الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1998 -
[17] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "نِعْمَ سَحُورُ الْمُؤْمِنِ التَّمْرُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 2345].
* * *
3 - باب تنزيه الصوم
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
1999 -
[1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: . . . . .
ــ
1998 -
[17](أبو هريرة) قوله: (نعم سحور المؤمن) بفتح السين فحسب، والتمر بركة، وتناوله في وقت السحر بركة على بركة، ونور على نور، ولما كان الإفطار والتسحر به كان الابتداء والانتهاء بركة.
3 -
باب تنزيه الصوم
أي: تبعيده عما يفسده أو يكره فيه (1)، والنزه: البعد، نزه نزاهة وتنزه تنزهًا إذا بعد، وكل مشتقاته وتصاريفه لا يخلو عن معنى البعد، وتنزيه اللَّه تبعيده عما لا يجوز عليه من النقائص، ومنه حديث (2):(الإيمان نزه)، أي: بعيد عن المعاصي، وحديث (3):(الجابية نزهة)، أي: بعيدة من الوباء، وهي قرية بدمشق.
الفصل الأول
1999 -
[1](أبو هريرة) قوله: (قول الزور) بالضم الكذب، وهو قسم من
(1) قال القاري: أَيْ في بَيَان مَا يَدُلُّ عَلَى مَا يَجِبُ تَبْعِيدُ الصَّوْمِ عَمَّا يُبْطِلُهُ من أصله، أَوْ يُبْطِلُ ثَوَابَهُ أَوْ يَنْقُصُهُ. "مرقاة المفاتيح"(4/ 1388).
(2)
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(4980).
(3)
أخرجه الحاكم في "المستدرك"(3/ 395).
"مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 1903].
ــ
القول، ولعل المراد به هنا ما يشتمل الفعل ليصح قوله:(والعمل به)، أو محمول على القول، والفواحش عمل بمقتضاه، كما أشار إليه الطيبي (1)، وفي بعض الحواشي أن الفواحش عمل بالزور؛ لأنها في الإثم كالزور.
وقوله: (فليس للَّه حاجة)(2) أي: عناية ومبالاة، وهو كناية عن عدم القبول، قال المشايخ رحمهم الله: الصوم ثلاثة: صوم العوام: وهو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع، وصوم الخواص: وهو منع الحواس كلها عن شهواتها ولذاتها المحرمة والمكروهة، بل وعن الانهماك في المباح أيضًا عما ينافي كسر النفس وقمعها، وصوم خواص الخواص: وهو الإمساك عما دون اللَّه وعدم الالتفات إلى غيره والتعلق بما سواه (3).
(1)"شرح الطيبي"(4/ 157).
(2)
قال البيضاوي: ليس المقصود من شرعية الصوم نفس الجوع والعطش بل ما يتبعه من كسر الشهوات وتطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة، فإذا لم يحصل ذلك لا ينظر اللَّه إليه نظر القبول، فقوله:"ليس للَّه حاجة" مجاز عن عدم قبول، فنفى السبب وأراد المسبب، وإلا فاللَّه تعالى لا يحتاج إلى شيء. وقال ابن بطال: ليس معناه يؤمر بأن يدع صيامه وإنما معناه التحذير من قول الزور، وما ذكر معه، كذا في "فتح الباري" (4/ 117). وفي "هامش البذل" (8/ 505): قال الشعراني في "ميزانه"(2/ 282): ومن ذلك إبطال الأوزاعي الصوم بالغيبة والكذب مع قول الأئمة بصحة الصوم مع النقص، انتهى. وفي "نفع المفتي والسائل": حكي الإجماع على عدم النقص، وقال: الروايات فيها كلها مدخولة أو مؤولة بفساد الثواب، أو بأن الصوم له ثلاث مراتب: صوم العوام والخواص والمقربين، فهذا يفسد غير الأول، وكذا جعل الصيام ثلاثة أنواع شارح "الإحياء".
(3)
قَالَ الطِّيبِيُّ (5/ 1590): وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَذِبَ وَالزُّورَ أَصْلُ الْفَوَاحِشِ، وَمَعْدِنُ =
2000 -
[2] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِأَرَبِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1927، م: 1106].
ــ
2000 -
[2](عائشة) قوله: (ويباشر) أي: يلامس، وجاء في رواية أنها قالت:(وكان صلى الله عليه وسلم يقبّل بعض أزواجه وهو صائم فضحكت)، وزاد في بعضها:(وظننا أنها هي).
وقوله: (وكان أملككم لأربه) وفي رواية: لنفسه، والأرب بفتح الهمزة والراء بمعنى الحاجة، وهو المشهور من الرواية عند المحدثين، وقد يروى بكسر الهمزة وسكون الراء وهو أيضًا بمعنى الحاجة، وقد يجيء بمعنى العضو والفرج، كذا في (القاموس)(1)، وعلى تقدير إرادة العضو المراد به العضو المخصوص، وقال التُّورِبِشْتِي (2): حمله على العضو غير سديد مائل عن سنن الأدب و [نهج] الصواب (3)، فالأحسن حمله على الحاجة.
= الْمَنَاهِي، بَلْ قَرِينُ الشِّرْكِ، قَالَ تَعَالَى:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30]، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الشِّرْكَ مُضَادٌّ لِلإِخْلَاصِ، وَللصَّوْم مزيد اختصاص بِالاخْتِصَاصِ فَيَرْتَفِعُ بِمَا يُضَادُّهُ. انتهى. "مرقاة المفاتيح"(4/ 1388).
(1)
"القاموس المحيط"(ص: 68).
(2)
"كتاب الميسر"(2/ 467).
(3)
قال الطيبي (5/ 1591): ولعل ذلك مستقيم؛ لأَنَّ الصَّدِّيقَةَ رضي الله عنها ذَكَرَتْ أَنْوَاعَ الشَّهْوَةِ مُتَرَقِّيَةً مِنَ الأَدْنَى إِلَى الأَعْلَى، فَبَدَأَتْ بِمُقَدِّمَتِهَا الَّتِي هِيَ الْقُبْلَةُ ثُمَّ ثَنَّتْ بِالْمُبَاشَرَةِ مِنْ نَحْوِ الْمُدَاعَبَةِ وَالْمُعَانَقَةِ، وَأَرَادَتْ أَنْ تُعَبِّرَ عَنِ الْمُجَامَعَةِ فَكَنَّتْ عَنْهَا بِالأَرَبِ، وَأَيُّ عِبَارَة أَحْسَنَ مِنْهَا، انتهى. وَفِيهِ أَنَّ الْمُسْتَحْسَنَ إِذًا أَنَّ الأَرَبَ بِمَعْنَى الْحَاجَةِ كِنَايَةً عَنِ الْمُجَامَعَةِ، وَأَمَّا ذكر الذَّكَر فَغَيْرُ مُلَائِمٍ لِلأُنْثَى كَمَا لَا يَخْفَى، لَا سِيَّمَا فِي حُضُورِ الرِّجَالِ، قاله القاري. "مرقاة المفاتيح"(4/ 1389).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال الترمذي (1): وفي الباب عن عمر بن الخطاب وحفصة وأبي سعيد وأم سلمة وابن عباس وأنس وأبي هريرة، وحديث عائشة حديث حسن صحيح. واختلف أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم في القبلة للصائم، فرخص بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في القبلة للشيخ، ولم يرخصوا للشاب مخافة أن لا يسلم له صومه، والمباشرة عندهم أشد، وقد قال بعض أهل العلم: القبلة ينقص الأجر ولا يفطر الصائم، ورأوا أن الصائم إذا ملك نفسه له أن يقبّل، وإذا لم يأمن على نفسه ترك القبلة ليسلم له، وهو قول سفيان الثوري والشافعي، انتهى.
