المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حديث قسم النبي لإصحاب السفينة مع جعفر وأصحابه حين افتتح خيبر] - فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري - جـ ٢

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌ باب يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة

- ‌[حديث إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا]

- ‌ باب السير وحده

- ‌[حديث لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده]

- ‌ باب الجهاد بإذن الأبوين

- ‌[حديث جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال أحي والداك]

- ‌ باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل

- ‌[حديث لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت]

- ‌ بَابُ الجَاسُوسِ

- ‌[حديث انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها]

- ‌ بَابُ الأُسَارَى فِي السَّلَاسِلِ

- ‌[حديث عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل]

- ‌ بَابُ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ، فَيُصَاُب الوِلْدَانُ وَالذَّرَارِيُّ

- ‌[حديث حمى إلا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم]

- ‌ بَابُ قَتْلِ الصِّبْيَانِ فِي الْحَرْبِ

- ‌[حديث إنكار النبي صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان]

- ‌ باب لا يعذب بعذاب الله

- ‌[حديث لا تعذبوا بعذاب الله]

- ‌ بَابٌ

- ‌[حديث أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله]

- ‌ باب حرق الدور والنخيل

- ‌[حديث ألا تريحني من ذي الخلصة]

- ‌ بَابُ قَتْلِ النَّائِمِ المُشْرِكِ

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم رهطا من الأنصار إلى أبي رافع]

- ‌ باب لا تمنوا لقاء العدو

- ‌[حديث لا تمنوا لقاء العدو]

- ‌ باب الحرب خدعة

- ‌[حديث هلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده]

- ‌[حديث تسمية النبي صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة]

- ‌[حديث الحرب خدعة]

- ‌ باب من لا يثبت على الخيل

- ‌[حديث ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي]

- ‌ باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه، حتى يسمع الناس

- ‌[حديث أخذ لقاح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب إذا نزل العدو على حكم رجل]

- ‌[حديث حكم سعد في بني قريظة]

- ‌ بَابُ هل يستأسر الرجل؟ ومن لم يستأسر، وَمَنْ ركَعَ رَكعَتينِ عندَ القتل

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم عشرة رهط سرية]

- ‌ باب فكاك الأسير

- ‌[حديث فكوا العاني وأطعموا الجائع وعودوا المريض]

- ‌ باب الحربِي إِذَا دخَل دار الإسْلامِ بغَيْرِ أمَانٍ

- ‌[حديث أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر]

- ‌ بَابُ كيفَ يُعرَض الإسلامُ على الصّبيّ

- ‌[حديث ذكر الدجال وقوله فيه تعلمون أنه أعور وإن الله ليس بأعور]

- ‌ باب إذا أسلم قوم في دَارِ الحرب ولهُمْ مال وأَرَضُونَ فَهي لهمْ

- ‌[حديث استعمال عمر بن الخطاب مولى له يدعى هنيا ونصيحته له]

- ‌ باب كتابة الإمام الناس

- ‌[حديث اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس]

- ‌ بَاب إِن الله يُؤيِّدُ الدِّين بالرجُل الفاجر

- ‌[حديث قال لرجل ممن يدعي الإسلام هذا من أهل النار]

- ‌ باب من غلب العدو، فأقام على عرصتهم ثلاثا

- ‌[حديث أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال]

- ‌ باب إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم

- ‌[حديث أن ابن عمر ذهب فرس له فأخذه العدو]

- ‌ باب من تكلم بالفارسية والرطنة

- ‌[حديث إن جابرا قد صنع سور فحيهلا بكم]

- ‌[حديث أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي]

- ‌ باب القليل من الغلول

- ‌[حديث كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة]

- ‌ باب لا هجرة بعد الفتح

- ‌[حديث انقطعت الهجرة منذ فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم مكة]

- ‌ باب استقبال الغزاة

- ‌[حديث قول ابن الزبير لابن جعفر أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث ذهبنا نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصبيان إلى ثنية الوداع]

- ‌الفصل الثالث: كتاب الفرائض

- ‌ باب فرض الخمس

- ‌[حديث أن فاطمة سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها]

- ‌[حديث لا نورث ما تركنا صدقة]

- ‌ باب نفقة نساء النّبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

- ‌[حديث توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيته من شيء]

