المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حديث استعمال عمر بن الخطاب مولى له يدعى هنيا ونصيحته له] - فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري - جـ ٢

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌ باب يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة

- ‌[حديث إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا]

- ‌ باب السير وحده

- ‌[حديث لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده]

- ‌ باب الجهاد بإذن الأبوين

- ‌[حديث جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال أحي والداك]

- ‌ باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل

- ‌[حديث لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت]

- ‌ بَابُ الجَاسُوسِ

- ‌[حديث انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها]

- ‌ بَابُ الأُسَارَى فِي السَّلَاسِلِ

- ‌[حديث عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل]

- ‌ بَابُ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ، فَيُصَاُب الوِلْدَانُ وَالذَّرَارِيُّ

- ‌[حديث حمى إلا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم]

- ‌ بَابُ قَتْلِ الصِّبْيَانِ فِي الْحَرْبِ

- ‌[حديث إنكار النبي صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان]

- ‌ باب لا يعذب بعذاب الله

- ‌[حديث لا تعذبوا بعذاب الله]

- ‌ بَابٌ

- ‌[حديث أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله]

- ‌ باب حرق الدور والنخيل

- ‌[حديث ألا تريحني من ذي الخلصة]

- ‌ بَابُ قَتْلِ النَّائِمِ المُشْرِكِ

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم رهطا من الأنصار إلى أبي رافع]

- ‌ باب لا تمنوا لقاء العدو

- ‌[حديث لا تمنوا لقاء العدو]

- ‌ باب الحرب خدعة

- ‌[حديث هلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده]

- ‌[حديث تسمية النبي صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة]

- ‌[حديث الحرب خدعة]

- ‌ باب من لا يثبت على الخيل

- ‌[حديث ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي]

- ‌ باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه، حتى يسمع الناس

- ‌[حديث أخذ لقاح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب إذا نزل العدو على حكم رجل]

- ‌[حديث حكم سعد في بني قريظة]

- ‌ بَابُ هل يستأسر الرجل؟ ومن لم يستأسر، وَمَنْ ركَعَ رَكعَتينِ عندَ القتل

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم عشرة رهط سرية]

- ‌ باب فكاك الأسير

- ‌[حديث فكوا العاني وأطعموا الجائع وعودوا المريض]

- ‌ باب الحربِي إِذَا دخَل دار الإسْلامِ بغَيْرِ أمَانٍ

- ‌[حديث أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر]

- ‌ بَابُ كيفَ يُعرَض الإسلامُ على الصّبيّ

- ‌[حديث ذكر الدجال وقوله فيه تعلمون أنه أعور وإن الله ليس بأعور]

- ‌ باب إذا أسلم قوم في دَارِ الحرب ولهُمْ مال وأَرَضُونَ فَهي لهمْ

- ‌[حديث استعمال عمر بن الخطاب مولى له يدعى هنيا ونصيحته له]

- ‌ باب كتابة الإمام الناس

- ‌[حديث اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس]

- ‌ بَاب إِن الله يُؤيِّدُ الدِّين بالرجُل الفاجر

- ‌[حديث قال لرجل ممن يدعي الإسلام هذا من أهل النار]

- ‌ باب من غلب العدو، فأقام على عرصتهم ثلاثا

- ‌[حديث أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال]

- ‌ باب إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم

- ‌[حديث أن ابن عمر ذهب فرس له فأخذه العدو]

- ‌ باب من تكلم بالفارسية والرطنة

- ‌[حديث إن جابرا قد صنع سور فحيهلا بكم]

- ‌[حديث أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي]

- ‌ باب القليل من الغلول

- ‌[حديث كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة]

- ‌ باب لا هجرة بعد الفتح

- ‌[حديث انقطعت الهجرة منذ فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم مكة]

- ‌ باب استقبال الغزاة

- ‌[حديث قول ابن الزبير لابن جعفر أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث ذهبنا نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصبيان إلى ثنية الوداع]

- ‌الفصل الثالث: كتاب الفرائض

- ‌ باب فرض الخمس

- ‌[حديث أن فاطمة سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها]

- ‌[حديث لا نورث ما تركنا صدقة]

