الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حديث أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي]
142 -
[3071] حدثَنَا حبَّانُ بْنُ مُوسَى: أَخْبَرَنَا عبد الله، عَنْ خَالِدِ بْنِ سعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عنْ أُمِّ خَالِدٍ (1) بنْتِ خَالِد بْنِ سَعِيدٍ قَالَتْ: «أتيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم معَ أَبِي وَعَلَيَّ قَمِيصٌ أَصْفَرُ، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:" سِنَهْ سِنَهْ ". قَالَ عبد الله: وَهِيَ بِالحَبَشِيّةِ: حَسَنَة. قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ بِخَاتَم النبوَّةِ، فَزَبَرَني أَبِي. قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:" دَعْهَا ". ثُمِّ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: " أَبْلِي وَأَخْلِقي، ثُمَّ أَبْلِي وأَخْلِقي، ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِقي ". قَالَ عبد الله: فبَقِيَتْ حَتَّى (2) دَكَن. (3).
وفي رواية الأكثر: " ذَكَر» (4).
وفي رواية: «. . . قَدِمْتُ مِنْ أرْضِ الْحَبَشَةِ وَأَنَا وجُوَيْرِيَة، فَكَسَانِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم خمِيصَةً لَهَا أَعْلام، فَجَعَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يمْسَحُ الأَعْلامَ بِيَدِهِ وَيَقُولُ: " سَنَاهْ سَنَاهْ» . قَالَ الْحُمَيْدِيّ: يَعنِي: حَسَن حَسَن (5).
وفي رواية: «أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيرَةٌ فَقَالَ: " مَنْ تَرَوْنَ أَنْ نَكْسُوَ هَذِهِ؟ " فَسَكَتَ الْقَوْمُ. قَالَ: " ائتوني بِأمِّ خَالد "، فَأُتِي بِهَا تُحْمَلُ، فَأَخَذَ الْخَمِيصَةَ بِيَدِهِ فَأَلْبَسَهَا وَقَالَ:" أَبْلِي وَأَخْلِقِي ". وَكَانَ فِيهَا عَلَمٌ
(1) أم خالد اسمها: أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، القرشية، الأموية، المكية، الحبشية المولد، وهي مشهورة بكنيتها، لها ولأبويها صحبة وكانت ممن هاجر إلى الحبشة، وقُدِمَ بها على النبي صلى الله عليه وسلم وهي صغيرة، وتزوجها الزبير بن العوام فولدت له، عمرا وخالدا، وروت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين، وكانت فيمن أقرأ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم السلام من النجاشي، وقيل: بأنها آخر الصحابيات وفاة، بقيت إلى أيام سهل بن سعد الواقدي. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، 3/ 470، والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، 4/ 447.
(2)
قوله " فبقيت حتى دكن " هكذا في النسخة المعتمدة، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:" وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني حتى " دكن " أي صار أدكن أي أسود، وقد جزم جماعة بأن رواية الكشُميهني تصحيف " ورواية الأكثر. " حتى ذكر " والتقدير فبقيت أي أم خالد حتى ذكر الراوي زمنا طويلًا، وفي رواية " فبقي حتى ذكر " أي بقى الثوب المذكور. انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر، 10/ 425 - 426.
(3)
[الحديث 3071] أطرافه في: كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة الحبشة، 4/ 296، برقم 3874. وكتاب اللباس، باب الخميصة السوداء، 7/ 54، برقم 5823. وكتاب اللباس، باب ما يدعى لمن لبس ثوبا جديدا، 7/ 61، برقم 5845. وكتاب الأدب، باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به، أو قبلها أو مازحها، 7/ 98، برقم 5993.
(4)
قال ابن حجر في فتح الباري، 10/ 426:" جزم جماعة بأن رواية " دكن " صحيحة ".
(5)
الطرف رقم 3874.
أخضر أو أصفر، فقال:" يا أم خالد هذا سناه " وسناه بالحبشية» (1).
وفي رواية «. . . . فبقيت حتى ذكر. . . يعني من بقائها» (2).
* شرح غريب الحديث: * " سَنَهْ " أو " سَنَاه " سنا بالحبشية: حَسَنٌ، وسَنّاه بالتشديد والتخفيف (3).
* " زبرني " يقال: زبرتُ الرجل: زجرته وانتهرته (4).