والمذهب عندنا أنه لا بأس بالقبلة إذا أمن على نفسه الجماع أو الإنزال، ويُكْرَهُ إن لم يأمن؛ لأن القبلة ليست بمفطر لذاتها، ويمكن أن تفضي إليه في العاقبة، فاعتبرت في حالة الأمن ذاتها، وفي غير حالة الأمن تعتبر عاقبتها، وقال محمد في (الموطأ) (2): والكف أفضل، وهو قول أبي حنيفة والعامة ممن قبلنا. والمباشرة في حكم التقبيل في ظاهر الرواية، ويروى عن محمد أنه تكره المباشرة الفاحشة لغلبة خوف الفتنة فيها، وفي (المواهب اللدنية) (3): أن مذهب الشافعي وأصحابه أن القبلة ليست محرمة على من لم تحرك شهوته، لكن الأولى تركها، وأما من حركت شهوته فهي حرام في حقه على الأصح، وقد روى ابن ماجه (4): أنه سئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن رجل قبّل امرأته وهما صائمان، فقال:(فقد أفطرا) وإسناده ليس بثابت، أو يؤول بأنهما تعرضا للإفطار
(1)"سنن الترمذي"(727).
(2)
"الموطأ" لمحمد (352).
(3)
"المواهب اللدنية"(4/ 338).
(4)
"سنن ابن ماجه"(1686).
2001 -
[3] وَعَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ جُنُبٌ. . . . . .
ــ
كما قيل في: (أفطر الحاجم والمحجوم).
وفي (الموطأ)(1): أن ابن عمر رضي الله عنهما كان ينهى عن القبلة والمباشرة للصائم، وروى سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب أنه كان ينهى الصائم عن التقبيل ويقول: لم يكن من العصمة لأحد ما كان لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، رواه ابن أبي شيبة (2) والطبراني في (الصغير)(3)، والدارقطني في (الأفراد) كذا ذكره السيوطي (4).
2001 -
[3](عائشة) قوله: (يدركه الفجر في رمضان وهو جنب) وقد روي مثله عن أم سلمة أيضًا، وقد كان أبو هريرة يروي عن فضل بن عباس أنه لا صيام لمن أصبح بالجنابة، فلما بلغه حديث عائشة وأم سلمة رجع عنه، وقال: هما أعلم مني في هذا الأمر، وله قصة ذكرناها في (شرح سفر السعادة)(5)، وقد يستدل على ذلك بقوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ} [البقرة: 187]؛ لأن حذف كلمة (في) من ظرف الزمان يدل على استيعاب الوقت وكونه معيارًا، فتجوز المباشرة إلى الصبح، ومع وجود ذلك لا يمكن الاغتسال بالليل، وعليه عامة أهل العلم إلا ما حكي عن النخعي أنه يجزئه التطوع ويقضي الفريضة كما نقل عنه الطيبي (6)، وقال
(1)"الموطأ"(1029).
(2)
"مصنف ابن أبي شيبة"(9410).
(3)
انظر: "المعجم الأوسط" للطبراني (4956).
(4)
"جامع الأحاديث"(29480).
(5)
"شرح سفر السعادة"(303).
(6)
"شرح الطيبي"(4/ 159).
مِنْ غَيْرِ حُلْمٍ، فَيَغْتَسِلُ وَيَصُومُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1930، م: 1109].
2002 -
[4] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1938، م: 1202].
ــ
الترمذي (1): والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وقال قوم من التابعين: إذا أصبح جنبًا يقضي ذلك اليوم، والقول الأول أصح، انتهى.
