المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حديث قوله في أسارى بدر لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتتركتهم له] - فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري - جـ ٢

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌ باب يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة

- ‌[حديث إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا]

- ‌ باب السير وحده

- ‌[حديث لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده]

- ‌ باب الجهاد بإذن الأبوين

- ‌[حديث جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال أحي والداك]

- ‌ باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل

- ‌[حديث لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت]

- ‌ بَابُ الجَاسُوسِ

- ‌[حديث انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها]

- ‌ بَابُ الأُسَارَى فِي السَّلَاسِلِ

- ‌[حديث عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل]

- ‌ بَابُ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ، فَيُصَاُب الوِلْدَانُ وَالذَّرَارِيُّ

- ‌[حديث حمى إلا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم]

- ‌ بَابُ قَتْلِ الصِّبْيَانِ فِي الْحَرْبِ

- ‌[حديث إنكار النبي صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان]

- ‌ باب لا يعذب بعذاب الله

- ‌[حديث لا تعذبوا بعذاب الله]

- ‌ بَابٌ

- ‌[حديث أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله]

- ‌ باب حرق الدور والنخيل

- ‌[حديث ألا تريحني من ذي الخلصة]

- ‌ بَابُ قَتْلِ النَّائِمِ المُشْرِكِ

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم رهطا من الأنصار إلى أبي رافع]

- ‌ باب لا تمنوا لقاء العدو

- ‌[حديث لا تمنوا لقاء العدو]

- ‌ باب الحرب خدعة

- ‌[حديث هلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده]

- ‌[حديث تسمية النبي صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة]

- ‌[حديث الحرب خدعة]

- ‌ باب من لا يثبت على الخيل

- ‌[حديث ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي]

- ‌ باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه، حتى يسمع الناس

- ‌[حديث أخذ لقاح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب إذا نزل العدو على حكم رجل]

- ‌[حديث حكم سعد في بني قريظة]

- ‌ بَابُ هل يستأسر الرجل؟ ومن لم يستأسر، وَمَنْ ركَعَ رَكعَتينِ عندَ القتل

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم عشرة رهط سرية]

- ‌ باب فكاك الأسير

- ‌[حديث فكوا العاني وأطعموا الجائع وعودوا المريض]

- ‌ باب الحربِي إِذَا دخَل دار الإسْلامِ بغَيْرِ أمَانٍ

- ‌[حديث أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر]

- ‌ بَابُ كيفَ يُعرَض الإسلامُ على الصّبيّ

- ‌[حديث ذكر الدجال وقوله فيه تعلمون أنه أعور وإن الله ليس بأعور]

- ‌ باب إذا أسلم قوم في دَارِ الحرب ولهُمْ مال وأَرَضُونَ فَهي لهمْ

- ‌[حديث استعمال عمر بن الخطاب مولى له يدعى هنيا ونصيحته له]

- ‌ باب كتابة الإمام الناس

- ‌[حديث اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس]

- ‌ بَاب إِن الله يُؤيِّدُ الدِّين بالرجُل الفاجر

- ‌[حديث قال لرجل ممن يدعي الإسلام هذا من أهل النار]

- ‌ باب من غلب العدو، فأقام على عرصتهم ثلاثا

- ‌[حديث أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال]

- ‌ باب إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم

- ‌[حديث أن ابن عمر ذهب فرس له فأخذه العدو]

- ‌ باب من تكلم بالفارسية والرطنة

- ‌[حديث إن جابرا قد صنع سور فحيهلا بكم]

- ‌[حديث أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي]

- ‌ باب القليل من الغلول

- ‌[حديث كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة]

- ‌ باب لا هجرة بعد الفتح

- ‌[حديث انقطعت الهجرة منذ فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم مكة]

- ‌ باب استقبال الغزاة

- ‌[حديث قول ابن الزبير لابن جعفر أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث ذهبنا نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصبيان إلى ثنية الوداع]

- ‌الفصل الثالث: كتاب الفرائض

- ‌ باب فرض الخمس

- ‌[حديث أن فاطمة سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها]

- ‌[حديث لا نورث ما تركنا صدقة]

- ‌ باب نفقة نساء النّبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

- ‌[حديث توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيته من شيء]

- ‌ باب ما جاء في بيوت أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما نسب من البيوت إليهنّ

- ‌[حديث ها هنا الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان]

- ‌ باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم، وعصاه، وسيفه، وقدحه، وخاتمه وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم يذكر قسمته، ومن شعره، ونعله، وآنيته، ممّا تبرك أصحابه وغيرهم بعد وفاته

