المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حديث أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحنه] - فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري - جـ ٢

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌ باب يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة

- ‌[حديث إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا]

- ‌ باب السير وحده

- ‌[حديث لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده]

- ‌ باب الجهاد بإذن الأبوين

- ‌[حديث جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال أحي والداك]

- ‌ باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل

- ‌[حديث لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت]

- ‌ بَابُ الجَاسُوسِ

- ‌[حديث انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها]

- ‌ بَابُ الأُسَارَى فِي السَّلَاسِلِ

- ‌[حديث عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل]

- ‌ بَابُ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ، فَيُصَاُب الوِلْدَانُ وَالذَّرَارِيُّ

- ‌[حديث حمى إلا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم]

- ‌ بَابُ قَتْلِ الصِّبْيَانِ فِي الْحَرْبِ

- ‌[حديث إنكار النبي صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان]

- ‌ باب لا يعذب بعذاب الله

- ‌[حديث لا تعذبوا بعذاب الله]

- ‌ بَابٌ

- ‌[حديث أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله]

- ‌ باب حرق الدور والنخيل

- ‌[حديث ألا تريحني من ذي الخلصة]

- ‌ بَابُ قَتْلِ النَّائِمِ المُشْرِكِ

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم رهطا من الأنصار إلى أبي رافع]

- ‌ باب لا تمنوا لقاء العدو

- ‌[حديث لا تمنوا لقاء العدو]

- ‌ باب الحرب خدعة

- ‌[حديث هلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده]

- ‌[حديث تسمية النبي صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة]

- ‌[حديث الحرب خدعة]

- ‌ باب من لا يثبت على الخيل

- ‌[حديث ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي]

- ‌ باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه، حتى يسمع الناس

- ‌[حديث أخذ لقاح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب إذا نزل العدو على حكم رجل]

- ‌[حديث حكم سعد في بني قريظة]

- ‌ بَابُ هل يستأسر الرجل؟ ومن لم يستأسر، وَمَنْ ركَعَ رَكعَتينِ عندَ القتل

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم عشرة رهط سرية]

- ‌ باب فكاك الأسير

- ‌[حديث فكوا العاني وأطعموا الجائع وعودوا المريض]

- ‌ باب الحربِي إِذَا دخَل دار الإسْلامِ بغَيْرِ أمَانٍ

- ‌[حديث أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر]

- ‌ بَابُ كيفَ يُعرَض الإسلامُ على الصّبيّ

- ‌[حديث ذكر الدجال وقوله فيه تعلمون أنه أعور وإن الله ليس بأعور]

- ‌ باب إذا أسلم قوم في دَارِ الحرب ولهُمْ مال وأَرَضُونَ فَهي لهمْ

- ‌[حديث استعمال عمر بن الخطاب مولى له يدعى هنيا ونصيحته له]

- ‌ باب كتابة الإمام الناس

- ‌[حديث اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس]

- ‌ بَاب إِن الله يُؤيِّدُ الدِّين بالرجُل الفاجر

- ‌[حديث قال لرجل ممن يدعي الإسلام هذا من أهل النار]

- ‌ باب من غلب العدو، فأقام على عرصتهم ثلاثا

- ‌[حديث أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال]

- ‌ باب إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم

- ‌[حديث أن ابن عمر ذهب فرس له فأخذه العدو]

- ‌ باب من تكلم بالفارسية والرطنة

- ‌[حديث إن جابرا قد صنع سور فحيهلا بكم]

- ‌[حديث أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي]

- ‌ باب القليل من الغلول

- ‌[حديث كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة]

- ‌ باب لا هجرة بعد الفتح

- ‌[حديث انقطعت الهجرة منذ فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم مكة]

- ‌ باب استقبال الغزاة

- ‌[حديث قول ابن الزبير لابن جعفر أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث ذهبنا نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصبيان إلى ثنية الوداع]

