المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حديث أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم كسر] - فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري - جـ ٢

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌ باب يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة

- ‌[حديث إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا]

- ‌ باب السير وحده

- ‌[حديث لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده]

- ‌ باب الجهاد بإذن الأبوين

- ‌[حديث جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال أحي والداك]

- ‌ باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل

- ‌[حديث لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت]

- ‌ بَابُ الجَاسُوسِ

- ‌[حديث انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها]

- ‌ بَابُ الأُسَارَى فِي السَّلَاسِلِ

- ‌[حديث عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل]

- ‌ بَابُ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ، فَيُصَاُب الوِلْدَانُ وَالذَّرَارِيُّ

- ‌[حديث حمى إلا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم]

- ‌ بَابُ قَتْلِ الصِّبْيَانِ فِي الْحَرْبِ

- ‌[حديث إنكار النبي صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان]

- ‌ باب لا يعذب بعذاب الله

- ‌[حديث لا تعذبوا بعذاب الله]

- ‌ بَابٌ

- ‌[حديث أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله]

- ‌ باب حرق الدور والنخيل

- ‌[حديث ألا تريحني من ذي الخلصة]

- ‌ بَابُ قَتْلِ النَّائِمِ المُشْرِكِ

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم رهطا من الأنصار إلى أبي رافع]

- ‌ باب لا تمنوا لقاء العدو

- ‌[حديث لا تمنوا لقاء العدو]

- ‌ باب الحرب خدعة

- ‌[حديث هلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده]

- ‌[حديث تسمية النبي صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة]

- ‌[حديث الحرب خدعة]

- ‌ باب من لا يثبت على الخيل

- ‌[حديث ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي]

- ‌ باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه، حتى يسمع الناس

- ‌[حديث أخذ لقاح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[باب إذا نزل العدو على حكم رجل]

- ‌[حديث حكم سعد في بني قريظة]

- ‌ بَابُ هل يستأسر الرجل؟ ومن لم يستأسر، وَمَنْ ركَعَ رَكعَتينِ عندَ القتل

- ‌[حديث بعث الرسول صلى الله عليه وسلم عشرة رهط سرية]

- ‌ باب فكاك الأسير

- ‌[حديث فكوا العاني وأطعموا الجائع وعودوا المريض]

- ‌ باب الحربِي إِذَا دخَل دار الإسْلامِ بغَيْرِ أمَانٍ

- ‌[حديث أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر]

- ‌ بَابُ كيفَ يُعرَض الإسلامُ على الصّبيّ

- ‌[حديث ذكر الدجال وقوله فيه تعلمون أنه أعور وإن الله ليس بأعور]

- ‌ باب إذا أسلم قوم في دَارِ الحرب ولهُمْ مال وأَرَضُونَ فَهي لهمْ

- ‌[حديث استعمال عمر بن الخطاب مولى له يدعى هنيا ونصيحته له]

- ‌ باب كتابة الإمام الناس

- ‌[حديث اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس]

- ‌ بَاب إِن الله يُؤيِّدُ الدِّين بالرجُل الفاجر

- ‌[حديث قال لرجل ممن يدعي الإسلام هذا من أهل النار]

- ‌ باب من غلب العدو، فأقام على عرصتهم ثلاثا

- ‌[حديث أنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال]

- ‌ باب إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم

- ‌[حديث أن ابن عمر ذهب فرس له فأخذه العدو]

- ‌ باب من تكلم بالفارسية والرطنة

- ‌[حديث إن جابرا قد صنع سور فحيهلا بكم]

- ‌[حديث أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي]

- ‌ باب القليل من الغلول

- ‌[حديث كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة]

- ‌ باب لا هجرة بعد الفتح

- ‌[حديث انقطعت الهجرة منذ فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم مكة]

- ‌ باب استقبال الغزاة

- ‌[حديث قول ابن الزبير لابن جعفر أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث ذهبنا نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصبيان إلى ثنية الوداع]

