الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقَالَ: يَا مَلَائِكَتِي! مَا جَزَاءُ أَجِيرٍ وَفَّى عَمَلَهُ؟ قَالُوا: رَبَّنَا جَزَاؤُهُ أَنْ يُوَفَّى أَجْرَهُ. قَالَ: مَلَائِكَتِي! عَبِيدِي وَإِمَائِي قَضَوْا فَرِيْضَتِي عَلَيْهِمْ، ثُمَّ خَرَجُوا يَعُجُّونَ إِلَى الدُّعَاءِ، وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وكَرَمِي وَعُلُوِّي وَارْتفَاعِ مَكَانِي لأُجِيبَنَّهُمْ. فَيَقُولُ: ارْجِعُوا قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ، وَبَدَّلْتُ سَيِّئَاتِكُمْ حَسَنَاتٍ. قَالَ: فَيَرْجِعُونَ مَغْفُورًا لَهُمْ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 3717].
* * *
9 - باب الاعتكاف
ــ
جماعة، والمباهاة (1): المفاخرة.
وقوله: (يعجون) عج يعج من ضرب وعلم صاح ورفع صوته، (لأجيبنهم) أي: لأقبلن دعاءهم.
9 -
باب الاعتكاف
الاعتكاف في اللغة: الحبس، والمكث، واللزوم، والإقبال على شيء، وفي الشرع عبارة عن المكث في المسجد ولزومه على وجه مخصوص، وهو في الظاهر من مذهب الحنفية سنة مؤكدة لمواظبة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى توفاه اللَّه تعالى، كما جاء في الصحيحين من حديث عائشة، قال الزهري (2): عجبًا من الناس كيف تركوا الاعتكاف ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يعمل من النوافل تارة ويتركها أخرى، ولم يترك الاعتكاف أبدًا، ولم يجب؛ لأنه كان من دأبه صلى الله عليه وسلم في الواجب مع وجود المواظبة أن يأمر به وينكر على
(1) قال القاري: الأَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الْمُبَاهَاةَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ طَعَنُوا فِي بَنِي آدَمَ فَيَكُونُ بَيَانًا لإِظْهَارِ قُدْرتِهِ وَإِحَاطَةِ عِلْمِهِ، انتهى. "مرقاة المفاتيح"(4/ 1445).
(2)
انظر: "عمدة القاري"(11/ 140)، و"فتح الباري"(4/ 285).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تركه، ولم يفعل في الإنكار كذلك، بل قال:(من أحب منكم أن يعتكف فليفعل) كما جاء في الصحيحين، انتهى.
والحق أنه ثبت ترك الاعتكاف منه صلى الله عليه وسلم في بعض الرمضانات، وقيل: يستحب استحبابًا متأكدًا، والصواب أنه على ثلاثة أقسام: واجب، وهو الاعتكاف المنذور، وسنة، وهو في العشر الأخير، وما سواهما مستحب، واتفق العلماء (1) على اشتراط المسجد في الاعتكاف إلا محمد بن عمر بن لبابة المالكي؛ فإنه جوزه في كل مكان، وجوز الحنفية للنساء في مسجد البيت، والمراد بمسجد البيت مكان تقرر فيه للصلاة، وليس له حكم المسجد إلا في هذا الحكم، وهو قول قديم للشافعي، ونقل عن بعض أصحابنا أن اعتكاف المرأة في المسجد مع زوجه جائز، وبه قال الإمام أحمد، وإذنه صلى الله عليه وسلم للأزواج المطهرة دليل على ذلك، والمنع كان لمصلحة أخرى كما سيأتي. ثم خص أبو حنيفة وأحمد بمسجد تقام فيه الصلوات الخمس لئلا يكون الاعتكاف سببًا لترك الجماعة، ولا يكون باعثًا على الخروج في خمس أوقات مع إمكان الاحتراز عنه، وفي شرح ابن الهمام (2): أنه قال بعضهم: إن المراد غير مسجد الجامع؛ فإنه يجوز فيه، وإن لم تقم فيه الصلوات الخمس، وفي رواية عن أبي يوسف: أن الاعتكاف الواجب لا يجوز في غير مسجد الجماعة، ويجوز النفل، ومالك رحمه الله شرط مسجد الجامع، وهو قول للشافعي، وقال في (الحاوي) (3): الجامع أولى، وعند جمهور الشافعية جاز في كل مسجد.
(1) انظر: "أوجز المسالك إلى موطأ مالك"(5/ 423).
(2)
"فتح القدير"(2/ 394).
(3)
"الحاوي الكبير"(3/ 485).