- ‌الفصل الثالث: كتاب الفرائض

- ‌ باب فرض الخمس

- ‌[حديث أن فاطمة سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها]

- ‌[حديث لا نورث ما تركنا صدقة]

- ‌ باب نفقة نساء النّبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

- ‌[حديث توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيته من شيء]

- ‌ باب ما جاء في بيوت أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما نسب من البيوت إليهنّ

- ‌[حديث ها هنا الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان]

- ‌ باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم، وعصاه، وسيفه، وقدحه، وخاتمه وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم يذكر قسمته، ومن شعره، ونعله، وآنيته، ممّا تبرك أصحابه وغيرهم بعد وفاته

- ‌[حديث إخراج أنس نعلين جرداوين لهما قبالان]

- ‌[حديث إخراج عائشة كساء ملبدا وقولها في هذا نزع روح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم كسر]

- ‌[حديث لو كان علي ذاكرا عثمان ذكره يوم جاءه ناس

- ‌ باب الدّليل على أنّ الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمساكين

- ‌[حديث أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحنه]

- ‌ باب قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [

- ‌[حديث إنما أنا قاسم وخازن والله يعطي]

- ‌[حديث إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت]

- ‌[حديث إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق]

- ‌ باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحلّت لكم الغنائم»

- ‌[حديث أحلت لكم الغنائم]

- ‌[حديث غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة]

- ‌ باب بركة الغازي في ماله حيّا وميتا، مع النّبي صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر

- ‌[حديث لما وقف الزبير يوم الجمل دعا ابنه عبد الله]

- ‌ باب إذا بعث الإمام رسولا في حاجة، أو أمره بالمقام، هل يسهم له

- ‌[حديث قوله صلى الله عليه وسلم لعثمان إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه]

- ‌ باب ومن الدّليل على أنّ الخمس لنوائب المسلمين

- ‌[حديث والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم]

- ‌[حديث بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية قبل نجد فيها عبد الله بن عمر]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش]

- ‌[حديث قسم النبي لإصحاب السفينة مع جعفر وأصحابه حين افتتح خيبر]

- ‌[حديث لقد شقيت إن لم أعدل]

- ‌ بَابُ ما مَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الأَسارى من غيرِ أن يخمّسَ

- ‌[حديث قوله في أسارى بدر لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتتركتهم له]

- ‌ باب وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الخُمُسَ لِلإِمَامِ، وأَنهُ يُعْطِي بعض قَرَابَتِهِ دُونَ بعض

- ‌[حديث إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد]

- ‌ باب مَنْ لم يخَمِّس الأَسلابَ وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلا فَله سَلبه من غَير أن يخَمّسَ، وحكم الإمَامِ فيهِ

- ‌[حديث قتل إبي جهل]

- ‌ باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعطي المُؤلفة قلوبهم وغَيْرهم مِنَ الخمس وَنحوِه

- ‌[حديث أسماء كنت أنقل النوى من أرض الزبير

- ‌ باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب

- ‌[حديث استحياء عبد الله بن مغفل من رسول الله]

- ‌[حديث ابن عمر كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه]

- ‌[حديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الأهلية]

- ‌[الفصل الرابع كتاب الجزية والموادعة]

- ‌ باب الجزية والموادعة، مع أهل الذمة والحرب

- ‌[حديث قول عمر فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر]

- ‌[حديث بعثه صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها]

- ‌[حديث بعث عمر الناس في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين]

- ‌[حديث كان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات]

- ‌ بابُ إثم من قتل معاهدا بغير جرم

- ‌[حديث من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة]

- ‌ بابُ إِخْراجِ اليهُودِ من جزيرةِ العرب

- ‌[حديث أقركم ما أقركم الله]

- ‌ بابُ إِذا غدر الْمُشْركُون بِالْمُسْلمين هلْ يُعْفى عنْهمْ

- ‌[حديث لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم]

- ‌ بَاب هَل يُعفَى عنِ الذِّمِّيِّ إذا سَحَر

- ‌[حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئًا ولم يصنعه]