- ‌الفصل الثالث: كتاب الفرائض

- ‌ باب فرض الخمس

- ‌[حديث أن فاطمة سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها]

- ‌[حديث لا نورث ما تركنا صدقة]

- ‌ باب نفقة نساء النّبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

- ‌[حديث توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في بيته من شيء]

- ‌ باب ما جاء في بيوت أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما نسب من البيوت إليهنّ

- ‌[حديث ها هنا الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان]

- ‌ باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم، وعصاه، وسيفه، وقدحه، وخاتمه وما استعمل الخلفاء بعده من ذلك مما لم يذكر قسمته، ومن شعره، ونعله، وآنيته، ممّا تبرك أصحابه وغيرهم بعد وفاته

- ‌[حديث إخراج أنس نعلين جرداوين لهما قبالان]

- ‌[حديث إخراج عائشة كساء ملبدا وقولها في هذا نزع روح النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم كسر]

- ‌[حديث لو كان علي ذاكرا عثمان ذكره يوم جاءه ناس

- ‌ باب الدّليل على أنّ الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمساكين

- ‌[حديث أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحنه]

- ‌ باب قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [

- ‌[حديث إنما أنا قاسم وخازن والله يعطي]

- ‌[حديث إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت]

- ‌[حديث إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق]

- ‌ باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحلّت لكم الغنائم»

- ‌[حديث أحلت لكم الغنائم]

- ‌[حديث غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة]

- ‌ باب بركة الغازي في ماله حيّا وميتا، مع النّبي صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر

- ‌[حديث لما وقف الزبير يوم الجمل دعا ابنه عبد الله]

- ‌ باب إذا بعث الإمام رسولا في حاجة، أو أمره بالمقام، هل يسهم له

- ‌[حديث قوله صلى الله عليه وسلم لعثمان إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه]

- ‌ باب ومن الدّليل على أنّ الخمس لنوائب المسلمين

- ‌[حديث والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم]

- ‌[حديث بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية قبل نجد فيها عبد الله بن عمر]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش]

- ‌[حديث قسم النبي لإصحاب السفينة مع جعفر وأصحابه حين افتتح خيبر]

- ‌[حديث لقد شقيت إن لم أعدل]

- ‌ بَابُ ما مَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الأَسارى من غيرِ أن يخمّسَ

- ‌[حديث قوله في أسارى بدر لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتتركتهم له]

- ‌ باب وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الخُمُسَ لِلإِمَامِ، وأَنهُ يُعْطِي بعض قَرَابَتِهِ دُونَ بعض

- ‌[حديث إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد]

- ‌ باب مَنْ لم يخَمِّس الأَسلابَ وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلا فَله سَلبه من غَير أن يخَمّسَ، وحكم الإمَامِ فيهِ

- ‌[حديث قتل إبي جهل]

- ‌ باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعطي المُؤلفة قلوبهم وغَيْرهم مِنَ الخمس وَنحوِه

- ‌[حديث أسماء كنت أنقل النوى من أرض الزبير

- ‌ باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب

- ‌[حديث استحياء عبد الله بن مغفل من رسول الله]

- ‌[حديث ابن عمر كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه]

- ‌[حديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الأهلية]

- ‌[الفصل الرابع كتاب الجزية والموادعة]

- ‌ باب الجزية والموادعة، مع أهل الذمة والحرب

- ‌[حديث قول عمر فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس]

- ‌[حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر]

- ‌[حديث بعثه صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها]

- ‌[حديث بعث عمر الناس في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين]

- ‌[حديث كان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات]

- ‌ بابُ إثم من قتل معاهدا بغير جرم

- ‌[حديث من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة]

- ‌ بابُ إِخْراجِ اليهُودِ من جزيرةِ العرب

- ‌[حديث أقركم ما أقركم الله]

- ‌ بابُ إِذا غدر الْمُشْركُون بِالْمُسْلمين هلْ يُعْفى عنْهمْ

- ‌[حديث لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم]

