المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حديث قوله صلى الله عليه وسلم لعثمان إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه] - فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري - جـ ٢

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌ باب يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة

- ‌[حديث إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا]

- ‌ باب السير وحده

- ‌[حديث لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده]

- ‌ باب الجهاد بإذن الأبوين

- ‌[حديث جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال أحي والداك]

- ‌ باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل

- ‌[حديث لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت]

- ‌ بَابُ الجَاسُوسِ

- ‌[حديث انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها]

- ‌ بَابُ الأُسَارَى فِي السَّلَاسِلِ

- ‌[حديث عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل]

- ‌ بَابُ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ، فَيُصَاُب الوِلْدَانُ وَالذَّرَارِيُّ

- ‌[حديث حمى إلا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم]

- ‌ بَابُ قَتْلِ الصِّبْيَانِ فِي الْحَرْبِ

- ‌[حديث إنكار النبي صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان]

- ‌ باب لا يعذب بعذاب الله

- ‌[حديث لا تعذبوا بعذاب الله]

- ‌ بَابٌ

- ‌[حديث أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله]

- ‌ باب حرق الدور والنخيل

- ‌[حديث ألا تريحني من ذي الخلصة]

- ‌ بَابُ قَتْلِ النَّائِمِ المُشْرِكِ

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم رهطا من الأنصار إلى أبي رافع]

- ‌ باب لا تمنوا لقاء العدو

- ‌[حديث لا تمنوا لقاء العدو]

- ‌ باب الحرب خدعة

- ‌[حديث هلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده]

- ‌[حديث تسمية النبي صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة]

- ‌[حديث الحرب خدعة]

- ‌ باب من لا يثبت على الخيل

- ‌[حديث ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي]

- ‌ باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه، حتى يسمع الناس

- ‌[حديث أخذ لقاح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب إذا نزل العدو على حكم رجل]

- ‌[حديث حكم سعد في بني قريظة]

- ‌ بَابُ هل يستأسر الرجل؟ ومن لم يستأسر، وَمَنْ ركَعَ رَكعَتينِ عندَ القتل

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم عشرة رهط سرية]

- ‌ باب فكاك الأسير

- ‌[حديث فكوا العاني وأطعموا الجائع وعودوا المريض]

- ‌ باب الحربِي إِذَا دخَل دار الإسْلامِ بغَيْرِ أمَانٍ

- ‌[حديث أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر]

- ‌ بَابُ كيفَ يُعرَض الإسلامُ على الصّبيّ

- ‌[حديث ذكر الدجال وقوله فيه تعلمون أنه أعور وإن الله ليس بأعور]

- ‌ باب إذا أسلم قوم في دَارِ الحرب ولهُمْ مال وأَرَضُونَ فَهي لهمْ

- ‌[حديث استعمال عمر بن الخطاب مولى له يدعى هنيا ونصيحته له]

- ‌ باب كتابة الإمام الناس

- ‌[حديث اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس]

- ‌ بَاب إِن الله يُؤيِّدُ الدِّين بالرجُل الفاجر

- ‌[حديث قال لرجل ممن يدعي الإسلام هذا من أهل النار]

- ‌ باب من غلب العدو، فأقام على عرصتهم ثلاثا

- ‌[حديث أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال]

- ‌ باب إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم

- ‌[حديث أن ابن عمر ذهب فرس له فأخذه العدو]

- ‌ باب من تكلم بالفارسية والرطنة

- ‌[حديث إن جابرا قد صنع سور فحيهلا بكم]

- ‌[حديث أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي]

- ‌ باب القليل من الغلول

- ‌[حديث كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة]

- ‌ باب لا هجرة بعد الفتح

- ‌[حديث انقطعت الهجرة منذ فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم مكة]

- ‌ باب استقبال الغزاة

- ‌[حديث قول ابن الزبير لابن جعفر أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث ذهبنا نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصبيان إلى ثنية الوداع]

- ‌الفصل الثالث: كتاب الفرائض

- ‌ باب فرض الخمس

- ‌[حديث أن فاطمة سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها]

- ‌[حديث لا نورث ما تركنا صدقة]

- ‌ باب نفقة نساء النّبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

- ‌[حديث توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيته من شيء]

- ‌ باب ما جاء في بيوت أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما نسب من البيوت إليهنّ