- ‌[حديث إخراج أنس نعلين جرداوين لهما قبالان]

- ‌[حديث إخراج عائشة كساء ملبدا وقولها في هذا نزع روح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم كسر]

- ‌[حديث لو كان علي ذاكرا عثمان ذكره يوم جاءه ناس

- ‌ باب الدّليل على أنّ الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمساكين

- ‌[حديث أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحنه]

- ‌ باب قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [

- ‌[حديث إنما أنا قاسم وخازن والله يعطي]

- ‌[حديث إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت]

- ‌[حديث إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق]

- ‌ باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحلّت لكم الغنائم»

- ‌[حديث أحلت لكم الغنائم]

- ‌[حديث غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة]

- ‌ باب بركة الغازي في ماله حيّا وميتا، مع النّبي صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر

- ‌[حديث لما وقف الزبير يوم الجمل دعا ابنه عبد الله]

- ‌ باب إذا بعث الإمام رسولا في حاجة، أو أمره بالمقام، هل يسهم له

- ‌[حديث قوله صلى الله عليه وسلم لعثمان إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه]

- ‌ باب ومن الدّليل على أنّ الخمس لنوائب المسلمين

- ‌[حديث والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم]

- ‌[حديث بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية قبل نجد فيها عبد الله بن عمر]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش]

- ‌[حديث قسم النبي لإصحاب السفينة مع جعفر وأصحابه حين افتتح خيبر]

- ‌[حديث لقد شقيت إن لم أعدل]

- ‌ بَابُ ما مَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الأَسارى من غيرِ أن يخمّسَ

- ‌[حديث قوله في أسارى بدر لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتتركتهم له]

- ‌ باب وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الخُمُسَ لِلإِمَامِ، وأَنهُ يُعْطِي بعض قَرَابَتِهِ دُونَ بعض

- ‌[حديث إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد]

- ‌ باب مَنْ لم يخَمِّس الأَسلابَ وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلا فَله سَلبه من غَير أن يخَمّسَ، وحكم الإمَامِ فيهِ

- ‌[حديث قتل إبي جهل]

- ‌ باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعطي المُؤلفة قلوبهم وغَيْرهم مِنَ الخمس وَنحوِه

- ‌[حديث أسماء كنت أنقل النوى من أرض الزبير

- ‌ باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب

- ‌[حديث استحياء عبد الله بن مغفل من رسول الله]

- ‌[حديث ابن عمر كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه]

- ‌[حديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الأهلية]

- ‌[الفصل الرابع كتاب الجزية والموادعة]

- ‌ باب الجزية والموادعة، مع أهل الذمة والحرب

- ‌[حديث قول عمر فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر]

- ‌[حديث بعثه صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها]

- ‌[حديث بعث عمر الناس في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين]

- ‌[حديث كان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات]

- ‌ بابُ إثم من قتل معاهدا بغير جرم

- ‌[حديث من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة]

- ‌ بابُ إِخْراجِ اليهُودِ من جزيرةِ العرب

- ‌[حديث أقركم ما أقركم الله]

- ‌ بابُ إِذا غدر الْمُشْركُون بِالْمُسْلمين هلْ يُعْفى عنْهمْ

- ‌[حديث لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم]

- ‌ بَاب هَل يُعفَى عنِ الذِّمِّيِّ إذا سَحَر

- ‌[حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئًا ولم يصنعه]

- ‌ باب ما يحذر من الغدر

- ‌[حديث اعدد ستا بين يدي الساعة]

- ‌ باب إثم من عاهد ثم غدر

- ‌[حديث كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارا ولا درهما]

- ‌ باب

- ‌[حديث قول سهل بن حنيف اتهموا رأيكم رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر النبي لرددته]

- ‌ باب إثم الغادر للبر والفاجر

- ‌[حديث لكل غادر لواء يوم القيامة]

- ‌[حديث لكل غادر لواء ينصب لغدرته]

- ‌القسم الثانيالمنهج الدعوي المستخلص من الدراسة

- ‌الفصل الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالداعية

- ‌[الفصل الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالمدعو]

- ‌[الفصل الثالث المنهج الدعوي المتعلق بموضوع الدعوة]

- ‌الفصل الرابع: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل والأساليب

- ‌المبحث الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل

- ‌[المبحث الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالأساليب]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[التوصيات والمقترحات]

الفصل: ‌[حديث قوله في أسارى بدر لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتتركتهم له]

16 -

‌ بَابُ ما مَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الأَسارى من غيرِ أن يخمّسَ

[حديث قوله في أسارى بدر لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتتركتهم له]

168 -

[3139] حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: أَخْبَرَنَا عبد الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا معمر، عَنِ الزُّهرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ (1) رضي الله عنه أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي أَسَارَى بَدْرٍ:«لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِي حَيّا ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لتترَكتُهم لَهُ» (2).