- ‌ باب نفقة نساء النّبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

- ‌[حديث توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيته من شيء]

- ‌ باب ما جاء في بيوت أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما نسب من البيوت إليهنّ

- ‌[حديث ها هنا الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان]

- ‌ باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم، وعصاه، وسيفه، وقدحه، وخاتمه وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم يذكر قسمته، ومن شعره، ونعله، وآنيته، ممّا تبرك أصحابه وغيرهم بعد وفاته

- ‌[حديث إخراج أنس نعلين جرداوين لهما قبالان]

- ‌[حديث إخراج عائشة كساء ملبدا وقولها في هذا نزع روح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم كسر]

- ‌[حديث لو كان علي ذاكرا عثمان ذكره يوم جاءه ناس

- ‌ باب الدّليل على أنّ الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمساكين

- ‌[حديث أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحنه]

- ‌ باب قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [

- ‌[حديث إنما أنا قاسم وخازن والله يعطي]

- ‌[حديث إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت]

- ‌[حديث إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق]

- ‌ باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحلّت لكم الغنائم»

- ‌[حديث أحلت لكم الغنائم]

- ‌[حديث غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة]

- ‌ باب بركة الغازي في ماله حيّا وميتا، مع النّبي صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر

- ‌[حديث لما وقف الزبير يوم الجمل دعا ابنه عبد الله]

- ‌ باب إذا بعث الإمام رسولا في حاجة، أو أمره بالمقام، هل يسهم له

- ‌[حديث قوله صلى الله عليه وسلم لعثمان إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه]

- ‌ باب ومن الدّليل على أنّ الخمس لنوائب المسلمين

- ‌[حديث والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم]

- ‌[حديث بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية قبل نجد فيها عبد الله بن عمر]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش]

- ‌[حديث قسم النبي لإصحاب السفينة مع جعفر وأصحابه حين افتتح خيبر]

- ‌[حديث لقد شقيت إن لم أعدل]

- ‌ بَابُ ما مَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الأَسارى من غيرِ أن يخمّسَ

- ‌[حديث قوله في أسارى بدر لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتتركتهم له]

- ‌ باب وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الخُمُسَ لِلإِمَامِ، وأَنهُ يُعْطِي بعض قَرَابَتِهِ دُونَ بعض

- ‌[حديث إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد]

- ‌ باب مَنْ لم يخَمِّس الأَسلابَ وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلا فَله سَلبه من غَير أن يخَمّسَ، وحكم الإمَامِ فيهِ

- ‌[حديث قتل إبي جهل]

- ‌ باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعطي المُؤلفة قلوبهم وغَيْرهم مِنَ الخمس وَنحوِه

- ‌[حديث أسماء كنت أنقل النوى من أرض الزبير

- ‌ باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب

- ‌[حديث استحياء عبد الله بن مغفل من رسول الله]

- ‌[حديث ابن عمر كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه]

- ‌[حديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الأهلية]

- ‌[الفصل الرابع كتاب الجزية والموادعة]

- ‌ باب الجزية والموادعة، مع أهل الذمة والحرب

- ‌[حديث قول عمر فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر]

- ‌[حديث بعثه صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها]

- ‌[حديث بعث عمر الناس في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين]

- ‌[حديث كان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات]

- ‌ بابُ إثم من قتل معاهدا بغير جرم

- ‌[حديث من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة]

- ‌ بابُ إِخْراجِ اليهُودِ من جزيرةِ العرب

- ‌[حديث أقركم ما أقركم الله]

- ‌ بابُ إِذا غدر الْمُشْركُون بِالْمُسْلمين هلْ يُعْفى عنْهمْ

- ‌[حديث لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم]

- ‌ بَاب هَل يُعفَى عنِ الذِّمِّيِّ إذا سَحَر

- ‌[حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئًا ولم يصنعه]

- ‌ باب ما يحذر من الغدر

- ‌[حديث اعدد ستا بين يدي الساعة]

- ‌ باب إثم من عاهد ثم غدر

- ‌[حديث كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارا ولا درهما]

- ‌ باب

- ‌[حديث قول سهل بن حنيف اتهموا رأيكم رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر النبي لرددته]