- ‌[حديث ها هنا الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان]

- ‌ باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم، وعصاه، وسيفه، وقدحه، وخاتمه وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم يذكر قسمته، ومن شعره، ونعله، وآنيته، ممّا تبرك أصحابه وغيرهم بعد وفاته

- ‌[حديث إخراج أنس نعلين جرداوين لهما قبالان]

- ‌[حديث إخراج عائشة كساء ملبدا وقولها في هذا نزع روح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم كسر]

- ‌[حديث لو كان علي ذاكرا عثمان ذكره يوم جاءه ناس

- ‌ باب الدّليل على أنّ الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمساكين

- ‌[حديث أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحنه]

- ‌ باب قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [

- ‌[حديث إنما أنا قاسم وخازن والله يعطي]

- ‌[حديث إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت]

- ‌[حديث إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق]

- ‌ باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحلّت لكم الغنائم»

- ‌[حديث أحلت لكم الغنائم]

- ‌[حديث غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة]

- ‌ باب بركة الغازي في ماله حيّا وميتا، مع النّبي صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر

- ‌[حديث لما وقف الزبير يوم الجمل دعا ابنه عبد الله]

- ‌ باب إذا بعث الإمام رسولا في حاجة، أو أمره بالمقام، هل يسهم له

- ‌[حديث قوله صلى الله عليه وسلم لعثمان إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه]

- ‌ باب ومن الدّليل على أنّ الخمس لنوائب المسلمين

- ‌[حديث والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم]

- ‌[حديث بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية قبل نجد فيها عبد الله بن عمر]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش]

- ‌[حديث قسم النبي لإصحاب السفينة مع جعفر وأصحابه حين افتتح خيبر]

- ‌[حديث لقد شقيت إن لم أعدل]

- ‌ بَابُ ما مَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الأَسارى من غيرِ أن يخمّسَ

- ‌[حديث قوله في أسارى بدر لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتتركتهم له]

- ‌ باب وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الخُمُسَ لِلإِمَامِ، وأَنهُ يُعْطِي بعض قَرَابَتِهِ دُونَ بعض

- ‌[حديث إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد]

- ‌ باب مَنْ لم يخَمِّس الأَسلابَ وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلا فَله سَلبه من غَير أن يخَمّسَ، وحكم الإمَامِ فيهِ

- ‌[حديث قتل إبي جهل]

- ‌ باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعطي المُؤلفة قلوبهم وغَيْرهم مِنَ الخمس وَنحوِه

- ‌[حديث أسماء كنت أنقل النوى من أرض الزبير

- ‌ باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب

- ‌[حديث استحياء عبد الله بن مغفل من رسول الله]

- ‌[حديث ابن عمر كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه]

- ‌[حديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الأهلية]

- ‌[الفصل الرابع كتاب الجزية والموادعة]

- ‌ باب الجزية والموادعة، مع أهل الذمة والحرب

- ‌[حديث قول عمر فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر]

- ‌[حديث بعثه صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها]

- ‌[حديث بعث عمر الناس في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين]

- ‌[حديث كان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات]

- ‌ بابُ إثم من قتل معاهدا بغير جرم

- ‌[حديث من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة]

- ‌ بابُ إِخْراجِ اليهُودِ من جزيرةِ العرب

- ‌[حديث أقركم ما أقركم الله]

- ‌ بابُ إِذا غدر الْمُشْركُون بِالْمُسْلمين هلْ يُعْفى عنْهمْ

- ‌[حديث لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم]

- ‌ بَاب هَل يُعفَى عنِ الذِّمِّيِّ إذا سَحَر

- ‌[حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئًا ولم يصنعه]

- ‌ باب ما يحذر من الغدر

- ‌[حديث اعدد ستا بين يدي الساعة]

- ‌ باب إثم من عاهد ثم غدر

- ‌[حديث كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارا ولا درهما]

- ‌ باب

- ‌[حديث قول سهل بن حنيف اتهموا رأيكم رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر النبي لرددته]

- ‌ باب إثم الغادر للبر والفاجر

- ‌[حديث لكل غادر لواء يوم القيامة]

- ‌[حديث لكل غادر لواء ينصب لغدرته]

- ‌القسم الثانيالمنهج الدعوي المستخلص من الدراسة

- ‌الفصل الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالداعية

- ‌[الفصل الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالمدعو]