- ‌ بَاب هَل يُعفَى عنِ الذِّمِّيِّ إذا سَحَر

- ‌[حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يخيل إليه أنه صنع شيئًا ولم يصنعه]

- ‌ باب ما يحذر من الغدر

- ‌[حديث اعدد ستا بين يدي الساعة]

- ‌ باب إثم من عاهد ثم غدر

- ‌[حديث كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارا ولا درهما]

- ‌ باب

- ‌[حديث قول سهل بن حنيف اتهموا رأيكم رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر النبي لرددته]

- ‌ باب إثم الغادر للبر والفاجر

- ‌[حديث لكل غادر لواء يوم القيامة]

- ‌[حديث لكل غادر لواء ينصب لغدرته]

- ‌القسم الثانيالمنهج الدعوي المستخلص من الدراسة

- ‌الفصل الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالداعية

- ‌[الفصل الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالمدعو]

- ‌[الفصل الثالث المنهج الدعوي المتعلق بموضوع الدعوة]

- ‌الفصل الرابع: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل والأساليب

- ‌المبحث الأول: المنهج الدعوي المتعلق بالوسائل

- ‌[المبحث الثاني المنهج الدعوي المتعلق بالأساليب]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[التوصيات والمقترحات]

الفصل: ‌[حديث أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم كسر]

[حديث أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم كسر]

153 -

[3109] حدّثنا عبدان، عن أبي حمزة، عن عاصم، عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك رضي الله عنه:"أنّ قدح النبيّ صلى الله عليه وسلم كسر فاتخذ مكان الشّعب سلسلة من فضّة. قال عاصم (1) رأيت القدح وشربت فيه"(2).

وفي رواية: "عن عاصم الأحول قال: رأيت قدح النبيّ صلى الله عليه وسلم عند أنس بن مالك، وكان قد انصدع فسلسله بفضّة، قال: وهو قدح جيّد عريض من نضار. قال أنس: لقد سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا القدح أكثر من كذا وكذا. قال: وقال ابن سيرين: (3) إنّه كان فيه حلقة من حديد فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من ذهب أو فضّة فقال له أبو طلحة: لا تغيرنّ شيئا صنعه رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فتركه"(4).

* شرح غريب الحديث: * " نعلين جرداوين " أي لا شعر عليهما. (5).

* " قبالان " القبال: زمام النعل، وهو السير الذي يكون بين الإصبع الوسطى والتي تليها (6).

(1) عاصم بن سليمان الأحول، أبو عبد الرحمن البصري، مولى بني تميم، يقال: مولى عثمان، ويقال: مولى آل زياد، روى عن أنس وعبد الله بن سرجس، وعمر بن سلمة الجرمي، وغيرهم، كان من أهل مصر، وكان يتولى الولايات: فكان بالكوفة على الحسبة، والأوزان، وكان قاضيا بالمدائن لأبي جعفر، مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث وأربعين. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 5/ 38.

(2)

[الحديث 3109] طرفه في: كتاب الأشربة، باب الشرب من قدح النبي صلى الله عليه وسلم وآنيته، 6/ 316، برقم 5638.

(3)

هو محمد بن سيرين الإمام أبو بكر الأنصاري، مولى أنس بن مالك رضي الله عنه، كان أبوه من سبي جرجرايا - بلد من أعمال النهروان - تملكه أنس رضي الله عنه ثم كاتبه على ألوف من المال فوفاه وعجل له مال الكتابة قبل حلوله، فامتنع أنس رضي الله عنه من أخذه، سمع أبا هريرة، وعمران بن حصين، وابن عباس، وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم، قال ابن عون: ثلاثة لم تر عيني مثلهم: ابن سيرين بالعراق، والقاسم بن محمد بالحجاز، ورجاء بن حيوة بالشام، كأنهم التقوا فتواصوا، وكان ابن سيرين رحمه الله ينطق بالحكمة ومن ذلك قوله:"إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم"[صحيح مسلم 1/ 14]، وكان يأمر السلطان بالمعروف والحكمة، وقد جاء عنه عجائب في تفسير الرؤى، وكان له في ذلك تأييد إلهي، ولد رحمه الله لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتوفي لتسع مضين من شوال سنة عشر ومائة للهجرة. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي 4/ 606 - 622.

