الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - باب ما يقال عند من حضره الموت
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
1616 -
[1] عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 916].
ــ
3 -
باب ما يقال عند من حضره الموت
أي قرب من الموت بأن تَيقن بحكم العادة أنه يموت، وفي (شرح الهداية) لابن الهمام (1): أن علامات الاحتضار أن تسترخي قدماه وتنتصبان فلا يبقيان، ويتعوَّج أنفه، وينخسف صُدْغَاه، ويمتد جلد خصيتيه لإشماز الخصيتين بالموت، ثم الظاهر من الكلام أن المراد ما يقول الناس الحاضرون من تلقين الميت والدعاء له ولأنفسهم، وفي الباب ذكرت أحاديث كثيرة ليست من هذا القبيل، ومن عادة المؤلف أن يذكر في الباب أحاديث لها مناسبة ولو كانت بعيدة بوجه ما ولا يعقد لها أبوابًا أخر رومًا للضبط وتقليلًا للانتشار، وهذا كثير في هذا الكتاب فلا يطلب صريح المناسبة للباب فاحفظه.
الفصل الأول
1616 -
[1](أبو سعيد، وأبو هريرة) قوله: (لقنوا (2)) من اللَّقْن وهو سرعة الفهم، لَقِنْتُ الحديث بالكسر: فهمته، تلقنته: أخذته، غلام لقن: سريع الفهم، والتلقين: التفهيم، أي: ذكّروا من حضره الموت (لا إله إلا اللَّه) والمراد به تمام الكلمة الطيبة اكتفى بالجزء الأول كما يقال: قراءة (قل هو اللَّه أحد).
(1)"فتح القدير"(2/ 103).
(2)
وجوبًا عند جماعة منهم بعض الحنفية، ونقل بعض المالكية الاتفاق عليه، والأكثر على أنه ندب. كذا في "التقرير". وانظر:"مرقاة المفاتيح"(3/ 1166).
1617 -
[2] وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا حَضَرْتُمُ الْمَرِيضَ أَو الْمَيِّتَ فَقُولُوا خَيْرًا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 919].
1618 -
[3] وَعَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} اللَّهُمَّ آجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا". . . . .
ــ
1617 -
[2](أم سلمة) قوله: (إذا حضرتم المريض أو الميت)(أو) للشك، والمراد بالثاني هو الأول، أي: المريض الذي أشرف على الموت الذي يقال له: المحتضر، ويحتمل أن تكون للتنويع، ويكون المراد بالمريض غير المحتضر.
وقوله: (وقولوا خيرًا) بأن تدعوا للمريض بالشفاء، أو للميت بالمغفرة، أو تدعوا لأنفسكم خيرًا، وقيل: المراد بالخير هو لا إله إلا اللَّه، و (قولوا) بمعنى لقنوا.
1618 -
[3](وعنها) قوله: (إنا للَّه وإنا إليه راجعون) بيان لما أمر به، وهو وإن لم يكن مأمورًا به صريحًا لكن الترغيب والبشارة والمدح يقتضي طلب الفعل، وهو معنى الأمر.
وقوله: (اللهم آجرني) بسكون همزة وضم جيم إن كان ثلاثيًا كنصر ينصر، وإلا فبفتح همزة ممدودة وبكسر جيم يقال: آجره يؤجره: إذا أعطاه أجرًا، وكذا أجره يأجره بمعنى، والمصيبة: الحالة التي تصيب الإنسان، غلب فيما يصيبه من المكروه.
وقوله: (وأخلف) بفتح الهمزة وكسر اللام، والإخلاف: جعل كل شيء مكان ما ذهب وفات، أي: هب لي خيرًا من مصيبتي، أي: مما فات بهذه المصيبة، والمراد
فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلمَة قُلْتُ: أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا، فَأَخْلَفَ اللَّهُ لِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 918].
1619 -
[4] وَعَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي سَلمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ،
ــ
الثواب أو البدل مما فات، وهو الظاهر من سياق الحديث.
وقوله: (فلما مات أبو سلمة) هو اسم زوج أم سلمة قبل النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (قلت) أي: تذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم هذا، وقصدت الإتيان بهذا الدعاء المتصور تزوجي بزوج آخر، ثم قلت في نفسي تعجبًا من إجابته:(أي المسلمين خير من أبي سلمة) حتى يخلف اللَّه لي خيرًا منه، ثم مدحته إثباتًا للتعجب.