- ‌ باب ما جاء في بيوت أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما نسب من البيوت إليهنّ

- ‌[حديث ها هنا الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان]

- ‌ باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم، وعصاه، وسيفه، وقدحه، وخاتمه وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم يذكر قسمته، ومن شعره، ونعله، وآنيته، ممّا تبرك أصحابه وغيرهم بعد وفاته

- ‌[حديث إخراج أنس نعلين جرداوين لهما قبالان]

- ‌[حديث إخراج عائشة كساء ملبدا وقولها في هذا نزع روح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم كسر]

- ‌[حديث لو كان علي ذاكرا عثمان ذكره يوم جاءه ناس

- ‌ باب الدّليل على أنّ الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمساكين

- ‌[حديث أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحنه]

- ‌ باب قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [

- ‌[حديث إنما أنا قاسم وخازن والله يعطي]

- ‌[حديث إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت]

- ‌[حديث إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق]

- ‌ باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحلّت لكم الغنائم»

- ‌[حديث أحلت لكم الغنائم]

- ‌[حديث غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة]

- ‌ باب بركة الغازي في ماله حيّا وميتا، مع النّبي صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر

- ‌[حديث لما وقف الزبير يوم الجمل دعا ابنه عبد الله]

- ‌ باب إذا بعث الإمام رسولا في حاجة، أو أمره بالمقام، هل يسهم له

- ‌[حديث قوله صلى الله عليه وسلم لعثمان إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه]

- ‌ باب ومن الدّليل على أنّ الخمس لنوائب المسلمين

- ‌[حديث والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم]

- ‌[حديث بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية قبل نجد فيها عبد الله بن عمر]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش]

- ‌[حديث قسم النبي لإصحاب السفينة مع جعفر وأصحابه حين افتتح خيبر]

- ‌[حديث لقد شقيت إن لم أعدل]

- ‌ بَابُ ما مَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الأَسارى من غيرِ أن يخمّسَ

- ‌[حديث قوله في أسارى بدر لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتتركتهم له]

- ‌ باب وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الخُمُسَ لِلإِمَامِ، وأَنهُ يُعْطِي بعض قَرَابَتِهِ دُونَ بعض

- ‌[حديث إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد]

- ‌ باب مَنْ لم يخَمِّس الأَسلابَ وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلا فَله سَلبه من غَير أن يخَمّسَ، وحكم الإمَامِ فيهِ

- ‌[حديث قتل إبي جهل]

- ‌ باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعطي المُؤلفة قلوبهم وغَيْرهم مِنَ الخمس وَنحوِه

- ‌[حديث أسماء كنت أنقل النوى من أرض الزبير

- ‌ باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب

- ‌[حديث استحياء عبد الله بن مغفل من رسول الله]

- ‌[حديث ابن عمر كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه]

- ‌[حديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الأهلية]

- ‌[الفصل الرابع كتاب الجزية والموادعة]

- ‌ باب الجزية والموادعة، مع أهل الذمة والحرب

- ‌[حديث قول عمر فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر]

- ‌[حديث بعثه صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها]

- ‌[حديث بعث عمر الناس في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين]

- ‌[حديث كان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات]

- ‌ بابُ إثم من قتل معاهدا بغير جرم

- ‌[حديث من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة]

- ‌ بابُ إِخْراجِ اليهُودِ من جزيرةِ العرب

- ‌[حديث أقركم ما أقركم الله]

- ‌ بابُ إِذا غدر الْمُشْركُون بِالْمُسْلمين هلْ يُعْفى عنْهمْ

- ‌[حديث لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم]

- ‌ بَاب هَل يُعفَى عنِ الذِّمِّيِّ إذا سَحَر

- ‌[حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئًا ولم يصنعه]

- ‌ باب ما يحذر من الغدر

- ‌[حديث اعدد ستا بين يدي الساعة]

- ‌ باب إثم من عاهد ثم غدر

- ‌[حديث كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارا ولا درهما]

- ‌ باب

- ‌[حديث قول سهل بن حنيف اتهموا رأيكم رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر النبي لرددته]

- ‌ باب إثم الغادر للبر والفاجر

- ‌[حديث لكل غادر لواء يوم القيامة]

- ‌[حديث لكل غادر لواء ينصب لغدرته]