* " خميصة لها أعلام " الخميصة: كساء من خز أو صوف أسود، وجمعه خمائص، وكانت من لباس النساء، ولا تكون الخمائص إلا معلمة (5).
* " دكن " يقال: دكن الثوب أي عاد لونه إلى الدكنة وهي السواد (6).
* " أبلي وأخلقي " من إخلاق الثوب: أي تقطيعه (7).
وأبلي: من أبليت الثوب إذا جعلته عتيقا، وهو بمعنى أخلقي (8).
* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها: 1 - من أصناف المدعوين: الأطفال.
2 -
من صفات الداعية: التواضع.
3 -
من صفات الداعية: الحلم.
4 -
من صفات الداعية: المشاورة للأصحاب.
(1) الطرف رقم 5823.
(2)
الطرف رقم 5993.
(3)
النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، باب السين مع النون مادة:" سنا " 2/ 415.
(4)
انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 575، والنهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الزاي مع الباء، مادة:" زبر " 2/ 293.
(5)
تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 575.
(6)
انظر: المرجع السابق ص 575، وفتح الباري لابن حجر، 10/ 425.
(7)
النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، باب الخاء مع اللام، مادة:" خلق " 2/ 71.
(8)
انظر: شرح الكرماني على صحيح البخاري، 13/ 62.
5 -
من أساليب الدعوة: استمالة قلب المدعو بمخاطبته بلغته.
6 -
من أساليب الدعوة: الدعاء بطول العمر على طاعة الله عز وجل.
7 -
من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم: استجابة دعواته.
8 -
من وسائل الدعوة: الإِهداء.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي: أولا: من أصناف المدعوين: الأطفال: دل هذا الحديث على أن من أصناف المدعوين الأطفال؛ ولهذا أدخل النبي صلى الله عليه وسلم السرور على أم خالد بنت خالد رضي الله عنهما فقال لها: " سنهْ سنهْ " واستمال قلبها بذلك، وبالهدية، وبالدعاء، فدل ذلك كله على أهمية العناية بالأطفال؛ لأنهم من أصناف المدعوين؛ وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استمال قلوب كثير من الأطفال إما بالدعاء والهدية والمداعبة كما في حديث أم خالد هذا، وإما بالسلام كما في حديث أنس رضي الله عنه «أنه كان يمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم " فمر بصبيان فسلم عليهم» (1) وكان صلى الله عليه وسلم إذا رأى بعض الصبيان يعمل عملا لا ينبغي أنكر عليه بالأسلوب الحسن الجميل الذي يناسبه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه:«أن الحسن بن علي أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بالفارسية: " كخْ، كخْ، ارمِ بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة» (2).
وهذا يدل على أن الصبيان ينكر عليهم على حسب عقولهم؛ فإن معنى: كِخْ كِخْ: الزجر للصبي عما يريد فعله (3).
وسمعت العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله يقول: " كِخ كِخ، يعني اتركها، وهذا فيه تعليم الصبيان ما أمر الله به، ونهيهم عما نهى الله عنه، حتى يتعوَّدوا؛ لئلا يتمردوا، وهكذا لا يلبسوا
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الاستئذان، باب التسليم على الصبيان، 7/ 169، برقم 6247، ومسلم، كتاب السلام، باب استحباب السلام على الصبيان، 4/ 1708، برقم 2169.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب الجهاد، باب من تكلم بالفارسية والرطانة، / برقم 3072، ومسلم، كتاب الزكاة، باب تحريم الزكاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله -، 3/ 751، برقم 1069.
(3)
انظر: فتح الباري لابن حجر، 6/ 185.
الذهب ولا الحرير، ويمنعوا من الإِسبال، وظاهر الحديث أن كلمة كخ كخ كانت تستخدم في المدينة، فخاطبهم بما يفهمون، وأصلها فارسي فأصبحت عربية بالنقل، وكل كلمة ليست بعربية ثم نقلت إلى العربية واستخدمها العرب، فإنها تصبح عربية بالنقل " (1) وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤدب الصبيان بالكلام الحكيم ويأمرهم بالأدب الكريم، فعن عمر بن أبي سلمة قال: «كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش (2) في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك " فما زالت تلك طعمتي بعد» (3) وكان صلى الله عليه وسلم يعلم الصبيان ما ينفعهم، ويحذرهم مما يضرهم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: «يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف» (4) ومما يدل على عنايته صلى الله عليه وسلم بتعليم الصبيان ما رواه عنه ابن عباس رضي الله عنهما " أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فقام يصلي، فقمت عن يساره فأخذ بأذني فأدارني عن يمينه فتتامت صلاته ثلاث عشرة ركعة. . . " (5).
