المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حديث لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت] - فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري - جـ ٢

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌ باب يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة

- ‌[حديث إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا]

- ‌ باب السير وحده

- ‌[حديث لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده]

- ‌ باب الجهاد بإذن الأبوين

- ‌[حديث جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال أحي والداك]

- ‌ باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل

- ‌[حديث لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت]

- ‌ بَابُ الجَاسُوسِ

- ‌[حديث انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها]

- ‌ بَابُ الأُسَارَى فِي السَّلَاسِلِ

- ‌[حديث عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل]

- ‌ بَابُ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ، فَيُصَاُب الوِلْدَانُ وَالذَّرَارِيُّ

- ‌[حديث حمى إلا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم]

- ‌ بَابُ قَتْلِ الصِّبْيَانِ فِي الْحَرْبِ

- ‌[حديث إنكار النبي صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان]

- ‌ باب لا يعذب بعذاب الله

- ‌[حديث لا تعذبوا بعذاب الله]

- ‌ بَابٌ

- ‌[حديث أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله]

- ‌ باب حرق الدور والنخيل

- ‌[حديث ألا تريحني من ذي الخلصة]

- ‌ بَابُ قَتْلِ النَّائِمِ المُشْرِكِ

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم رهطا من الأنصار إلى أبي رافع]

- ‌ باب لا تمنوا لقاء العدو

- ‌[حديث لا تمنوا لقاء العدو]

- ‌ باب الحرب خدعة

- ‌[حديث هلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده]

- ‌[حديث تسمية النبي صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة]

- ‌[حديث الحرب خدعة]

- ‌ باب من لا يثبت على الخيل

- ‌[حديث ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي]

- ‌ باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه، حتى يسمع الناس

- ‌[حديث أخذ لقاح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب إذا نزل العدو على حكم رجل]

- ‌[حديث حكم سعد في بني قريظة]

- ‌ بَابُ هل يستأسر الرجل؟ ومن لم يستأسر، وَمَنْ ركَعَ رَكعَتينِ عندَ القتل

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم عشرة رهط سرية]

- ‌ باب فكاك الأسير

- ‌[حديث فكوا العاني وأطعموا الجائع وعودوا المريض]

- ‌ باب الحربِي إِذَا دخَل دار الإسْلامِ بغَيْرِ أمَانٍ

- ‌[حديث أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر]

- ‌ بَابُ كيفَ يُعرَض الإسلامُ على الصّبيّ

- ‌[حديث ذكر الدجال وقوله فيه تعلمون أنه أعور وإن الله ليس بأعور]

- ‌ باب إذا أسلم قوم في دَارِ الحرب ولهُمْ مال وأَرَضُونَ فَهي لهمْ

- ‌[حديث استعمال عمر بن الخطاب مولى له يدعى هنيا ونصيحته له]

- ‌ باب كتابة الإمام الناس

- ‌[حديث اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس]

- ‌ بَاب إِن الله يُؤيِّدُ الدِّين بالرجُل الفاجر

- ‌[حديث قال لرجل ممن يدعي الإسلام هذا من أهل النار]

- ‌ باب من غلب العدو، فأقام على عرصتهم ثلاثا

- ‌[حديث أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال]

- ‌ باب إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم

- ‌[حديث أن ابن عمر ذهب فرس له فأخذه العدو]

- ‌ باب من تكلم بالفارسية والرطنة

- ‌[حديث إن جابرا قد صنع سور فحيهلا بكم]

- ‌[حديث أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي]

- ‌ باب القليل من الغلول

- ‌[حديث كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة]

- ‌ باب لا هجرة بعد الفتح

- ‌[حديث انقطعت الهجرة منذ فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم مكة]

- ‌ باب استقبال الغزاة

- ‌[حديث قول ابن الزبير لابن جعفر أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث ذهبنا نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصبيان إلى ثنية الوداع]

- ‌الفصل الثالث: كتاب الفرائض

- ‌ باب فرض الخمس

- ‌[حديث أن فاطمة سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها]

- ‌[حديث لا نورث ما تركنا صدقة]

