الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حديث غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة]
160 -
[3124] حدّثنا محمّد بن العلاء: حدّثنا ابن المبارك، عن معمر، عن همّام بن منبّه، عن أبي هريرة (1).
* شرح غريب الحديث: * " ملك بضع امرأة " البضع يطلق على عقد النكاح والجماع معا، وعلى الفرج (3).
* " خلفات " الخلفة - بفتح الفاء وكسر اللام - الحامل من النوق، وتجمع على خلفات، وخلائف (4).
* " الغلول " الغلول في المغنم: أن يخفى من الغنيمة شيئا ولا يرد إلى القسمة؛ لأن ذلك من حقوق من شهد الغنيمة، وهو في معنى الخيانة؛ لأن كل من خان شيئا في خفاء فقد غل، وسمي ذلك غلولا؛ لأن الأيدي مغلولة عنه: أي ممنوعة منه (5).
(1) تقدمت ترجمته في الحديث رقم 7.
(2)
الحديث 3124] طرفه في: كتاب النكاح، باب من أحب البناء قبل الغزو، 6/ 170، برقم 5157. وأخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب تحليل الغنائم لهذه الأمة خاصة، 3/ 1366، برقم 1747.
(3)
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الباء مع الضاد، مادة:"بضع"، 1/ 133.
(4)
انظر: المرجع السابق، باب الخاء مع اللام، مادة:"خلف"، 2/ 68.
(5)
انظر: شرح غريب الحديث رقم: 143، ص 831.
* " يبني بها " يقال: بنى الرجل بأهله: إذا دخل بها، والأصل فيه أن الرجل كان إذا تزوج امرأة بنى عليها قبة (1).
* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:
1 -
أهمية تفريغ قلب الداعية من المشاغل الدنيوية.
2 -
من أساليب الدعوة: القصص.
3 -
من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وأمته: حل الغنائم.
4 -
من معجزات النبوة: حبس الشمس واستجابة الدعاء.
5 -
من صفات الداعية: التواضع.
6 -
من أساليب الدعوة: التشبيه.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
أولا: أهمية تفريغ قلب الداعية من المشاغل الدنيوية: من الأمور المهمة التي ينبغي أن يعتني بها الداعية تفريغ القلب من مشاغل الدنيا أثناء الدعوة والجهاد؛ ولهذا قال هذا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: «لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة ولما يبن بها، ولا أحد بنى بيوتا ولم يرفع سقوفها، ولا أحد اشترى غنما أو خلفات وهو ينتظر ولادها» ، وهذا يؤكد أهمية اختمار الرجل الحازم الذي قد فرّغ قلبه للأمور المهمة؛ لأن من كان قلبه معلقا بشيء من أمور الدنيا؛ فإنه ينقص من جدّه واجتهاده وحزمه وعزيمته في الدعوة إلى الله عز وجل أو الجهاد؛ قال الإمام الكرماني رحمه الله:"وفيه أن الأمور المهمة لا ينبغي أن تفوض إلا إلى أولي الحزم وأولي الفراغ؛ لأن تعلق القلب بغيرها يفوت كمال بذل القاضي وسعه"(2).
وقد أوضح الإمام النووي في فوائد هذا الحديث أهمية التفرغ للأمور المهمة فقال رحمه الله: "وفي هذا الحديث أن الأمور
(1) انظر: جامع الأصول من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، لابن الأثير، 2/ 716.
(2)
شرح الكرماني على صحيح البخاري، 13/ 96.
المهمة ينبغي أن لا تفوّض إلا إلى أولي الحزم وفراغ البال لها، ولا تفوّض إلى متعلق القلب بغيرها؛ لأن ذلك يضعف عزمه، ويفوت كمال بذل وسعه فيه" (1).
، وسمعت العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز حفظه الله يقول:"المقصود أن الغازي يفرّغ قلبه، فإذا دخل بأهله قبل الغزو كان ذلك أفرغ لقلبه، فيكون قلبه بعد ذلك معلقا بالجهاد"(2).
