المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حديث الحرب خدعة] - فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري - جـ ٢

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌ باب يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة

- ‌[حديث إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا]

- ‌ باب السير وحده

- ‌[حديث لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده]

- ‌ باب الجهاد بإذن الأبوين

- ‌[حديث جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال أحي والداك]

- ‌ باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل

- ‌[حديث لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت]

- ‌ بَابُ الجَاسُوسِ

- ‌[حديث انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها]

- ‌ بَابُ الأُسَارَى فِي السَّلَاسِلِ

- ‌[حديث عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل]

- ‌ بَابُ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ، فَيُصَاُب الوِلْدَانُ وَالذَّرَارِيُّ

- ‌[حديث حمى إلا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم]

- ‌ بَابُ قَتْلِ الصِّبْيَانِ فِي الْحَرْبِ

- ‌[حديث إنكار النبي صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان]

- ‌ باب لا يعذب بعذاب الله

- ‌[حديث لا تعذبوا بعذاب الله]

- ‌ بَابٌ

- ‌[حديث أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله]

- ‌ باب حرق الدور والنخيل

- ‌[حديث ألا تريحني من ذي الخلصة]

- ‌ بَابُ قَتْلِ النَّائِمِ المُشْرِكِ

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم رهطا من الأنصار إلى أبي رافع]

- ‌ باب لا تمنوا لقاء العدو

- ‌[حديث لا تمنوا لقاء العدو]

- ‌ باب الحرب خدعة

- ‌[حديث هلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده]

- ‌[حديث تسمية النبي صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة]

- ‌[حديث الحرب خدعة]

- ‌ باب من لا يثبت على الخيل

- ‌[حديث ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي]

- ‌ باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه، حتى يسمع الناس

- ‌[حديث أخذ لقاح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب إذا نزل العدو على حكم رجل]

- ‌[حديث حكم سعد في بني قريظة]

- ‌ بَابُ هل يستأسر الرجل؟ ومن لم يستأسر، وَمَنْ ركَعَ رَكعَتينِ عندَ القتل

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم عشرة رهط سرية]

- ‌ باب فكاك الأسير

- ‌[حديث فكوا العاني وأطعموا الجائع وعودوا المريض]

- ‌ باب الحربِي إِذَا دخَل دار الإسْلامِ بغَيْرِ أمَانٍ

- ‌[حديث أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر]

- ‌ بَابُ كيفَ يُعرَض الإسلامُ على الصّبيّ

- ‌[حديث ذكر الدجال وقوله فيه تعلمون أنه أعور وإن الله ليس بأعور]

- ‌ باب إذا أسلم قوم في دَارِ الحرب ولهُمْ مال وأَرَضُونَ فَهي لهمْ

- ‌[حديث استعمال عمر بن الخطاب مولى له يدعى هنيا ونصيحته له]

- ‌ باب كتابة الإمام الناس

- ‌[حديث اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس]

- ‌ بَاب إِن الله يُؤيِّدُ الدِّين بالرجُل الفاجر

- ‌[حديث قال لرجل ممن يدعي الإسلام هذا من أهل النار]

- ‌ باب من غلب العدو، فأقام على عرصتهم ثلاثا

- ‌[حديث أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال]

- ‌ باب إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم

- ‌[حديث أن ابن عمر ذهب فرس له فأخذه العدو]

- ‌ باب من تكلم بالفارسية والرطنة

- ‌[حديث إن جابرا قد صنع سور فحيهلا بكم]

- ‌[حديث أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي]

- ‌ باب القليل من الغلول

- ‌[حديث كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة]

- ‌ باب لا هجرة بعد الفتح

- ‌[حديث انقطعت الهجرة منذ فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم مكة]

- ‌ باب استقبال الغزاة

- ‌[حديث قول ابن الزبير لابن جعفر أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث ذهبنا نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصبيان إلى ثنية الوداع]

- ‌الفصل الثالث: كتاب الفرائض

- ‌ باب فرض الخمس

- ‌[حديث أن فاطمة سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها]