- ‌ باب إثم الغادر للبر والفاجر

- ‌[حديث لكل غادر لواء يوم القيامة]

- ‌[حديث لكل غادر لواء ينصب لغدرته]

- ‌القسم الثانيالمنهج الدعوي المستخلص من الدراسة

- ‌الفصل الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالداعية

- ‌[الفصل الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالمدعو]

- ‌[الفصل الثالث المنهج الدعوي المتعلق بموضوع الدعوة]

- ‌الفصل الرابع: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل والأساليب

- ‌المبحث الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل

- ‌[المبحث الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالأساليب]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[التوصيات والمقترحات]

الفصل: ‌[حديث استعمال عمر بن الخطاب مولى له يدعى هنيا ونصيحته له]

180 -

‌ باب إذا أسلم قوم في دَارِ الحرب ولهُمْ مال وأَرَضُونَ فَهي لهمْ

[حديث استعمال عمر بن الخطاب مولى له يدعى هنيا ونصيحته له]

136 -

[3059] حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْن أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ (1)" أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّاب رضي الله عنهم اسْتَعْملَ مَوْلىً لَهُ يُدْعَى هُنَيا (2) عَلَى الْحِمَى، فَقَالَ: يَا هُنَيُ اضْمُمْ جَنَاحكَ عَن الْمُسْلِمِينَ، وَاتَقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ (3) فإن دعْوَةَ الْمَظْلُومٍ مُسْتَجَابة. وأَدْخِلْ ربَّ الصُّرَيمَةِ، وَرَبَّ الغُنَيْمَةِ، وَإِيَّايَ وَنَعَمَ ابْنِ عَوْفٍ وَنعَمَ ابْنِ عَفَّانَ؛ فَإنَهُمَا إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا يَرْجِعَا إِلَىِ نَخْلٍ وَزَرْعٍ، وإن رَبَّ الصُّرَيْمَةِ وَرَبَّ الغُنَيْمَةِ إِنْ تَهْلِكْ مَاشِيَتُهُمَا يَأْتِنِي بِبَنِيهِ فيَقُولُ: يَا أَمِيرَ الْمؤمِنينَ أَفَتَارِكُهُمْ أَنا لَا أَبَا لَكَ؟ فَالْمَاءُ وَالْكَلأُ أَيْسَرُ عَلَيَّ مِنَ الذَّهَب وَالْوَرِقِ، وَأيْمُ الله إِنَهُمْ لَيَرَوْنَ أني قَدْ ظَلَمْتُهُمْ؛ إِنَهَا لَبِلادُهُمْ، فَقَاتَلَوا عَلَيْهًا فِي الْجَاهِليِّة وَأسْلَمُوا عَلَيْهَا فِي الإِسْلامِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الْمَالُ الَّذِي أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ الله مَا حَمَيْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ بِلادهِمْ شِبْرا".

* شرح غريب الحديث: * " الحمى " الحمى خلاف المباح وهو الممنوع (4).

* " اضمم جناحك عن المسلمين ": أي أَلِنْ جَانِبَك وارفق بهم (5).

* " الصريمة " الإِبل القليلة (6).

(1) أسلم أبو زيد، الفقيه الإمام، القرشي العدوي المدني، مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قيل: هو من سبي عين التمر - بلدة غرب الكوفة - وقيل: هو يماني وعليه الأكثر، وقيل: حبشي، اشتراه عمر في الحج في العام الذي يلي حجة الوداع، روى عن عمر وعثمان ومعاوية ومعاذ وابن عمر، والصديق وطائفة من الصحابة رضي الله عنهم علما كثيرا وبلغه، قيل: مات سنة ثمانين للهجرة. انظر: تهذيب الأسماء واللغات، للنووي، 1/ 117، وسير أعلام النبلاء للذهبي 4/ 98.

(2)

هني مولى عمر وعامله على الحمى، روى عن أبي بكر، وعمر، ومعاوية، وعمرو بن العاص، ولم أجد له غير هذه الترجمة، انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 11/ 65.

(3)

وفي نسخة فتح الباري " واتق دعوة المسلمين " قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: 6/ 176، " في رواية الإسماعيلي، والدارقطني، وأبي نعيم " دعوة المظلوم ".

