المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الثاني: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٤

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(5) كتاب الجنائز

- ‌1 - باب عيادة المريض وثواب المرض

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب تمني الموت وذكره

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب ما يقال عند من حضره الموت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب غسل الميت وتكفينه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب المشي بالجنازة والصلاة عليها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب دفن الميت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب البكاء على الميت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب زيارة القبور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(6) كتاب الزكاة

- ‌ الفصل الأول:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب ما يجب فيه الزكاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب صدقة الفطر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب من لا تحل له الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب من لا تحل له المسألة ومن تحل له

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الإنفاق وكراهية الإمساك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب فضل الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب أفضل الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب صدقة المرأة من مال الزوج

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب من لا يعود في الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌(7) كتاب الصوم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب رؤية الهلال

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب تنزيه الصوم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌‌‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب صوم المسافر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب القضاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب صيام التطوع

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب

- ‌‌‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب ليلة القدر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب الاعتكاف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(8) كتاب فضائل القرآن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الثاني:

*‌

‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

1667 -

[22] عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجَنَازَةِ، وَالْمَاشِي يَمْشِي خَلْفَهَا وَأَمَامَها وَعَنْ يَمِنِيهَا وَعَن يَسَارِهَا قَرِيبًا مِنْهَا، وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 318].

وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ قَالَ: "الرَّاكِبُ خَلْفَ الْجَنَازَةِ. . . . .

ــ

الفصل الثاني

1667 -

[22](المغيرة بن شعبة) قوله: (والسقط يصلى عليه) السقط مثلثة: الولد لغير تمام، فعندنا وعند الشافعي هذا مخصوص بأن يَسْتَهِلّ، وهو أن يكون منه ما يدلُّ على الحياة من حركةِ عُضْوٍ أو رَفْعِ صوب، والمعتبر في ذلك خروج أكثره حيًّا، حتى لو خرج أكثره وهو يتحرَّك صُلِّي عليه، وفي الأقلّ لا، وروى النسائي (1) عن جابر:(إذا استهل الصبي صُلِّي عليه ووُرِّثَ)، ورواه الحاكم (2) عن أبي الزبير، وقال: صحيح. والحديث المذكور في الكتاب صحَّحه الترمذي، لكن الحظر مقدم على الإطلاق عند التعارض، كذا قال الشيخ ابن الهمام (3)، وعند أحمد يصلَّى من غير استهلال لهذا الحديث، ولحديث ابن عمر جاء في معناه، وقال: إذا بلغ أربعة أشهر في البطن جاز وإن لم يستهل؛ لأنه ينفخ فيه الروح في هذه المدة، غايته أنه خرج ميتًا، وصلاة الجنازة

(1)"السنن الكبرى"(4/ 77، ح: 6358) وكذا أخرجه ابن ماجة في "سننه"(1508، 2651).

(2)

"المستدرك"(4/ 388، ص: 8023).

(3)

"شرح فتح القدير"(2/ 131).

ص: 144

وَالْمَاشِي حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا، وَالطِّفْلُ يُصَلَّى عَلَيْهِ". وَفِي "الْمَصَابِيحِ" عَنِ الْمُغيرَةِ بْنِ زِيَادٍ. [حم: 4/ 247، ت: 1031، س: 1942، جه: 1481].

1668 -

[23] وَعَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: . . . . .

ــ

إنما تكون على الميت وهم يقولون: إنه لا يسمى ميتًا إلا إذا خرج حيًّا ثم مات.

وقوله: (وفي المصابيح عن المغيرة بن زياد) قالوا: فيه تحريف لا يدرى من أين وقع، فإن المغيرة بن زياد لا يعرف أصلًا لا في الصحابة ولا في التابعين، وهذا الحديث إنما يروى عن المغيرة بن شعبة، وعليه مداره في (سنن أبي داود)(1) عن زياد بن جبير عن أبيه عن المغيرة بن شعبة، فلعل بعض النُّسَّاخ تَخَبَّطَ فيه فصار أُسْوَةً لمن لا عناية له بعلم الحديث، كذا قال التُّورِبِشْتِي (2)، واللَّه أعلم.