- ‌[حديث لا نورث ما تركنا صدقة]

- ‌ باب نفقة نساء النّبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

- ‌[حديث توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيته من شيء]

- ‌ باب ما جاء في بيوت أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما نسب من البيوت إليهنّ

- ‌[حديث ها هنا الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان]

- ‌ باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم، وعصاه، وسيفه، وقدحه، وخاتمه وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم يذكر قسمته، ومن شعره، ونعله، وآنيته، ممّا تبرك أصحابه وغيرهم بعد وفاته

- ‌[حديث إخراج أنس نعلين جرداوين لهما قبالان]

- ‌[حديث إخراج عائشة كساء ملبدا وقولها في هذا نزع روح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم كسر]

- ‌[حديث لو كان علي ذاكرا عثمان ذكره يوم جاءه ناس

- ‌ باب الدّليل على أنّ الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمساكين

- ‌[حديث أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحنه]

- ‌ باب قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [

- ‌[حديث إنما أنا قاسم وخازن والله يعطي]

- ‌[حديث إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت]

- ‌[حديث إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق]

- ‌ باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحلّت لكم الغنائم»

- ‌[حديث أحلت لكم الغنائم]

- ‌[حديث غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة]

- ‌ باب بركة الغازي في ماله حيّا وميتا، مع النّبي صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر

- ‌[حديث لما وقف الزبير يوم الجمل دعا ابنه عبد الله]

- ‌ باب إذا بعث الإمام رسولا في حاجة، أو أمره بالمقام، هل يسهم له

- ‌[حديث قوله صلى الله عليه وسلم لعثمان إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه]

- ‌ باب ومن الدّليل على أنّ الخمس لنوائب المسلمين

- ‌[حديث والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم]

- ‌[حديث بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية قبل نجد فيها عبد الله بن عمر]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش]

- ‌[حديث قسم النبي لإصحاب السفينة مع جعفر وأصحابه حين افتتح خيبر]

- ‌[حديث لقد شقيت إن لم أعدل]

- ‌ بَابُ ما مَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الأَسارى من غيرِ أن يخمّسَ

- ‌[حديث قوله في أسارى بدر لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتتركتهم له]

- ‌ باب وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الخُمُسَ لِلإِمَامِ، وأَنهُ يُعْطِي بعض قَرَابَتِهِ دُونَ بعض

- ‌[حديث إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد]

- ‌ باب مَنْ لم يخَمِّس الأَسلابَ وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلا فَله سَلبه من غَير أن يخَمّسَ، وحكم الإمَامِ فيهِ

- ‌[حديث قتل إبي جهل]

- ‌ باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعطي المُؤلفة قلوبهم وغَيْرهم مِنَ الخمس وَنحوِه

- ‌[حديث أسماء كنت أنقل النوى من أرض الزبير

- ‌ باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب

- ‌[حديث استحياء عبد الله بن مغفل من رسول الله]

- ‌[حديث ابن عمر كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه]

- ‌[حديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الأهلية]

- ‌[الفصل الرابع كتاب الجزية والموادعة]

- ‌ باب الجزية والموادعة، مع أهل الذمة والحرب

- ‌[حديث قول عمر فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر]

- ‌[حديث بعثه صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها]

- ‌[حديث بعث عمر الناس في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين]

- ‌[حديث كان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات]

- ‌ بابُ إثم من قتل معاهدا بغير جرم

- ‌[حديث من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة]

- ‌ بابُ إِخْراجِ اليهُودِ من جزيرةِ العرب

- ‌[حديث أقركم ما أقركم الله]

- ‌ بابُ إِذا غدر الْمُشْركُون بِالْمُسْلمين هلْ يُعْفى عنْهمْ

- ‌[حديث لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم]

- ‌ بَاب هَل يُعفَى عنِ الذِّمِّيِّ إذا سَحَر

- ‌[حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئًا ولم يصنعه]

- ‌ باب ما يحذر من الغدر

- ‌[حديث اعدد ستا بين يدي الساعة]