- ‌القسم الثانيالمنهج الدعوي المستخلص من الدراسة

- ‌الفصل الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالداعية

- ‌[الفصل الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالمدعو]

- ‌[الفصل الثالث المنهج الدعوي المتعلق بموضوع الدعوة]

- ‌الفصل الرابع: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل والأساليب

- ‌المبحث الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل

- ‌[المبحث الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالأساليب]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[التوصيات والمقترحات]

الفصل: ‌[حديث قسم النبي لإصحاب السفينة مع جعفر وأصحابه حين افتتح خيبر]

[حديث قسم النبي لإصحاب السفينة مع جعفر وأصحابه حين افتتح خيبر]

166 -

[3136] حدّثنا محمّد بن العلاء: حدّثنا أبو أسامة: حدّثنا يزيد ابن عبد الله، عن أبي بردة، عن أبي موسى (1) رضي الله عنه قال:"بلغنا مخرج النّبيّ صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه - أنا وأخوان لي أنا أصغرهم: أحدهما أبو بردة والآخر أبو رهم - إما قال في بضع وإمّا قال في ثلاثة وخمسين أو اثنين وخمسين رجلا من قومي، فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النّجاشيّ بالحبشة، ووافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده، فقال جعفر: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا هاهنا، وأمرنا بالإقامة، فأقيموا معنا. فأقمنا معه حتّى قدمنا جميعا، فوافقنا النّبيّ صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر، فأسهم لنا - أو قال: فأعطانا - منها، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئا، إلّا لمن شهد معه، إلّا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معهم"(2).

وفي رواية: "فوافقنا النّبيّ صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «لكم أنتم يا أهل السّفينة هجرتان» (3).

وفي رواية: "فوافقنا النّبيّ صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر، وكان أناس من النّاس يقولون لنا - يعني لأهل السّفينة - سبقناكم بالهجرة، ودخلت أسماء بنت عميس - وهي ممّن قدم معنا - على حفصة وأسماء عندها، فقال عمر حين رأى أسماء: من هذه؟ قالت: أسماء بنت عميس (4) قال عمر: الحبشيّة هذه؟ البحريّة

(1) تقدمت ترجمته في الحديث رقم 66.

(2)

[الحديث 3136] أطرافه في: كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة الحبشة، 4/ 297، برقم 3876. وكتاب المغازي، باب غزوة خيبر، 5/ 94 و 95، برقم 4230 و 4231 و 4233، وأخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس، وأهل سفينته رضي الله عنهم، 4/ 1946، برقم 2502.

(3)

من الطرف رقم: 3876.

(4)

أسماء بنت عميس بن معبد بن الحارث الخثعمية أم عبد الله، من المهاجرات الأول، قيل: أسلمت قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبى الأرقم بمكة وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت تحت جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وهاجرت معه إلى أرض الحبشة، ثم هاجرت معه إلى المدينة سنة سبع، ثم استشهد يوم مؤتة فتزوجها أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ثم مات عنها فغسلته، ثم تزوجها علي بن أبى طالب رضي الله عنه، ولدت لجعفر: عبد الله، ومحمدا، وعونا، وولدت لأبى بكر: محمدا وقت الإحرام، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتستثفر وتحرم، وولدت لعلي: يحيى. وهي أخت ميمونة، وأم الفضل امرأة العباس، وأخت أخواتهن لأمهن، وكن عشر أخوات لأم، وقيل: تسع، وكانت أسماء أكرم الناس أصهارا فمن أصهارها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحمزة، والعباس، وغيرهم، ومن بركتها أنها سألت الصحابة رضي الله عنهم عندما غسّلت أبا بكر في يوم بارد فقالت: "إني صائمة وهذا يوم شديد البرد فهل علي من غسل؟ فقالوا: لا، فدل ذلك على أن الغسل من غسل الميت ليس بواجب، بل مستحب، رضي الله عنها. انظر: الطبقات الكبرى، لابن سعد 8/ 219، وتهذيب الأسماء واللغات، للنووي، 2/ 330، وسير أعلام النبلاء، للذهبي، 2/ 282.