1668 -

[23](الزهري) قوله: (يمشون أمام الجنازة) اختلفوا في المشي مع الجنازة، فقال أبو حنيفة والأوزاعي: المشي خلفها أحب، وقال الثوري وطائفة: هما سواء، وقال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل: قدامها أفضل، كذا قال الشُّمُنِّي، وقال: لنا في الصحيحين (3) من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى على جنازة فله قيراط، ومن اتَّبع حتى يوضع في القبر فله قيراطان)، وروى عبد الرزاق في (مصنفه)(4)

(1)"سنن أبي داود"(3180).

(2)

"الميسر في شرح مصابيح السنة"(2/ 394).

(3)

"صحيح البخاري"(1325)، و"صحيح مسلم"(945).

(4)

"مصنف عبد الرزاق"(3/ 445، ح: 6262).

ص: 145

وَأَهْلُ الْحَدِيثِ كَأَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ مُرْسَلًا. [حم: 2/ 8، د: 3179، ت: 1007، س: 1945، جه: 1482].

ــ

عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال: ما مشى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى مات إلا خلف الجنازة، وروى هو وابن أبي شيبة (1) عن عبد الرحمن بن أبزى قال: كنت في جنازة وأبو بكر وعمر يمشيان أمامها، وعليّ يمشي خلفها، فقلت لعلي: أراك تمشي خلف الجنازة وهذان يمشيان أمامها، قال عليٌّ: لقد علمنا أن فضل المشي خلفها على المشي أمامها كفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذّ، لكنهما أحبَّا أن ييسرا على الناس، انتهى.

ولأن المشي خلف الجنازة أظهر وأدخل في الاتعاظ والتفكر، وأقرب إلى المعاونة إذا احتيج إليها، وروى الترمذي وأبو داود (2) عن ابن عمر: أن الجنازة متبوعة، ومن تقدمها فكأنها ليس معها.

ودليل الثلاثة هذا الحديث المذكور في الكتاب، وقالوا أيضًا: القوم شفعاء، والشفيع يتقدم في العادة، ومن سوَّى الأمرين قال: الدلائل متعارضة فيجوز الأمران، ولحديث المغيرة بن شعبة المذكور، وأيضًا روى رزين عن أنس أنه قال:(أنتم شفعاء فامشوا عن خلف وأمام ويمين وشمال)، وروي في كتب الفقه (3) عن أبي حنيفة أنه قال: لا بأس بالمشي أمام الجنازة وعن يمينه وعن يساره (4).

(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(ح: 11239)، و"مصنف عبد الرزاق" (ح: 6263).

(2)

"سنن الترمذي"(1011)، و"سنن أبي داود"(3184)، هي الرواية الآتية، برقم (1669) ولكنها عن ابن مسعود، وما وقع في الشرح:"عن ابن عمر" لعله سبق قلم.

(3)

انظر: "المحيط البرهاني"(2/ 304).

(4)

وقد بسط الكلام على المسألة الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 479)، والزيلعي في "نصب الراية"(2/ 290 - 291).

ص: 146

1669 -

[24] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْجَنَازَةُ مَتْبُوعَةٌ وَلَا تتَّبعُ، لَيْسَ مَعَهَا مَنْ تَقَدَّمَهَا". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَأَبُو مَاجِدٍ الرَّاوِيُّ رَجَلٌ مَجْهُولٌ. [ت: 1011، د: 3184، جه: 1484].

1670 -

[25] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "من تبع جَنَازَةً وَحَمَلَهَا ثَلَاثَ مِرَارٍ، فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ مِنْ حَقِّهَا". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [ت: 1041].

1671 -

[26] وَقَدْ رُوِيَ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ": أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. . . . .

ــ

1669 -

[24](عبد اللَّه بن مسعود) قوله: (الجنازة متبوعة) هذا الحديث أيضًا يؤيد مذهب أبي حنيفة.

وقوله: (ولا تتبع (1)) بالتشديد، وفيه ضمير الفاعل للجنازة، أي: هي متبوعة غير تابعة، ذكره للتأكيد والتقرير، وكذا قوله:(ليس معها من تقدمها).