- ‌ باب نفقة نساء النّبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

- ‌[حديث توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيته من شيء]

- ‌ باب ما جاء في بيوت أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما نسب من البيوت إليهنّ

- ‌[حديث ها هنا الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان]

- ‌ باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم، وعصاه، وسيفه، وقدحه، وخاتمه وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم يذكر قسمته، ومن شعره، ونعله، وآنيته، ممّا تبرك أصحابه وغيرهم بعد وفاته

- ‌[حديث إخراج أنس نعلين جرداوين لهما قبالان]

- ‌[حديث إخراج عائشة كساء ملبدا وقولها في هذا نزع روح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم كسر]

- ‌[حديث لو كان علي ذاكرا عثمان ذكره يوم جاءه ناس

- ‌ باب الدّليل على أنّ الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمساكين

- ‌[حديث أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحنه]

- ‌ باب قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [

- ‌[حديث إنما أنا قاسم وخازن والله يعطي]

- ‌[حديث إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت]

- ‌[حديث إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق]

- ‌ باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحلّت لكم الغنائم»

- ‌[حديث أحلت لكم الغنائم]

- ‌[حديث غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة]

- ‌ باب بركة الغازي في ماله حيّا وميتا، مع النّبي صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر

- ‌[حديث لما وقف الزبير يوم الجمل دعا ابنه عبد الله]

- ‌ باب إذا بعث الإمام رسولا في حاجة، أو أمره بالمقام، هل يسهم له

- ‌[حديث قوله صلى الله عليه وسلم لعثمان إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه]

- ‌ باب ومن الدّليل على أنّ الخمس لنوائب المسلمين

- ‌[حديث والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم]

- ‌[حديث بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية قبل نجد فيها عبد الله بن عمر]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش]

- ‌[حديث قسم النبي لإصحاب السفينة مع جعفر وأصحابه حين افتتح خيبر]

- ‌[حديث لقد شقيت إن لم أعدل]

- ‌ بَابُ ما مَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الأَسارى من غيرِ أن يخمّسَ

- ‌[حديث قوله في أسارى بدر لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتتركتهم له]

- ‌ باب وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الخُمُسَ لِلإِمَامِ، وأَنهُ يُعْطِي بعض قَرَابَتِهِ دُونَ بعض

- ‌[حديث إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد]

- ‌ باب مَنْ لم يخَمِّس الأَسلابَ وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلا فَله سَلبه من غَير أن يخَمّسَ، وحكم الإمَامِ فيهِ

- ‌[حديث قتل إبي جهل]

- ‌ باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعطي المُؤلفة قلوبهم وغَيْرهم مِنَ الخمس وَنحوِه

- ‌[حديث أسماء كنت أنقل النوى من أرض الزبير

- ‌ باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب

- ‌[حديث استحياء عبد الله بن مغفل من رسول الله]

- ‌[حديث ابن عمر كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه]

- ‌[حديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الأهلية]

- ‌[الفصل الرابع كتاب الجزية والموادعة]

- ‌ باب الجزية والموادعة، مع أهل الذمة والحرب

- ‌[حديث قول عمر فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر]

- ‌[حديث بعثه صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها]

- ‌[حديث بعث عمر الناس في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين]

- ‌[حديث كان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات]

- ‌ بابُ إثم من قتل معاهدا بغير جرم

- ‌[حديث من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة]

- ‌ بابُ إِخْراجِ اليهُودِ من جزيرةِ العرب

- ‌[حديث أقركم ما أقركم الله]

- ‌ بابُ إِذا غدر الْمُشْركُون بِالْمُسْلمين هلْ يُعْفى عنْهمْ

- ‌[حديث لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم]

- ‌ بَاب هَل يُعفَى عنِ الذِّمِّيِّ إذا سَحَر

- ‌[حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئًا ولم يصنعه]

- ‌ باب ما يحذر من الغدر

- ‌[حديث اعدد ستا بين يدي الساعة]

- ‌ باب إثم من عاهد ثم غدر

- ‌[حديث كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارا ولا درهما]