- ‌ باب إثم من عاهد ثم غدر

- ‌[حديث كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارا ولا درهما]

- ‌ باب

- ‌[حديث قول سهل بن حنيف اتهموا رأيكم رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر النبي لرددته]

- ‌ باب إثم الغادر للبر والفاجر

- ‌[حديث لكل غادر لواء يوم القيامة]

- ‌[حديث لكل غادر لواء ينصب لغدرته]

- ‌القسم الثانيالمنهج الدعوي المستخلص من الدراسة

- ‌الفصل الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالداعية

- ‌[الفصل الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالمدعو]

- ‌[الفصل الثالث المنهج الدعوي المتعلق بموضوع الدعوة]

- ‌الفصل الرابع: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل والأساليب

- ‌المبحث الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل

- ‌[المبحث الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالأساليب]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[التوصيات والمقترحات]

الفصل: ‌[حديث الحرب خدعة]

157 -

‌ باب الحرب خدعة

[حديث هلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده]

125 -

[3027] حدثنا عبد الله بن محمد: حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة (1) رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«هلك كسرى، ثم لا يكون كسرى بعده. وقيصر ليهلكن، ثم لا يكون قيصر بعده. ولتقسمن كنوزهما في سبيل الله» (2).

[حديث تسمية النبي صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة]

126 -

[3028]، «وسمى الحرب خدعةً» (3).

وفي رواية: حدثنا أبو بكر بن أصرم: أخبرنا عبد الله: أخبرنا معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:«سمى النبي صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة» (4).

وفي رواية: «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله» (5).

وفي رواية: ". . «والذي نفس محمد بيده». . "(6).

[حديث الحرب خدعة]

127 -

[3030] حدثنا صدقة بن الفضل: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو: سمع جابر بن عبد الله (7) رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحرب خدعة» (8).

(1) تقدمت ترجمته في الحديث رقم 7.

(2)

[الحديث 3027] أطرافه في: كتاب فرض الخمس، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"أحلت لكم الغنائم"، 4/ 60، برقم 3120. وكتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، 4/ 219، برقم 3618. وكتاب الأيمان والنذور، باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم، 7/ 277، برقم 6630. وأخرجه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب "لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء"، 4/ 2236، برقم 2918.

(3)

[الحديث 3028]، طرفه في كتاب الجهاد والسير، باب الحرب خدعة، 4/ 30، برقم 3029. وأخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب جواز الخداع في الحرب، 3/ 1362، برقم 1740.

(4)

الطرف رقم 3029.

(5)

الطرف رقم 3618.

(6)

الطرف رقم 6630.

(7)

تقدمت ترجمته في الحديث رقم 32.

(8)

وأخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب جواز الخداع في الحرب، 3/ 1361، برقم 1739.

ص: 730

* شرح غريب الأحاديث: * " كسرى " لقب لكل من ملك الفرس (1).

* " قيصر " لقب لكل من ملك الروم (2).

* " خدعة " يروى بفتح الخاء وضمها مع سكون الدال: "خدعة" و "خدعة" وبضم الخاء مع فتح الدال: "خدعة" فالمعنى الأول: أن الحرب ينقضي أمرها بخدعة واحدة، من الخداع، أي أن المقاتل إذا خدع مرة واحدة لم تكن لها إقالة، وهي أفصح الروايات وأصحها. ومعنى الثاني: هو الاسم من الخداع، ومعنى الثالث: أن الحرب تخدع الرجال وتمنيهم ولا تفي لهم، كما يقال: فلان رجل لعبة وضحكة: أي كثير اللعب والضحك (3).

*الدراسة الدعوية للأحاديث: في هذه الأحاديث دروس وفوائد دعوية، منها:

1 -

من موضوعات الدعوة: التحريض على خداع الكفار في الحرب.

2 -

من وظائف الإمام المسلم: التدبير ووضع الخطط والحيل الحربية.

3 -

من موضوعات الدعوة: الحث على أخذ الحذر والحيطة في الحروب.

4 -

حرص النبي صلى الله عليه وسلم على انتصار أمته على أعداء الإسلام.