وفي رواية: "وَقَالَ اللَيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: "وَقَعَتْ الفتنة الأولى - يَعْنِي مَقْتَلَ عُثْمَانَ - فَلَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَاب بَدْرٍ أَحَدا، ثُمَّ وَقَعَتْ الفتنَةُ الثَّانِيَةُ - يَعْنِي الْحَرَّةَ - فَلَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَاب الْحُدًيْبيةِ أَحَدا، ثُمَّ وَقَعَتْ الثالِثَةُ فَلَمْ تَرْتَفِعْ وَللنَّاسِ طَبَاخٌ" (3).

* شرح غريب الحديث: * "نتنى" يعني أسارى بدر، واحدهم نتن، كزمِنَ وزمنى، سماهم: نتنى: أي نجس؛ لكفرهم (4).

* "طَبَاخٌ" أصل الطَّبَاخ: القوة والسِّمَن، ثم استعمل في غيره، فقيل: فلان لا طباخ له: أي لا عقل له ولا خير عنده، أراد أنها لم تبقِ في النَّاس من الصحابة أحدا (5).

* "الفتنة" الابتلاء والاختبار، والامتحان، وأصل الفتنة من قولك: فتنت الذهب إذا أحرقته بالنار؛ ليتبيَّن الجيد من الرديء، وقد كثر استعمالها بمعنى: الكفر، والإِثم، والضلال، والقتال، والإحراق، والإِزالة، والصرف عن الشيء، والفضيحة، والعذاب، والجنون (6).

(1) تقدمت ترجمة جبير بن مطعم، في الحديث رقم:35.

(2)

[الحديث 3139] طرفه في: كتاب المغازي، باب، 5/ 25، برقم 4024.

(3)

من الطرف رقم: 4024.

(4)

النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب النون مع التاء، مادة:"نتن" 5/ 14.

(5)

انظر: المرجع السابق، باب الطاء مع الباء، مادة:"طبخ" 3/ 111.

(6)

تقدم شرحه في غريب الحديث رقم: 36 و 37، ص 255.

ص: 933

* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:

1 -

من صفات الداعية: المكافأة على المعروف.

2 -

أهمية العناية بتعليم الأقارب.

3 -

من موضوعات الدعوة: بيان خطر الفتن على الأمة.

4 -

من أساليب الدعوة: الترهيب.

5 -

من تاريخ الدعوة: تحديد وفاة البدريين وأهل الحديبية.

والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:

أولا: من صفات الداعية: المكافأة على المعروف: المكافأة على المعروف من مكارم الأخلاق؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم عن أسرى معركة بدر: "لو كان المُطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له"، وذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل في جوار المطعم عندما رجع من الطائف فأجاره ودخل مكة (1) قال الإِمام الخطابي رحمه الله:"هذا يدل على أن للإِمام أن يَمُنَّ على الأسارى من غير فداء ولا مال"(2) وسمعت العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز حفظه الله يقول: "وفي هذا الحث على المكافأة على المعروف، وقاله عليه الصلاة والسلام؛ لأنه دخل في جواره عندما رجع من الطائف فأجاره، فشكر له النبي صلى الله عليه وسلم هذا العمل من باب المكافأة، وقد مات المطعم كافرا"(3) وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على المكافأة على المعروف، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من استعاذكم بالله فأَعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن أتى إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا أن قد

(1) انظر: إرشاد الساري، للقسطلاني، 5/ 219.

(2)

أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري، 2/ 1455، وانظر: تهذيب السنن، لابن القيم، 4/ 24، وشرح الكرماني على صحيح البخاري، 13/ 110.

(3)

سمعته من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم 3139 من صحيح البخاري.

ص: 934

كافأتموه» (1) وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن صُنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيرا، فقد أبلغ في الثناء» (2) وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يشكُرُ الله من لا يشكرُ الناسَ» (3) وهذا يؤكد على الداعية المكافأة على المعروف بحسب الاستطاعة، ولو بالاعتراف والدعاء.