- ‌ باب

- ‌[حديث قول سهل بن حنيف اتهموا رأيكم رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر النبي لرددته]

- ‌ باب إثم الغادر للبر والفاجر

- ‌[حديث لكل غادر لواء يوم القيامة]

- ‌[حديث لكل غادر لواء ينصب لغدرته]

- ‌القسم الثانيالمنهج الدعوي المستخلص من الدراسة

- ‌الفصل الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالداعية

- ‌[الفصل الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالمدعو]

- ‌[الفصل الثالث المنهج الدعوي المتعلق بموضوع الدعوة]

- ‌الفصل الرابع: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل والأساليب

- ‌المبحث الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل

- ‌[المبحث الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالأساليب]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[التوصيات والمقترحات]

الفصل: ‌[حديث لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت]

239 -

‌ باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل

[حديث لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت]

115 -

[3005] حدثنا عبد الله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عباد بن تميم: أن أبا بشير الأنصاري (1) رضي الله عنه أخبر أنه كان مع رسول الله رضي الله عنه في بعض أسفاره، قال عبد الله: حسبت أنه قال: والناس في مبيتهم، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولًا:«لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت» (2).

شرح غريب الحديث: " قلادة من وتر " قيل: أراد بالأوتار: جمع: وتر القوس، أي: لا تجعلوا في أعناقها الأوتار فتختنق؛ لأن الخيل ربما رعت الأشجار فنشبت الأوتار ببعض شعبها فخنقتها. وقيل: إنما نهاهم عنها؛ لأنهم كانوا يعتقدون أن تقليد الخيل بالأوتار يدفع عنها العين والأذى، فتكون كالعوذة لها، فنهاهم وأعلمهم أنها لا تدفع ضررا ولا تصرف حذرًا، ولا ترد من أمر الله شيئًا (3).

الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها: 1 - من ميادين الدعوة: السفر وطرق السير.

(1) أبو بشير الأنصاري الساعدي، ويقال: المازني، ويقال: الحارثي، المدني، مخرج حديثه في الصحيحين من طريق عباد بن تميم، وروى عنه أيضًا ضمرة بن سعيد، وسعيد بن نافع، قيل: اسمه قيس بن عبيد، قال ابن عبد البر: ولا يصح ولا يوقف له على اسم صحيح، وليس في الصحابة أبو بشير غيره، قيل: شهد أحدا وهو غلام، وقيل: شهد الخندق، وقيل: مات سنة الحرة بعد أن عمر طويلًا، وقيل. مات سنة أربعين، قال ابن حجر والصحيح الأول، وأنه مات بعد سنة ستين من أثر جرح بالحرة. انظر. الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 4/ 20، وتهذيب التهذيب له، 12/ 24، وفتح الباري له 6/ 141.

(2)

وأخرجه مسلم في كتاب اللباس والزينة، باب كراهة قلادة الوتر في رقبة البعير، 3/ 1672، برقم 2115.

(3)

انظر: تفسير غريب مما في الصحيحين للحميدي ص 125، ومشارق الأنوار للقاضي عياض، حرف الواو مع التاء، مادة:"وتر" 2/ 278، والنهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب القاف مع اللام، مادة:"قلد" 4/ 99، وباب الواو مع التاء، مادة:"وتر" 5/ 149".

ص: 669

2 -

من وسائل الدعوة: إرسال الرسل.

3 -

من موضوعات الدعوة: التحذير من الشرك ووسائله.

والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:

أولًا: من ميادين الدعوة: السفر وطرق السير: إن السفر وطرق السير من ميادين الدعوة التي استخدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوته؛ ولهذا جاء في هذا الحديث عن عباد بن تميم أن أبا بشير الأنصاري رضي الله عنه أخبره أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولًا:«لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر، أو قلادة إلا قطعت» فظهر أن السفر من ميادين الدعوة إلى الله عز وجل.

فينبغي للداعية أن يعتني بالدعوة إلى الله عز وجل في السفر كما يعتني بها في غيره (1).