(4)

من الطرف رقم: 5638.

(5)

تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 260.

(6)

انظر: المرجع السابق ص 260، والنهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب القاف مع الباء، مادة "قبل" 4/ 8.

ص: 868

* " كساء ملبّدا " أي مرقعا. يقال: لبدت القميص ألبده، ولبدته، وألبدته إذا رقعته، ويقال للخرقة التي يرقع بها صدر القميص: اللبدة، والتي يرقع بها قبله: القبيلة، وقيل: الملبّد: الذي ثخن وسطه وصفق حتى صار يشبه اللبدة. (1).

* " فاتخذ مكان الشعب سلسلة " الشعب: أي الصدع والشق. (2).

* " نضار " قدح جيد عريض من نضار: أي من خشب نضار، وهو خشب معروف، وقيل: هو الأثل الورسيّ اللون (3).

* الدراسة الدعوية للأحاديث: في هذه الأحاديث الثلاثة دروس وفوائد دعوية، منها:

1 -

أهمية استخدام وسائل الإيضاح في الدعوة إلى الله عز وجل.

2 -

عظم محبة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

3 -

من صفات الداعية: الزهد.

4 -

من صفات الداعية: التواضع.

والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:

أولا: أهمية استخدام وسائل الإيضاح في الدعوة إلى الله عز وجل: إن استخدام وسائل الإيضاح الحسية في الدعوة إلى الله عز وجل من الأمور المهمة؛ وقد استخدمها أنس بن مالك وعائشة رضي الله عنهما في هذه الأحاديث، فأنس:"أخرج نعلين جرداوين" وهما نعلا النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجت عائشة "إزارا غليظا مما يصنع باليمن وكساء"، وهذا فيه إيضاح للناس وتعليم لهم بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الزهد في الدنيا، وإيثار الآخرة والرغبة فيها؛ لأن ما عند الله خير وأبقى. فينبغي للداعية أن يستخدم وسائل الإيضاح الحسية في دعوته إلى الله عز وجل،

(1) النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب اللام مع الباء، مادة:"لبد" 4/ 224.

(2)

المرجع السابق، باب الشين مع العين، مادة:"شعب" 2/ 477.

(3)

المرجع السابق، باب النون مع الضاد، مادة:"نضر" 5/ 71.

ص: 869

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستخدم هذه الوسائل، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:«خط النبي صلى الله عليه وسلم خطا مربعا، وخط خطا في الوسط خارجا منه، وخط خطوطا صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، وقال: "هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به - أو قد أحاط به - وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطوط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا» (1) وقيل: هذه صفة الخط (2).

: وهذا يؤكد للداعية أهمية استخدام الوسائل الحسية للإيضاح والتبيين وشد الانتباه للمدعوين والله المستعان.

ثانيا: عظم محبة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: الصحابة رضي الله عنهم كانوا يحبون النبي صلى الله عليه وسلم حبا عظيما؛ وقد بلغ بهم هذا الحب العظيم إلى أن احتفظ بعضهم ببعض ما يختص به صلى الله عليه وسلم تبركا به صلى الله عليه وسلم، فقد احتفظ أنس رضي الله عنه بنعليه، وقدحه، واحتفظت عائشة رضي الله عنها، بإزاره، وكسائه كما في الحديث، وغير ذلك كثير، كالاحتفاظ بدرعه، وخاتمه (3) وهذا يؤكد حب الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله أكثر من أنفسهم وأموالهم، وأولادهم ووالديهم، والناس أجمعين، فينبغي لكل مسلم أن يكون كذلك (4).

