مسكن عائشة فقال: «ها هنا الفتنة - ثلاثا - من حيث يطلع قرن الشّيطان» (4).

وفي رواية: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير إلى المشرق فقال: «ها إنّ الفتنة هاهنا، إنّ الفتنة هاهنا، من حيث يطلع قرن الشّيطان» (5).

وفي رواية: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر. . . "(6).

وفي رواية: «الفتنة هاهنا، الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشّيطان - أو قال - قرن الشّمس» (7).

وفي رواية: "أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستقبل المشرق يقول. . . "(8).

* شرح غريب الحديث: * " الفتنة ": أصل الفتنة من قولك: "فتنت الذهب" إذا أحرقته بالنار ليتبين الجيد من الرديء، وهي الابتلاء والاختبار، والامتحان، وكثر استعمالها

(1) سورة الأحزاب، الآية:33.

(2)

سورة الأحزاب، الآية:53.

(3)

تقدمت ترجمته في الحديث رقم: 4.].

(4)

[الحديث 3104] أطرافه في: كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، 4/ 111، برقم 3279. وكتاب المناقب، باب، 4/ 190، برقم 3511. وكتاب الطلاق، باب الإشارة في الطلاق والأمور، 6/ 215، برقم 5296. وكتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الفتنة من قبل المشرق"، 8/ 122، برقم 9207 و 7093. وأخرجه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب الفتنة من المشرق من حيث يطلع قرنا الشيطان، 4/ 2228، برقم 2905.

(5)

من الطرف رقم 3279.

(6)

من الطرف رقم 3511.

(7)

من الطرف رقم 7092.

(8)

من الطرف رقم: 7093.

ص: 863

بمعنى: الإثم، والكفر، والضلال، والقتال، والفضيحة، والعذاب (1).

* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية؛ منها:

1 -

من وسائل الدعوة: الخطابة.

2 -

من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم: الإخبار ببعض المغيبات.

3 -

من موضوعات الدعوة: التحذير من الفتن.

4 -

من صفات الداعية: الحرص على الدقة في نقل الحديث.

والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:

أولا: من وسائل الدعوة: الخطابة: دل الحديث على أن من وسائل الدعوة: الخطابة؛ لما فيها من إيصال الحق للناس؛ ولهذا قام النبي صلى الله عليه وسلم كما في هذا الحديث - خطيبا فأشار إلى مسكن عائشة رضي الله عنها، وحذر من الفتن، وهذا يؤكد أهمية الخطابة، ويؤكد أهمية القيام فيها؛ ليرى الناس الخطيب ويسمعوا كلامه، والله المستعان (2).

ثانيا: من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم: الإخبار ببعض المغيبات: لا شك أن من معجزات النبي محمد صلى الله عليه وسلم الإخبار ببعض المغيبات، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث:«هاهنا الفتنة - ثلاثا - من حيث يطلع قرن الشيطان» ، وقد تحقق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم؛ فإن الفتن ظهرت من قبل المشرق كثيرا، والفتنة الكبرى التي كانت مفتاح فساد ذات البين هي قتل عثمان رضي الله عنه وهي سبب وقعة الجمل، وحروب صفين - كانت في ناحية المشرق، ثم ظهور الخوارج في أرض نجد والعراق وما وراءها من المشرق، وأكثر البدع إنما ظهرت من المشرق فكانت سببا إلى افتراق كلمة المسلمين ومذهبهم، وفساد نيات كثير منهم إلى اليوم، وإلى قيام الساعة، وآخر الفتن خروج الدجال من قبل المشرق (3).

(1) انظر: غريب الحديث رقم 36، ص 255.

(2)

انظر: الحديث رقم 7، الدرس السادس، ورقم 33، الدرس التاسع.

(3)

انظر: الاستذكار لابن عبد البر، 27/ 245 - 246.

ص: 864

وهذا كله يؤكد صدق النبي صلى الله عليه وسلم؛ لوقوع ما أخبر به على حقيقته (1).