وهذا كله يؤكد أن الأطفال من أصناف المدعوين، فينبغي العناية بهم، ومراعاة أحوالهم ومخاطبتهم على قدر عقولهم.
(1) سمعت ذلك من سماحته حفظه الله أثناء شرحه لحديث رقم 3072، من صحيح البخاري.
(2)
تطيش: أي تتحرك وتمتد إلى نواحي الصحفة ولا تقتصر على موضع واحد، والصحفة دون القصعة وهي ما تسع ما يشبع خمسة، والقصعة تشبع عشرة، وقيل: الصحفة كالقصعة. شرح النووي على صحيح مسلم، 13/ 204.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب الأطعمة، باب التسمية على الطعام، والأكل باليمين، 6/ 241، برقم 5376، ومسلم، كتاب الأشربة، باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما، 3/ 1599، برقم 2022.
(4)
الترمذي، 4/ 667، برقم 2516، وتقدم تخريجه في الحديث رقم 58، الدرس الثاني، ص 343.
(5)
متفق عليه: البخاري، كتاب الدعوات، باب الدعاء إذا انتبه من الليل، 7/ 190، برقم 1316، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، 1/ 526، برقم 763.
ثانيا: من صفات الداعية: التواضع: دل هذا الحديث على أن من صفات الداعية التواضع؛ ولهذا تواضع النبي صلى الله عليه وسلم مع أم خالد فلاطفها وقال: " سنهْ سنهْ " قال العلامة العيني رحمه الله في فوائد هذا الحديث: " وفيه تواضع النبي صلى الله عليه وسلم "(1) وسمعت العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله يقول: " فيه تواضعه صلى الله عليه وسلم مع أم خالد وحسن خلقه؛ لكونه قال: " سناه سناه " يعني حسن حسن ". (2).
فينبغي أن يعتني الداعية بهذه الصفة العظيمة (3).
ثالثا: من صفات الداعية: الحلم: ظهر في هذا الحديث أن الحلم صفة عظيمة من أهم الصفات التي ينبغي للداعية أن يتصف بها؛ ولهذا حلم النبي صلى الله عليه وسلم على أم خالد عندما لعبت بخاتم النبوة، وقد زجرها أبوها رضي الله عنه، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:" دعها " وهذا يؤكد عظم حلمه صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه (4).
فينبغي للداعية أن يقتدي به صلى الله عليه وسلم (5).
رابعا: من صفات الداعية: المشاورة للأصحاب: دل هذا الحديث على أن من صفات الداعية المشاورة لأصحابه؛ ولهذا شاور النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فيمن يعطي الخميصة السوداء الصغيرة فقال: «من ترون أن نكسُوَ هذه؟ " فسكت القوم، قال: " ائتوني بأم خالد " فأخذ الخميصة بيده فألبسها فقال: " أبلي وأخلقي» . وهذا يؤكد أهمية الشورى مع الأصحاب؛ لما في ذلك من تطييب القلوب وسداد الرأي، والله المستعان (6).
(1) عمدة القاري شرح صحيح البخاري، 22/ 98.
(2)
سمعت ذلك من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم 3874 من صحيح البخاري.
(3)
انظر: الحديث رقم 62، الدرس الثالث.
(4)
انظر: عمدة القاري للعيني، 15/ 6، 22/ 98.
(5)
انظر: الحديث رقم 35، الدرس الثاني، ورقم 89، الدرس الخامس.
(6)
انظر: الحديث رقم 11، الدرس الرابع، ورقم 64، الدرس الثالث، ورقم 108، الدرس الرابع عشر.