ثانيًا: من وسائل الدعوة: إرسال الرسل: لا شك أن إرسال الرسل والدعاة إلى الله عز وجل من أهم وسائل الدعوة خارج البلاد أو في الأماكن البعيدة منها التي لا يصل إليها الدعاة في الغالب، أو في الجمع الكبير الذين لا يسمعون صوت الداعية؛ ولهذا أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولًا يبلغ الناس أن:«لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت» وذكر الإمام ابن عبد البر رحمه الله: "أن الرسول الذي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث هو: زيد بن حارثة رضي الله عنه (2) وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل الرسل، ويبعث البعوث للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى. فينبغي العناية بهذه الوسيلة؛ لأهميتها (3).

ثالثًا: من موضوعات الدعوة: التحذير من الشرك ووسائله: ظهر في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقطع القلائد من الأوتار وغيرها سدًا

(1) انظر: الحديث رقم 47، الدرس الثالث.

(2)

انظر: الاستذكار، لابن عبد البر، 26/ 362، برقم 39962، والتمهيد له، 17/ 159.

(3)

انظر: الحديث رقم 66، الدرس الثالث، ورقم 90، الدرس الثاني.

ص: 670

لأبواب الشرك وقطعا لوسائله؛ ولهذا قال: «لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت» قوله: "أو قلادة" قيل: للتنويع (1) وقيل: للشك (2) ووقع في رواية أبي داود: «لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر ولا قلادة إلا قطعت» (3) فدل ذلك على أنه من عطف العام على الخاص (4) وقد اختلف أهل العلم في المقصود بالأوتار: فقيل: إنهم كانوا يقلدون الإبل أوتار القسي؛ لئلا تصيبها العين، الواحد منه "وتر القوس" (5) فأمروا بقطعها إعلاما بأن الأوتار لا ترد من أمر الله شيئا. وقيل: نهاهم عن ذلك لئلا تختنق الدابة بها عند الركض أو عند الرعي في الأشجار. وقيل: نهاهم عن ذلك، لأنهم كانوا يعلقون فيها الأجراس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه «لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس» (6)؛ ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه الآخر:«الجرس مزامير الشيطان» (7) وقيل: إن الأوتار في هذا الحديث بمعنى طلب الدم والثأر، أي: لا تطلبوا بها ذحول الجاهلية (8) وأنكر الإمام القرطبي وغيره هذا القول الرابع فقال: "يعني بالوتر: وتر القوس ولا معنى لقول من قال: إنه يعني بذلك: الوتر الذي هو الذحل: وهو طلب الثأر؛ لبعده لفظا ومعنى"(9) قلت: والصواب ما قاله الإمام مالك رحمه الله أنهم كانوا يقلدون الإبل أوتار القسي؛ لئلا تصيبها العين، وسمعت العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز حفظه الله يقول: "والصواب أن ذلك النهي في باب الاعتقاد، وخشية العين،

(1) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي 5/ 436، وفتح الباري، لابن حجر، 6/ 341.

(2)

انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي 5/ 436، وشرح النووي على صحيح مسلم 14/ 341.

(3)

سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب في تقليد الخيل بالأوتار، 3/ 24، برقم 2552.

(4)

انظر: فتح الباري، لابن حجر، 6/ 141.

(5)

انظر: موطأ الإمام مالك، 2/ 937، وصحيح مسلم برقم 2115.

(6)

صحيح مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب كراهية الكلب والجرس في السفر، 3/ 1672، برقم 2113.

(7)

المرجع السابق في الكتاب والباب المشار إليهما، 3/ 1672 برقم 2114.

(8)

انظر: أعلام الحديث للخطابي 2/ 1425، والاستذكار لابن عبد البر، 26/ 362 - 365، وتفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 125، والنهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، 4/ 99، وشرح النووي على صحيح مسلم، 1/ 341، وفتح الباري لابن حجر، 6/ 141، وعمدة القاري للعيني 14/ 252، وشرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك 4/ 405.

(9)

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، 5/ 435.