ثالثا: من صفات الداعية: الزهد: ظهر في هذه الأحاديث زهد النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا؛ لكونه قبضه الموت وهو يلبس إزارا غليظا، وكساء ملبدا مرقعا، ويأكل في قدح من خشب النضار منصدع، قال الإمام النووي رحمه الله:"في هذه الأحاديث المذكورة في الباب ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الزهادة في الدنيا، والإعراض عن متاعها وملاذها، وشهواتها، وفاخر لباسها، ونحوه، واجتزائه بما يحصل به أدنى التجزئة في ذلك كله، وفيه الندب للاقتداء به صلى الله عليه وسلم في هذا وغيره"(5) وهذا يؤكد عظم

(1) البخاري، كتاب الرقاق، باب في الأمل وطوله، 7/ 219، برقم 6417.

(2)

انظر: فتح الباري، لابن حجر، 11/ 237.

(3)

انظر: منار القاري، لحمزة محمد قاسم، 4/ 132.

(4)

انظر: الحديث رقم 62، الدرس الثامن، ورقم 63، الدرس الثامن.

(5)

شرح النووي على صحيح مسلم، 14/ 301.

ص: 870

زهده صلى الله عليه وسلم ورغبته فيما عند الله عز وجل. (1).

رابعا: من صفات الداعية: التواضع: دل الحديث على أن التواضع من الصفات الحميدة التي ينبغي للداعية أن يتصف بها؛ فقد لبس النبي صلى الله عليه وسلم الإزار الغليظ والكساء المرقع كما في هذا الحديث تواضعا صلى الله عليه وسلم (2) وهذا يبين أن التواضع من الأخلاق الكريمة التي يحمد عليها المسلم، ويثاب عليها عند الله عز وجل، ويدخل الله عز وجل بها حبه في قلوب الناس (3).

ولا شك أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في اللباس أجمل الهدي وأحسنه، فقد كان صلى الله عليه وسلم متواضعا في لباسه، ومع ذلك كان يتجمل للوفود، وفي يوم الجمعة، ويحث أمته على إظهار نعمة الله عليهم، فقد قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن الرجل يحبّ أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يحبّ الجمال، الكبر: بطر الحق (4) وغمط (5) الناس» (6) وعن أبي الأحوص عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له: «إذا آتاك الله مالا فلير أثر نعمة الله عليك» (7) قال الإمام ابن القيم رحمه الله: " لبس الدني من الثياب يذمّ في موضع ويحمد في موضع: فيذم إذا كان شهرة وخيلاء، ويمدح إذا كان تواضعا واستكانة، كما أن لبس الرفيع من الثياب يذمّ إذا كان تكبّرا وفخرا وخيلاء، ويمدح إذا كان تجملا وإظهارا لنعمة الله "(8).

(1) انظر: الحديث رقم 2، الدرس الأول، ورقم 15 الدرس الأول.

(2)

انظر: عمدة القاري للعيني، 15/ 32.

(3)

انظر: الحديث رقم 62، الدرس الثالث.

(4)

بطر الحق: دفعه وإنكاره، ترفعا وتجبرا. شرح النووي على صحيح مسلم، 2/ 449.

(5)

غمط الناس: احتقارهم. المرجع السابق، 2/ 449.

(6)

صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه، 1/ 93، برقم 91، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

(7)

أبو داود، كتاب اللباس، باب غسل الثوب وفي الخلقان، 4/ 51، برقم 4063، والنسائي، كتاب الزينة، باب ذكر ما يستحب من لبس الثياب وما يكره منها، 8/ 196، برقم 5294، والحاكم وصحح إسناده ووافقه الذهبي، 4/ 181، وأحمد في المسند بلفظ:"فإن الله عز وجل إذا أنعم على عبده نعمة أحب أن ترى عليه"، 3/ 473 - 474، وصححه الألباني في غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام، ص 63، برقم 75. وله شاهد عند الترمذي وحسنه "إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده"، 5/ 124، برقم 2819.

(8)

زاد المعاد، 1/ 146.

ص: 871