الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
20 -
باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب
[حديث استحياء عبد الله بن مغفل من رسول الله]
175 -
[3153] حدثنا أبو الوليد: حدثنا شعبة، عن حميد بن هلال، عن عبد الله بن مغفل (1) رضي الله عنه قال:«كنا محاصرين قصر خيبر، فرمى إنسان بجراب فيه شحم، فنزوت لآخذه فالتفت فإذا النبي صلى الله عليه وسلم، فاستحييت منه» . (2).
[حديث ابن عمر كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه]
176 -
[3154] حدثنا مسدد: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، «عن ابن عمر (3) قال:"كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب، فنأكله ولا نرفعه ".»
* شرح غريب الحديثين: * " جراب " الجراب: وعاء من جلد يحفظ فيه الزاد (4).
* " فنزوت " أي وثبت وأسرعت. (5).
* الدراسة الدعوية للحديثين: في هذين الحديثين دروس وفوائد دعوية، منها: 1 - من خصائص الإسلام: التيسير ورفع الحرج.
2 -
من صفات الداعية: توقير النبي صلى الله عليه وسلم وإجلاله.
(1) عبد الله بن مغفل بن عبد غنم، وقيل: ابن عبد نهم بن عفيف المزني، وكان من أهل بيعة الرضوان، وقال: إني لممن رفع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أغصان الشجرة، سكن المدينة، ثم تحول إلى البصرة، وابتنى بها دارا قرب الجامع، وكان أحد البكائين الذين نزل فيهم قوله تعالى: وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ [سورة التوبة، الآية: 92]، وكان أحد العشرة الذين بعثهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى البصرة يفقهون الناس، وهو أول من دخل مدينة تستر حين فتحها المسلمون، روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة وأربعين حديثا اتفق البخاري ومسلم على أربعة منها، وانفرد البخاري بحديث ومسلم بآخر، توفي بالبصرة سنة ستين، وقيل: سنة تسع وخمسين. انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي 1/ 290، وسير أعلام النبلاء للذهبي 2/ 483.
(2)
[الحديث 3153] طرفاه في: كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، 5/ 92، برقم 4214 وكتاب الذبائح والصيد، باب ذبائح أهل الكتاب وشحومها من أهل الحرب وغيرهم، 6/ 281، برقم 5508. وأخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب جواز الأكل من طعام الغنيمة في دار الحرب، 3/ 1393، برقم 1772.
(3)
تقدمت ترجمته في الحديث رقم 1.
(4)
تقدم في شرح غريب الحديث رقم 141، ص 814.
(5)
تفسير غريب ما في الصحيحين، للحميدي ص 64.
3 -
من صفات الداعية: الحياء.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
أولا: من خصائص الإسلام: التيسير ورفع الحرج: التيسير ورفع الحرج من خصائص الإسلام، وقد دل هذان الحديثان على ذلك؛ لأن بعض الصحابة رضي الله عنهم كانوا يأكلون من الغنيمة قبل القسم على قدر الحاجة: من الشحم، والعسل، والعنب، والطعام اليسير، ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، فدل على جواز مثل ذلك، ويسر الإسلام وسماحته. ونقل النووي رحمه الله:"إجماع العلماء على جواز أكل طعام الحربيين ما دام المسلمون في دار الحرب، فيأكلون منه قدر حاجتهم، ويجوز بإذن الإمام وبغير إذنه "، (1) وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: لا أعلم خلافا بين الفقهاء أن الطعام لا يخمس، في جملة ما يخمس من الغنيمة، وأن لواجده أكله ما دام الطعام في حد القلة، وعلى قدر الحاجة، ما دام صاحبه مقيما في دار الحرب " (2) وهذا يبين أن من خصائص الإسلام التيسير ورفع الحرج، والحمد لله (3).
ثانيا: من صفات الداعية: توقير النبي صلى الله عليه وسلم وإجلاله: الصحابة رضي الله عنهم كانوا يوقرون النبي صلى الله عليه وسلم، ويجلونه، إكراما، وتعظيما، ومحبة، وقد دل الحديث الأول من هذين الحديثين على ذلك؛ لقول عبد الله بن مغفل رضي الله عنه:«كنا محاصرين قصر خيبر، فرمى إنسان بجراب فيه شحم، فنزوت لآخذه، فالتفت فإذا النبي صلى الله عليه وسلم فاستحييت منه» ، قال العلامة العيني رحمه الله:"وفيه إشارة إلى ما كانوا عليه من توقير النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الإعراض عن خوارم المروءة"(4).
فينبغي لكل مسلم أن يحترم النبي صلى الله عليه وسلم ويوقره، وينصره في حياته وبعد موته بنشر سنته والذب عن دينه، والدعوة إليه. قال الله عز وجل:
(1) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم 12/ 345.
(2)
تهذيب السنن، 4/ 34، وانظر: القواعد في الفقه الإسلامي، لابن رجب، ص 199.
(3)
انظر: الحديث رقم 1، الدرس الخامس، ورقم 32، الدرس الأول.
(4)
عمدة القاري شرح صحيح البخاري، 15/ 76.
{لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح: 9](1) وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الحجرات: 1](2) وهذا يبين أهمية احترام النبي صلى الله عليه وسلم، وتعظيمه وإنزاله منزلته صلى الله عليه وسلم (3).
ثالثا: من صفات الداعية: الحياء: إن الحياء من الصفات المهمة العظيمة التي ينبغي للداعية العناية بها، وقد ظهرت هذه الصفة في هذا الحديث في قول عبد الله بن مغفل رضي الله عنه:«فنزوت لآخذه، فالتفت فإذا النبي صلى الله عليه وسلم فاستحييت منه» ، وهذا يؤكد أهمية الحياء (4) وخاصة من أهل العلم والفضل، والله المستعان (5).
* * * *
(1) سورة الفتح، الآية: 9، وانظر: تفسير الطبري "جامع البيان عن تأويل آي القران "، 22/ 207.
(2)
سورة الحجرات، الآية:1.
(3)
انظر: الحديث رقم 156، 157، الدرس الأول.
(4)
انظر: شرح الكرماني على صحيح البخاري، 15/ 76، وفتح الباري لابن حجر، 6/ 256.
(5)
انظر: الحديث رقم 174، الدرس الرابع.