المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حديث غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة] - فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري - جـ ٢

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌ باب يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة

- ‌[حديث إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا]

- ‌ باب السير وحده

- ‌[حديث لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده]

- ‌ باب الجهاد بإذن الأبوين

- ‌[حديث جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال أحي والداك]

- ‌ باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل

- ‌[حديث لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت]

- ‌ بَابُ الجَاسُوسِ

- ‌[حديث انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها]

- ‌ بَابُ الأُسَارَى فِي السَّلَاسِلِ

- ‌[حديث عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل]

- ‌ بَابُ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ، فَيُصَاُب الوِلْدَانُ وَالذَّرَارِيُّ

- ‌[حديث حمى إلا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم]

- ‌ بَابُ قَتْلِ الصِّبْيَانِ فِي الْحَرْبِ

- ‌[حديث إنكار النبي صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان]

- ‌ باب لا يعذب بعذاب الله

- ‌[حديث لا تعذبوا بعذاب الله]

- ‌ بَابٌ

- ‌[حديث أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله]

- ‌ باب حرق الدور والنخيل

- ‌[حديث ألا تريحني من ذي الخلصة]

- ‌ بَابُ قَتْلِ النَّائِمِ المُشْرِكِ

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم رهطا من الأنصار إلى أبي رافع]

- ‌ باب لا تمنوا لقاء العدو

- ‌[حديث لا تمنوا لقاء العدو]

- ‌ باب الحرب خدعة

- ‌[حديث هلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده]

- ‌[حديث تسمية النبي صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة]

- ‌[حديث الحرب خدعة]

- ‌ باب من لا يثبت على الخيل

- ‌[حديث ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي]

- ‌ باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه، حتى يسمع الناس

- ‌[حديث أخذ لقاح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب إذا نزل العدو على حكم رجل]

- ‌[حديث حكم سعد في بني قريظة]

- ‌ بَابُ هل يستأسر الرجل؟ ومن لم يستأسر، وَمَنْ ركَعَ رَكعَتينِ عندَ القتل

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم عشرة رهط سرية]

- ‌ باب فكاك الأسير

- ‌[حديث فكوا العاني وأطعموا الجائع وعودوا المريض]

- ‌ باب الحربِي إِذَا دخَل دار الإسْلامِ بغَيْرِ أمَانٍ

- ‌[حديث أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر]

- ‌ بَابُ كيفَ يُعرَض الإسلامُ على الصّبيّ

- ‌[حديث ذكر الدجال وقوله فيه تعلمون أنه أعور وإن الله ليس بأعور]

- ‌ باب إذا أسلم قوم في دَارِ الحرب ولهُمْ مال وأَرَضُونَ فَهي لهمْ

- ‌[حديث استعمال عمر بن الخطاب مولى له يدعى هنيا ونصيحته له]

- ‌ باب كتابة الإمام الناس

- ‌[حديث اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس]

- ‌ بَاب إِن الله يُؤيِّدُ الدِّين بالرجُل الفاجر

- ‌[حديث قال لرجل ممن يدعي الإسلام هذا من أهل النار]

- ‌ باب من غلب العدو، فأقام على عرصتهم ثلاثا

- ‌[حديث أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال]

- ‌ باب إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم

- ‌[حديث أن ابن عمر ذهب فرس له فأخذه العدو]

- ‌ باب من تكلم بالفارسية والرطنة

- ‌[حديث إن جابرا قد صنع سور فحيهلا بكم]

- ‌[حديث أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي]

- ‌ باب القليل من الغلول

- ‌[حديث كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة]

- ‌ باب لا هجرة بعد الفتح

- ‌[حديث انقطعت الهجرة منذ فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم مكة]

- ‌ باب استقبال الغزاة

- ‌[حديث قول ابن الزبير لابن جعفر أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث ذهبنا نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصبيان إلى ثنية الوداع]

- ‌الفصل الثالث: كتاب الفرائض

- ‌ باب فرض الخمس

- ‌[حديث أن فاطمة سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها]

- ‌[حديث لا نورث ما تركنا صدقة]

- ‌ باب نفقة نساء النّبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

- ‌[حديث توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيته من شيء]

- ‌ باب ما جاء في بيوت أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما نسب من البيوت إليهنّ

- ‌[حديث ها هنا الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان]

- ‌ باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم، وعصاه، وسيفه، وقدحه، وخاتمه وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم يذكر قسمته، ومن شعره، ونعله، وآنيته، ممّا تبرك أصحابه وغيرهم بعد وفاته