(4)

انظر: شرح غريب الحديث رقم 118، ص 692.

(5)

النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الضاد مع الميم، مادة:" ضمم " 3/ 101.

(6)

المرجع السابق، باب الصاد مع الراء، مادة:" صرم " 3/ 27.

ص: 785

* " الغنيمة " الغنم القليلة (1).

* " الكلأ " النبات والمرعى. (2).

* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها: 1 - أهمية اختيار الرجل الصالح النبيل للأمور المهمة.

2 -

من أصناف المدعوين: الموالي والخدم.

3 -

من موضوعات الدعوة: التحذير من الظلم.

4 -

من موضوعات الدعوة: الحث على رحمة المسلمين والشفقة عليهم.

5 -

من صفات الداعية: القوة وجودة النظر.

6 -

من أساليب الدعوة: الترهيب.

7 -

من أساليب الدعوة: الاستفهام الإِنكاري.

8 -

من أساليب الدعوة: التأكيد بالقسم.

9 -

أهمية رعاية مصالح المسلمين.

والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:

أولا: أهمية اختيار الرجل الصالح النبيل للأمور المهمة: دل هذا الحديث على أنه ينبغي للداعية أو الإمام المسلم، أو من ولاه الله أمرا من أمور المسلمين أن يختار الرجل الصالح النبيل للأمور المهمة؛ لأن من الحكمة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب؛ ولهذا جاء في هذا الحديث أن عمر رضي الله عنه " استعمل مولىً له يُدعى هنيّا على الحمى "؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:" ولولا أنه كان من الفضلاء النبهاء الموثوق بهم لما استعمله عمر "(3).

(1) النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الغين مع النون، 3/ 27، وانظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 49.

(2)

تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 49.

(3)

فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 6/ 176، وانظر: الحديث رقم 67، الدرس الخامس.

ص: 786

ثانيا: من أصناف المدعوين: الموالي والخدم: إن مما لا شك فيه أن من أصناف المدعوين الموالي والخدم، ونحوهم؛ ولهذا حَذَّر أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه مولاه من الظلم، وأمره بالشفقة على الفقراء فقال: واتقِ دعوة المظلوم؛ فإن دعوة المظلوم مستجابة، وأدخل رب الصريمة ورب الغنيمة ". وهذا يؤكد أهمية عناية المسلم وخاصة الداعية إلى الله عز وجل بمن تحت يده من الموالي والخدم وغيرهم: من دعوتهم إلى الخير وتحذيرهم من الشر، ومراقبتهم مراقبة دقيقة؛ لإِلزامهم بطاعة الله عز وجل وإبعادهم عن معصيته.

ثالثا: من موضوعات الدعوة: التحذير من الظلم: ظهر في هذا الحديث أن من موضوعات الدعوة المهمة تحذير الناس من الظلم؛ ولهذا قال عمر رضي الله عنه لمولاه: " واتق دعوة المظلوم؛ فإن دعوة المظلوم مستجابة " وقد حذر الله عز وجل من الظلم فقال: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ - مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ - وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ - وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ} [إبراهيم: 42 - 45](1) وقال عز وجل: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [غافر: 52](2) وقال عز وجل: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40](3) وقال سبحانه: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13](4).

وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن الله تبارك وتعالى أنه قال: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا» . . . " (5).

(1) سورة إبراهيم، الآيات: 42 - 45.

(2)

سورة غافر، الآية:52.

(3)

سورة الشورى، الآية:40.

(4)

سورة لقمان، الآية:13.

(5)

مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، 4/ 1994، برقم 2577.

ص: 787

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلُوا محارمهم» (1) وقد ثبت عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة» (2).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتدرون من المفلس؟ " قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال: " إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فَيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناتُهُ قبل أن يُقضى ما عليه أُخِذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طُرِحَ في النار» (3).

والظالم يؤدي ما عليه من حقوق الخلق حتى البهائم يقتص بعضها من بعض؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لتؤدَّنَّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء» (4).

والظلم للعباد يوجب النار وإن كان يسيرا، فعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرَّم عليه الجنة " فقال له رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال: " وإن قضيبا من أراك» (5) والله عز وجل وإن أمهل الظالم وذهبت الأيام والشهور، فإنه لا يغفل عنه ولا ينساه؛ ولهذا ثبت من حديث أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن الله عز وجل يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته» (6) ثم قرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102](7).

