الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
157 -
باب الحرب خدعة
[حديث هلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده]
125 -
[3027] حدثنا عبد الله بن محمد: حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة (1) رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«هلك كسرى، ثم لا يكون كسرى بعده. وقيصر ليهلكن، ثم لا يكون قيصر بعده. ولتقسمن كنوزهما في سبيل الله» (2).
[حديث تسمية النبي صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة]
126 -
[3028]، «وسمى الحرب خدعةً» (3).
وفي رواية: حدثنا أبو بكر بن أصرم: أخبرنا عبد الله: أخبرنا معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:«سمى النبي صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة» (4).
وفي رواية: «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله» (5).
وفي رواية: ". . «والذي نفس محمد بيده». . "(6).
[حديث الحرب خدعة]
127 -
[3030] حدثنا صدقة بن الفضل: أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو: سمع جابر بن عبد الله (7) رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحرب خدعة» (8).
(1) تقدمت ترجمته في الحديث رقم 7.
(2)
[الحديث 3027] أطرافه في: كتاب فرض الخمس، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"أحلت لكم الغنائم"، 4/ 60، برقم 3120. وكتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، 4/ 219، برقم 3618. وكتاب الأيمان والنذور، باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم، 7/ 277، برقم 6630. وأخرجه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب "لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء"، 4/ 2236، برقم 2918.
(3)
[الحديث 3028]، طرفه في كتاب الجهاد والسير، باب الحرب خدعة، 4/ 30، برقم 3029. وأخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب جواز الخداع في الحرب، 3/ 1362، برقم 1740.
(4)
الطرف رقم 3029.
(5)
الطرف رقم 3618.
(6)
الطرف رقم 6630.
(7)
تقدمت ترجمته في الحديث رقم 32.
(8)
وأخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب جواز الخداع في الحرب، 3/ 1361، برقم 1739.
* شرح غريب الأحاديث: * " كسرى " لقب لكل من ملك الفرس (1).
* " قيصر " لقب لكل من ملك الروم (2).
* " خدعة " يروى بفتح الخاء وضمها مع سكون الدال: "خدعة" و "خدعة" وبضم الخاء مع فتح الدال: "خدعة" فالمعنى الأول: أن الحرب ينقضي أمرها بخدعة واحدة، من الخداع، أي أن المقاتل إذا خدع مرة واحدة لم تكن لها إقالة، وهي أفصح الروايات وأصحها. ومعنى الثاني: هو الاسم من الخداع، ومعنى الثالث: أن الحرب تخدع الرجال وتمنيهم ولا تفي لهم، كما يقال: فلان رجل لعبة وضحكة: أي كثير اللعب والضحك (3).
*الدراسة الدعوية للأحاديث: في هذه الأحاديث دروس وفوائد دعوية، منها:
1 -
من موضوعات الدعوة: التحريض على خداع الكفار في الحرب.
2 -
من وظائف الإمام المسلم: التدبير ووضع الخطط والحيل الحربية.
3 -
من موضوعات الدعوة: الحث على أخذ الحذر والحيطة في الحروب.
4 -
حرص النبي صلى الله عليه وسلم على انتصار أمته على أعداء الإسلام.
5 -
من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم: تحقق وقوع ما أخبر به.
6 -
من أساليب الدعوة: البشارة.
7 -
من أساليب الدعوة: التأكيد بالقسم.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
أولًا: من موضوعات الدعوة: التحريض على خداع الكفار في الحرب: إن من الموضوعات المهمة التي ينبغي العناية بها: التحريض على خداع
(1) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 12/ 355.
(2)
انظر: المرجع السابق، 12/ 346، و 12/ 355، وشرح الكرماني على صحيح البخاري 13/ 32.
(3)
النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الخاء مع الدال، مادة:"خدع" 2/ 14، وانظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 55.
الكفار في الحرب؛ لما في ذلك من أسباب النصر وهزيمة الأعداء؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: «الحرب خدعة» وفي حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنه قالت عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث" بمثل ما جعله يونس من قول ابن شهاب. ونص قول ابن شهاب: "ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها"(1).
وهذا يؤكد العناية بخداع الكفار في الحرب؛ قالي الإمام القرطبي رحمه الله: ". . . وأما كذبة تنجي ميِّتًا، أو وليًّا، أو أممًا، أو مظلومًا ممن يريد ظلمه، فذلك لا تختلف في وجوبه أمة من الأمم: لا العرب، ولا العجم"(2) وقال الإمام النووي رحمه الله: "واتفق العلماء على جواز خداع الكفار في الحرب، وكيف أمكن الخداع إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يحل"(3).
ثانيًا: من وظائف الإمام المسلم: التدبير ووضع الخطط والحيل الحربية: إن من وظائف الإمام التدبير ووضع الخطط؛ لأن الحرب تدبير، واحتيال، وكثيرًا ما كان صلى الله عليه وسلم مع اعتماده على الله وتوكله عليه- يجتهد في وضع الخطط العسكرية والحيل الحربية، واستعمال الرأي والمشورة في الحرب (4)؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث:«الحرب خدعة» وهذا يدل على أهمية التدبير ووضع الخطط في المعارك؛ للفوز بالنصر وتجنب الزلل؛ ولأن ذلك يشحذ الفكر، ويقوي العزيمة؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:"وفي الحديث إشارة إلى استعمال الرأي في الحرب: بل الاحتياج إليه أكبر من الشجاعة"(5)؛ قال كعب بن مالك رضي الله عنه: «ولم يكن
(1) صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الكذب وبيان المباح منه، 4/ 2011، 2012، برقم 2605.
