الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
181 -
باب كتابة الإمام الناس
[حديث اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس]
137 -
[3060] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عن أبي وائل، عن حذيفة (1) رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس» فكتبنا له ألفا وخمسمائة رجل. فقلنا: نخاف ونحن ألف وخمسمائة؟ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا ابْتُلِينَا حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي وَحْدَه وَهُوَ خَائِفٌ ".
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزةَ، عَنِ الأَعْمش:" فَوَجَدْنَاهُمْ خَمْسَمائَة ". قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: " مَا بَيْنَ سِتّمِائَةٍ إِلَى سَبْعِمائَةٍ ". (2).
* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها: 1 - أهمية الإِعداد للجهاد وإحصاء الإمام عدد الجيوش.
2 -
من موضوعات الدعوة: التحذير من الإِعجاب بالكثرة.
3 -
من سنن الله عز وجل: الابتلاء والامتحان.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
(1) حذيفة بن اليمان، واسم اليمان حسل، وقيل: حُسَيل، بن جابر العبسي، سمي والده: اليمان؛ لأنه أصاب دما في قومه فهرب إلى المدينة وحالف بني عبد الأشهل، فسماه قومه " اليمان "؛ لأنه حالف الأنصار وهم من اليمن، شهد حذيفة غزوة أحد، وقتل اليمان في أحد خطأ، وتصدق حذيفة على المجاهدين بدية أبيه، وكان حذيفة صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنافقين يعلمهم وحده، وأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب سرية وحده؛ ليأتيه بخبر القوم فوصل إليهم وجاءه بخبرهم، وبلغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم علما كثيرا منه في الصحيحين اثنا عشر حديثا متفق عليها، وفي البخاري ثمانية، وفي مسلم سبعة عشر حديثا، وحضر حذيفة الحرب بنهاوند فلما قتل النعمان بن مقرن أمير الجيش أخذ حذيفة الراية، وفتحت همذان، والري، والدينور على يد حذيفة، وشهد فتح الجزيرة، وولاه عمر رضي الله عنه المدائن، وكان كثير السؤال لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحاديث الفتن والشر ليجتنبها، وتوفي رضي الله عنه بالمدائن سنة ست وثلاثين بعد قتل عثمان رضي الله عنه بأربعين ليلة، وكان قتل عثمان في الثامن عشر من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، ولم يدرك حذيفة رضي الله عنه وقعة الجمل لأنها كانت في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين. انظر: الأسماء واللغات للنووي، 1/ 153، وسير أعلام النبلاء للذهبي 2/ 361، والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، 1/ 317.
(2)
وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الاستسرار بالإيمان للخائف، 1/ 131، برقم 149.
أولا: أهمية الإعداد للجهاد وإحصاء الإمام عدد الجيوش: دل هذا الحديث على أهمية الإِعداد للجهاد بكل ما يستطيعه المسلمون من قوة، كما دل على أن من الإِعداد للجهاد معرفة الإمام عدد الجيوش؛ لأخذ الحذر والحيطة والاستعداد للجهاد؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:«اكتبوا لي من تلفظ بالإِسلام من الناس» قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وفي الحديث مشروعية كتابة ديوان الجيوش، وقد يتعين ذلك عند الاحتياج إلى تمييز من يصلح للمقاتلة بمن لا يصلح "(1).
وهذا يؤكد أهمية العناية بالإِعداد للجهاد في سبيل الله عز وجل. (2).
ثانيا: من موضوعات الدعوة: التحذير من الإعجاب بالكثرة: إن من الموضوعات المهمة في الدعوة إلى الله عز وجل تحذير المسلمين من الإِعجاب بالكثرة والقوة؛ لأن ذلك من أسباب الهزيمة والخذلان، وقد دل هذا الحديث على خطر ذلك؛ لقول حذيفة رضي الله عنه:" فكتبنا له ألفا وخمسمائة رجل، فقلنا: نخاف ونحن ألف وخمسمائة؟ فلقد رأيتنا ابتلينا حتى إن الرجل ليصلي وحده وهو خائف "، وهذا يؤكد أهمية التحذير من الإِعجاب بالكثرة والقوة؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:" وفيه وقوع العقوبة على الإِعجاب بالكثرة "(3) وهو نحو قوله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: 25](4).
فينبغي للداعية أن يحذر الناس عن الإِعجاب بالكثرة أو القوة، ويحثهم على التوكل والاعتماد على الله مع الأخذ بالأسباب والاستعانة بالله عز وجل (5).
ثالثا: من سنن الله عز وجل: الابتلاء والامتحان: دل هذا الحديث على أن من سنن الله عز وجل الابتلاء والامتحان، لقول حذيفة
(1) فتح الباري، بشرح صحيح البخاري، 6/ 178.
(2)
انظر: الحديث رقم 2، الدرس الثالث، ورقم 18، الدرس الثاني.
(3)
فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 6/ 178.
(4)
سورة التوبة، الآية:25.
(5)
انظر: الحديث رقم 61، الدرس الثالث.
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " فلقد رأيتنا ابتلينا حتى إن الرجل ليصلي وحده وهو خائف " قال الإمام النووي رحمه الله: " أما قوله: ابتلينا، فلعله كان في بعض الفتن التي جرت بعد النبي صلى الله عليه وسلم فكان بعضهم يخفي نفسه ويصلي سرا مخافة من الظهور والمشاركة في الدخول في الفتنة والحروب والله أعلم "(1).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وأما قول حذيفة فيشبه أن يكون أشار بذلك إلى ما وقع في أواخر خلافة عثمان ومن ولاية بعض أمراء الكوفة كالوليد بن عقبة حيث كان يؤخر الصلاة أو لا يقيمها على وجهها، وكان بعض الورعين يصلي وحده سرا ثم يصلي معه خشية من وقوع الفتنة "(2).
فينبغي للداعية أن يسأل الله العافية ويستعيذ به من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، والله المستعان (3).
(1) شرح النووي على صحيح مسلم، 2/ 538.
(2)
فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 6/ 178.
(3)
انظر: الحديث رقم 9، الدرس الثامن، ورقم 66، الدرس الأول.