(1) مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، 4/ 1996، برقم 2578.

(2)

متفق عليه: البخاري، كتاب المظالم، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، 3/ 134 برقم 2442، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم 4/ 1996، برقم 2580.

(3)

مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، 4/ 1997، برقم 2581.

(4)

مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، 4/ 1997، برقم 2582، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(5)

مسلم، كتاب الإيمان، باب وعيد من اقتطع حق المسلم بيمين فاجرة بالنار، 1/ 122، برقم 137.

(6)

متفق عليه: البخاري، كتاب التفسير، تفسير سورة هود، باب قوله تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ، 5/ 255، برقم 4686، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، 4/ 1997، برقم 2583.

(7)

سورة هود، الآية:102.

ص: 788

وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنصر المظلوم؛ فقال: ". . . «ولينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما، إن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر، وإن كان مظلوما فلينصره» (1).

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما "، قالوا: يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال: " تأخذ فوق يديه» (2).

وينبغي لكل مسلم أن يتحلل من كانت له عنده مظلمة قبل أن يكون الوفاء من الحسنات؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخِذَ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أُخِذ من سيئات صاحبه فَحُمِلَ عليه» (3).

وقد يكون الظلم للرعية أو الأهل والذرية فيستحق الظالم العقاب على ذلك، قال الرسول صلى الله عليه وسلم:«ما من عبد يسترعيه اللهُ رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» (4).

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من دعوة المظلوم، فقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه:". . . «واتقِ دعوة المظلوم؛ فإنها ليس بينها وبين الله حجاب» (5) ومن أمثلة ذلك قصة سعيد بن زيد مع أروى بنت أويس؛ فإنها ادعت عليه أنه أخذ شيئا من أرضها، فخاصمته إلى مروان بن الحكم فقال: " أنا كنت آخذ من أرضها شيئا بعد الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال:

(1) مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، 4/ 1998، برقم 2584.

(2)

البخاري، كتاب المظالم، باب أعن أخاك ظالما أو مظلوما، 3/ 135، برقم 2445.

(3)

البخاري، كتاب المظالم، باب من كانت له مظلمة عند رجل فحللَهَا له هل يبين مظلمته؟، 3/ 136، برقم 2449، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(4)

متفق عليه: من حديث معقل بن يسار: البخاري، كتاب الأحكام، باب من استرعِيَ رعية فلم ينصح، 8/ 136، برقم 7151، ومسلم، كتاب الإيمان باب استحقاق الوالي الغاش لرعيته النار، 1/ 125، برقم 142، واللفظ له.

(5)

متفق عليه: من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: البخاري، كتاب المظالم، باب الاتقاء والحذر من دعوة المظلوم، 3/ 136، برقم 2448، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، 1/ 50، برقم 19.

ص: 789

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أخذ شبرا من الأرض ظلما طُوِّقه إلى سبع أرضين (1) يوم القيامة» فقال له مروان: لا أسألك بينة بعد هذا، فقال: اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها، واقتلها في أرضها [وفي رواية: واجعل قبرها في دارها] قال: فرأيتها عمياء تلتمس الجدر تقول: أصابتني دعوة سعيد بن زيد، فبينما هي تمشي في الدار، [وفي رواية: تمشي في أرضها] مرت على بئر في الدار، فوقعت فيها، فكانت قبرها " (2).

ومن صور استجابة دعوة المظلوم على من ظلمه، قصة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: " شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر رضي الله عنه فعزله واستعمل عليهم عمارا، فشكوا حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي فأرسل إليه فقال: يا أبا إسحاق إن هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلي، قال أبو إسحاق: أمَّا أنا والله فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخرِمُ عنها، أصلي صلاة العشاء فأركدُ في الأوليين وأخفف في الأخريين، قال: ذاك الظنُّ بِك يا أبا إسحاق، فأرسل معه رَجُلا أو رجالًا إلى الكوفة، فسأل عنه أهل الكوفة، ولم يدعْ مسجدا إلا سأل عنه، ويثنون معروفا حتى دخل مسجدا لبني عبس فقام رجلٌ منهم يقال له أسامة بن قتادة يُكنى أبا سعدة، قال: أمَّا إذا نشدتنا فإن سعدا كان لا يسير في السرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية. قال سعدٌ: أَمَا والله لأدعوَنَّ بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذبا قام رياءً وسمعة فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه للفتن، وكان بعد إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون أصابتني دعوة سعد، قال عبد الملك فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر وإنه ليتعرض للجواري في الطرق يغمزهن (3).

