الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
178 -
بَابُ كيفَ يُعرَض الإسلامُ على الصّبيّ
؟
[حديث ذكر الدجال وقوله فيه تعلمون أنه أعور وإن الله ليس بأعور]
135 -
[3057] وَقَالَ سَالِمٌ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ (1).
وفي رواية: «إِنَّ الله لَيْسَ بأَعْوَرَ، ألا إنَّ المَسيحَ الدَّجَالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنى، كَأن عَيْنَهُ عِنَبَة طَافِيَة» (3).
* شرح غريب الحديث: * " فأطنب " يقال: أطنب في الكلام أو الوصف أو الأمر: بالغ وأكثر (5).
(1) تقدمت ترجمته في الحديث رقم 1.
(2)
[الحديث 3057] أطرافه في: كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله عز وجل: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ، 4/ 126، برقم 3337. وكتاب أحاديث الأنبياء، باب: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا 4/ 170، برقم 3439. وكتاب المغازي، باب حجة الوداع، 5/ 147، برقم 4402. وكتاب الأدب، باب قول الرجل للرجل: اخسأ، 7/ 148، برقم 6175. وكتاب الفتن، باب ذكر الدجال، 8/ 130، برقم 7123 و7127. وكتاب التوحيد، باب قول الله تعالى. وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي، 8/ 217، برقم 7407. وأخرجه مسلم في كتاب الإِيمان، باب ذكر المسيح ابن مريم والمسيح الدجال، 1/ 154، برقم 169. وكتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال وصفة ما معه، 4/ 2247، برقم 169.
(3)
طرف الحديث رقم 3439.
(4)
طرف الحديث رقم 4402.
(5)
انظر: القاموس المحيط، للفيروز آبادي، باب الباء، فصل الطاء، ص 141، والمعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية، 2/ 567.
* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:
1 -
من وسائل الدعوة: الخطابة.
2 -
من آداب الداعية: الثناء على الله بما هو أهله.
3 -
من صفات الداعية: الحرص على تعليم الناس الخير.
4 -
من موضوعات الدعوة: التحذير من فتنة الدجال وبيان صفاته للحذر منه.
5 -
من موضوعات الدعوة: بيان صفات الكمال لله عز وجل.
6 -
من أساليب الدعوة: التأكيد بالتكرار.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي: أولا: من وسائل الدعوة: الخطابة: إن من الوسائل المهمة في الدعوة إلى الله عز وجل الخطابة، وقد ظهر استخدام النبي صلى الله عليه وسلم لها في هذا الحديث؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم:«ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله» ، وهذا يؤكد أن الخطابة من أهم وسائل الدعوة. فينبغي للداعية العناية بها عناية فائقة (1).
ثانيا: من آداب الداعية: الثناء على الله بما هو أهله: إن من الآداب العظيمة التي ينبغي للداعية أن يبدأ بها في خطبه ومحاضراته، وكلماته أن يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا جاء في هذا الحديث قول ابن عمر رضي الله عنهما:" ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال. . . ". وهذا يؤكد أهمية الثناء على الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وبما هو أهله كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك خطبة الحاجة التي كان يخطب بها النبي صلى الله عليه وسلم في أول الخطبة (2).
(1) انظر: الحديث رقم 7، الدرس السادس، ورقم 33، الدرس التاسع.
(2)
انظر: صحيح مسلم، 2/ 593، برقم 868، وتقدم تخريجه في الحديث رقم 108، الدرس السابع، ص 624، وانظر. مشكاة المصابيح للتبريزي، 2/ 942، برقم 3149.
ثالثا: من صفات الداعية: الحرص على تعليم الناس الخير: دل هذا الحديث على أن من صفات الداعية الحرص على تعليم الناس الخير وتحذيرهم مما يضرهم؛ ولهذا حرص النبي صلى الله عليه وسلم حرصا عظيما على تعليم أمته الصفات التي يعرف بها الدجال؛ ليحذر أمته. وهذا يؤكد أن من أهم صفات الداعية الحرص على تعليم الناس ما ينفعهم وتحذيرهم مما يضرهم (1).