- ‌[حديث إخراج أنس نعلين جرداوين لهما قبالان]

- ‌[حديث إخراج عائشة كساء ملبدا وقولها في هذا نزع روح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم كسر]

- ‌[حديث لو كان علي ذاكرا عثمان ذكره يوم جاءه ناس

- ‌ باب الدّليل على أنّ الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمساكين

- ‌[حديث أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحنه]

- ‌ باب قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [

- ‌[حديث إنما أنا قاسم وخازن والله يعطي]

- ‌[حديث إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت]

- ‌[حديث إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق]

- ‌ باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحلّت لكم الغنائم»

- ‌[حديث أحلت لكم الغنائم]

- ‌[حديث غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة]

- ‌ باب بركة الغازي في ماله حيّا وميتا، مع النّبي صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر

- ‌[حديث لما وقف الزبير يوم الجمل دعا ابنه عبد الله]

- ‌ باب إذا بعث الإمام رسولا في حاجة، أو أمره بالمقام، هل يسهم له

- ‌[حديث قوله صلى الله عليه وسلم لعثمان إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه]

- ‌ باب ومن الدّليل على أنّ الخمس لنوائب المسلمين

- ‌[حديث والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم]

- ‌[حديث بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية قبل نجد فيها عبد الله بن عمر]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش]

- ‌[حديث قسم النبي لإصحاب السفينة مع جعفر وأصحابه حين افتتح خيبر]

- ‌[حديث لقد شقيت إن لم أعدل]

- ‌ بَابُ ما مَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الأَسارى من غيرِ أن يخمّسَ

- ‌[حديث قوله في أسارى بدر لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتتركتهم له]

- ‌ باب وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الخُمُسَ لِلإِمَامِ، وأَنهُ يُعْطِي بعض قَرَابَتِهِ دُونَ بعض

- ‌[حديث إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد]

- ‌ باب مَنْ لم يخَمِّس الأَسلابَ وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلا فَله سَلبه من غَير أن يخَمّسَ، وحكم الإمَامِ فيهِ

- ‌[حديث قتل إبي جهل]

- ‌ باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعطي المُؤلفة قلوبهم وغَيْرهم مِنَ الخمس وَنحوِه

- ‌[حديث أسماء كنت أنقل النوى من أرض الزبير

- ‌ باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب

- ‌[حديث استحياء عبد الله بن مغفل من رسول الله]

- ‌[حديث ابن عمر كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه]

- ‌[حديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الأهلية]

- ‌[الفصل الرابع كتاب الجزية والموادعة]

- ‌ باب الجزية والموادعة، مع أهل الذمة والحرب

- ‌[حديث قول عمر فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر]

- ‌[حديث بعثه صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها]

- ‌[حديث بعث عمر الناس في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين]

- ‌[حديث كان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات]

- ‌ بابُ إثم من قتل معاهدا بغير جرم

- ‌[حديث من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة]

- ‌ بابُ إِخْراجِ اليهُودِ من جزيرةِ العرب

- ‌[حديث أقركم ما أقركم الله]

- ‌ بابُ إِذا غدر الْمُشْركُون بِالْمُسْلمين هلْ يُعْفى عنْهمْ

- ‌[حديث لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم]

- ‌ بَاب هَل يُعفَى عنِ الذِّمِّيِّ إذا سَحَر

- ‌[حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئًا ولم يصنعه]

- ‌ باب ما يحذر من الغدر

- ‌[حديث اعدد ستا بين يدي الساعة]

- ‌ باب إثم من عاهد ثم غدر

- ‌[حديث كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارا ولا درهما]

- ‌ باب

- ‌[حديث قول سهل بن حنيف اتهموا رأيكم رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر النبي لرددته]

- ‌ باب إثم الغادر للبر والفاجر

- ‌[حديث لكل غادر لواء يوم القيامة]

- ‌[حديث لكل غادر لواء ينصب لغدرته]

- ‌القسم الثانيالمنهج الدعوي المستخلص من الدراسة

- ‌الفصل الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالداعية

- ‌[الفصل الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالمدعو]

- ‌[الفصل الثالث المنهج الدعوي المتعلق بموضوع الدعوة]

- ‌الفصل الرابع: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل والأساليب

- ‌المبحث الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل

- ‌[المبحث الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالأساليب]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[التوصيات والمقترحات]

الفصل: ‌[حديث غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة]

[حديث غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة]

160 -

[3124] حدّثنا محمّد بن العلاء: حدّثنا ابن المبارك، عن معمر، عن همّام بن منبّه، عن أبي هريرة (1).

