المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حديث أقركم ما أقركم الله] - فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري - جـ ٢

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌ باب يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة

- ‌[حديث إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا]

- ‌ باب السير وحده

- ‌[حديث لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده]

- ‌ باب الجهاد بإذن الأبوين

- ‌[حديث جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال أحي والداك]

- ‌ باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل

- ‌[حديث لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت]

- ‌ بَابُ الجَاسُوسِ

- ‌[حديث انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها]

- ‌ بَابُ الأُسَارَى فِي السَّلَاسِلِ

- ‌[حديث عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل]

- ‌ بَابُ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ، فَيُصَاُب الوِلْدَانُ وَالذَّرَارِيُّ

- ‌[حديث حمى إلا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم]

- ‌ بَابُ قَتْلِ الصِّبْيَانِ فِي الْحَرْبِ

- ‌[حديث إنكار النبي صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان]

- ‌ باب لا يعذب بعذاب الله

- ‌[حديث لا تعذبوا بعذاب الله]

- ‌ بَابٌ

- ‌[حديث أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله]

- ‌ باب حرق الدور والنخيل

- ‌[حديث ألا تريحني من ذي الخلصة]

- ‌ بَابُ قَتْلِ النَّائِمِ المُشْرِكِ

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم رهطا من الأنصار إلى أبي رافع]

- ‌ باب لا تمنوا لقاء العدو

- ‌[حديث لا تمنوا لقاء العدو]

- ‌ باب الحرب خدعة

- ‌[حديث هلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده]

- ‌[حديث تسمية النبي صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة]

- ‌[حديث الحرب خدعة]

- ‌ باب من لا يثبت على الخيل

- ‌[حديث ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي]

- ‌ باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه، حتى يسمع الناس

- ‌[حديث أخذ لقاح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب إذا نزل العدو على حكم رجل]

- ‌[حديث حكم سعد في بني قريظة]

- ‌ بَابُ هل يستأسر الرجل؟ ومن لم يستأسر، وَمَنْ ركَعَ رَكعَتينِ عندَ القتل

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم عشرة رهط سرية]

- ‌ باب فكاك الأسير

- ‌[حديث فكوا العاني وأطعموا الجائع وعودوا المريض]

- ‌ باب الحربِي إِذَا دخَل دار الإسْلامِ بغَيْرِ أمَانٍ

- ‌[حديث أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر]

- ‌ بَابُ كيفَ يُعرَض الإسلامُ على الصّبيّ

- ‌[حديث ذكر الدجال وقوله فيه تعلمون أنه أعور وإن الله ليس بأعور]

- ‌ باب إذا أسلم قوم في دَارِ الحرب ولهُمْ مال وأَرَضُونَ فَهي لهمْ

- ‌[حديث استعمال عمر بن الخطاب مولى له يدعى هنيا ونصيحته له]

- ‌ باب كتابة الإمام الناس

- ‌[حديث اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس]

- ‌ بَاب إِن الله يُؤيِّدُ الدِّين بالرجُل الفاجر

- ‌[حديث قال لرجل ممن يدعي الإسلام هذا من أهل النار]

- ‌ باب من غلب العدو، فأقام على عرصتهم ثلاثا

- ‌[حديث أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال]

- ‌ باب إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم

- ‌[حديث أن ابن عمر ذهب فرس له فأخذه العدو]

- ‌ باب من تكلم بالفارسية والرطنة

- ‌[حديث إن جابرا قد صنع سور فحيهلا بكم]

- ‌[حديث أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي]

- ‌ باب القليل من الغلول

- ‌[حديث كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة]

- ‌ باب لا هجرة بعد الفتح

- ‌[حديث انقطعت الهجرة منذ فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم مكة]

- ‌ باب استقبال الغزاة

- ‌[حديث قول ابن الزبير لابن جعفر أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث ذهبنا نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصبيان إلى ثنية الوداع]