وقوله: (أول بيت هاجر) أي: أبو سلمة أول من هاجر إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قاله أبو نعيم، ولعل المراد أول من هاجر من الحبشة إلى المدينة، وكان هو وزوجته أول من هاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة.
وقوله: (ثم إني قلتها) أي: قلت هذا القول ودعوت بهذا الدعاء؛ طلبًا لصدق هذا الحديث وامتثالًا لأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؛ لا مع ما في نفسي من التعجب والاستبعاد.
وقوله: (فأخلف اللَّه لي) أي: جعل لي مكان أبي سلمة رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وتزوجني وهو خير الخيرين وخير جميع الخلائق أجمعين.
1619 -
[4](وعنها) قوله: (وقد شق بصره) في (القاموس)(1): شق بَصَرُ
(1)"القاموس المحيط"(ص: 827).
ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ" فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَالَ:"لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ" ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ،
ــ
الميت: نظر إلى شيء لا يرتد إليه طرفه، ولا تقل: شق الميت بَصَرَه، انتهى. يعني أن (شق) ههنا لازم لا متعد بمعنى الفتح لا بمعنى فتح، ومن ثم قال صاحب (النهاية) (1): بفتح الشين ورفع الراء، وضم الشين غير مختار، ثم قال لبيان سبب شق بصر الميت (أن الروح. . . إلخ)، وقال الطيبي (2): يحتمل أن تكون علة للإغماض كأنه قال: أغمضته؛ لأن الروح إذا فارق يتبعه البصر في الذهاب، فلم يبق لانفتاح بصره فائدة.
وقوله: (لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير) أي: لا تقولوا: واويلاه وياكرباه ونحو ذلك، فإنه دعاء على أنفسكم بنسبة الويل والكرب لأنفسكم؛ لأن معناه: يا ويلي ويا كربي، أبدلت ياء المتكلم بالألف، مثل يا غلاماه، أو يريد أن ارتكاب ما لا يرضاه اللَّه يرجع ضرره عليهم، فكأنه دعاء على أنفسكم، أو كان النوحة والجزع دعاء على الميت كما يشير إليه قوله صلى الله عليه وسلم:(إن الميت ليعذب ببكاء أهله)، أو يكون مثل {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] أي: لا يقتل بعضكم بعضًا، وقوله تعالى:{فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النور: 61].
وقوله: (وارفع درجته في المهديين) قال الطيبي (3): معناه اجعله في زمرة
(1)"النهاية"(2/ 491).
(2)
"شرح الطيبي"(3/ 338).
(3)
"شرح الطيبي"(3/ 339).
وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَأَفْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 920].
1620 -
[5] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَ سُجِّيَ بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 141، م: 942].
ــ
الذين هديتهم إلى الإِسلام ورفعت درجتهم، انتهى. ويحتمل أن يكون معناه بل هو الظاهر: اجعله رفيع الدرجة وعالي المنزلة من بين المهديين، أي: اجعله من أعاظمهم وأعاليهم.
وقوله: (واخلفه) بوصل الهمزة وضم اللام، أي: كن خليفة له في أولاده الباقين بأن تُصلحهم وتُربِّيهم.
وقوله: (في الغابرين) أي: الباقين، من غَبَرَ بمعنى بقي، ويجيء بمعنى ذهب ومضى أيضًا ضد، وهو بدل من (في عقبه)، أو حال منه، فعلى الأول يكون الغابرون هم عقبة، وعلى الثاني يكون المراد بهم الناس، أي: أعقابه الكائنين في الباقين من الناس.
وقوله: (واغفر لنا) يحتمل أن يكون لفظ الجمع للتعظيم وأن يكون لنفسه الشريفة وللصحابة.
1620 -
[5](عائشة) قوله: (سُجِّي) بضم السين وكسر الجيم المشددة: غُطّي وزنًا ومعنًى.
قوله: (ببرد حبرة) كعنبة، وهي برد قطن يمان هو شيء مخطط، وهو بالإضافة وبالتوصيف.