ثانيا: أهمية العناية بتعليم الأقارب: لا شك أن تعليم الأقارب من أعظم القربات؛ لأن حقهم أعظم من حق غيرهم، وقد ظهر ذلك في هذا الحديث؛ لأن جبير بن مطعم علَّم ابنه محمدا قول النبي صلى الله عليه وسلم في أسارى بدر:"لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له"، وهذا يبين أهمية تعليم الأبناء والأقارب العلم النافع (4).

ثالثا: من موضوعات الدعوة: بيان خطر الفتن على الأمة: إن من الموضوعات التي ينبغي العناية بها: بيان أخطار الفتن للناس وأنها تضعف القوى وتوهن التكاتف والترابط بين المسلمين، وقد دل هذا الحديث على بيان ذلك للناس؛ لقول سعيد بن المسيب رحمه الله:"وقعت الفتنة الأولى - يعني مقتل عثمان - فلم تبقِ من أصحاب بدر أحدا، ثم وقعت الفتنة الثانية - يعني الحرة - فلمِ تبقِ من أصحاب الحديبية أحدا، ثم وقعت الفتنة الثالثة فلم ترتفع وللناس طبَاخٌ"، وهذا يوضح للداعية أهمية بيان أخطار الفتن على المسلمين، وأنها تذهب قوتهم وتضعفها؛ لقوله:"فلم ترتفع وللناس طباخ"، أسأل الله لي ولجميع المسلمين العفو والعافية في الدنيا والآخرة (5).

(1) أبو داود، كتاب الأدب، باب الرجل يستعيذ من الرجل، 4/ 328، برقم 5109، والنسائي، كتاب الزكاة، باب من سأل بالله عز وجل، 5/ 82، برقم 2567، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 403، وفي صحيح سنن أبي داود، 2/ 962.

(2)

الترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في المتشبع بما لم يعطه، 4/ 380، برقم 2035، وقال: هذا حديث حسن جيد غريب، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، للمنذري، 1/ 404.

(3)

أبو داود، 4/ 255، برقم 4811، والترمذي بنحوه، 4/ 339، وأخرجه أحمد في المسند، 2/ 295، 5/ 211، وتقدم تخريجه في الحديث رقم 67، الدرس السادس، ص 406.

(4)

انظر: الحديث رقم 7، الدرس الأول، ورقم 36، الدرس الخامس، ورقم 149، الدرس الأول.

(5)

انظر: الحديث رقم 150، الدرس الثالث.

ص: 935

رابعا: من أساليب الدعوة الترهيب: لترهيب من أساليب الدعوة التي ينبغي للداعية العناية بها في دعوته، وقد ظهر هذا الأسلوب في مفهوم هذا الحديث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق على أسارى بدر الكفار "نتنى" أي نجس، كما قال الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28] الآية، (1) وهذا فيه تنفير من الكفر وأهله وأنهم نجس (2).

خامسا: من تاريخ الدعوة: تحديد وفاة البدريين وأهل الحديبية: ظهر من مفهوم هذا الحديث تحديد آخر من مات من أهل بدر وآخر من مات من أهل الحديبية؛ لقول سعيد بن المسيب رحمه الله: "وقعت الفتنة الأولى فلم تُبْقِ من أصحاب بدر أحدا، ثم وقعت الفتنة الثانية فلم تبقِ من أصحاب الحديبية أحدا، ثم وقعت الفتنة الثالثة فلم ترتفع وللناس طَبَاخ". فالفتنة الأولى، هي مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه في يوم الجمعة الثامن من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، والمقصود والله أعلم أن الفتنة الأولى كانت سببا لموت البدريين فماتوا منذ الفتنة الأولى إلى بداية الفتنة الثانية وهي فتنة الحرة في سنة ثلاث وستين للهجرة النبوية، وكان آخر من مات من البدريين سعد بن أبي وقاص، مات قبل فتنة الحرة ببضع سنين، ثم مات أهل الحديبية ابتداء من الفتنة الثانية. والثالثة من هذه الفتن رجح الحافظ ابن حجر رحمه الله، والعلامة العيني أنها فتنة يوم خروج أبي حمزة الخارجي في خلافة مروان بن محمد بن الحكم سنة مائة وثلاثين للهجرة، قبل موت يحيى بن سعيد بمدة (3).

(1) سورة التوبة، الآية:28.

(2)

انظر: الحديث رقم 7، الدرس الثالث عشر، ورقم 12، الدرس الثاني.

(3)

انظر: فتح الباري لابن حجر، 7/ 325، 13/ 71، وعمدة القاري للعيني، 17/ 119 - 120.

ص: 936