ص: 924

هذه؟ قالت أسماء: نعم. قال: سبقناكم بالهجرة فنحن أحقّ برسول الله صلى الله عليه وسلم، منكم فغضبت وقالت: كلاّ والله كنتم مع رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم، وكنّا في دار أوفي أرض البعداء البغضاء بالحبشة وذلك في الله وفي رسوله صلى الله عليه وسلم، وأيم الله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا حتّى أذكر ما قلت لرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، ونحن كنّا نؤذى ونخاف، وسأذكر ذلك للنّبي صلى الله عليه وسلم، وأسأله، والله لا أكذب، ولا أزيغ، ولا أزيد عليه" (1).

وفي رواية: "فلمّا جاء النّبيّ صلى الله عليه وسلم قالت: «يا نبي الله إنّ عمر قال: كذا وكذا، قال: "فما قلت له؟ "، قالت: قلت له: كذا وكذا. قال: "ليس بأحقّ بي منكم وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم أهل السّفينة هجرتان»، قالت: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السّفينة يأتوني أرسالا يسألوني عن هذا الحديث، ما من الدنيا شي هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم ممّا قال لهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم (2) [قال أبو بردة: قالت أسماء: فلقد رأيت أبا موسى وإنّه ليستعيد هذا الحديث منّى] ". (3).

* شرح غريب الحديث: * " أرسالا " أي جماعة جماعة، وفرقا فرقا، وأفواجا أفواجا (4).

* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:

(1) من الطرف رقم: 4230.

(2)

من الطرف رقم: 4231.

(3)

هذه الزيادة التي بين المعكوفين ليست في الأصل المعتمد، ولكنها في النسخة السلفية المطبوعة مع فتح الباري 7/ 485، ونسخة استانبول، 5/ 80، فدل ذلك على أن الناسخ أسقطها سهوا لوجودها في النسخ الأخرى.

(4)

انظر: أعلام الحديث للإمام الخطابي، 3/ 1742، وجامع الأصول من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لابن الأثير، 11/ 605، وشرح النووي على صحيح مسلم، 16/ 297.

ص: 925

1 -

من صفات الداعية: الفرح بنعمة الله عز وجل والتحدث بها.

2 -

من وسائل الدعوة: التأليف بالمال.

3 -

حرص السلف الصالح على الدقة في نقل الحديث.

4 -

أهمية النية الصالحة.

5 -

من سنن الله عز وجل: الابتلاء والامتحان.

6 -

أهمية الحرص على أخذ العلم من مصادره الأصلية مباشرة.

7 -

من صفات الداعية: الرغبة فيما عند الله عز وجل:

والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:

أولا: من صفات الداعية: الفرح بنعمة الله عز وجل والتحدث بها: إن من الصفات الحميدة التي دل عليها هذا الحديث: الفرح بفضل الله ورحمته والتحدث بذلك؛ لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لأسماء رضي الله عنها: "سبقناكم بالهجرة، فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم "وذكر الإمام الأبي رحمه الله: "أن هذا القول من عمر على وجه الفرح بنعمة الله تعالى والتحدث بها؛ لما علم من عظيم شأن أجر الهجرة، لا على وجه الفخر، ولمّا سمعت أسماء ذلك غضبت على وجه المنافسة في الأجر"(1) وقد بين الله عز وجل لعباده أنه لا حرج على من فرح بفضل الله سبحانه فقال: {قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ - قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 57 - 58](2).

ثانيا: من وسائل الدعوة: التأليف بالمال: إن التأليف بالمال من الوسائل النافعة في الدعوة إلى الله عز وجل؛ ولهذا استخدم النبي صلى الله عليه وسلم هذه الوسيلة في دعوته، ففي هذا الحديث أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "فوافقنا النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر فأسهم لنا - أو قال:

(1) إكمال إكمال المعلم، لمحمد بن خليفة الأبي، 8/ 431.

(2)

سورة يونس، الآيتان: 57 - 58.

ص: 926

"فأعطانا - منها وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئا إلا لمن شهد معه، إلا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه قسم لهم معهم"، وسمعت العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز حفظه الله يقول:"وهذا من تأليف القلوب بالمال؛ لما أصابهم من التعب"(1) وسمعته أيضا يقول: "تقديرا لتعبهم، وجهادهم، وصبرهم قسم لهم مع الناس في خيبر"(2) وهذا يؤكد أهمية التأليف بالمال في الدعوة إلى الله عز وجل (3).