- ‌[الفصل الثالث المنهج الدعوي المتعلق بموضوع الدعوة]

- ‌الفصل الرابع: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل والأساليب

- ‌المبحث الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل

- ‌[المبحث الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالأساليب]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[التوصيات والمقترحات]

الفصل: ‌[حديث قوله صلى الله عليه وسلم لعثمان إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه]

14 -

‌ باب إذا بعث الإمام رسولا في حاجة، أو أمره بالمقام، هل يسهم له

؟

[حديث قوله صلى الله عليه وسلم لعثمان إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه]

162 -

[3130] حدّثنا موسى: حدّثنا أبو عوانة: حدّثنا عثمان بن موهب، عن ابن عمر (1) رضي الله عنه قال: إنّما تغيّب عثمان عن بدر فإنّه كان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت مريضة، فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم:«إنّ لك أجر رجل ممّن شهد بدرا وسهمه» (2).

وفي رواية: "كنّا في زمن النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحدا، ثمّ عمر، ثم عثمان، ثمّ نترك أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم"(3).

وفي رواية: عن عبيدة قال: "جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عثمان، فذكر عن محاسن عمله، قال: لعلّ ذاك يسوءك؟ قال: نعم. قال: فأرغم الله بأنفك. ثمّ سأله عن عليّ، فذكر محاسن عمله قال: هو ذاك، بيته أوسط بيوت النّبيّ صلى الله عليه وسلم. ثمّ قال: لعلّ ذاك يسوءك؛ قال: أجل. قال: فأرغم الله بأنفك، انطلق فاجهد عليّ جهدك"(4).

وفي رواية: عن عثمان بن موهب قال: "جاء رجل حجّ البيت فرأى قوما جلوسا فقال: من هؤلاء القعود؛ قال: هؤلاء قريش، قال: من الشّيخ؟ قالوا: ابن عمر فأتاه فقال: إنّي سائلك عن شيء أتحدّثني؟ قال: أنشدك بحرمة هذا البيت أتعلم أنّ عثمان بن عفّان فرّ يوم أحد؟ قال: نعم، قال:

(1) تقدمت ترجمته في الحديث رقم: 1.

(2)

[الحديث 3130] أطرافه في: كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب مناقب عثمان بن عفان أبي عمرو القرشي رضي الله عنه، 4/ 244، برقم 3698. وكتاب فضائل أصحاب النبي رضي الله عنه، باب مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمى أبي الحسن رضي الله عنه، 4/ 247، برقم 3704 وكتاب المغازي، باب قول الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ 5/ 41، برقم 4066 وكتاب تفسير القرآن، باب: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ 5/ 184 و185، برقم 4513 و4514 و4515 وكتاب تفسير القرآن، باب وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ، 5/ 238؛ و 239، برقم 4650 و4651. وكتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"الفتنة من قبل المشرق"، 8/ 122، برقم 7095.

(3)

الطرف رقم: 3698.

(4)

الطرف رقم: 3704.

ص: 902

فتعلمه تغيّب عن بدر فلم يشهدها؟ قال: نعم. قال: فتعلم أنه تخلّف عن بيعة الرضوان فلم يشهدها؟ قال: نعم، قال فكبّر، قال ابن عمر: تعال لأخبرك ولأبيّن لك عمّا سألتني عنه أمّا فراره يوم أحد فأشهد أنّ الله عفا عنه، وأمّا تغيّبه عن بدر فإنه كان تحته بنت رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة، فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم:«إنّ لك أجر رجل ممّن شهد بدرا وسهمه» . وأمّا تغيّبه عن بيعة الرّضوان فإنّه لو كان أحد أعز ببطن مكّة من عثمان بن عفّان لبعثه مكانه، فبعث عثمان وكانت (1) بيعة الرّضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكّة فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى:«هذه يد عثمان» ، فضرب بها على يده فقال:"هذه لعثمان " اذهب بهذا الآن معك" (2).

وفي رواية: عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، أتاه رجلان في فتنة ابن الزّبير فقالا: إنّ النّاس صنعوا وأنت ابن عمر وصاحب النبيّ صلى الله عليه وسلم فما يمنعك أن تخرج؟ فقال: يمنعني أنّ الله حرّم دم أخي فقالا: ألم يقل الله {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193](3) فقال: قاتلنا حتّى لم تكن فتنة، وكان الدّين لله وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتّى تكون فتنة ويكون الدّين لغير الله (4).