(1) طوقه إلى سبع أرضين: يحتمل أن معناه: يحمل مثله من سبع أرضين ويكلف إطاقة ذلك، ويحتمل أن يكون يجعل له كالطوق في عنقه ويطول الله عنقه كما جاء في غلظ جلد الكافر وعظم ضرسه، وقيل معناه: أنه يطوق إثم ذلك ويلزمه كلزوم الطوق في عنقه. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 11/ 53.

(2)

أصل الحديث متفق عليه عن سعيد بن زيد رضي الله عنه: البخاري، كتاب المظالم، باب إثم من ظلم شيئا من الأرض، 3/ 137، برقم 2452، ومسلم، كتاب المساقاة، باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها، 3/ 1230، برقم 1610، واللفظ لمسلم مع سبب ورود الحديث.

(3)

متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإِمام والمأموم في الصلوات كلها في الحضر والسفر، وما يجهر فيها وما يخافت، 1/ 206 برقم 755، واللفظ والقصة له، ومسلم بنحوه، كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر، 1/ 334، برقم 453.

ص: 790

والأحاديث تؤكد أن دعوة المظلوم مستجابة حتى ولو كان فاجرا فاسقا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرا ففجوره على نفسه» (1).

، وقد ذكر الإِمام ابن عبد البر رحمه الله آثارا كثيرة عن السلف الصالح يحذرون فيها من الظلم ويبينون فيها استجابة دعوة المظلوم، ثم قال رحمه الله: ولقد أحسن القائل: "

نامت جفونك والمظلوم منتبه

يدعو عليك وعين الله لم تنم

" (2).

والظلم في الحقيقة: وضع الأشياء في غير مواضعها (3).

وهو على نوعين: 1 - ظلم النفس، وهو ضربان: ظلم النفس بالشرك الذي لا يغفره الله إذا مات العبد عليه قبل التوبة منه، وظلمها بالمعاصي التي يكون صاحبها تحت المشيئة إن لم يتب منها، إن شاء الله غفر له، وإن شاء عذبه بقدر معصيته ثم يخرجه من النار ويدخله الجنة، بعد التطهير من إثم المعصية.

2 -

ظلم العبد لغيره من الخلق وهذا لا يترك الله منه شيئا بل يعطي المظلوم حقه من الظالم ما لم يستحله في الدنيا (4).

والله عز وجل إذا عاقب الظالمين على ظلمهم لم يظلمهم؛ ولهذا قال عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [يونس: 44](5) وقال عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40](6) وقال سبحانه وتعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46](7).

(1) أحمد في المسند، 2/ 367، وابن أبي شيبة في المصنف، 10/ 275، وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 3/ 360:" وإسناده حسن " وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 2/ 407، برقم 767.

(2)

الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار، 27/ 438.

(3)

انظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب، 2/ 35.

(4)

انظر: المرجع السابق، 2/ 36.

(5)

سورة يونس، الآية:44.

(6)

سورة النساء، الآية:40.

(7)

سورة فصلت، الآية:46.

ص: 791

وقال سبحانه: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه: 112](1).

فينبغي للداعية أن يُحذِّر الناس من الظلم وعواقبه في الدنيا والآخرة.

أسأل الله العافية لي ولجميع المسلمين في الدنيا والآخرة.