(2)
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، 6/ 592.
(3)
شرح النووي على صحيح مسلم، 12/ 289، وانظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي، 3/ 522، والأذكار للنووي ص 324، وانظر: قصة محمد بن مسلمة رضي الله عنه في قتله لكعب بن الأشرف، بعد أن استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الكذب على كعب، فاحتال علبه بالكذب حتى قتله. البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الكذب في الحرب، 4/ 31، برقم 3032، وباب الفتك بأهل الحرب، برقم 3032.
(4)
انظر: منار القاري في شرح مختصر صحيح البخاري، لحمزة محمد قاسم، 4/ 121، والمنهل العذب الفرات، لعبد العال أحمد، 3/ 246.
(5)
فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 6/ 158.
رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى (1) بغيرها. . .» (2) قال الإمام ابن العربي رحمه الله: "الخديعة في الحرب تكون بالتورية، وتكون بالكمين (3) يعده الجيش، وتكون بخلف الوعد، وذلك كذب من المستثنى الجائز من المحرم "(4).
ثالثًا: من موضوعات الدعوة: الحث على أخذ الحذر والحيطة في الحرب: لا شك أن قوله صلى الله عليه وسلم: «الحرب خدعة» يحث على أخذ الحذر والحيطة في الحروب القائمة بالجهاد في سبيل الله عز وجل، وهذا يؤكد أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي جوامع الكلم، فهو يتكلم بالكلمة الواحدة التي تشمل المعاني والفوائد الكثيرة (5) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فوائد حديث الباب:"فيه التحريض على أخذ الحذر في الحرب، والندب إلى خداع الكفار في الحرب، وأن من لم يتيقظ لذلك لم يأمن أن ينعكس الأمر عليه"(6)؛ قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: 71](7).
وهذا يؤكد على الدعاة إلى الله عز وجل أن يحضوا المسلمين وخاصة المجاهدين على أخذ الحذر والحيطة، والعمل بأسباب النجاة وعوامل النصر، والله المستعان (8).
رابعًا: حرص النبي صلى الله عليه وسلم على انتصار أمته على أعداء الإسلام: دل هذا الحديث على حرص النبي صلى الله عليه وسلم على انتصار أمته على أعداء الإسلام؛ لأنه قال صلى الله عليه وسلم: «الحرب خدعة» وهذا فيه توجيه منه صلى الله عليه وسلم لأمته؛ لتأخذ بأسباب النصر والتمكين وخداع أعداء الدين في المعارك، وقد بين الله حرص النبي صلى الله عليه وسلم على ما يعود على أمته بالخير والصلاح فقال عز وجل:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128](9).
(1) ورى بغيرها: التورية في الشيء: أن تستر الذي تريده وتظهر غيره. أعلام الحديث للخطابي، 2/ 1411.
(2)
متفق عليه. البخاري، برقم 4418، ومسلم، برقم 2769، وتقدم تخريجه في أصل الحديث رقم 9، ص 94.
(3)
الكمين في الحرب: وهو أن يستخفوا في مكمن بحيث لا يفطن بهم ثم ينهضوا على العدو على غفلة. المصباح المنير، للفيومي، باب الكاف، مادة:"كمن" 2/ 541.
(4)
عارضة الأحوذي شرح سنن الترمذي، 4/ 146.
(5)
انظر: الحديث رقم 106: الدرس الأول والدرس الثاني.
(6)
فتح الباري بشرح صحصح البخاري، 6/ 158.
(7)
سورة النساء، الآية:71.
(8)
انظر: المنهل العذب الفرات لعبد العال أحمد 3/ 246.
(9)
سورة التوبة، الآية:128.
فينبغي للداعية أن يكون حريصًا على انتصار أمة الإسلام اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم (1).
خامسًا: من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم: تحقق وقوع ما أخبر به: دل الحديث على معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم، تدل على صدقه وأنه رسول الله حقًّا؛ لأنه قال:«إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله» فقد وقع ذلك كله فافتتح المسلمون بلادهما، واستقرت لهم، واقتسموا كنوزهما (2) ولا شك أن هذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم (3).
سادسًا: من أساليب الدعوة: البشارة: بشر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بأن ملك كسرى وقيصر سيزول، وأن كنوزهما ستنفق في سبيل الله عز وجل، ووقعت البشارة وتحققت للمسلمين والحمد لله (4) وهذا يؤكد على أهمية البشارة وأنها من الأساليب النافعة في الدعوة إلى الله عز وجل؛ لما لها من التأثير المباشر في القلوب. فينبغي العناية بهذا الأسلوب عناية فائقة، والله المستعان (5).
سابعًا: من أساليب الدعوة: التأكيد بالقسم: ظهر في هذا الحديث أسلوب التأكيد بالقسم في قوله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله» . وهذا يؤكد أهمية القسم للتأكيد في الأمور المهمة عند الحاجة لذلك كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم (6).
[باب من لا يثبت على الخيل]
(1) انظر: المنهل العذب الفرات، لعبد العال أحمد 3/ 246.
(2)
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 18/ 255، وشرح الكرماني على صحيح البخاري، 13/ 33، 23/ 96.
(3)
انظر: الحديث رقم 21، الدرس الرابع.
(4)
انظر: فتح الباري لابن حجر، 6/ 626، ومنار القاري، لحمزة محمد قاسم، 4/ 120 - 121.
(5)
انظر: الحديث رقم 9، الدرس التاسع، ورقم 83، الدرس الأول، ورقم 89، الدرس الرابع.
(6)
انظر: الحديث رقم 10، الدرس الخامس، ورقم 14، الدرس الخامس.