رابعا: من موضوعات الدعوة: التحذير من فتنة الدجال وبيان صفاته للحذر منه: إن من موضوعات الدعوة التي ينبغي للداعية أن يعتني بها: التحذير من فتنة الدجال؛ ولهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن الدجال فقال: «إني أنذركموه وما من نبي إلا قد أنذره قومه، لقد أنذره نوح قومه، والنبيون من بعده» ، قال الإمام النووي رحمه الله:" هذا الإِنذار؛ لِعِظَمِ فتنته وشدة أمرها "(2)؛ ولعظم فتنة الدجال وخطرها على المسلمين بَيَّن النبي صلى الله عليه وسلم صفاته كاملةً؛ لِيَحْذَرَ منه المؤمنون، ومن هذه الصفات على وجه الإِجمال اقتباسا من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ما يأتي: هو شاب جعد الشعر، أعور العين اليمنى حقيقة، وعينه اليسرى معيبة (3) ويخرج من خلة بين الشام والعراق من المشرق: من خراسان، ويمكث في الأرض أربعين يوما: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كأسبوع، وسائر أيامه كالأيام المعروفة، وتُصَلَّى الصلوات على تقدير الأيام العادية في كل أربعٍ وعشرين ساعة خمس صلوات، وسرعته في الأرض كالغيث استدبرته الريح، ويأمر السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت، ومن أجابه إلى أنه الرب - تعالى الله عن قوله - أو أنه نبي كان في رغد من العيش وسعة، ومن عصاه ولم يجبه ذهبت أمواله معه وأصبح فقيرا، ويضرب شابَا مسلما بالسيف فيكون
(1) انظر: الحديث رقم 1، الدرس الأول.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم، 8/ 271، وانظر: فتح الباري لابن حجر، 13/ 96.
(3)
انظر: كتاب الإِيمان من إكمال المعلم بفوائد صحيح مسلم، للقاضي عياض، 2/ 725، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي، 7/ 274، وشرح النووي على صحيح مسلم، 2/ 592.
قطعتين ثم يقف بين القطعتين ويناديه فيحْيى، ويدخل جميع البلدان والقرى إلا مكة والمدينة فإنه لا يدخلهما لحراسة الملائكة لهما، ولكن ترجف المدينة ثلاث رجفات، فيخرج الله كل كافر ومنافق فيصيبه الدجال، ومعه نار وماء، فماؤه نار وناره ماءٌ، فمن رأى ذلك فليلق بنفسه في النار ويبتعد عن الماء، ومعه جنة ونار فناره جنة وجنته نار، ومكتوب بين عينيه كافر [ك ف ر] يقرؤه كل مسلم قارئ وغير قارئ، وهو قصير متباعد ما بين الفخذين والرِّجل، ويتبعه سبعون ألفا من يهود أصبهان، وما خلق الله فتنة منذ أوجد السموات والأرض أعظم من فتنة الدجال؛ ولهذا حذره النبيون أممهم، ومن أعظم ما ينجي من الدجال قراءة عشر آيات من أول سورة الكهف والاستعاذة بالله من فتنته دبر كل صلاة، وفي آخر الأمر ينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فيقتل الدجال (1) نعوذ بالله من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وهذه الصفات التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال تؤكد أهمية التحذير من فتنته، وتوضيح أمره للناس، حتى يسلم من فتنته من أدركه، أسأل الله العافية في الدنيا والآخرة لي ولجميع المسلمين.
خامسا: من موضوعات الدعوة: بيان صفات الكمال لله عز وجل: إن من الموضوعات المهمة بيان صفات الكمال لله عز وجل، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث:«إن ربكم ليس بأعور» والله عز وجل لا يشبهه شيء من خلقه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11](2).
فينبغي للداعية أن يبيَن للناس منهج أهل السنة والجماعة في إثبات الأسماء الحسنى، والصفات العُلَى، ونفي النقائص والعيوب عن الله عز وجل (3).
(1) انظر: الأدلة على ما سبق، صحيح البخاري، كتاب الفتن، باب ذكر الدجال، 8/ 130 - 132 من الحديث رقم 7122 - 7136، وصحيح مسلم، كتاب الفتن، باب ذكر الدجال وصفته وما معه، 4/ 2247، من الحديث رقم 2932 - 2947، وقد جمع ابن الأثير في جامع الأصول اثنين وثلاثين حديثا، 10/ 332 - 375 من حديث رقم 7838 - 7869.
(2)
سورة الشورى، الآية:11.
(3)
انظر: الحديث رقم 39، الدرس الأول، ورقم 110، الدرس الثاني، ورقم 117، الدرس الأول.
سادسا: من أساليب الدعوة: التأكيد بالتكرار: إن من أساليب الدعوة التأكيد بالتكرار؛ ولهذا استخدم النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوب في هذا الحديث عند ذكره لصفات الدجال فقال: «فما خَفِيَ عليكم من شأنه فليس يخفى عليكم أن ربكم ليس على ما يخفى عليكم» ثلاثا. وهذا يؤكد أهمية هذا الأسلوب.
فينبغي للداعية العناية به؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم (1).
(1) انظر: الحديث رقم 4، الدرس الخامس، ورقم 7، الدرس الثاني عشر.