- ‌الفصل الثالث: كتاب الفرائض

- ‌ باب فرض الخمس

- ‌[حديث أن فاطمة سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها]

- ‌[حديث لا نورث ما تركنا صدقة]

- ‌ باب نفقة نساء النّبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

- ‌[حديث توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيته من شيء]

- ‌ باب ما جاء في بيوت أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما نسب من البيوت إليهنّ

- ‌[حديث ها هنا الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان]

- ‌ باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم، وعصاه، وسيفه، وقدحه، وخاتمه وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم يذكر قسمته، ومن شعره، ونعله، وآنيته، ممّا تبرك أصحابه وغيرهم بعد وفاته

- ‌[حديث إخراج أنس نعلين جرداوين لهما قبالان]

- ‌[حديث إخراج عائشة كساء ملبدا وقولها في هذا نزع روح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم كسر]

- ‌[حديث لو كان علي ذاكرا عثمان ذكره يوم جاءه ناس

- ‌ باب الدّليل على أنّ الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمساكين

- ‌[حديث أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحنه]

- ‌ باب قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [

- ‌[حديث إنما أنا قاسم وخازن والله يعطي]

- ‌[حديث إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت]

- ‌[حديث إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق]

- ‌ باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحلّت لكم الغنائم»

- ‌[حديث أحلت لكم الغنائم]

- ‌[حديث غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة]

- ‌ باب بركة الغازي في ماله حيّا وميتا، مع النّبي صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر

- ‌[حديث لما وقف الزبير يوم الجمل دعا ابنه عبد الله]

- ‌ باب إذا بعث الإمام رسولا في حاجة، أو أمره بالمقام، هل يسهم له

- ‌[حديث قوله صلى الله عليه وسلم لعثمان إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه]

- ‌ باب ومن الدّليل على أنّ الخمس لنوائب المسلمين

- ‌[حديث والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم]

- ‌[حديث بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية قبل نجد فيها عبد الله بن عمر]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش]

- ‌[حديث قسم النبي لإصحاب السفينة مع جعفر وأصحابه حين افتتح خيبر]

- ‌[حديث لقد شقيت إن لم أعدل]

- ‌ بَابُ ما مَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الأَسارى من غيرِ أن يخمّسَ

- ‌[حديث قوله في أسارى بدر لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتتركتهم له]

- ‌ باب وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الخُمُسَ لِلإِمَامِ، وأَنهُ يُعْطِي بعض قَرَابَتِهِ دُونَ بعض

- ‌[حديث إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد]

- ‌ باب مَنْ لم يخَمِّس الأَسلابَ وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلا فَله سَلبه من غَير أن يخَمّسَ، وحكم الإمَامِ فيهِ

- ‌[حديث قتل إبي جهل]

- ‌ باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعطي المُؤلفة قلوبهم وغَيْرهم مِنَ الخمس وَنحوِه

- ‌[حديث أسماء كنت أنقل النوى من أرض الزبير

- ‌ باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب

- ‌[حديث استحياء عبد الله بن مغفل من رسول الله]

- ‌[حديث ابن عمر كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه]

- ‌[حديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الأهلية]

- ‌[الفصل الرابع كتاب الجزية والموادعة]

- ‌ باب الجزية والموادعة، مع أهل الذمة والحرب

- ‌[حديث قول عمر فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر]

- ‌[حديث بعثه صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها]

- ‌[حديث بعث عمر الناس في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين]

- ‌[حديث كان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات]

- ‌ بابُ إثم من قتل معاهدا بغير جرم

- ‌[حديث من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة]

- ‌ بابُ إِخْراجِ اليهُودِ من جزيرةِ العرب

- ‌[حديث أقركم ما أقركم الله]

- ‌ بابُ إِذا غدر الْمُشْركُون بِالْمُسْلمين هلْ يُعْفى عنْهمْ

- ‌[حديث لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم]