وقوله: (وأبو ماجد الراوي رجل مجهول) ونقل عن (ميزان الاعتدال)(2): أن أبا ماجد عن ابن مسعود لا يعرف، وقال النسائي: هو منكر الحديث، وقال البخاري: ضعيف، وقيل: أبو ماجد حديثه في المشي مع الجنازة رواه أبو الأحوص عن أبي يحيى التيمي عن أبي ماجد عن ابن مسعود.

1670، 1671 - [25، 26](أبو هريرة) قوله: . . . . .

(1) قال القاري (3/ 1206): بفَتْحِ التَّاءِ وَالْبَاءِ وَبِرَفع الْعَيْنِ عَلَى النَّفْي، وَبِسُكُونِهَا عَلَى النَّهْي، وَفِي نُسْخَةٍ: بِتَشْدِيدِ التَّاءِ الثَّانِيَةِ، أَيْ: لَا تَتَّبِعُ هِيَ النَّاسَ.

(2)

"ميزان الاعتدال"(4/ 566).

ص: 147

حَمَلَ جَنَازَةَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ. [شرح السنة: 5/ 337].

ــ

(بين العمودين) السنة عند الشافعي في حمل الجنازة: أن يَدخل واحد بين الخشبتين المقدَّمتين الشاخصتين وهما العمودان، ويجعلهما على عاتقيه والخشبةُ المعترضة بينهما على كاهله، ويحمل مؤخر النعش اثنان أحدهما من الجانب الأيمن والآخر من الأيسر، ولا يمكنه توسط الخشبتين فإنه لا يرى موضع قدميه والطريقَ بين يديه، قالوا: وإن لم يستقل المتقدم بالحمل أعانه رجلان خارج العمودين، فيكون محمولًا على خمسة، كذا في (الحاوي)(1) و (شرحه).

وذكر في (الهداية)(2) قول الشافعي: السنة أن يحملها الرجلان يضعها السابق على أصل عنقه، والثاني أعلى صدره، لأن جنازة سعد بن معاذ هكذا حملت، ولعله قول آخر منه. وذكر في بعض الشروح (3): أن هذا عند حمل الجنازة من الأرض، ثم لا بأس بأن يعاونهم من شاء كيف شاء.

والسنة عندنا أن يحملها أربعة، لما روي عن ابن مسعود أنه قال: من السنة حمل السرير بجوانبه الأربع، رواه محمد في (الآثار)(4) عن أبي حنيفة رحمه الله بسنده إلى ابن مسعود، كذا رواه أبو داود الطيالسي وابن أبي شيبة وعبد الرزاق (5) عن شعبة عن

(1) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (3/ 39 - 40).

(2)

"الهداية"(1/ 91).

(3)

انظر: "مرقاة المفاتيح"(4/ 159).

(4)

"كتاب الآثار"(ص: 48، ح: 235).

(5)

"مسند أبي داود الطيالسي"(ص: 44، ح: 332)، و"مصنف ابن أبي شيبة"(2/ 421، ح: 11281)، و"مصنف عبد الرزاق"(3/ 512، ح: 6517).

ص: 148

1672 -

[27] وَعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي جَنَازَةٍ فَرَأَى نَاسًا رُكْبَانًا، فَقَالَ:"أَلَا تَسْتَحْيُونَ؟ إِنَّ مَلَائِكَةَ اللَّهِ عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَأَنْتُمْ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ نَحْوَهُ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَقدْ رُوِيَ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْقُوفًا. [ت: 1012، جه: 1480، د: 3177].

1673 -

[28] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ عَلَى الْجَنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ. [ت: 1026، د: 3198، جه: 1495].

ــ

منصور، وذكر الشيخ ابن الهمام (1) في الحمل بين العمودين آثارًا من الصحابة وحديثًا مرفوعًا ضعفه، وفي الحمل بجوانبه الأربع آثارًا وأحاديث مرفوعة صحيحة، وقال: تلك الآثار وقائع أحوال مخصوصة، فاحتمل كون ذلك للسنة، أو لعارض اقتضى ذلك في خصوص تلك الأوقات، وقال: ولا يجب على المناظر تعيين العارض، ولو يشاء يُبدي محتملات مناسبة كضيق المكان أو كثرة الناس أو قلة الحاملين وغير ذلك، واللَّه أعلم.

1672 -

[27](ثوبان) قوله: (فقال: ألا تستحيون) يفهم منه كراهة الركوب، وفي بعض الحواشي: في قوله: (فرأى ناسًا ركبانًا) أي: قريبًا من الجنازة، والحق أنه يجوز الركوب للضرورة بلا كراهة (2).