5 -

من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم: تحقق وقوع ما أخبر به.

6 -

من أساليب الدعوة: البشارة.

7 -

من أساليب الدعوة: التأكيد بالقسم.

والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:

أولًا: من موضوعات الدعوة: التحريض على خداع الكفار في الحرب: إن من الموضوعات المهمة التي ينبغي العناية بها: التحريض على خداع

(1) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 12/ 355.

(2)

انظر: المرجع السابق، 12/ 346، و 12/ 355، وشرح الكرماني على صحيح البخاري 13/ 32.

(3)

النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الخاء مع الدال، مادة:"خدع" 2/ 14، وانظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 55.

ص: 731

الكفار في الحرب؛ لما في ذلك من أسباب النصر وهزيمة الأعداء؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: «الحرب خدعة» وفي حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنه قالت عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث" بمثل ما جعله يونس من قول ابن شهاب. ونص قول ابن شهاب: "ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها"(1).

وهذا يؤكد العناية بخداع الكفار في الحرب؛ قالي الإمام القرطبي رحمه الله: ". . . وأما كذبة تنجي ميِّتًا، أو وليًّا، أو أممًا، أو مظلومًا ممن يريد ظلمه، فذلك لا تختلف في وجوبه أمة من الأمم: لا العرب، ولا العجم"(2) وقال الإمام النووي رحمه الله: "واتفق العلماء على جواز خداع الكفار في الحرب، وكيف أمكن الخداع إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يحل"(3).

ثانيًا: من وظائف الإمام المسلم: التدبير ووضع الخطط والحيل الحربية: إن من وظائف الإمام التدبير ووضع الخطط؛ لأن الحرب تدبير، واحتيال، وكثيرًا ما كان صلى الله عليه وسلم مع اعتماده على الله وتوكله عليه- يجتهد في وضع الخطط العسكرية والحيل الحربية، واستعمال الرأي والمشورة في الحرب (4)؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث:«الحرب خدعة» وهذا يدل على أهمية التدبير ووضع الخطط في المعارك؛ للفوز بالنصر وتجنب الزلل؛ ولأن ذلك يشحذ الفكر، ويقوي العزيمة؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:"وفي الحديث إشارة إلى استعمال الرأي في الحرب: بل الاحتياج إليه أكبر من الشجاعة"(5)؛ قال كعب بن مالك رضي الله عنه: «ولم يكن

(1) صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الكذب وبيان المباح منه، 4/ 2011، 2012، برقم 2605.

(2)

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، 6/ 592.

(3)

شرح النووي على صحيح مسلم، 12/ 289، وانظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي، 3/ 522، والأذكار للنووي ص 324، وانظر: قصة محمد بن مسلمة رضي الله عنه في قتله لكعب بن الأشرف، بعد أن استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الكذب على كعب، فاحتال علبه بالكذب حتى قتله. البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الكذب في الحرب، 4/ 31، برقم 3032، وباب الفتك بأهل الحرب، برقم 3032.

(4)

انظر: منار القاري في شرح مختصر صحيح البخاري، لحمزة محمد قاسم، 4/ 121، والمنهل العذب الفرات، لعبد العال أحمد، 3/ 246.

(5)

فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 6/ 158.

ص: 732

رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى (1) بغيرها. . .» (2) قال الإمام ابن العربي رحمه الله: "الخديعة في الحرب تكون بالتورية، وتكون بالكمين (3) يعده الجيش، وتكون بخلف الوعد، وذلك كذب من المستثنى الجائز من المحرم "(4).

ثالثًا: من موضوعات الدعوة: الحث على أخذ الحذر والحيطة في الحرب: لا شك أن قوله صلى الله عليه وسلم: «الحرب خدعة» يحث على أخذ الحذر والحيطة في الحروب القائمة بالجهاد في سبيل الله عز وجل، وهذا يؤكد أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي جوامع الكلم، فهو يتكلم بالكلمة الواحدة التي تشمل المعاني والفوائد الكثيرة (5) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فوائد حديث الباب:"فيه التحريض على أخذ الحذر في الحرب، والندب إلى خداع الكفار في الحرب، وأن من لم يتيقظ لذلك لم يأمن أن ينعكس الأمر عليه"(6)؛ قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: 71](7).