رضي الله عنه قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه: لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها ولمّا يبن بها، ولا أحد بنى بيوتا ولم يرفع سقوفها، ولا أحد اشترى غنما أو خلفات وهو ينتظر ولادها، فغزا. فدنا من القرية صلاة العصر أو قريبا من ذلك، فقال للشّمس: إنّك مأمورة وأنا مأمور، اللهمّ احبسها علينا، فحبست حتّى فتح الله عليه، فجمع الغنائم، فجاءت - يعني النّار - لتأكلها فلم تطعمها، فقال: إنّ فيكم غلولا، فليبايعني من كلّ قبيلة رجل، فلزقت يد رجل بيده، فقال: فيكم الغلول، فليبايعني قبيلتك، فلزقت يد رجلين أو ثلاثة بيده، فقال: فيكم الغلول، فجاءوا برأس مثل رأس بقرة من الذّهب فوضعوها، فجاءت النّار فأكلتها. ثمّ أحلّ الله لنا الغنائم، رأى ضعفنا وعجزنا فأحلّها لنا» . [(2).

* شرح غريب الحديث: * " ملك بضع امرأة " البضع يطلق على عقد النكاح والجماع معا، وعلى الفرج (3).

* " خلفات " الخلفة - بفتح الفاء وكسر اللام - الحامل من النوق، وتجمع على خلفات، وخلائف (4).

* " الغلول " الغلول في المغنم: أن يخفى من الغنيمة شيئا ولا يرد إلى القسمة؛ لأن ذلك من حقوق من شهد الغنيمة، وهو في معنى الخيانة؛ لأن كل من خان شيئا في خفاء فقد غل، وسمي ذلك غلولا؛ لأن الأيدي مغلولة عنه: أي ممنوعة منه (5).

(1) تقدمت ترجمته في الحديث رقم 7.

(2)

الحديث 3124] طرفه في: كتاب النكاح، باب من أحب البناء قبل الغزو، 6/ 170، برقم 5157. وأخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب تحليل الغنائم لهذه الأمة خاصة، 3/ 1366، برقم 1747.

(3)

انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الباء مع الضاد، مادة:"بضع"، 1/ 133.

(4)

انظر: المرجع السابق، باب الخاء مع اللام، مادة:"خلف"، 2/ 68.

(5)

انظر: شرح غريب الحديث رقم: 143، ص 831.

ص: 892

* " يبني بها " يقال: بنى الرجل بأهله: إذا دخل بها، والأصل فيه أن الرجل كان إذا تزوج امرأة بنى عليها قبة (1).

* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:

1 -

أهمية تفريغ قلب الداعية من المشاغل الدنيوية.

2 -

من أساليب الدعوة: القصص.

3 -

من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وأمته: حل الغنائم.

4 -

من معجزات النبوة: حبس الشمس واستجابة الدعاء.

5 -

من صفات الداعية: التواضع.

6 -

من أساليب الدعوة: التشبيه.

والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:

أولا: أهمية تفريغ قلب الداعية من المشاغل الدنيوية: من الأمور المهمة التي ينبغي أن يعتني بها الداعية تفريغ القلب من مشاغل الدنيا أثناء الدعوة والجهاد؛ ولهذا قال هذا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: «لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة ولما يبن بها، ولا أحد بنى بيوتا ولم يرفع سقوفها، ولا أحد اشترى غنما أو خلفات وهو ينتظر ولادها» ، وهذا يؤكد أهمية اختمار الرجل الحازم الذي قد فرّغ قلبه للأمور المهمة؛ لأن من كان قلبه معلقا بشيء من أمور الدنيا؛ فإنه ينقص من جدّه واجتهاده وحزمه وعزيمته في الدعوة إلى الله عز وجل أو الجهاد؛ قال الإمام الكرماني رحمه الله:"وفيه أن الأمور المهمة لا ينبغي أن تفوض إلا إلى أولي الحزم وأولي الفراغ؛ لأن تعلق القلب بغيرها يفوت كمال بذل القاضي وسعه"(2).

وقد أوضح الإمام النووي في فوائد هذا الحديث أهمية التفرغ للأمور المهمة فقال رحمه الله: "وفي هذا الحديث أن الأمور

(1) انظر: جامع الأصول من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، لابن الأثير، 2/ 716.

(2)

شرح الكرماني على صحيح البخاري، 13/ 96.