- ‌ بَاب هَل يُعفَى عنِ الذِّمِّيِّ إذا سَحَر

- ‌[حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئًا ولم يصنعه]

- ‌ باب ما يحذر من الغدر

- ‌[حديث اعدد ستا بين يدي الساعة]

- ‌ باب إثم من عاهد ثم غدر

- ‌[حديث كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارا ولا درهما]

- ‌ باب

- ‌[حديث قول سهل بن حنيف اتهموا رأيكم رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر النبي لرددته]

- ‌ باب إثم الغادر للبر والفاجر

- ‌[حديث لكل غادر لواء يوم القيامة]

- ‌[حديث لكل غادر لواء ينصب لغدرته]

- ‌القسم الثانيالمنهج الدعوي المستخلص من الدراسة

- ‌الفصل الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالداعية

- ‌[الفصل الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالمدعو]

- ‌[الفصل الثالث المنهج الدعوي المتعلق بموضوع الدعوة]

- ‌الفصل الرابع: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل والأساليب

- ‌المبحث الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل

- ‌[المبحث الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالأساليب]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[التوصيات والمقترحات]

الفصل: ‌[حديث أقركم ما أقركم الله]

6 -

‌ بابُ إِخْراجِ اليهُودِ من جزيرةِ العرب

وَقَالَ عُمَرُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أُقركم مَا أَقَرَّكُم الله» .

[حديث أقركم ما أقركم الله]

184 -

[3167] حَدَّثَنَا عبد الله بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ (1) رضي الله عنه قَالَ: «بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجدِ خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "انْطلِقُوا إِلَى يَهُودَ" فَخَرَجْنا حَتَى جِئْنَا بَيْتَ المِدْرَاسِ فَقَال: "أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَرض، فَمَنْ يَجِدْ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئا فَلْيَبِعْهُ، وإِلَّا فَاعلَمُوا أَنَّ الأَرْض لِلَّهِ وَرَسُولِهِ» . (2).

وفي رواية: «فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَنَادَاهُمْ: "يَا مَعْشَرَ يَهُودَ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا" فَقَالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ يَا أبا الْقَاسِم، فَقَالَ: "ذَلِكَ أُرِيدُ"، ثُمَّ قَالَهَا الثَّانِيَةَ. فَقَالُوا: قَدْ بلَغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، ثُم قَالَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: " اعْلَمُوا أَنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ» (3).

* شرح غريب الحديث: * " بيت المدراس "المدراس: صاحب دراسة كتب اليهود، وبيت المدراس: البيت الذي يدرسون فيه (4).

* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:

1 -

من ميادين الدعوة: المسجد.

2 -

من وسائل الدعوة: إرسال الدعاة.

3 -

من موضوعات الدعوة: الحض على الدخول في الإِسلام.

(1) تقدمت ترجمته في الحديث رقم: 7.

(2)

[الحديث 3167] طرفاه في: كتاب الإكراه، باب في بيع المكره ونحوه في الحق وغيره، 8/ 71، برقم 6944، وكتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قوله تعالى: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [العنكبوت: 46]، 8/ 197، برقم 7348، وأخرجه مسلم، في كتاب الجهاد والسير، باب إجلاء اليهود من الحجاز 3/ 1387، برقم 1765.

(3)

الطرف رقم: 6944.

(4)

انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الدال مع الراء، مادة:"درس " 2/ 113.

ص: 1022

4 -

من أساليب الدعوة: الجدل بالتي هي أحسن.

5 -

من موضوعات الدعوة: الحض على إخراج المشركين من جزيرة العرب.

6 -

من صفات الداعية: الفصاحة والبلاغة.

7 -

من أساليب الدعوة: الترغيب.

8 -

أهمية أسلوب التأكيد بالتكرار.

9 -

من أصناف المدعوين: اليهود.

10 -

من صفات اليهود: المكر والخديعة.

والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:

أولا: من ميادين الدعوة: المسجد: دل هذا الحديث على أن من ميادين الدعوة إلى الله عز وجل المسجد؛ لقول أبي هريرة رضي الله عنه: بينما نحن في المسجد خرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "انطلقوا إلى يهود"، وهذا يؤكد أهمية الدعوة إلى الله في المسجد؛ لأنه من أعظم الميادين النافعة، لما جعل الله في المساجد من البركة، والاستفادة من العلم، وغير ذلك مما يختص بالدين ونشره وتعلمه وتعليمه، والله ولى التوفيق (1).

ثانيا: من وسائل الدعوة: إرسال الدعاة: ظهر في هذا الحديث أن إرسال الدعاة من وسائل الدعوة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة: "انطلقوا إلى يهود"، فينبغي العناية بإرسال الدعاة إلى الله عز وجل؛ لنشر العلم بين الناس، وتبليغ الإِسلام إلى كافة الناس، والله المستعان (2).

ثالثا: من موضوعات الدعوة: الحض على الدخول في الإسلام:

إن دعوة غير المسلمين وحضهم على الدخول في الإِسلام من أعظم الواجبات، وأعلى الثواب في رفع الدرجات؛ ولهذا حض النبي صلى الله عليه وسلم جميع البشر على الدخول في الإسلام، ومن ذلك حض اليهود وأمرهم بالدخول في دين الله عز وجل فقال:

(1) انظر: الحديث رقم 76، الدرس الثاني.

(2)

انظر: الحديث رقم 66، الدرس الثالث، ورقم 90، الدرس الثاني.

ص: 1023

«يا معشر يهود أسلموا تسلموا، واعلموا أن الأرض لله ورسوله» ، وهذا فيه بيان واضح على أن الحض على الدخول في الإِسلام من أهم المهمات.

فينبغي للداعية أن يعتني بدعوة الناس إلى الإِسلام، وبيان محاسنه وخصائصه؛ لترغيب الناس فيه، ولا شك أن أول ما يبدأ الداعية به لدعوة الناس إلى الدخول في الإِسلام: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، فإن هم انقادوا لذلك فحينئذٍ يبدأ معهم بالتدرج في تعليم شرائع الإِسلام وأخلاقه (1).

رابعا: من أساليب الدعوة: الجدل بالتي هي أحسن: إن من أهم الأساليب مع المعاندين المجادلة بالتي هي أحسن؛ ولهذا جادل النبي صلى الله عليه وسلم اليهود فقال: «يا معشر يهود أسلموا تسلموا"، فقالوا: قد بلغت يا أبا القاسم، فقال "ذلك أريد» ، ثم قالها الثانية، فقالوا: قد بلغت يا أبا القاسم، ثم قالها الثالثة، وهذا فيه مجادلة بالتي هي أحسن؛ وقد ذكر ابن حجر رحمه الله في فوائد هذا الحديث:"أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغ اليهود، ودعاهم إلى الإِسلام والاعتصام به، فقالوا بلغت ولم يذعنوا لطاعته، فبالغ في تبليغهم وكرره، وهذه مجادلة بالتي هي أحسن "(2) وهذا يؤكد أهمية الجدل بالتي هي أحسن (3).

خامسا: من موضوعات الدعوة: الحض علي إخراج المشركين من جزيرة العرب: إخراج المشركين من جزيرة العرب أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته، وقد ظهر في هذا الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم لليهود:«إني أريد أن أجليكم من هذه الأرض، فمن يجد " (4) منكم بماله شيئا فليبعه وإلا فاعلموا أن الأرض لله ورسوله» ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قبل موته بثلاثة أيام:«أوصيكم بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم»

(1) انظر: الحديث رقم 90، الدرس الأول، والدرس الثاني، ورقم 92، الدرس السابع والدرس الثامن.

(2)

انظر: فتح الباري لابن حجر، 13/ 315.

(3)

انظر: الحديث رقم 129، الدرس الرابع، ورقم 162، الدرس السادس.