ثالثا: حرص السلف الصالح على الدقة في نقل الحديث: لا شك أن السلف الصالح كانوا أحرص الناس على الدقة في نقل الحديث؛ ولهذا جاء في هذا الحديث: "فأسهم لنا، أو قال فأعطانا" شك الراوي، وفي الرواية الأخرى:"وكنا في دار أو في أرض البعداء" شك الراوي أيضا. وهذا يؤكد الحرص على الدقة في نقل الحديث؛ لئلا يدخل فيه ما ليس منه (4).

رابعا: أهمية النية الصالحة: النية الصالحة هي أساس العمل، وبها يبارك الله عز وجل في الأعمال، وقد ظهر في مفهوم هذا الحديث أهميتها؛ لأن المهاجرين إلى الحبشة كتب الله لهم بنيتهم الصالحة هجرتين: هجرتهم من مكة إلى الحبشة، والهجرة الثانية: من الحبشة إلى المدينة؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: «ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان» ، وسمعت العلامة ابن باز حفظه الله يقول:"كتب لهم بالنية هجرتان وهذا فضل الله"(5) يؤتيه من يشاء (6).

خامسا: من سنن الله عز وجل: الابتلاء والامتحان: لا شك أن الابتلاء بالخير والشر من سنن الله عز وجل، وقد ظهر الابتلاء بالخوف

(1) سمعته من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم 3136 من صحيح البخاري في جامع الإمام تركي بن عبد الله.

(2)

سمعته من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم 4223 من صحيح البخاري في جامع الإمام تركي بن عبد الله.

(3)

انظر: الحديث رقم 7، الدرس التاسع.

(4)

انظر: الحديث رقم 3، الدرس الرابع، ورقم 21، الدرس العاشر.

(5)

سمعته من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم 3876، ورقم 4231، من صحيح البخاري في جامع الإمام تركي بن عبد الله.

(6)

انظر: الحديث رقم 22، الدرس السادس.

ص: 927

والتشريد لأصحاب الهجرتين كما في هذا الحديث، فابتلاهم سبحانه بأعدائهم فهاجروا إلى الحبشة، وكذلك ابتلاء الأشعريين وهجرتهم من أوطانهم إلى الحبشة ثم إلى المدينة، يبتغون فضلا من الله ورضوانا، رضي الله عنهم ورحمهم (1).

سادسا: أهمية الحرص على أخذ العلم من مصادره الأصلية مباشرة: أخذ العلم من مصادره الأصلية مباشرة من أهم المهمات؛ ولهذا اعتنى السلف الصالح بذلك، ومن هذا ما ثبت في هذا الحديث أن أسماء بنت عميس رضي الله عنها أخذت تحدث بحديث فضل هجرة الحبشة، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:«ولكم أصحاب السفينة هجرتان» ، قالت:"فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتوني أرسالا يسألوني عن هذا الحديث"، وقالت:"فلقد رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد هذا الحديث مني" وهذا يؤكد أهمية أخذ العلم وسماعه من أهله مباشرة بدون واسطة عند الاستطاعة؛ لأن الأشعريين رضي الله عنهم يريدون سماع هذا الحديث من أسماء رضي الله عنها؛ لكونها سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم (2).

سابعا: من صفات الداعية: الرغبة فيما عند الله عز وجل: إن الداعية المخلص الصادق يرغب فيما عند الله عز وجل، ويبذل جهده وطاقته فيما يقربه من ربه؛ ولهذه الرغبة صبر أصحاب الهجرتين على الشدة وفراق الأهل والأوطان؛ وأعظم من ذلك فراق النبي صلى الله عليه وسلم مع حبهم له؛ ولهذا قالت أسماء بنت عميس رضي الله عنها لعمر رضي الله عنه عندما قال:"سبقناكم بالهجرة فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم"، فقالت:"كلا والله، كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم، وكنا في دار، أو في أرض البعداء البغضاء بالحبشة وذلك في الله، وفي رسوله صلى الله عليه وسلم"، وهذا يؤكد رغبتهم فيما عند الله عز وجل؛ ولهذا عندما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:«ولكم أهل السفينة هجرتان» ، ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم (3).

(1) انظر: الحديث رقم 9، الدرس الثامن، ورقم 66، الدرس الأول.

(2)

انظر: الحديث رقم 77، الدرس الرابع، ورقم 163، الدرس الرابع.

(3)

انظر: الحدث رقم 13، الدرس الثاني، ورقم 16، الدرس الثالث، ورقم 21، الدرس السادس.

ص: 928