ص: 893

المهمة ينبغي أن لا تفوّض إلا إلى أولي الحزم وفراغ البال لها، ولا تفوّض إلى متعلق القلب بغيرها؛ لأن ذلك يضعف عزمه، ويفوت كمال بذل وسعه فيه" (1).

، وسمعت العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز حفظه الله يقول:"المقصود أن الغازي يفرّغ قلبه، فإذا دخل بأهله قبل الغزو كان ذلك أفرغ لقلبه، فيكون قلبه بعد ذلك معلقا بالجهاد"(2).

ثانيا: من أساليب الدعوة: القصص: القصص الحكيم من الكتاب أو من السنة من الأساليب المهمة في الدعوة إلى الله عز وجل؛ لما فيه من شحذ ذهن المدعو؛ ولهذا استخدمه النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته، ففي هذا الحديث قال صلى الله عليه وسلم:«غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن بها» ، وهذا يوضح للداعية أهمية استخدام أسلوب القصص في دعوته إلى الله عز وجل (3).

ثالثا: من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وأمته: حل الغنائم: ظهر في هذا الحديث أن من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وأمته تفضل الله عز وجل عليهم بأن أحل لهم الغنائم، أما الأنبياء قبله فكانت الغنائم تجمع ثم يرسل الله عز وجل عليها نارا فتحرقها، ويكون ذلك علامة لقبولها، وعدم الغلول فيها (4).

؛ ولهذا بيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الغنائم خاصة بأمته فقط: «ثم أحل الله لنا الغنائم رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا» (5).

رابعا: من معجزات النبوة: حبس الشمس واستجابة الدعاء: دل هذا الحديث على أن من معجزات النبوة حبس الشمس واستجابة الدعاء؛

(1) شرح النووي على صحيح مسلم، 12/ 296.

(2)

سمعت ذلك من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم 5157 من صحيح البخاري، في جامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض، بتاريخ 17/ 5 / 1418 هـ.

(3)

انظر: الحديث رقم 17، الدرس الثالث، ورقم 28، الدرس الثامن، ورقم 34، الدرس الثالث.

(4)

انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 12/ 297.

(5)

انظر: الحديث رقم 106، الدرس الأول.

ص: 894

ولهذا قال صلى الله عليه وسلم يحكي هذا النبي الغازي في الحديث: «فدنا من القرية صلاة العصر أو قريبا من ذلك فقال للشمس: إنك مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علينا فحبست حتى فتح الله عليه» ، وقد ذكر الإمام النووي، والحافظ الهيثمي، والحافظ ابن حجر رحمهم الله آثارا تدل على أن الشمس حبست لنبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم (1).

، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الشمس فتأخرت ساعة من نهار» (2) "، وهذا كله يؤكد أن حبس الشمس واستجابة الدعاء من معجزات النبوة التي تدل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم وأنه مرسل من عند الله عز وجل.

خامسا: من صفات الداعية: التواضع: لا ريب أن التواضع من الصفات الجميلة الحميدة التي ينبغي أن يتصف بها الداعية إلى الله عز وجل، ومن ذلك ما ثبت في هذا الحديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم:". . . «ثم أحل الله لنا الغنائم رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا»، وهذا يؤكد عظم تواضع النبي صلى الله عليه وسلم لله عز وجل حيث قال: "رأى ضعفنا وعجزنا"، فينبغي للداعية إلى الله أن يكون كذلك (3).

سادسا: من أساليب الدعوة: التشبيه: إن التشبيه أسلوب نافع من أساليب الدعوة إلى الله عز وجل، وقد ظهر هذا الأسلوب في هذا الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم:«فجاؤوا برأس مثل رأس بقرة من الذهب فوضعوها، فجاءت النار فأكلتها» ، وهذا يؤكد أهمية استخدام هذا الأسلوب عند الحاجة إليه (4).

(1) انظر: هذه الآثار والكلام عليها في شرح النووي على صحيح مسلم، 12/ 296، ومجمع الزوائد، للهيثمي، 8/ 216، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر، 6/ 221.

(2)

أخرجه الطبراني في الأوسط [مجمع البحرين] 6/ 154، برقم 3522، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 8/ 297 "وإسناده حسن"، وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 6/ 221: "وإسناده حسن.

(3)

انظر: الحديث رقم 62، الدرس الثالث.

(4)

انظر: الحديث رقم 18، الدرس الرابع، ورقم 19، الدرس الخامس، وانظر: كتاب أمثال الحديث للقاضي الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي، ص 6 - 162.

ص: 895