وفي رواية: عن بكير عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّ رجلا جاءه فقال: يا أبا عبد الرّحمن ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] إلى آخر الآية، فما يمنعك أن لا تقاتل كما ذكر الله في كتابه؟ فقال: يا ابن أخي أغترّ بهذه الآية ولا أقاتل أحبّ إليّ من أن أغترّ بهذه الآية الّتي يقول الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93](5) إلى آخرها قال: فإنّ الله يقول: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193] قال ابن عمر: قد فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ

(1) هكذا في النسخة السلفية المطبوعة مع فتح الباري، 7/ 363، وفي النسخة المعتمدة " وكان بيعة الرضوان" وكذا في نسخة استانبول، 5/ 34.

(2)

من الطرف رقم: 4066.

(3)

سورة البقرة، الآية:193.

(4)

من الطرف رقم: 4513.

(5)

سورة النساء، الآية:93.

ص: 903

كان الإسلام قليلا، فكان الرّجل يفتن في دينه إمّا يقتلوه، وإمّا يوثقوه، حتّى كثر الإسلام فلم تكن فتنة فلمّا رأى أنه لا يوافقه فيما يريد قال: فما قولك في عليّ وعثمان؟ قال " ابن عمر: ما قولي في عليّ وعثمان؟ أمّا عثمان فكان الله قد عفا عنه فكرهتم أن تعفوا عنه، وأمّا عليّ فابن عمّ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وختنه، وأشار بيده وهذه ابنته أو بنته حيث ترون (1).

وفي رواية: عن سعيد بن جبير قال: خرج علينا أو إلينا ابن عمر فقال رجل: كيف ترى في قتال الفتنة؟ فقال: وهل تدري ما الفتنة؟ كان محمّد صلى الله عليه وسلم يقاتل المشركين وكان الدّخول عليهم فتنة، وليس كقتالكم على الملك (2).

وفي رواية: قال: خرج علينا عبد الله بن عمر فرجونا أن يحدّثنا حديثا حسنا قال: فبادرنا إليه رجل فقال: يا أبا عبد الرّحمن حدّثنا عن القتال في الفتنة والله يقول: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193] فقال: هل تدري ما الفتنة ثكلتك أمّك؟ إنّما كان محمّد صلى الله عليه وسلم يقاتل المشركين، وكان الدّخول في دينهم فتنة، وليس كقتالكم على الملك (3).

* شرح غريب الحديث: * " فأرغم الله أنفك" أي ألصقه بالرّغام وهو التراب، هذا هو الأصل، ثم استعمل في الذّلّ والعجز عن الانتصاف والانقياد على كره (4).

* "وختنه" أي زوج ابنته، والأختان من قبل المرأة، والإحماء من قبل الرجل، والصهر يجمعهما، وخاتن الرجل الرجل إذا تزوج إليه (5).

* "ثكلتك أمك" أي فقدتك، والثكل: فقد الولد، ويجوز أن تكون من

(1) الطرف رقم 4650.

(2)

الطرف رقم: 4651.

(3)

من الطرف رقم: 7095.

(4)

انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الراء مع الغين، مادة:"رغم"، 2/ 238.

(5)

انظر: المرجع السابق، باب الخاء مع التاء، مادة:"ختن"، 2/ 10.

ص: 904

الألفاظ التي تجري على ألسنة العرب ولا يراد بها الدعاء، كقولهم تربت يداك، وقاتلك الله (1).

* "اجهد عليّ جهدك" أي ابلغ غايتك في هذا الأمر واعمل في حقي ما تستطيع وتقدر عليه (2).

* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:

1 -

أهمية النية الصالحة.

2 -

من صفات الداعية: العدل.

3 -

من وظائف الداعية الدفاع عن أئمة الهدى والتماس العذر لهم.

4 -

من أساليب الدعوة: استخدام الشدة مع بعض المدعوين.

5 -

أهمية الكف عما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم.

6 -

من أساليب الدعوة: الجدل.

7 -

أهمية اعتزال الفتن المضلة.

8 -

أهمية الاستدلال بالأدلة الشرعية.

والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:

أولا: أهمية النية الصالحة: النية الصالحة من أهم الأعمال القلبية التي ينبغي أن يتصف بها كل مسلم؛ لما في ذلك من أسباب السعادة في الدنيا والآخرة (3) وفي هذا الحديث دلالة على النية الصالحة، وأنه يكتب للعبد الصالح ما نوى ولم يقدر على عمله؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان بن عفان حينما لم يشهد بدرا:«إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه» ؛ لأنه رضي الله عنه كان مشغولا بتمريض بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت

(1) النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الثاء مع الكاف، مادة:"ثكل"، 1/ 217.

(2)

انظر: المرجع السابق، باب الجيم مع الهاء، مادة:"جهد"، 1/ 319، وشرح الكرماني على صحيح البخاري، 14/ 244.

(3)

انظر: بستان العارفين، للإمام محيي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف النووي، ص 22 - 27.

ص: 905

زوجته، ولو لم يشغل بذلك لكان من المجاهدين فأعطاه الله عز وجل ما نوى (1).

ثانيا: من صفات الداعية: العدل: العدل من أهم الصفات الحميدة التي ينبغي لكل مسلم أن يتصف بها وخاصة الداعية إلى الله عز وجل، وقد ظهر ذلك في هذا الحديث؛ لقول عبد الله بن عمر رضي الله عنه:"كنا لا نعدل بأبي بكر أحدا، ثم عمر، ثم عثمان " ولم يقدم أباه على أبي بكر حمية، ولكن حمله إيمانه على الصدق، وهذا هو العدل، وهو مذهب أهل السنة والجماعة، وأنهم يرتبون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على حسب فضلهم وسبقهم للإسلام وجهادهم رضي الله عنهم، فأفضل الصحابة: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، قال الإمام ابن تيمية رحمه الله:"ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله"(2) وقد استقر إجماع الصحابة رضي الله عنهم على ترتيب هؤلاء الأربعة في الفضل وفي الخلافة، وهذا هو العدل الذي أخذ به أهل السنة والجماعة (3) أهل الصراط المستقيم (4) وهذا يؤكد أهمية العدل، وأن الداعية ينبغي له أن يبتعد عن طرق أهل البدع (5) ويلتزم بصفة العدل في جميع أحواله (6).

ثالثا: من وظائف الداعية: الدفاع عن أئمة الهدى والتماس العذر لهم: لاشك أن من الأعمال المباركة: الدفاع عن أئمة الهدى ومصابيح الدجى من الصحابة، والتابعين، ومن سلك طريقهم من أهل العلم والإيمان؛ ولهذا دافع عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن علي بن أبي طالب وعن عثمان رضي الله عنهما، فقال لهذا الرجل الضال الذي يظهر عداوته لعلي رضي الله عنه: "فأرغم الله بأنفك انطلق

(1) انظر: الحديث رقم 22، الدرس السادس.

(2)

العقيدة الواسطية، ص 42.

(3)

انظر: شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة، للحافظ أبي القاسم هبة الله بن الحسن الطبري اللالكائي، 7/ 1310 - 1425، ومختصر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه العشرة، للحافظ أبي محمد عبد الغنى بن عبد الواحد المقدسي، ص 74 - 118.

(4)

انظر: الاعتصام، لأبي إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي، 2/ 801 - 808.

(5)

انظر: المرجع السابق، 2/ 718 - 732.

(6)

انظر: الحديث رقم 60، الدرس الثاني، ورقم 64، الدرس الأول، ورقم 96، الدرس الرابع.

ص: 906

فاجهد علي جهدك! "، وقال رضي الله عنه في الدفاع عن عثمان حين سأل هذا الضال: "أما عثمان فكان الله قد عفا عنه وكرهتم أن تعفوا عنه، وأما عليّ فابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه"، ثم أخذ يذكر من محاسن علي وعثمان رضي الله عنهما حتى أفحم هذا الضال فذهب خائبا، وقال له ابن عمر رضي الله عنه: "اذهب بهذا الآن معك"، قال العيني رحمه الله: أي اقرن هذا العذر بالجواب حتى لا يبقى لك فيما أجبتك به حجة على ما كنت تعتقد"(1) فينبغي للداعية أن يدافع عن الصحابة رضي الله عنهم وعن أئمة الهدى من علماء أهل السنة والجماعة، ولكن بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالحسنى.