ثالثا: من موضوعات الدعوة: التحذير من الفتن: التحذير من الفتن من أهم الموضوعات التي ينبغي للداعية أن يعتني بها، ويحذر الناس منها؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث:«هاهنا الفتنة - ثلاثا - من حيث يطلع قرن الشيطان» ، وهذا فيه تحذير النبي صلى الله عليه وسلم لأمته من الفتن، وبيان منه صلى الله عليه وسلم أن الفتن تأتي من قبل المشرق؛ ليحذر منها الناس وينتبهوا أشد الانتباه، قال العيني رحمه الله:"وكان صلى الله عليه وسلم يحذر من ذلك ويعلم به قبل وقوعه، وذلك من دلالات نبوته صلى الله عليه وسلم"(2) وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على المبادرة بالأعمال الصالحة قبل الانشغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة والمتراكمة، المتكاثرة، فقال صلى الله عليه وسلم:«بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا» (3).

قال القاضي عياض رحمه الله: "وفائدة المبادرة بالعمل: إمكانه قبل شغل البال والجسد بالفتن، وقطعها عن العمل"(4) ومما يؤكد التحذير من الفتن حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، قال: «كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؛ قال:"نعم". فقلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؛ قال: "نعم وفيه دخن". قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم يستنون بغير سنتي، ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر". فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها. فقلت: يا رسول الله، صفهم لنا، قال: "نعم، قوم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا". قلت: يا رسول الله، فما تأمرني إن أدركني ذلك؛ قال:"تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ". فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة

(1) انظر: الحديث رقم 21، الدرس الرابع.

(2)

عمدة القاري شرح صحيح البخاري، 24/ 199.

(3)

مسلم، كتاب الإيمان، باب الحث على المبادرة بالأعمال قبل تظاهر الفتن، 1/ 110، برقم 118، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(4)

إكمال المعلم بفوائد صحيح مسلم كتاب الإيمان، 1/ 494.

ص: 865

ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعضّ على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك» (1).

وهذا فيه التحذير العظيم من الفتن وبيان المخرج منها، ولاشك أن الزمان كلما تأخر زادت الفتن في الغالب حتى قيام الساعة؛ ولهذا قال أنس بن مالك رضي الله عنه:«اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده أشر منه حتى تلقوا ربكم» ، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم (2) فأسأل الله لي ولجميع المسلمين العافية في الدنيا والآخرة، والله المستعان.

رابعا: من صفات الداعية: الحرص على الدقة في نقل الحديث: ظهر في هذا الحديث أن من صفات الداعية الحرص على الدقة في نقل الحديث؛ ولهذا قال الراوي: «من حيث يطلع قرن الشيطان» ، أو قال:«قرن الشمس» ، شك أي اللفظين قال النبي صلى الله عليه وسلم (3) والمقصود بقرن الشيطان: هو التمثيل لمن يسجد للشمس عند طلوعها فكأن الشيطان سوّل له ذلك، فإذا سجد لها كان كأن الشيطان مقترن بها (4).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحرّوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فإنها تطلع بقرني شيطان» (5) قيل: المراد بقرني الشيطان: حزبه وأتباعه، وقيل: قوته وغلبته وانتشار فساده، وقيل: القرنان: ناحيتا الرأس وأنه على ظاهره، وهذا هو الأقوى، قالوا: ومعناه أنه يدني رأسه إلى الشمس في هذه الأوقات؛ ليكون الساجدون لها من الكفار كالساجدين له في الصورة، وحينئذ يكون له ولبنيه تسلط ظاهر وتمكن من أن يسلبوا على المصلين صلاتهم، فكرهت الصلاة حينئذ صيانة لها، كما كرهت في الأماكن التي هي مأوى الشيطان (6).

(1) البخاري، كتاب الفضائل، باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة، 8/ 119، برقم 7084، ومسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين، عند ظهور الفتن وفي كل حال، وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة، 3/ 1475، برقم 1847.

(2)

البخاري، كتاب الفتن، باب لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه، 8/ 115، برقم 7068.

(3)

انظر: الحديث رقم 21، الدرس العاشر.

(4)

انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب القاف مع الراء، 4/ 52.

(5)

صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، 1/ 568، برقم 828.

(6)

انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 6/ 361.

ص: 866