- ‌ باب ما يحذر من الغدر

- ‌[حديث اعدد ستا بين يدي الساعة]

- ‌ باب إثم من عاهد ثم غدر

- ‌[حديث كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارا ولا درهما]

- ‌ باب

- ‌[حديث قول سهل بن حنيف اتهموا رأيكم رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر النبي لرددته]

- ‌ باب إثم الغادر للبر والفاجر

- ‌[حديث لكل غادر لواء يوم القيامة]

- ‌[حديث لكل غادر لواء ينصب لغدرته]

- ‌القسم الثانيالمنهج الدعوي المستخلص من الدراسة

- ‌الفصل الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالداعية

- ‌[الفصل الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالمدعو]

- ‌[الفصل الثالث المنهج الدعوي المتعلق بموضوع الدعوة]

- ‌الفصل الرابع: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل والأساليب

- ‌المبحث الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل

- ‌[المبحث الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالأساليب]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[التوصيات والمقترحات]

الفصل: ‌[حديث أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحنه]

6 -

‌ باب الدّليل على أنّ الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمساكين

وإيثار النّبي صلى الله عليه وسلم أهل الفاقّة والأرامل، حين سألته فاطمة وشكت إليه الطّحن والرّحى أن يخدمها من السّبي فوكلها إلي الله.

[حديث أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحنه]

155 -

[3113] حدّثنا بدل بن المحبّر: أخبرنا شعبة: أخبرني الحكم قال: سمعت ابن أبي ليلى: أخبرنا عليّ (1).

«أنّ فاطمة (2) عليها السلام اشتكت ما تلقى من الرّحى ممّا تطحنه، فبلغها أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بسبي، فأتته تسأله خادما فلم توافقه، فذكرت لعائشة، فجاء النّبيّ صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك عائشة له، فأتانا وقد دخلنا مضاجعنا فذهبنا لنقوم فقال: "على مكانكما"، حتّى وجدت برد قدمه على صدري، فقال: "ألا أدلكما على خير ممّا سألتماه؛ إذا أخذتما مضاجعكما فكبّرا الله أربعا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين، وسبّحا ثلاثا وثلاثين، فإنّ ذلك خير ممّا سألتماه» (3).

وفي رواية: "فذهبت لأقوم فقال: «على مكانكما» فقعد بيننا حتّى وجدت برد قدميه على صدري. . "(4).

وفي رواية: «إذا أخذتما مضاجعكما أو أويتما إلى فراشكما فسبّحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين، وكبّرا أربعا وثلاثين» (5).

وفي رواية: "عن عليّ بن أبي طالب: «أنّ فاطمة عليها السلام أتت النّبيّ صلى الله عليه وسلم تسأله خادما فقال: "ألا أخبرك ما هو خير لك منه: تسبّحين عند منامك ثلاثا وثلاثين،

(1) علي بن أبي طالب رضي الله عنه، تقدمت ترجمته في الحديث رقم 77.

(2)

تقدمت ترجمتها في الحديث رقم 147.

(3)

[الحديث 3113] أطرافه في: كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبي الحسن رضي الله عنه، 4/ 250، برقم 3705. وكتاب النفقات، باب عمل المرأة في بيت زوجها، 6/ 236، برقم 5361. وكتاب النفقات، باب خادم المرأة، 6/ 236، برقم 5362. وكتاب الدعوات، باب التكبير والتسبيح عند المنام، 7/ 192، برقم 6318. وأخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التسبيح أول النهار وعند النوم، 4/ 2091، برقم 2727.

(4)

من الطرف رقم 3705.

(5)

من الطرف رقم: 5361.

ص: 878

وتحمدين ثلاثا وثلاثين، وتكبرين الله أربعا وثلاثين»، ثمّ قال سفيان إحداهنّ أربع وثلاثون فما تركتها بعد. قيل: ولا ليلة صفّين؛ قال: ولا ليلة صفّين" (1).

* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:

1 -

من صفات الداعية: الصبر على الابتلاء.

2 -

من صفات الداعية: التواضع.

3 -

أهمية أسلوب السؤال والجواب في الدعوة إلى الله عز وجل.

4 -

من موضوعات الدعوة: تعليم الأذكار المشروعة.

5 -

من صفات الداعية: الرحمة.

6 -

من أصناف المدعوين: الأهل والأقارب.

7 -

أهمية الحرص على المداومة على العمل الصالح.

والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:

أولا: من صفات الداعية: الصبر على الابتلاء: الصبر على الابتلاء والامتحان والاختبار من صفات الداعية؛ ولهذا صبرت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم على التعب، ومشقة الرحى والطحن، وهي سيدة النساء بنت سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر القرطبي وابن حجر رحمهما الله أن في هذا الحديث من الفوائد: ما كان عليه السلف الصالح من شظف العيش وقلة الشيء، وشدة الحال، وأن الله حماهم الدنيا مع إمكان ذلك صيانة لهم من تبعاتها، وتلك سنة أكثر الأنبياء، والأولياء (2) فإذا كان هؤلاء صبروا فينبغي التأسي بهم والصبر على الابتلاء؛ أسأل الله لي ولجميع المسلمين العافية في الدنيا والآخرة (3).

(1) من الطرف رقم 5362.

(2)

انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 7/ 54، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر، 11/ 124.

(3)

انظر: الحديث رقم 9، الدرس الثامن، ورقم 66، الدرس الأول.

ص: 879

ثانيا: من صفات الداعية: التواضع: دل هذا الحديث على عظم تواضع النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا ذهب بنفسه في وقت النوم والراحة إلى بنته فاطمة وعلي رضي الله عنهما، ليعلمهما ما ينفعهما، فينبغي للداعية أن يكون متواضعا تأسّيا برسول الله صلى الله عليه وسلم (1).

ثالثا: أهمية أسلوب السؤال والجواب في الدعوة إلى الله عز وجل: ظهر في هذا الحديث أهمية أسلوب السؤال والجواب؛ لاستخدام النبي صلى الله عليه وسلم له بقوله لعلي وفاطمة رضي الله عنهما: «ألا أدلكم على خير مما سألتماه" ثم أخبرهما ودلهما على ذلك فقال: "إذا أخذتما مضاجعكما فكبّرا الله أربعا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين، وسبحا ثلاثا وثلاثين؛ فإن ذلك خير مما سألتماه» ، فالنبي صلى الله عليه وسلم سألهما؛ ليشد الانتباه، ثم أجابهما صلى الله عليه وسلم بعد أن أحضرا ذهنيهما، وهذا يؤكد أهمية السؤال والجواب في الدعوة إلى الله عز وجل (2).

رابعا: من موضوعات الدعوة: تعليم الأذكار المشروعة: لاشك أن من أعظم الموضوعات في الدعوة إلى الله عز وجل تعليم الناس الأذكار المشروعة؛ لأن بها ترفع الدرجات، ويبارك الله عز وجل في الأوقات، ويحفظ بها العبد المسلم من الشياطين، ويزيد الله بها في النشاط والقوة على الطاعات والأعمال، وبها تطمئن القلوب كما قال الله عز وجل:{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28](3).

وقد دل هذا الحديث على مشروعية تعليم الأذكار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي وفاطمة رضي الله عنهما: «إذا أخذتما مضاجعكما فكبّرا الله أربعا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين، وسبحا ثلاثا وثلاثين، فإن ذلك خير مما سألتماه» . قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "ويستفاد من الحديث أن الذي يلازم ذكر الله يعطى قوة أعظم من القوة التي يعملها له الخادم، أو تسهّل الأمور عليه بحيث يكون تعاطيه أموره أسهل من تعاطي الخادم

(1) انظر: الحديث رقم 62، الدرس الثالث.