1673 -

[28](ابن عباس) قوله: (رواه الترمذي) وقال: ليس إسناده بذاك، وإبراهيم بن عثمان منكر الحديث، والصحيح عن ابن عباس [قوله]: من السنة القراءة

(1)"شرح فتح القدير"(2/ 134 - 135).

(2)

قال السندي في "حاشية سنن ابن ماجه"(2/ 210): إنه لا ينبغي الركوب في جنائز الصلحاء الذين يرجى حضور الملائكة في جنائزهم، وأنه ترك الأولى، وإلا فالركوب قد جاء ما يدل على جوازه، انتهى.

ص: 149

1674 -

[29] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ. [د: 3199، جه: 1498].

1675 -

[30] وَعَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى عَلَى الْجَنَازَةِ قَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا. اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فتَوَفَّهُ عَلَى الإِيمَانِ. . . . .

ــ

على الجنازة بفاتحة الكتاب، انتهى. وقالوا: إن قول الصحابي: (من السنة) في معنى المرفوع، وقد سبق الكلام فيه في الفصل الأول.

1674 -

[29](أبو هريرة) قوله: (فأخلصوا له الدعاء) الإخلاص في الدعاء مستحسَن دائمًا، خصوصًا في هذه الحالة؛ لكون الاحتياج فيها أشد (1).

1675 -

[30](أبو هريرة) قوله: (وصغيرنا) قيل: المراد بالمغفرة للصغار: إعلاء الدرجة في الجنة، وقيل: هذا الكلام مجموعُهُ كناية عن شمول المغفرة للكل، ولا ينظر إلى مفرداته.

وقوله: (فتوفه على الإيمان) خصه بالإيمان لأن الإسلام أكثر ما يطلق على الأعمال الظاهرة، وليس هذا وقتها، كذا قيل، والحق أنهما مترادفان يدل عليه تعكيس العبارة في الرواية الأخرى، وقال الطيبي (2): المراد بالإسلام في الرواية الأولى:

(1) قال الشوكاني في "نيل الأوطار"(3/ 7): فيه دليل على أنه لا يتعين دعاء مخصوص من هذه الأدعية الواردة، وأنه ينبغي للمصلي على الميت أن يخلص الدعاء له.

(2)

"شرح الطيبي"(3/ 374).

ص: 150

اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. [حم: 2/ 368، د: 3201، ت: 1024، جه: 1498].

1676 -

[31] وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ الأَشْهَلِيِّ عَنْ أَبِيهِ، وَانْتَهَتْ رِوَايَتُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَ"أُنْثَانَا". وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ: "فَأَحْيِهِ عَلَى الإِيمَانِ وَتَوَفَّهُ عَلَى الإِسْلَامِ"(1). وَفِي آخِرِهِ: "وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ". [س: 1986، د: 3201].

ــ

الانقياد والأعمال الظاهرة، وفي الثانية: الاستسلام وإخلاص العمل، وهو فوق الإيمان.

وقوله: (لا تحرمنا) بضم أوله وفتحه، كذا في شرح الشيخ، وفي (الصراح) (2): حرم: نوميد كردن كسى را أز جيزى، إحرام كذلك، والمشهور الفتح.

1676 -

[31] قوله: (عن أبي إبراهيم) ليس في بعض النسخ لفظ (أبي)، والصواب وجوده، فإنه أبو إبراهيم الأشهلي عن أبيه، له ذكر في الصلاة على الجنازة، ولا يعرف، روى عنه يحيى بن أبي كثير فقط، وقال أبو حاتم: لا يدرى من هو ولا أبوه، كذا في الحاشية نقلًا عن (الميزان)(3)، ومن قال: هو عبد اللَّه بن قتادة فقد وهم؛ لأنه من بني سلمة، وهذا من بني عبد الأشهل، وقيل: أبو إبراهيم اسمه إسماعيل بن إبراهيم

(1) المشهور ما في رواية الترمذي (1675): "فأحيه على الإسلام. فتوفه على الإيمان"، قال القاري (4/ 163): الرواية المشهورة هي العمدة، ورواة أبي داود إما من تصرفات الرواة نسيانًا، أو بناء على زعم أنه لا فرق بين التقديم والتأخير، وجواز النقل بالمعنى، انتهى.