ص: 671

أو المرض، أو الجن، أو غير ذلك من اعتقادات الجاهلية والقلادة من الأوتار: كالتمائم، سواء كانت على الإبل أو الخيل، أما للزينة فلا بأس بها" (1). فينبغي للداعية أن يحذر الناس من الشرك ووسائله؛ قال الله عز وجل:{قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر: 38](2). وقال عز وجل: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106](3). وعن عبد الله بن عكيم مرفوعا: «من تعلق شيئًا وكل إليه» (4) وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعًا: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة (5) فلا ودع الله له» (6) وفي رواية: «من تعلق تميمة فقد أشرك» (7). فينبغي للداعية أن يبين للناس أن تعليق القلائد من الوتر وغيرها من الخيوط والتمائم من وسائل الشرك؛ لأن بعض الناس يظنون أن تعليق ذلك من أسباب السلامة، ولا بد للعبد أن يعرف في الأسباب ثلاثة أمور:

1 -

لا يجعل من الأسباب سببا إلا ما ثبت أنه من الأسباب المشروعة.

2 -

لا يعتمد على الأسباب بل يعتمد على مسببها ومقدرها مع قيام العبد بالمشروع منها وحرصه على النافع منها.

(1) سمعت ذلك من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم 3005 من صحيح البخاري.

(2)

سورة الزمر، الآية:38.

(3)

سورة يوسف، الآية:106.

(4)

الترمذي، كتاب الطب، باب ما جاء في كراهية التعليق، 4/ 403، برقم 3072، والحاكم 4/ 216، وأحمد في المسند 4/ 310، والبيهقي في السنن الكبرى، 9/ 351، وحسنه الألباني في غاية المرام تخريج أحاديث الحلال والحرام ص 181 برقم 297 لشاهده عن الحسن البصري، وأطال في تخريجه وذكر طرقه: الشيخ فريح بن صالح البهلال، في كتاب تخريج أحاديث منتقدة في كتاب التوحيد لابن عبد الوهاب، وأقره العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز على التخريج وقدم له. انظر: ص 25.

(5)

الودع: جمع ودعة، وهي شيء أبيض يجلب من البحر يعلقه المشركون في حلوق الصبيان وغيرهم مخافة العين. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الواو مع الدال، مادة:"ودع" 5/ 168.

(6)

أحمد في المسند، 4/ 154، وأبو يعلى في المسند، 3/ 296، برقم 1759، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي 4/ 417، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 5/ 103:"رواه أحمد والطبراني وأبو يعلى ورجالهم ثقات ".

(7)

أحمد في المسند، 4/ 156، والحاكم، 4/ 219 وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 5/ 103:"رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات".

ص: 672

3 -

يعلم أن الأسباب مهما عظمت وقويت فإنها مرتبطة بقضاء الله وقدره ولا خروج لها عنه، والله يتصرف فيها كيف يشاء إن شاء أبقى سببيتها جارية على مقتضى حكمته؛ ليقوم بها العباد ويعرفوا بذلك مقتضى حكمته حيث ربط المسببات بأسبابها والمعلولات بعللها، وإن شاء غيرها كيف شاء، لئلا يعتمد عليها العباد؛ وليعلموا كمال قدرته.

إذا علم ذلك فمن علق شيئًا أو لبس حلقة أو خيط أو نحو ذلك، قاصدًا بها رفع البلاء بعد نزوله أو دفعه قبل نزوله فقد أشرك شركًا أكبر إذا اعتقد أنها هي الدافعة الرافعة للبلاء. أما إذا اعتقد أن الله هو الدافع الرافع وحده ولكن اعتقدها سببا، يستدفع بها البلاء فقد جعل ما ليس سببا شرعيًا سببا وهذا كذب على الشرع والقدر: فأما الكذب على الشرع؛ فلأن الشرع نهى عن ذلك أشد النهي وما نهى عنه فليس من الأسباب النافعة، وأما القدر؛ فلأن هذا ليس من الأسباب المعهودة ولا غير المعهودة التي يحصل بها المقصود ولا من الأدوية المباحة النافعة، وهو من جملة وسائل الشرك؛ لأن قلبه لا بد أن يتعلق بها، وذلك نوع شرك ووسيلة إليه (1) وهذا كله يؤكد تعليم الناس التوحيد وتحذيرهم من الشرك ووسائله.

(1) انظر: القول السديد في مقاصد التوحيد، حاشية على كتاب التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب، للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي ص 43.

ص: 673