ثانيا: من أساليب الدعوة: القصص: القصص الحكيم من الكتاب أو من السنة من الأساليب المهمة في الدعوة إلى الله عز وجل؛ لما فيه من شحذ ذهن المدعو؛ ولهذا استخدمه النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته، ففي هذا الحديث قال صلى الله عليه وسلم:«غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن بها» ، وهذا يوضح للداعية أهمية استخدام أسلوب القصص في دعوته إلى الله عز وجل (3).
ثالثا: من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وأمته: حل الغنائم: ظهر في هذا الحديث أن من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وأمته تفضل الله عز وجل عليهم بأن أحل لهم الغنائم، أما الأنبياء قبله فكانت الغنائم تجمع ثم يرسل الله عز وجل عليها نارا فتحرقها، ويكون ذلك علامة لقبولها، وعدم الغلول فيها (4).
؛ ولهذا بيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الغنائم خاصة بأمته فقط: «ثم أحل الله لنا الغنائم رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا» (5).
رابعا: من معجزات النبوة: حبس الشمس واستجابة الدعاء: دل هذا الحديث على أن من معجزات النبوة حبس الشمس واستجابة الدعاء؛
(1) شرح النووي على صحيح مسلم، 12/ 296.
(2)
سمعت ذلك من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم 5157 من صحيح البخاري، في جامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض، بتاريخ 17/ 5 / 1418 هـ.
(3)
انظر: الحديث رقم 17، الدرس الثالث، ورقم 28، الدرس الثامن، ورقم 34، الدرس الثالث.
(4)
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 12/ 297.
(5)
انظر: الحديث رقم 106، الدرس الأول.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم يحكي هذا النبي الغازي في الحديث: «فدنا من القرية صلاة العصر أو قريبا من ذلك فقال للشمس: إنك مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علينا فحبست حتى فتح الله عليه» ، وقد ذكر الإمام النووي، والحافظ الهيثمي، والحافظ ابن حجر رحمهم الله آثارا تدل على أن الشمس حبست لنبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم (1).
، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الشمس فتأخرت ساعة من نهار» (2) "، وهذا كله يؤكد أن حبس الشمس واستجابة الدعاء من معجزات النبوة التي تدل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم وأنه مرسل من عند الله عز وجل.
خامسا: من صفات الداعية: التواضع: لا ريب أن التواضع من الصفات الجميلة الحميدة التي ينبغي أن يتصف بها الداعية إلى الله عز وجل، ومن ذلك ما ثبت في هذا الحديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم:". . . «ثم أحل الله لنا الغنائم رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا»، وهذا يؤكد عظم تواضع النبي صلى الله عليه وسلم لله عز وجل حيث قال: "رأى ضعفنا وعجزنا"، فينبغي للداعية إلى الله أن يكون كذلك (3).
سادسا: من أساليب الدعوة: التشبيه: إن التشبيه أسلوب نافع من أساليب الدعوة إلى الله عز وجل، وقد ظهر هذا الأسلوب في هذا الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم:«فجاؤوا برأس مثل رأس بقرة من الذهب فوضعوها، فجاءت النار فأكلتها» ، وهذا يؤكد أهمية استخدام هذا الأسلوب عند الحاجة إليه (4).
(1) انظر: هذه الآثار والكلام عليها في شرح النووي على صحيح مسلم، 12/ 296، ومجمع الزوائد، للهيثمي، 8/ 216، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر، 6/ 221.
(2)
أخرجه الطبراني في الأوسط [مجمع البحرين] 6/ 154، برقم 3522، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 8/ 297 "وإسناده حسن"، وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 6/ 221: "وإسناده حسن.
(3)
انظر: الحديث رقم 62، الدرس الثالث.
(4)
انظر: الحديث رقم 18، الدرس الرابع، ورقم 19، الدرس الخامس، وانظر: كتاب أمثال الحديث للقاضي الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي، ص 6 - 162.