الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الخاتمة]
الخاتمة الحمد لله الذي أعانني على إتمام هذه الرسالة على هذه الصورة، والمنة له أولا وآخرا، {لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص: 70] (1).
بعد هذه الرحلة المباركة - إن شاء الله عز وجل التي طفت من خلالها بمفهوم فقه الدعوة الصحيح، وبترجمة موجزة للإمام البخاري، والتعريف بصحيحه، وجهوده في الصحيح، ومكانته عند الأمة الإسلامية، وبعد دراسة مائة واثنين وتسعين حديثا مع رواياتها المتعددة في الصحيح، واستخراج الدروس الدعوية منها، والعناية والتركيز والاهتمام بالدروس الخاصة بالداعية، والمدعو، وموضوع الدعوة، ووسائلها، وأساليبها، وتاريخ الدعوة، وميادينها، وخصائصها، ودلائل النبوة، وآداب الجدل، والحوار، والمناظرة، ثم ذكر المنهج المستخلص من الدراسة.
أقول: هذا ما من الله به علي وأعان عليه، فإن يكن صوابا فمن الله الكريم الوهاب، وإن يكن فيه خطأ، أو نقص، فتلك سنة الله في بني الإنسان، فالكمال لله وحده، والنقص والقصور، واختلاف وجهات النظر من صفات البشر، وحسبي أني قد حاولت التسديد والمقاربة، وبذلت الجهد ما استطعت بتوفيق الله عز وجل، والله أسأل أن ينفعني بذلك، وينفع به جميع المسلمين إلى يوم الدين؛ إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.
أما أهم النتائج التي أعانني الله عز وجل، ويسر لي التوصل إليها في هذا
(1) سورة القصص، الآية:70.
البحث، فمنها:
1 -
أن فقه الدعوة إلى الله عز وجل هو استنباط وفهم تاريخ الدعوة، والدروس التي تتعلق بالداعي، والمدعو، وموضوع الدعوة، وأساليبها، ووسائلها، وخصائص الإسلام، ودلائل النبوة، وآداب الجدل، والمناظرة، والحوار، وأهداف الدعوة، ونتائجها: استنباطا، وفهما على ضوء الكتاب والسنة، وفهم السلف الصالح؛ ليتمكن الدعاة إلى الله عز وجل من القيام بالدعوة، وعرضها على أحسن طريقة، وأقوم منهج.
2 -
أن العلاج لما يحصل بين بعض الدعاة من خلاف وتنازع في بعض قضايا الدعوة ومناهجها، لا يكون إلا بالرد إلى كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الثابتة، وفهمها فهما سليما، والعمل بما فيهما عملا يقصد به وجه الله عز وجل.
3 -
أن الداعية إلى الله هو كل مسلم دل على خير، أو حذر عن شر، فيدخل في ذلك جميع المسلمين؛ كل على حسب علمه وفهمه، وقدرته، ومكانته، ولا يكون الداعية موفقا مسددا إلا بصفات يلتزمها، وأعمال يكون بها قدوة لغيره في كل خير، والتزامه منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته على بصيرة، ومعرفته لأحوال الناس؛ ليقدم لكل قوم ما يناسبهم، وينزلهم منازلهم، ومع ذلك كله يسأل الله التوفيق، والسداد، والإعانة، والثبات.
4 -
أن المدعوين هم كل الناس، وكل مخاطب بدعوة الإسلام، فكل من دُلَّ على خير، أو حُثَّ عليه، أو حُذِّر من شر، أو نُفِّر عنه، فهو مدعو، مهما ارتفعت منزلته، ولا شك أن كل إنسان بحاجة إلى دعوة على حسب حاله، وعقيدته، وجنسه، ومجتمعه، وعقله، وعلمه، فيكون المدعوون على ذلك أصنافا متعددة، وأقساما كثيرة، يقدم لكل إنسان ما يناسب حاله.
5 -
أن موضوعات الدعوة تتضمن: الدعوة لكل خير، والتحذير من كل شر، وهي تقدم للناس على حسب أحوالهم، ويبدأ فيها بأمور
العقيدة، ثم بالذي يليها في الأهمية، فالذي يليه، على حسب الأحوال، والأزمان، وما يحتاجه الناس، ولا بد في ذلك كله من مراعاة الأصول الشرعية، والقواعد المرعية، ومن ذلك: تقديم درء المفاسد على جلب المصالح، وارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أكبرهما عند التعارض، وتقديم أعلى المصالح عند التعارض بينها، والتزام الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة على كل ما يقدمه الداعية للناس من توجيه وتعليم، وتفقيه، مع بيان خصائص الإسلام، ودلائل النبوة، وغير ذلك مما يعود على المدعوين بالخير والبركة والنجاة.
6 -
أن وسائل الدعوة هي ما يستعمله الداعية من أمور حسية أو معنوية، ينقل بها دعوته إلى الناس، وأن هذه الوسائل أنواع متعددة، وأصناف مختلفة، وأنه ينبغي له أن يختار ما يناسب حال المدعو، ويستخدم جميع الوسائل في دعوته التي لا محذور فيها ولا مخالفة شرعية، ويقدم ما يحتاج إليه من الوسائل على حسب أصول الحكمة، ومراعاة الضوابط الشرعية، والمناسبة لكل حال، ويكون بذلك ناجحا بإذن الله عز وجل.
7 -
أن الأساليب الدعوية هي: الطرق التي يسلكها الداعية في دعوته، والكيفيات المؤثرة المقنعة، التي يتم بها تبليغ الإسلام، والحث على تطبيقه، والعمل بأصوله وفروعه، وهي تنقل عن طريق الوسائل؛ لأن الوسائل أوعية الأساليب، ومما يدل على أهمية الأساليب كثرة أنواعها، وأقسامها، ولهذا ينبغي للداعية أن يختار الأساليب التي لا محذور فيها ولا مخالفة شرعية، ويقدم المناسب منها لكل صنف من أصناف المدعوين، ويراعي في ذلك ما يناسب عقيدة كل صنف، وعلمه، ومكانته، وجنسه، ولغته، ومجتمعه، والله هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل.