المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم رهطا من الأنصار إلى أبي رافع] - فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري - جـ ٢

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌ باب يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة

- ‌[حديث إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا]

- ‌ باب السير وحده

- ‌[حديث لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده]

- ‌ باب الجهاد بإذن الأبوين

- ‌[حديث جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال أحي والداك]

- ‌ باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل

- ‌[حديث لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت]

- ‌ بَابُ الجَاسُوسِ

- ‌[حديث انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها]

- ‌ بَابُ الأُسَارَى فِي السَّلَاسِلِ

- ‌[حديث عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل]

- ‌ بَابُ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ، فَيُصَاُب الوِلْدَانُ وَالذَّرَارِيُّ

- ‌[حديث حمى إلا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم]

- ‌ بَابُ قَتْلِ الصِّبْيَانِ فِي الْحَرْبِ

- ‌[حديث إنكار النبي صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان]

- ‌ باب لا يعذب بعذاب الله

- ‌[حديث لا تعذبوا بعذاب الله]

- ‌ بَابٌ

- ‌[حديث أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله]

- ‌ باب حرق الدور والنخيل

- ‌[حديث ألا تريحني من ذي الخلصة]

- ‌ بَابُ قَتْلِ النَّائِمِ المُشْرِكِ

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم رهطا من الأنصار إلى أبي رافع]

- ‌ باب لا تمنوا لقاء العدو

- ‌[حديث لا تمنوا لقاء العدو]

- ‌ باب الحرب خدعة

- ‌[حديث هلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده]

- ‌[حديث تسمية النبي صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة]

- ‌[حديث الحرب خدعة]

- ‌ باب من لا يثبت على الخيل

- ‌[حديث ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي]

- ‌ باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه، حتى يسمع الناس

- ‌[حديث أخذ لقاح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب إذا نزل العدو على حكم رجل]

- ‌[حديث حكم سعد في بني قريظة]

- ‌ بَابُ هل يستأسر الرجل؟ ومن لم يستأسر، وَمَنْ ركَعَ رَكعَتينِ عندَ القتل

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم عشرة رهط سرية]

- ‌ باب فكاك الأسير

- ‌[حديث فكوا العاني وأطعموا الجائع وعودوا المريض]

- ‌ باب الحربِي إِذَا دخَل دار الإسْلامِ بغَيْرِ أمَانٍ

- ‌[حديث أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر]

- ‌ بَابُ كيفَ يُعرَض الإسلامُ على الصّبيّ

- ‌[حديث ذكر الدجال وقوله فيه تعلمون أنه أعور وإن الله ليس بأعور]

- ‌ باب إذا أسلم قوم في دَارِ الحرب ولهُمْ مال وأَرَضُونَ فَهي لهمْ

- ‌[حديث استعمال عمر بن الخطاب مولى له يدعى هنيا ونصيحته له]

- ‌ باب كتابة الإمام الناس

- ‌[حديث اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس]

- ‌ بَاب إِن الله يُؤيِّدُ الدِّين بالرجُل الفاجر

- ‌[حديث قال لرجل ممن يدعي الإسلام هذا من أهل النار]

- ‌ باب من غلب العدو، فأقام على عرصتهم ثلاثا

- ‌[حديث أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال]

- ‌ باب إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم

- ‌[حديث أن ابن عمر ذهب فرس له فأخذه العدو]

- ‌ باب من تكلم بالفارسية والرطنة

- ‌[حديث إن جابرا قد صنع سور فحيهلا بكم]

- ‌[حديث أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي]

- ‌ باب القليل من الغلول

- ‌[حديث كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة]

- ‌ باب لا هجرة بعد الفتح

- ‌[حديث انقطعت الهجرة منذ فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم مكة]

- ‌ باب استقبال الغزاة

- ‌[حديث قول ابن الزبير لابن جعفر أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث ذهبنا نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصبيان إلى ثنية الوداع]

- ‌الفصل الثالث: كتاب الفرائض

- ‌ باب فرض الخمس

- ‌[حديث أن فاطمة سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها]

- ‌[حديث لا نورث ما تركنا صدقة]

- ‌ باب نفقة نساء النّبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

- ‌[حديث توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيته من شيء]

- ‌ باب ما جاء في بيوت أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما نسب من البيوت إليهنّ

- ‌[حديث ها هنا الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان]

- ‌ باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم، وعصاه، وسيفه، وقدحه، وخاتمه وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم يذكر قسمته، ومن شعره، ونعله، وآنيته، ممّا تبرك أصحابه وغيرهم بعد وفاته

- ‌[حديث إخراج أنس نعلين جرداوين لهما قبالان]

- ‌[حديث إخراج عائشة كساء ملبدا وقولها في هذا نزع روح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم كسر]

- ‌[حديث لو كان علي ذاكرا عثمان ذكره يوم جاءه ناس

- ‌ باب الدّليل على أنّ الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمساكين

- ‌[حديث أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحنه]

- ‌ باب قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [

- ‌[حديث إنما أنا قاسم وخازن والله يعطي]

- ‌[حديث إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت]

- ‌[حديث إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق]

- ‌ باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحلّت لكم الغنائم»

- ‌[حديث أحلت لكم الغنائم]

- ‌[حديث غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة]

- ‌ باب بركة الغازي في ماله حيّا وميتا، مع النّبي صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر

- ‌[حديث لما وقف الزبير يوم الجمل دعا ابنه عبد الله]

- ‌ باب إذا بعث الإمام رسولا في حاجة، أو أمره بالمقام، هل يسهم له

- ‌[حديث قوله صلى الله عليه وسلم لعثمان إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه]

- ‌ باب ومن الدّليل على أنّ الخمس لنوائب المسلمين

- ‌[حديث والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم]

- ‌[حديث بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية قبل نجد فيها عبد الله بن عمر]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش]

- ‌[حديث قسم النبي لإصحاب السفينة مع جعفر وأصحابه حين افتتح خيبر]

- ‌[حديث لقد شقيت إن لم أعدل]

- ‌ بَابُ ما مَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الأَسارى من غيرِ أن يخمّسَ

- ‌[حديث قوله في أسارى بدر لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتتركتهم له]

- ‌ باب وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الخُمُسَ لِلإِمَامِ، وأَنهُ يُعْطِي بعض قَرَابَتِهِ دُونَ بعض

- ‌[حديث إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد]

- ‌ باب مَنْ لم يخَمِّس الأَسلابَ وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلا فَله سَلبه من غَير أن يخَمّسَ، وحكم الإمَامِ فيهِ

- ‌[حديث قتل إبي جهل]

- ‌ باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعطي المُؤلفة قلوبهم وغَيْرهم مِنَ الخمس وَنحوِه

- ‌[حديث أسماء كنت أنقل النوى من أرض الزبير

- ‌ باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب

- ‌[حديث استحياء عبد الله بن مغفل من رسول الله]

- ‌[حديث ابن عمر كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه]

- ‌[حديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الأهلية]

- ‌[الفصل الرابع كتاب الجزية والموادعة]

- ‌ باب الجزية والموادعة، مع أهل الذمة والحرب

- ‌[حديث قول عمر فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر]

- ‌[حديث بعثه صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها]

- ‌[حديث بعث عمر الناس في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين]

- ‌[حديث كان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات]

- ‌ بابُ إثم من قتل معاهدا بغير جرم

- ‌[حديث من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة]

- ‌ بابُ إِخْراجِ اليهُودِ من جزيرةِ العرب

- ‌[حديث أقركم ما أقركم الله]

- ‌ بابُ إِذا غدر الْمُشْركُون بِالْمُسْلمين هلْ يُعْفى عنْهمْ

- ‌[حديث لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم]

- ‌ بَاب هَل يُعفَى عنِ الذِّمِّيِّ إذا سَحَر

- ‌[حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئًا ولم يصنعه]

- ‌ باب ما يحذر من الغدر

- ‌[حديث اعدد ستا بين يدي الساعة]

- ‌ باب إثم من عاهد ثم غدر

- ‌[حديث كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارا ولا درهما]

- ‌ باب

- ‌[حديث قول سهل بن حنيف اتهموا رأيكم رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر النبي لرددته]

- ‌ باب إثم الغادر للبر والفاجر

- ‌[حديث لكل غادر لواء يوم القيامة]

- ‌[حديث لكل غادر لواء ينصب لغدرته]

- ‌القسم الثانيالمنهج الدعوي المستخلص من الدراسة

- ‌الفصل الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالداعية

- ‌[الفصل الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالمدعو]

- ‌[الفصل الثالث المنهج الدعوي المتعلق بموضوع الدعوة]

- ‌الفصل الرابع: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل والأساليب

- ‌المبحث الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل

- ‌[المبحث الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالأساليب]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[التوصيات والمقترحات]

الفصل: ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم رهطا من الأنصار إلى أبي رافع]

155 -

‌ بَابُ قَتْلِ النَّائِمِ المُشْرِكِ

[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم رهطا من الأنصار إلى أبي رافع]

123 -

[3022] حدثنا علي بن مسلم: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: حدثني أبي، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب (1) رضي الله عنه قال:«بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطا من الأنصار إلى أبي رافع؛ ليقتلوه، فانطلق رجل منهم فدخل حصنهم، قال: فدخلت في مربط دواب لهم، قال: وأغلقوا باب الحصن، ثم إنهم فقدوا حمارًا لهم فخرجوا يطلبونه، فخرجت فيمن خرج أريهم أنني أطلبه معهم، فوجدوا الحمار، فدخلوا ودخلت، وأغلقوا باب الحصن ليلًا، فوضعوا المفاتيح في كوة حيث أراها، فلما ناموا أخذت المفاتيح ففتحت باب الحصن، ثم دخلت عليه فقلت: يا أبا رافع، فأجابني، فتعمدت الصوت فضربته، فصاح، فخرجت، ثم جئت ثم رجعت كأني مغيث، فقلت يا أبا رافع -وغيرت صوتي- فقال: ما لك لأمك الويل، قلت: ما شأنك؟ قال: لا أدري من دخل علي فضربني، قال: فوضعت سيفي في بطنه، ثم تحاملت عليه حتى قرع العظم، ثم خرجت وأنا دهش، فأتيت سلما لهم لأنزل منه فوقعت، فوثئت رجلي، فخرجت إلى أصحابي فقلت: ما أنا ببارح، حتى أسمع الناعية، فما برحت حتى سمعت نعايا أبي رافع تاجر أهل الحجاز. قال: فقمت وما بي قلبة، حتى أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرناه» (2).

وفي رواية: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي رافع اليهودي رجالًا من الأنصار فأمر عليهم عبد الله بن عتيك (3) وكان أبو رافع يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعين عليه، وكان في حصن له بأرض الحجاز فلما دنوا منه وقد غربت الشمس وراح الناس

(1) تقدمت ترجمته في الحديث رقم 30.

(2)

[الحديث 3022] أطرافه في: كتاب الجهاد والسير، باب قتل النائم المشرك، 4/ 29، برقم 3023. وكتاب المغازي، باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق، 5/ 31 - 33، برقم 4038 و 4039 و 4040.

(3)

عبد الله بن عتيك بن قيس بن الأسود الأنصاري رضي الله عنه، لا خلاف في أنه شهد أحدا وما بعدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: شهد بدرا، وقيل: إنه قتل يوم اليمامة شهيدًا في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، سنة ثنتي عشرة. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر، 2/ 341.

ص: 720

بسرحهم، فقال عبد الله لأصحابه: اجلسوا مكانكم، فإني منطلق ومتلطف للبواب، لعلي أن أدخل، فأقبل حتى دنا من الباب، ثم تقنع بثوبه كأنه يقضي حاجةً، وقد دخل الناس فهتف به البواب يا عبد الله إن كنت تريد أن تدخل فادخل فإني أريد أن أغلق الباب، فدخلت فكمنت، فلما دخل الناس أغلق الباب، ثم علق الأغاليق على وتد قال: فقمت إلى الأقاليد فأخذتها ففتحت الباب، وكان أبو رافع يسمر عنده، وكان في علالي له فلما ذهب عنه أهل سمره صعدت إليه فجعلت كلما فتخت بابا أغلقت علي من داخل قلت: إن القوم نذروا بي لم يخلصوا إلي حتى أقتله فانتهيت إليه فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله، لا أدري أين هو من البيت؟ فقلت: أبا رافع، فقال: من هذا؟ فأهويت نحو الصوت فأضربه ضربةً بالسيف وأنا دهش فما أغنيت شيئًا، وصاح فخرجت من البيت فأمكث غير بعيد، ثم دخلت إليه فقلت: ما هذا الصوت يا أبا رافع؟ فقال: لأمك الويل إن رجلًا في البيت ضربني قبل بالسيف، قال فأضربه ضربةً أثخنته ولم أقتله، ثم وضعت ظبة السيف في بطنه حتى أخذ في ظهره فعرفت أني قتلته فجعلت أفتح الأبواب بابا بابا حتى انتهيت إلى درجة له فوضعت رجلي وأنا أرى أني قد انتهيت إلى الأرض فوقعت في ليلة مقمرة فانكسرت ساقي فعصبتها بعمامة ثم انطلقت حتى جلست على الباب، فقلت: لا أخرج الليلة حتى أعلم أقتلته فلما صاح الديك قام الناعي على السور، فقال: أنعى أبا رافع تاجر أهل الحجاز فانطلقت إلى أصحابي فقلت النجاء فقد قتل الله أبا رافع فانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته فقال لي: "ابسط رجلك" فبسطت رجلي فمسحها فكأنها لم أشتكها قط». (1).

وفي رواية: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبى رافع عبد الله بن عتيك وعبد الله بن عتبة في ناس معهم فانطلقوا حتى دنوا من الحصن فقال لهم عبد الله بن عتيك:

(1) الطرف رقم 4039.

ص: 721

امكثوا أنتم حتى أنطلق فأنظر قال: فتلطفت أن أدخل الحصن ففقدوا حمارًا لهم، قال: فخرجوا بقبس يطلبونه قال: فخشيت أن أعرف فغطيت رأسي ورجلي كأني أقضي حاجةً، ثم نادى صاحب الباب من أراد أن يدخل فليدخل قبل أن أغلقه، فدخلت ثم اختبأت في مربط حمار عند باب الحصن، فتعشوا عند أبي رافع وتحدثوا حتى ذهبت ساعة من الليل، ثم رجعوا إلى بيوتهم، فلما هدأت الأصوات ولا أسمع حركةً خرجت قال: ورأيت صاحب الباب حيث وضع مفتاح الحصن في كوة فأخذته ففتحت به باب الحصن، قال: قلت إن نذر بي القوم انطلقت على مهل، ثم عمدت إلى أبواب بيوتهم فغلقتها عليهم من ظاهر، ثم صعدت إلى أبي رافع في سلم فإذا البيت مظلم قد طفئ سراجه فلم أدر أين الرجل؟ فقلت: يا أبا رافع، قال: من هذا؟ قال: فعمدت نحو الصوت فأضربه وصاح فلم تغن شيئًا؟ قال: ثم جئت كأني أغيثه فقلت: ما لك يا أبا رافع؟ وغيرت صوتي، فقال: ألا أعجبك لأمك الويل؟ دخل علي رجل فضربني بالسيف، قال: فعمدت له أيضًا فأضربه أخرى فلم تغن شيئًا فصاح وقام أهله، قال: ثم جئت وغيرت صوتي كهيئة المغيث، فإذا هو مستلق على ظهره فأضع السيف في بطنه أنكفئ عليه حتى سمعت صوت العظم، ثم خرجت دهشا حتى أتيت السلم أريد أن أنزل فأسقط منه فانخلعت رجلي فعصبتها ثم أتيت أصحابي أحجل، فقلت لهم: انطلقوا فبشروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني لا أبرح حتى أسمع الناعية، فلما كان في وجه الصبح صعد الناعية فقال: أنعى أبا رافع، قال: فقمت أمشي ما بي قلبة، فأدركت أصحابي قبل أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فبشرته». (1).

*شرح غريب الحديث: * " الرهط " الجماعة من الناس دون العشرة (2).

(1) الطرف رقم 4040.

(2)

انظر: جامع الأصول من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لابن الأثير، 8/ 233.

ص: 722

* " الكوة " ثقب في جدار البيت أو الثقبة النافذة في الحائط (1).

* " فوثئت " فوثئت رجلي: أصابها وهن وألم دون الخلع والكسر (2).

* " الناعية " أي النائحة، والنعاة: المخبرون بموت من مات. (3).

* " قلبة " ما به قلبة: أي ليست به علة يقلب بها فينظر إليه (4).

* " سرحهم " السرح، والسارحة، والسارح سواء: الماشية (5).

* " الأقاليد " المفاتيح (6).

* " الأغاليق " هي المفاتيح واحدها إغليق (7).

* " علالي " الغرفة في الطبقة الثانية من الدار وما فوقها (8).

* " أثخنته " أي بالغت فيه يقال: أثخنته الجراحة: أي بالغت فيه (9).

* " ظبة " وضعت ظبة السيف في بطنه: أي طرف السيف (10).

* " النجاء " مصدر منصوب: أي انجوا النجاء، تكراره للتأكيد: النجاء، النجاء: أي انجوا بأنفسكم، والنجاء: السرعة: يقال: نجا ينجو نجاءً إذا أسرع (11).

* " نذروا بي أي علموا بي (12).

* " دهش " يقال: دهش ودهش: إذا بهت، وأنا داهش: أي باهت (13).

(1) انظر: مختار الصحاح، للرازي، باب الكاف، مادة:"كوى" ص 243، وجامع الأصول لابن الأثير 8/ 233.

(2)

انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص130، والنهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الواو مع الثاء، مادة:"وثا" 5/ 150.

(3)

تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص130.

(4)

المرجع السابق، ص130.

(5)

انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب السين مع الراء، مادة:"سرح" 2/ 358.

(6)

تفسير غريب ما في الصحيحين، ص 130.

(7)

النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الغين مع اللام، مادة:"غلق" 3/ 380.

(8)

المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية، مادة:"علا" 2/ 625.

(9)

تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 130.

(10)

انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الظاء مع الباء، مادة:"ظبب" 3/ 155.

(11)

انظر؛ المرجع السابق، باب النون مع الجيم، مادة:"نجا" 5/ 25.

(12)

انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 130، والنهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب النون مع الذال، مادة:"نذر" 5/ 39.

(13)

تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 130.

ص: 723

* " أحجل " يحجل في مشيه إذا قارب الخطو، والحجل أن يرفع رجلًا ويقفز على الأخرى (1).

* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:

1 -

من وسائل الدعوة: بعث البعوث.

2 -

من صفات الداعية: الفطنة والذكاء.

3 -

من صفات الداعية: الشجاعة.

4 -

من وسائل الدعوة: قتل الإمام كل من آذى الله ورسوله.

5 -

الابتلاء والامتحان لأولياء الله عز وجل.

6 -

الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل.

7 -

أهمية الحرص على الأخذ باليقين في الأمور كلها.

8 -

من صفات الداعية: إثبات النعم لله والثناء عليه بها.

9 -

من معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم: شفاء المرضى بإذن الله عز وجل.

10 -

أهمية البشارة في الدعوة إلى الله عز وجل.

والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:

أولًا: من وسائل الدعوة: بعث البعوث: لا ريب أن بعث البعوث للدعوة والجهاد من أهم وسائل الدعوة إلى الله عز وجل؛ ولهذا اعتنى النبي صلى الله عليه وسلم ببعث البعوث ومن ذلك ما جاء في هذا الحديث: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطًا من الأنصار إلى أبي رافع؛ ليقتلوه» .

فينبغي العناية بهذه الوسيلة؛ لأهميتها في الدعوة إلى الله عز وجل (2).

ثانيًا: من صفات الداعية: الفطنة والذكاء: ظهر في هذا الحديث أهمية الفطنة والذكاء، وأن الداعية ينبغي له أن يتصف

(1) انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين، للحميدي، ص 129.

(2)

انظر: الحديث رقم 66، الدرس الثالث، ورقم 92، الدرس الحادي عشر.

ص: 724

بهذه الصفة الحميدة؛ ولهذه الصفة عمل عبد الله بن عتيك رضي الله عنه أمورًا تدل على ذكائه وفطنته: منها: دخوله في مربط الدواب؛ ليتمكن من دخول الحصن، وخروجه مع من يخرج يبحث معهم عن الحمار؛ ليظهر لهم أنه يطلبه معهم، وانتباهه لمكان المفاتيح؛ ليتمكن من قبضها، وتقنعه بثوبه كأنه يقضي حاجته حتى لا يفطن له، وأخذه المفاتيح وإغلاقه أبواب بيوتهم عليهم من ظاهر وإغلاقه الأبواب على نفسه من داخل حتى لا يستطيعوا الوصول إليه إذا علموا به، ونداؤه لأبي رافع عندما لم يستطع الحصول على مكانه في البيت المظلم، وتغييره لصوته ونداؤه مرة أخرى لأبي رافع؛ ليعرف مكانه ثم يجهز عليه فيتحقق من قتله، وهذه أمور تدل على ذكاء عبد الله بن عتيك وفطنته رضي الله عنه. فينبغي للداعية أن يكون ذكيا فطنًا منتبها. والله المستعان (1).

ثالثًا: من صفات الداعية: الشجاعة: ظهرت صفة الشجاعة في هذا الحديث من فعل عبد الله بن عتيك رضي الله عنه، لأنه عمل أعمالًا تدل على شجاعته وقوة قلبه وعقله؛ حيث دخل في حصن أبي رافع بن أبي الحقيق، وكان متسترًا في تلك الجموع الكثيرة: من الحراس، والضيوف وغيرهم، فتجسس على هذا الطاغية حتى قتله؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:"وفي هذا الحديث جواز اغتيال المشرك الذي بلغته الدعوة وأصر (2) وجواز التجسس على أهل الحرب وتطلب غرتهم، والأخذ بالشدة في محاربة المشركين، وجواز إبهام القول للمصلحة. . . "(3).

فينبغي للداعية أن يكون شجاعًا عقليًّا وقلبيًّا في أموره كلها، والله الموفق (4).

رابعًا: من وسائل الدعوة: قتل الإمام كل من آذى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم: دل هذا الحديث على أن من وسائل الدعوة قتل كل من صدر منه أذىً لله أو

(1) انظر: الحديث رقم 29، الدرس الأول.

(2)

وأصر: أي استمر على كفره ومحاربته الإسلام والمسلمين. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الصاد مع الراء، مادة "صرر" 3/ 22.

(3)

فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 7/ 345، بتصرف يسير.

(4)

انظر: الحديث رقم 35، الدرس الخامس، ورقم 61، الدرس الثاني.

ص: 725

لرسوله صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطًا إلى أبي رافع ليقتلوه» ؛ لأنه كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعاديه، ويؤلب عليه الناس (1)؛ قال ابن حجر رحمه الله:"وفي الحديث من الفوائد جواز. . . قتل من أعان على رسول الله صلى الله عليه وسلم: بيده، أو ماله، أو لسانه"(2) وهذا يؤكد أهمية قتل من آذى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. (3) وهو من أهم وسائل الدعوة؛ لأنه يزيل العوائق التي في طريقها، وفيه نصرة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وكذلك قتل الإمام للمرتدين بعد استتابتهم، وإقامة القصاص في قتل العمد، وتنفيذ الحدود، كل هذه الأمور من الوسائل الدعوية المهمة (4).

خامسًا: الابتلاء والامتحان لأولياء الله عز وجل: ظهر في هذا الحديث أن من سنة الله عز وجل أن يبتلي عباده بالسراء والضراء؛ وقد حصل لعبد الله بن عتيك رضي الله عنه من ذلك بعض الابتلاء، فانكسرت ساقه بعد أن قتل صاحب الأذية البالغة لرسول الله صلى الله عليه وسلم " أبا رافع: عبد الله بن أبي الحقيق، ويقال: سلام بن أبي الحقيق اليهودي " (5) وهذا يؤكد على الدعاة إلى الله عز وجل أن يعلموا أن الله عز وجل يبتلي عباده بالسراء والضراء، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط، أسأل الله لي ولجميع المسلمين العافية في الدنيا والآخرة (6).

سادسًا: الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل: دل هذا الحديث على أن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل؛ ولهذا أخذ عبد الله بن عتيك بالأسباب في عدة أمور منها: أنه اختفى من الحرس وأهل الحصن، وعمل بالمكر لهم، وأغلق عليهم الأبواب، وأغلق على نفسه من

(1) انظر: فتح الباري لابن حجر، 7/ 345.

(2)

المرجع السابق 7/ 345 ببعض التصرف اليسير.

(3)

انظر: الحديث رقم 94، الدرس الرابع.

(4)

انظر: الحديث رقم 89، الدرس الثامن، والحديث رقم 94، الدرس الرابع.

(5)

انظر: فتح الباري لابن حجر، 7/ 342.

(6)

انظر: الحديث رقم 9، الدرس الثامن، ورقم 66، الدرس الأول.

ص: 726

الداخل، وعصب رجله عندما انكسرت، وغير ذلك، وهذا يؤكد أهمية الأخذ بالأسباب مع اعتماد القلب على الله وحده سبحانه وتعالى (1).

سابعًا: أهمية الحرص على الأخذ باليقين في الأمور كلها: إن طرح الشك والأخذ باليقين من أهم القواعد الدعوية التي ينبغي للداعية أن يعمل بها في كل شيء من أمور حياته؛ ولهذه الأهمية عمل عبد الله بن عتيك في هذا الحديث بهذه القاعدة، فعندما ضرب أبا رافع بالسيف شك هل قتله أم لا، فرجع وغير صوته وقال: ما هذا الصوت يا أبا رافع فتأكد أنه لم يمت فوضع ظبة السيف في بطنه حتى سمع صوت العظم، وهذا يدل على رغبة عبد الله رضي الله عنه في اليقين؛ ولهذا أراد أن يزداد يقينه فقال لأصحابه: ما أنا ببارح حتى أسمع الناعية، فبقي حتى صاح الديك فقام الناعي على السور فقال: أنعى أبا رافع تاجر أهل الحجاز، فعندما تيقن رضي الله عنه رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يؤكد أهمية العمل باليقين وطرح الشك (2).

ثامنًا: من صفات الداعية: إثبات النعم لله والثناء عليه بها: لا شك أن من الأدب إثبات النعم لله ونسبتها إليه، والثناء عليه بها؛ لأنه سبحانه الذي أعطى النعم؛ ولهذا قال الله عز وجل:{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: 53](3).

وقد ظهرت تلك الصفة في قول عبد الله بن عتيك رضي الله عنه: "فانطلقت إلى أصحابي فقلت: النجاء فقد قتل الله أبا رافع " وهذا يدل على صدقه وإخلاصه لله، وأدبه الكامل؛ لأنه لم يقل: قتلت وإنما قال: قتل الله، فنسب هذه النعمة لله عز وجل.

فينبغي للداعية أن ينسب جميع النعم لله ويثني عليه بها (4).

(1) انظر: الحديث رقم 30، الدرس الخامس.

(2)

انظر: الحديث رقم 28، الدرس الرابع.

(3)

سورة النحل، الآية 53.

(4)

انظر: الحديث رقم 46، الدرس السادس عشر، ورقم 106، الدرس الخامس.

ص: 727

تاسعًا: من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم: شفاء المرضى بإذن الله عز وجل: إن من دلائل النبوة الحسية التي تدل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم ما جعل الله على يد محمد صلى الله عليه وسلم من شفاء بعض المرضى، ومن ذلك ما فعله مع عبد الله بن عتيك رضي الله عنه عندما انكسرت ساقه، قال عبد الله بن عتيك رضي الله عنه:«فانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته فقال: "ابسط رجلك" فبسطت رجلي فمسحها فكأنها لم أشتكها قط» وقد حصل للنبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك في وقائع كثيرة (1).

عاشرًا: أهمية البشارة في الدعوة إلى الله عز وجل: إن البشارة لها أهمية بالغة في الدعوة إلى الله عز وجل؛ لما لها من إدخال السرور والفرح المحمود على المسلم؛ ولهذا رغب عبد الله بن عتيك رضي الله عنه في أن يكون هو الذي يبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل أبي رافع، فقال لأصحابه:"انطلقوا فبشروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني لا أبرح حتى أسمع الناعية، فلما كان في وجه الصبح صعد الناعية فقال: أنعى أبا رافع، قال فقمت أمشي ما بي قلبه فأدركت أصحابي قبل أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فبشرته". وهذا يدل على رغبة عبد الله رضي الله عنه في أن يكون هو الذي يبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدخل السرور عليه (2).

(1) انظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية 6/ 201 - 208، وانظر: الحديث رقم 92، الدرس الأول.

(2)

انظر: الحديث رقم 9، الدرس التاسع، ورقم 83، الدرس الأول، ورقم 89، الدرس الرابع.

ص: 728