الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
1644 -
[11] عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ أُتِيَ بِطَعَامٍ وَكَانَ صَائِمًا، فَقَالَ: قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، كُفِّنَ في بُرْدَةٍ، إِنْ غُطّيَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ، وَإِنْ غُطِّيَ رِجْلَاهُ بَدَا رَأْسُهُ، وَأُرَاهُ قَالَ: وَقُتِلَ حَمْزَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ -أَوْ قَالَ: أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا- وَلَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا، ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 1275].
ــ
الفصل الثالث
1644 -
[11](سعد بن إبراهيم) قوله: (وهو خير مني) في (شرح الشيخ)(1): لعله قال ذلك تواضعًا منه، ويحتمل أن يكون ما استقر عليه الأمر من تفضيل العشرة بالنظر إلى من لم يقتل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، انتهى. يعني: ومصعب من شهداء أحد.
وقوله: (وأراه قال) أي: أظن عبد الرحمن بن عوف أنه قال هذا أيضًا.
وقوله: (أن تكون حسناتنا عجلت لنا) أي: فيدخل في عموم قوله {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ} [الإسراء: 18] و {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف: 20]، وأمثال ذلك، أي: من كان العاجلةُ همَّه ولم يُرِد غيرها، وروي عن عمر رضي الله عنه: جاءه رجل بشربة من ماء فيه عسل فلم يشربه، وقال: نخشى أن نكون ممن قال اللَّه في حقهم {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [الأحقاف: 20](2)، وذلك من غاية الزهد
(1)"فتح الباري"(7/ 353).
(2)
أخرجه أبو داود في "الزهد"(94).
1645 -
[12] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَنَفَثَ فِيهِ مِنْ رِيقِهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ، قَالَ: وَكَانَ كسَا عَبَّاسًا قَمِيصًا. . . . .
ــ
في الدنيا رضي الله عنهم أجمعين (1).
1645 -
[12](جابر) قوله: (عبد اللَّه بن أبي) وكان منافقًا ظاهر النفاق.
وقوله: (فنفث فيه) أي: في كفنه، كذا في الحواشي، قالوا: يحتمل أنه فعل ذلك قبل نزول قول اللَّه تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84]، وقيل: فعل ذلك تأليفًا لابنه، فإنه كان من المؤمنين المخلِصين في غاية الإخلاص، كأنه أشار صلى الله عليه وسلم: أنا فعلنا ما استطعنا وحكمُ اللَّه ماض، وقيل: التمس ذلك ابنُه ففعل، فجذبه عمر رضي الله عنه قال: أليس نهاك اللَّه عن ذلك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أنا في خيرة من ذلك لقوله تعالى: {أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [المنافقون: 6]، وههنا قال:(سأزيد على السبعين) فنزل قوله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} ، وكأنه فهم عمر النهي من موضع آخر، كذا في بعض الشروح (2)، وجاء في كتب السير أنه آمن بعد ذلك من أصحاب [ابن] أُبَيٍّ ألف رجل، واللَّه أعلم.
وقوله: (وكان) أي: [ابن] أُبَيّ (كسا عباسًا) عم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (قميصًا) يوم بدر حين أتي بأسارى بدر وأتي بالعباس ولم يكن عليه ثوب، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم له قميصًا،
(1) قال ابن الملقن (9/ 492): وفيه: أنه ينبغي للمرء أن يتذكر نعم اللَّه عنده، ويعترف بالتقصير عن أداء شكره، ويتخوف أن يقاص بها في الآخرة، ويذهب سعيه فيها، وبكاء عبد الرحمن -وإن كان أحد العشرة المشهود لهم بالجنة- هو ما كانت عليه الصحابة من الإشفاق والخوف من التأخر عن اللحاق بالدرجات العلى وطول الحساب، انتهى.
(2)
انظر: "فتح الباري"(8/ 340)، و"عمدة القاري"(6/ 75).