(4)

فمن يجد منكم بماله " من الوجدان: أي يجد مشتريا، أو من الوجد: أي المحبة: أي يحبه، والغرض "أن منهم من يشق عليه فراق شيءٍ من ماله، مما يعسر تحويله فقد أذن له في بيعه "، فتح الباري لابن حجر، 6/ 271.

ص: 1024

وسكت عن الثالثة أو أنسِيهَا (1) وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلما» (2) وجزيرة العرب التي يُخْرَجُ منها المشركون هي: ما بين أقصى عدن اليمن إلى ريف العراق في الطول، وأما في العرض فمن جدة وما والاها إلى أطراف الشام، وقيل لها جزيرة العرب؛ لأن بحر الحبش، وبحر فارس، ودجلة والفرات قد أحاطت بها، وأضيفت إلى العرب؛ لأنها الأرض التي كانت بأيديهم قبل الإِسلام (3).

فينبغي إنفاذ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أنفذها عمر رضي الله عنه في خلافته (4) ولا يمنع الكفار من التردد مسافرين في جزيرة العرب، ولا يمكنوا من الإِقامة فيها أكثر من ثلاثة أيام إلا لضرورة رآها ولي أمر المسلمين بدون إقامة دائمة، وإنما مؤقتة ثم يُخرجون بعد زوال الضرورة المحددة (5).

وسمعت العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز حفظه الله يقول: "الواجب إخراج الكفرة من هذه الجزيرة، إلا إذا دخل لحاجة، كرسول لدولته، أو لبيع شيء وليس معه إقامة، فيبقى ثلاثة أيام أو نحوها ثم يخرج"(6) وسمعته حفظه الله يقول: "فعلى المسلمين أن لا يستقدموا الكفار، بل يستقدموا المسلمين، إلا إذا احتاج ولي الأمر لاستقدامهم للضرورة لبعض الأعمال، فليكن ذلك وقت الضرورة ثم يرجعوا إلى بلادهم "(7) وهذا وما قبله يؤكد أهمية التحريض على إخراج المشركين من جزيرة العرب، إنفاذا لوصية

(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الجزية والموادعة، باب إخراج اليهود من جزيرة العرب، 4/ 78، برقم 3168، ومسلم كتاب الوصية، 3/ 257، برقم 1637.

(2)

مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، 3/ 1388، برقم 1767.

(3)

انظر: معالم السنن للخطابي 4/ 246، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي 3/ 589، وشرح النووي على صحيح مسلم، 11/ 102.

(4)

انظر: فتح الباري لابن حجر، 6/ 171.

(5)

انظر: شرح النووي على صحيح مسلم 11/ 103، وفتح الباري لابن حجر 6/ 271 - 272، 8/ 134.

(6)

سمعت ذلك من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم 3167 من صحيح البخاري، في جامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض.

(7)

سمعت ذلك من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم 4431 من صحيح البخاري، في فجر يوم الخميس 19/ 10 / 1416 هـ، في جامع الإِمام تركي بن عبد الله "الجامع الكبير" بالرياض.

ص: 1025

رسول الله صلى الله عليه وسلم. والله المستعان وعليه التكلان (1).

سادسا: من صفات الداعية: الفصاحة والبلاغة: الفصاحة والبلاغة من الصفات الجميلة التي يجمل أن يتصف بها الداعية، وقد ظهر هذا الأسلوب في الحديث، لقوله صلى الله عليه وسلم لليهود:"أسلموا تسلموا" قال الإِمام النووي رحمه الله: "وفي هذا الحديث استحباب تجنيس الكلام، وهو من بديع الكلام، وأنواع الفصاحة"(2) وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وقوله صلى الله عليه وسلم: «أسلموا تسلموا» من الجناس الحسن؛ لسهولة لفظه وعدم تكلفه" (3) وهذا يبيِّن أهمية الفصاحة للداعية في الدعوة إلى الله عز وجل (4).