(2)

"الصراح"(ص: 465).

(3)

"ميزان الاعتدال"(4/ 486، ح: 9927).

ص: 151

1677 -

[32] وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ فِي ذِمَّتِكَ وَحَبْلِ جِوَارِكَ فَقِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَأَنْتَ أَهْلُ الْوَفَاءَ وَالْحَقِّ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ. [د: 3202، جه: 1499].

1678 -

[33] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِيهِمْ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ. [د: 4900، ت: 1019].

ــ

ابن بسام.

1677 -

[32] قوله: (واثلة) بالمثلثة (ابن الأسقع) بالسين المهملة والقاف.

وقوله: (وحبل جوارك (1)) أي: عهدك وأمانك.

1678 -

[33](ابن عمر) قوله: (وكفوا عن مساويهم) قد علم أنه مخصوص بالمسلمين والصالحين (2).

(1)"حبل جوارك" بكسر الجيم، قيل: عطف تفسيري، وقيل: الحبل: العهد، أي: في كنف حفظك وعهد طاعتك، وقيل: أي: في سبيل قربك، وهو الإيمان، والأظهر أن المعنى أنه متعلق ومتمسك بالقرآن، والمراد بالجوار الأمان، والإضافة بيانية، انتهى مختصرًا من "مرقاة المفاتيح"(4/ 163).

(2)

قال حجة الإسلام: غيبة الميت أشد من الحيِّ، وذلك لأن عفو الحي واستحلاله ممكن ومتوقع، بخلاف الميت، وفي "الأزهار": قال العلماء: وإذا رأى الغاسل منه الميت ما يعجبه كاستنارة وجهه وطيب ريحه، وسرعة انقلابه على المغتسل، استحب أن يتحدث به، وإن رأى ما يكره، =

ص: 152

1679 -

[34] وَعَنْ نَافِعٍ أَبِي غَالِبٍ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَلَى جَنَازَةِ رَجُلٍ، فَقَامَ حِيَالَ رَأسِهِ، ثُمَّ جاؤوا بِجَنَازَةِ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: يَا أَبَا حَمْزَةَ صَلِّ عَلَيْهَا، فَقَامَ حِيَالَ وَسَطِ السَّرِيرِ، فَقَالَ لَهُ الْعَلَاءُ بْنُ زِيادٍ: هَكَذَا رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ على الْجِنَازَة مَقَامَكَ مِنْهَا؟ وَمِنَ الرَّجُلِ مَقَامَكَ مِنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ نَحْوُهُ مَعَ زِيَادَةٍ وَفِيهِ: فَقَامَ عِنْدَ عَحيزَةِ الْمَرْأَةِ. [ت: 1534، جه: 1494، د: 3194].

ــ

1679 -

[34] قوله: (وعن نافع أبي غالب) خص بذلك لئلا يشتبه بنافع مولى ابن عمر.

وقوله: (حيال رأسه) بالتحتانية، أي: حذاءه.

وقوله: (وفيه: فقام عند عجيزة المرأة) العجيزة والعجز بمعنى: مؤخر الجسد، وهذا بيان قوله:(قام حيال وسط السرير)، وتمام الحديث مع قصته: أن نافعًا أبا غالب قال: فإذا أنا برجل عليه كساء رقيق، على رأسه خرقة تقيه من الشمس، فقلت: من هذا الدِّهقان؟ قالوا: أنس بن مالك، قال: فلما وضعت الجنازة فقام أنس فصلى عليها وأنا خلفه، لا يحول بيني وبينه شيء، فقام عند رأسه وكبر أربع تكبيرات، لم يُطل ولم يسرع، ثم ذهب يقعد، فقالوا: يا أبا حمزة، المرأة الأنصارية، فقربوها وعليها نعش أخضر، فقام عند عجيزتها، فصلى عليها نحو صلاته على الرجل، ثم جلس، فقال العلاء بن زياد: يا أبا حمزة، هكذا كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي على الجنازة كصلاتك:

= كنَتْنهِ، وسواد وجهه، أو بدنه، أو انقلاب صورته، حرم أن يتحدث به. "مرقاة المفاتيح"(4/ 165).

ص: 153