وهذا يؤكد على الدعاة إلى الله عز وجل أن يحضوا المسلمين وخاصة المجاهدين على أخذ الحذر والحيطة، والعمل بأسباب النجاة وعوامل النصر، والله المستعان (8).

رابعًا: حرص النبي صلى الله عليه وسلم على انتصار أمته على أعداء الإسلام: دل هذا الحديث على حرص النبي صلى الله عليه وسلم على انتصار أمته على أعداء الإسلام؛ لأنه قال صلى الله عليه وسلم: «الحرب خدعة» وهذا فيه توجيه منه صلى الله عليه وسلم لأمته؛ لتأخذ بأسباب النصر والتمكين وخداع أعداء الدين في المعارك، وقد بين الله حرص النبي صلى الله عليه وسلم على ما يعود على أمته بالخير والصلاح فقال عز وجل:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128](9).

(1) ورى بغيرها: التورية في الشيء: أن تستر الذي تريده وتظهر غيره. أعلام الحديث للخطابي، 2/ 1411.

(2)

متفق عليه. البخاري، برقم 4418، ومسلم، برقم 2769، وتقدم تخريجه في أصل الحديث رقم 9، ص 94.

(3)

الكمين في الحرب: وهو أن يستخفوا في مكمن بحيث لا يفطن بهم ثم ينهضوا على العدو على غفلة. المصباح المنير، للفيومي، باب الكاف، مادة:"كمن" 2/ 541.

(4)

عارضة الأحوذي شرح سنن الترمذي، 4/ 146.

(5)

انظر: الحديث رقم 106: الدرس الأول والدرس الثاني.

(6)

فتح الباري بشرح صحصح البخاري، 6/ 158.

(7)

سورة النساء، الآية:71.

(8)

انظر: المنهل العذب الفرات لعبد العال أحمد 3/ 246.

(9)

سورة التوبة، الآية:128.

ص: 733

فينبغي للداعية أن يكون حريصًا على انتصار أمة الإسلام اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم (1).

خامسًا: من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم: تحقق وقوع ما أخبر به: دل الحديث على معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم، تدل على صدقه وأنه رسول الله حقًّا؛ لأنه قال:«إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله» فقد وقع ذلك كله فافتتح المسلمون بلادهما، واستقرت لهم، واقتسموا كنوزهما (2) ولا شك أن هذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم (3).

سادسًا: من أساليب الدعوة: البشارة: بشر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بأن ملك كسرى وقيصر سيزول، وأن كنوزهما ستنفق في سبيل الله عز وجل، ووقعت البشارة وتحققت للمسلمين والحمد لله (4) وهذا يؤكد على أهمية البشارة وأنها من الأساليب النافعة في الدعوة إلى الله عز وجل؛ لما لها من التأثير المباشر في القلوب. فينبغي العناية بهذا الأسلوب عناية فائقة، والله المستعان (5).

سابعًا: من أساليب الدعوة: التأكيد بالقسم: ظهر في هذا الحديث أسلوب التأكيد بالقسم في قوله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله» . وهذا يؤكد أهمية القسم للتأكيد في الأمور المهمة عند الحاجة لذلك كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم (6).

[باب من لا يثبت على الخيل]

(1) انظر: المنهل العذب الفرات، لعبد العال أحمد 3/ 246.

(2)

انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 18/ 255، وشرح الكرماني على صحيح البخاري، 13/ 33، 23/ 96.

(3)

انظر: الحديث رقم 21، الدرس الرابع.

(4)

انظر: فتح الباري لابن حجر، 6/ 626، ومنار القاري، لحمزة محمد قاسم، 4/ 120 - 121.

(5)

انظر: الحديث رقم 9، الدرس التاسع، ورقم 83، الدرس الأول، ورقم 89، الدرس الرابع.

(6)

انظر: الحديث رقم 10، الدرس الخامس، ورقم 14، الدرس الخامس.

ص: 734