سابعا: من أساليب الدعوة: الترغيب: الترغيب في الدخول في الإِسلام بالوعد بالخير والسلامة من الشر من أساليب الدعوة الناجحة، وقد استخدمه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فقال لليهود:«أسلموا تسلموا» ، قال الإِمام القرطبي رحمه الله:"أي: ادخلوا في دين الإِسلام طائعين تسلموا من القتل والسباء مأجورين "(5) وهذا يؤكد أهمية أسلوب الترغيب (6).

ثامنا: أهمية أسلوب التأكيد بالتكرار: إن التكرار من الأساليب الجميلة التي ينبغي للداعية أن يستخدمها في دعوته إلى الله عز وجل، وقد ظهر هذا الأسلوب في هذا الحديث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لليهود:«أسلموا تسلموا» ، ثم كرر ذلك ثلاث مرات؛ قال الحافظ ابن حجر

(1) انظر: معالم السنن للخطابي 4/ 246، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 3/ 587 - 589، وشرح النووي على صحيح مسلم 11/ 102 - 203 و 12/ 335، وفتح الباري لابن حجر، 6/ 170 - 171 و 6/ 270 - 272، و 8/ 132 - 135.

(2)

شرح النووي على صحيح مسلم، 12/ 333.

(3)

فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 6/ 271، وانظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 3/ 587.

(4)

انظر: الحديث رقم 53، 54، 55، الدرس الثاني، ورقم 58، الدرس السابع عشر.

(5)

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، 3/ 587.

(6)

انظر: الحديث رقم 7، الدرس الرابع عشر، ورقم 8، الدرس الرابع.

ص: 1026

رحمه الله: "بَلّغ اليهود ودعاهم إلى الإِسلام والاعتصام به، فقالوا: بلغت، ولم يذعنوا لطاعته، فبالغ في تبليغهم وكرره "(1) وهذا يدل على حرصه صلى الله عليه وسلم على هدايتهم، ولكن الله يهدي من يشاء (2).

تاسعا: من أصناف المدعوين: اليهود: دل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أسلموا تسلموا» على أن اليهود من أمة الدعوة، فينبغي العناية بدعوتهم على حسب الطرق الحكيمة في دعوتهم، والله الهادي إلى سواء السبيل (3).

عاشرا: من صفات اليهود: المكر والخديعة: ظهر في هذا الحديث مكر اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه قال لهم: "أسلموا تسلموا"، فقالوا: قد بلغت يا أبا القاسم، فقال:"ذلك أريد"، فكرر فكرروا، حتى قال ذلك ثلاث مرات. وقولهم:"قد بلغت يا أبا القاسم " كلمة مكر وخديعة تحمل العداوة المستترة؛ قال الإِمام القرطبي رحمه الله: "قولهم: قد بلغت يا أبا القاسم: كلمة مكر وخديعة، ومداجاة؛ (4) ليُدافعوه بما يوهمه ظاهرها، وذلك: أن ظاهرها يقتضي أنه قد بلغ رسالة ربه تعالى؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذلك أريد"، أي التبليغ، قالوا ذلك وقلوبهم منكرة، مكذبة"(5) وهذا فيه تحذير من مكر اليهود وغدرهم؛ قال الله عز وجل: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: 82](6) * * * *

(1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 13/ 315.

(2)

انظر: الحديث رقم 4، الدرس الخامس، ورقم 7، الدرس الثاني عشر.

(3)

انظر: الحديث رقم 89، الدرس العاشر، ورقم 92، الدرس الرابع عشر.

(4)

المداجاة: المداراة، يقال: داجيته: أي داريته وكأنك ساترته العداوة، ويقال: داجى الرجل: ساتره بالعداوة وأخفاها عنه، فكأنه أتاه في الظلمة. لسان العرب لابن منظور، باب الواو، فصل الدال، 14/ 250.

(5)

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، 3/ 588، وانظر: فتح الباري لابن حجر، 6/ 271.

(6)

سورة المائدة، الآية:82.

ص: 1027