(2)

انظر: الحديث رقم 58، الدرس الثالث، ورقم 110، الدرس الرابع، ورقم 14، الدرس الرابع.

(3)

سورة الرعد، الآية:28.

ص: 880

لها" (1) وقال العلامة الملا علي القاري: "كأن قراءة هذه الأذكار تزيل تعب خدمة النهار والآلام" (2) وسمعت العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز حفظه الله يقول: "وهذا يدل على أن الذكر يعين ويستعان به على كل الأمور" (3) وهذا يؤكد تعليم الأذكار المشروعة للمدعوين على حسب الأحوال، والأوراد، والأوقات، والمناسبات التي تشرع فيها الأذكار (4).

خامسا: من صفات الداعية: الرحمة: إن الرحمة من أعظم الصفات التي ينبغي للداعية أن يتحلىّ بها؛ ولهذا ظهرت رحمة النبي صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة رضي الله عنها في هذا الحديث، وذلك أنه عندما أخبرته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن فاطمة رضي الله عنها جاءت تسأل خادما، فذهب النبي إلى فاطمة وقت الراحة والنوم رحمة بها وشفقة عليها، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:"وفيه بيان غاية التعطف والشفقة على البنت والصهر"(5) وهذا يوضح ويؤكد أهمية الرحمة والشفقة على الأقارب، والمدعوين. (6).

سادسا: من أصناف المدعوين: الأهل والأقارب: دعوة الأقربين من أهم المهمات وأعظم القربات، وأولى الواجبات؛ ولهذا اعتنى النبي صلى الله عليه وسلم بتعليم ابنته فاطمة رضي الله عنها وابن عمه وصهره علي رضي الله عنه هذا الذكر العظيم:"إذا «أخذتما مضاجعكما فكبرا الله أربعا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين، وسبحا ثلاثا وثلاثين»، فنفعهما الله به، ونفع به المخلصين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "يستفاد من هذا الحديث حمل

(1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 9/ 506، وانظر: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للملا علي القاري 5/ 233.

(2)

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، 5/ 233.

(3)

سمعت ذلك من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم 3113 من صحيح البخاري، في جامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض.

(4)

انظر: الحديث رقم 36، الدرس الثامن.

(5)

فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 11/ 124.

(6)

انظر: الحديث رقم 5، الدرس الأول، ورقم 9، الدرس الثالث، ورقم 50، الدرس الرابع.

ص: 881

الإنسان أهله على ما يحمل عليه نفسه من التقلل والزهد في الدنيا، والقنوع بما أعد الله لأوليائه الصابرين في الآخرة" (1).

وهذا يؤكد العناية بدعوة الأهل والأقارب وأنهم من أصناف المدعوين الذين ينبغي أن يعتني بهم الداعية عناية خاصة (2)؛ لأن الله عز وجل قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6](3).

سابعا: أهمية الحرص على المداومة على العمل الصالح: ظهر في هذا الحديث أهمية الحرص على المداومة على العمل الصالح وملازمته في الشدة والرخاء؛ ولهذا قال علي رضي الله عنه: "فما تركتها بعد" أي لم يترك جملة التسبيح والتحميد والتكبير بالعدد المذكور بعد أن سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل له: ولا ليلة صفين؛ قال: "ولا ليلة صفين"، وهذا فيه منقبة لعلي رضي الله عنه؛ فقد داوم على هذا العمل الصالح، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:"وفيه أن من واظب على الذكر عند النوم لم يصبه إعياء؛ لأن فاطمة شكت التعب من العمل فأحالها صلى الله عليه وسلم على ذلك"(4) وهذا يؤكد أهمية قيمة المداومة على العمل الصالح. (5).

(1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 6/ 216، وانظر: 11/ 124.

(2)

انظر: الحديث رقم 7، الدرس الأول، ورقم 36، الدرس الخامس.

(3)

سورة التحريم، الآية:6.

(4)

فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 11/ 125.

(5)

انظر: الحديث رقم 9، الدرس الخامس عشر، ورقم 18، الدرس السادس.

ص: 882