خامسا: من أساليب الدعوة: استمالة قلب المدعو بمخاطبته بلغته: ظهر في هذا الحديث أن من أساليب الدعوة استمالة قلب المدعو بمخاطبته بلغته، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لأم خالد في هذا الحديث:" سنه سنه " أي حسنةٌ حسنة، أو حسنٌ حسنٌ، وخاطبها بذلك؛ لأنها ولدت في الحبشة وهذه لغة حبشية؛ قال الكرماني رحمه الله:" وإنما كان غرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من التكلم بهذه الكلمة الحبشية استمالة قلبها؛ لأنها ولدت بأرض الحبشة "(1).
فينبغي للداعية أن يخاطب الناس بما يستميل به قلوبهم، وإذا استطاع أن يستميل قلوبهم بمخاطبتهم بلغاتهم فعل؛ لما في ذلك من تأليف قلوبهم وجذبها لمحبة الإِسلام، والله المستعان.
سادسا: من أساليب الدعوة: الدعاء بطول العمر على طاعة الله عز وجل: إن من أساليب الدعوة الدعاء بطول العمر على طاعة الله عز وجل؛ وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمِّ خالد بطول العمر فقال عندما ألبسها الخميصة: «أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي» وهذا دعاء منه صلى الله عليه وسلم بطول العمر لأم خالد، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:" ووقع في نسخة الصاغاني هنا من الزيادة في آخر الباب " قال أبو عبد الله هو المصنف: " لم تعش امرأة مثل ما عاشت هذه، يعني أم خالد " ثم قال الحافظ ابن حجر: " قلت وإدراك موسى بن عقبة لها دال على طول عمرها؛ لأنه لم يلق من الصحابة غيرها "(2) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أبلي وأخلقي» دعاء بطول العمر؛ لأن العرب تطلق ذلك وتريد الدعاء بطول البقاء للمخاطب بذلك: أي إنها تطول حياتها حتى يبلى الثوب ويخلق، يقال: أبلِ وأخلِقْ معناه: عش وخرق ثيابك وأرقعها (3) ولكن ينبغي أن يقيد الدعاء بطول العمر بطاعة الله عز وجل؛ لحديث أبي بكرة رضي الله عنه: «أن رجلا قال: يا رسول الله أيُّ الناس خير؟ قال: " من طال عمره وحسن عمله "
(1) شرح الكرماني على صحيح البخاري، 21/ 75.
(2)
فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 6/ 184.
(3)
انظر المرجع السابق، 10/ 280.
قال: فأي الناس شر؟ قال؛ " من طال عمره وساءَ عمله» (1) وسمعت العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله يقول: " الدعاء بطول العمر ينبغي أن يقرن بالطاعة، وإذا دعا بطول العمر ونوى بذلك على الطاعة كفت النية " (2).
سابعا: من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم: استجابة دعواته: دل هذا الحديث على أن من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم استجابة الله عز وجل لدعواته؛ ولهذا دعا صلى الله عليه وسلم لأم خالد فقال لها: «أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي» وهذا الدعاء بطول العمر، وقد استجاب الله دعوته صلى الله عليه وسلم فعاشت زمنًا طويلا رضي الله عنها (3) وهذا يؤكد أن من معجزاته صلى الله عليه وسلم استجابة دعواته (4).
ثامنا: من وسائل الدعوة: الإهداء: دل هذا الحديث على أن من وسائل الدعوة الإهداء؛ لما في ذلك من استمالة القلوب، وإزالة الشحناء، وجمع القلوب؛ ولهذا أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم خالد الخميصة كما في الحديث، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الهدية فقال:«تهادوا تحابوا» (5).
فينبغي العناية بالهدية، وقبولها والإثابة عليها. بشرط أن لا تكون سببا للوقوع في أخذ الرشوة التي حرم الشرع.
فلا بد من التأمل أثناء الإهداء، وقبول الهدية والله المستعان (6).
(1) الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في طول العمر للمؤمن، 4/ 565 - 566، برقم 2330، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/ 271.
(2)
سمعته من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم 3071 من صحيح البخاري.
(3)
انظر: فتح الباري لابن حجر، 6/ 184، 10/ 280.
(4)
انظر: الحديث رقم 91، الدرس التاسع، ورقم 122، الدرس الحادي عشر.
(5)
البيهقي في السنن الكبرى، 6/ 169، والبخاري في الأدب المفرد برقم 594، وتقدم تخريجه في الحديث رقم 7، الدرس التاسع، ص 86.
(6)
انظر: الحديث رقم 7، الدرس التاسع.