رابعا: من أساليب الدعوة: استخدام الشدة مع بعض المدعوين: الأصل في الأساليب في الدعوة إلى الله عز وجل الرفق واللين، ولكن من المدعوين من لا يجدي ولا ينفع فيه ومعه إلا الشدة والقوة؛ ولهذا استخدم عبد الله بن عمر رضي الله عنه أسلوب الشدة مع الرجل الضال الذي يطعن في علي وعثمان رضي الله عنهما، فقال:"أرغم الله بأنفك"، وقال رضي الله عنه:"قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله"، وهذا فيه قوة في الأسلوب، ولكن لا يفعل ذلك إلا مع الأمن من الوقوع في المفاسد، والله المستعان (2).

خامسا: أهمية الكف عما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم: إن من الأمور المهمة التي ينبغي للداعية أن يعرض عنها ولا يخوض فيها ما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم، وما حصل لبعضهم؛ لأن الكف عن ذلك مذهب أهل الحق والاعتدال (3)؛ ولهذا قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في هذا الحديث:"أما عثمان فكان الله قد عفا عنه فكرهتم أن تعفوا عنه، وأما عليّ فابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم"، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مذهب أهل

(1) عمدة القاري، شرح صحيح البخاري، 16/ 207.

(2)

انظر: الحديث رقم 116، الدرس العاشر.

(3)

انظر: شرح العقيدة الواسطية، لابن تيمية، تأليف محمد خليل الهراس، ص 250.

ص: 907

السنة والجماعة فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم: "ويمسكون عما شجر بين الصحابة، ويقولون إن هذه الآثار المروية في مساوئهم، منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه ونقص، وغيّر عن وجهه، والصحيح منه هم فيه +مُعذرون، إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون، وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره، بل يجوز عليهم الذنب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما صدر منهلا إن وجد. . "، ثم قال رحمه الله:"هذا في الذنوب المحققة فكيف بالذنوب التي كانوا فيها مجتهدين، إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطأوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور"(1).

سادسا: من أساليب الدعوة: الجدل: إن أسلوب الجدل من الأساليب النافعة عند الحاجة إليه في الدعوة إلى الله عز وجل؛ ولهذا استخدمه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مع الرجل الضال الذي يطعن في علي وعثمان رضي الله عنه في هذا الحديث، فسأله أولا عن عثمان وعن تخلفه، فرد عليه ابن عمر بقوله: أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه، وأما تغيبه عن بدر فإنه كان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت مريضة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم. «إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه» ، وسأل هذا الرجل الضال عن علي رضي الله عنه وطعن فيه فقال له عبد الله:"وأما علي فابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه. . . " وجادله رضي الله عنه حتى أفحمه، فينبغي للداعية أن يستخدم أسلوب الجدل عند الحاجة إليه، ولكن بالحسنى (2).

سابعا: أهمية اعتزال الفتن المضلة: ظهر في هذا الحديث أهمية اعتزال الفتن المضلة؛ ولهذا اعتزل عبد الله بن

(1) العقيدة الواسطية، لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص 43، وانظر: فضائل الصحابة للإمام أحمد بن شعيب النسائي، ص 15 - 217، والعواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، للإمام القاضي أبي بكر بن العربي المالكي، ص 77، وص 155، وص 260.

(2)

انظر: الحديث رقم 129، الدرس الرابع.

ص: 908

عمر رضي الله عنهما الفتن كما جاء في هذا الحديث، فجادله بعض الناس في ذلك قال:"قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة، ويكون الدين لغير الله"، وهذا يؤكد اعتزال الفتن المضلة، أسأل الله لي ولجميع المسلمين العفو والعافية في الدنيا والآخرة (1).

ثامنا: أهمية الاستدلال بالأدلة الشرعية: الاستدلال بالأدلة الشرعية من الأمور المهمة التي ينبغي للداعية أن يعتني بها في دعوته إلى الله عز وجل؛ لما لها من التأثير على المدعوين وإقناعهم؛ ولهذا استخدمها عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في هذا الحديث، فرد على الرجل الضال الذي طعن في عثمان، وبين له بالدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعثمان:«إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه» ، واستدل رضي الله عنه على عدم الدخول في القتال في الفتنة بقوله عز وجل:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93](2) وهذا فيه تخويف من الدخول في الفتن العمياء المضلة (3).

(1) انظر: الحديث رقم 19، الدرس الثاني، ورقم 150، الدرس الثالث.

(2)

سورة النساء، الآية:93.

(3)

انظر: الحديث رقم 77، الدرس الحادي عشر، ورقم 94، الدرس الثامن.

ص: 909