رابعا: من موضوعات الدعوة: الحث على رحمة المسلمين والشفقة عليهم: دل هذا الحديث على أن من موضوعات الدعوة الحث على الشفقة والرحمة بالمسلمين؛ ولهذا قال عمر رضي الله عنه لمولاه: " وأدخل رب الصريمة ورب الغنيمة. . " وهذا يؤكد أهمية العناية بالفقراء والمحاويج ورحمتهم، وقال عمر رضي الله عنه في أول هذا الحديث لمولاه:" يا هنيُّ اضمم جناحك عن المسلمين ". قال الإمام الكرماني رحمه الله في مفهوم ذلك: " كناية عن الرحمة والشفقة "(2) وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الشفقة والرحمة بالمسلمين ورغب في ذلك فقال: «مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» (3) فينبغي للداعية أن يحض الناس على التراحم والتعاطف والشفقة على المسلمين (4).

خامسا: من صفات الداعية: القوة وجودة النظر: ظهر في هذا الحديث أن القوة وجودة النظر من صفات الداعية، ومما يدل على ذلك فعل عمر وقوله لمولاه هني، حيث أوصاه بضم الجناح للمسلمين، واتقاء دعوة المظلوم، والعناية بأصحاب الأموال القليلة ومراعاة أحوالهم، ومنع غيرهم من الحمى، وبين رضي الله عنه أن رب الصريمة والغنيمة إذا هلكت ماشيتهما؛ فإنهم يأتون إليه ويسألونه الذهب والفضة، وقال رضي الله عنه: " فالماء والكلأ أيسر

(1) سورة طه، الآية:112.

(2)

شرح الكرماني على صحيح البخاري، 13/ 55.

(3)

متفق عليه: من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه: البخاري، كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم، 7/ 102، برقم 6011، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم، وتعاضدهم، 4/ 1999، برقم 2586.

(4)

انظر: الحديث رقم 5، الدرس الأول، ورقم 50، الدرس الرابع.

ص: 792

علي من الذهب والورق ". وهذا يؤكد جودة نظره، وقوته حين منع الأغنياء من الحمى؛ ولهذا قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وفي الحديث ما كان فيه عمر من القوة وجودة النظر، والشفقة على المسلمين " (1).

سادسا: من أساليب الدعوة: الترهيب: دل هذا الحديث على أن أسلوب الترهيب من أهم الأساليب في الدعوة إلى الله عز وجل؛ ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لمولاه: " واتقِ دعوة المظلوم فإن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب "، وهذا فيه تخويف من دعوة المظلوم، وحينئذ يبتعد الإِنسان عن الظلم ووسائله (2).

سابعا: من أساليب الدعوة: الاستفهام الإنكاري: ظهر في هذا الحديث أسلوب الاستفهام الإِنكاري، وذلك في قول عمر رضي الله عنه لمولاه:" أفتاركهم أنا؟ " قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " استفهام إنكاري، معناه لا أتركهم محتاجين "(3) وهذا يؤكد أهمية هذا الأسلوب (4).

ثامنا: من أساليب الدعوة: التأكيد بالقسم: دل هذا الحديث على أن من أساليب الدعوة التأكيد بالقسم؛ ولهذا قال عمر رضي الله عنه: " وأيم الله إنهم ليرون أني قد ظلمتهم؛ إنها لبلادهم فقاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإِسلام، والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبرا ". وهذا يؤكد أهمية التوكيد بالقسم في الدعوة إلى الله عز وجل (5).

تاسعا: أهمية رعاية مصالح المسلمين: ظهر في هذا الحديث عناية عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمصالح المسلمين

(1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 6/ 177.

(2)

انظر: الحديث رقم 7، الدرس الثالث عشر، ورقم 12، الدرس الثالث.

(3)

فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 6/ 177.

(4)

انظر: الحديث رقم 4، الدرس الرابع.

(5)

انظر: الحديث رقم 10، الدرس الخامس، ورقم 14، الدرس الخامس أيضا.

ص: 793

وإنزال كل إنسان منزلته على حسب حاجته، مراعاة لحاله، وأنه لم يحمِ إلا لمصلحة المسلمين والجهاد في سبيل الله عز وجل؛ ولهذا قال:" والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبرا " وسمعت سماحة العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله يقول: " وهذا يدل على أن لولي الأمر أن يحمي للجهاد لا لنفسه، [و] يوصي بالرحمة للفقراء وأهل الحاجة "(1) وهذا كله يؤكد أهمية العناية بمصالح المسلمين. (2).

(1) سمعت ذلك من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم 3059 من صحيح البخاري.

(2)

انظر: الحديث رقم 118، الدرس السادس.

ص: 794