ثم قوله: (من غير حلم) وقد يستدل به على جواز الاحتلام على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وإلا لم يكن لهذا القيد فائدة، لكنهم قالوا: لم يجز الاحتلام عليه صلى الله عليه وسلم؛ لأن الاحتلام من الشيطان وهو معصوم عنه، ونقل في (المواهب اللدنية) (2) عن القرطبي أنه قال: الصحيح أنه لا يجوز عليه الاحتلام، ويراد بالاحتلام في الحديث رؤية الإنزال من غير رؤية شيء في المنام، وهذا ليس من الشيطان، وذلك لبعد العهد من الجماع واجتماع الماء، أو مبنى القيد على عدم الجواز يعني كان غسله صلى الله عليه وسلم من الجماع لا من الاحتلام؛ لأن الاحتلام غير جائز في حقه عليه السلام، واللَّه أعلم.
2002 -
[4](ابن عباس) قوله: (احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم) ظاهر هذه العبارة أن الاحتجام حالة الإحرام كان في وقت، والاحتجام حالة الصيام في وقت آخر، وقد جاء في رواية أبي داود والترمذي (3):(احتجم وهو صائم) من غير ذكر الاحتجام وهو محرم، وقد نقل في بعض الحواشي أنه احتجم في حال اجتماع الصوم مع الإحرام لما روى أبو داود (4) من حديثه أيضًا:(أنه صلى الله عليه وسلم احتجم صائمًا محرمًا)،
(1)"سنن الترمذي"(779).
(2)
"المواهب اللدنية"(4/ 339).
(3)
"سنن أبي داود"(2372)، و"سنن الترمذي"(776).
(4)
"سنن أبي داود"(2373).
2003 -
[5] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1933، م: 1155].
ــ
ورواه الترمذي (1): (وهو صائم محرم)، لكن الجواز في الإحرام مقيد بأن لا ينتف شعرًا، وإن نتف فعليه الجزاء، وسيجيء الكلام في الاحتجام للصائم في حديث:(أفطر الحاجم والمحجوم).
2003 -
[5](أبو هريرة) قوله: (فليُتمّ صومه) اتفقت الأئمة على ذلك إلا مالكًا فإنه يقول: يلزم القضاء في صوم رمضان وهو القياس، وحكى محمد عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه كان يقول: لولا أقوال الناس لقلت: يقضي، يعني لولا قول الأئمة وروايتهم هذا الحديث لقلت بالقضاء، كذا في بعض شروح (الهداية)، وقال في (الهداية) (2): وإذا ثبت هذا في الأكل والشرب ثبت في الوقاع للاستواء في الركنية (3).
(1)"سنن الترمذي"(775).
(2)
"الهداية"(1/ 120).
(3)
قال القاري: فِي "شَرْحِ النُّقَايَةِ" لِلشُّمُنِّيِّ: قَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةَ، وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ: يَجِبُ الْقَضَاءُ فِي الْجِمَاعِ دُونَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَقَالَ أَحْمَدُ: يَجِبُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ فِي الْجِمَاعِ دُونَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ لِمَا رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَالْحَاكِمُ قَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ ناسِيًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ"، وَأَمَّا إِنْ أَفْطَرَ خَطَأَ أَوْ مُكْرَهًا فَإِنَّهُ يَقْضِي فَقَطْ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَقْضِي فِيهمَا لِقَوْلهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} [الأحزاب: 5] وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ". وَلَنَا أَنَّ الْمُفْطِرَ وَصَلَ إِلَى جَوْفِهِ فَيَفْسَدُ صَوْمُهُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي النَّاسِي، إِلَّا أَنَّا نَزَّلْنَاهُ فِيهِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَصَارَ كَمَا إِذَا أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَأْكُلَ بِيَدِهِ، وَأُجِيبَ عَنِ الآيَةِ وَالْحَدِيثِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا نَفْيُ الْمَأْثَمِ =
2004 -
[6] وَعَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلَكْتُ، قَالَ:"مَا لَكَ؟ " قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ تَجدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ " قَالَ: لَا، قَالَ:"فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ " قَالَ: لَا، قَالَ:"هَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ " قَالَ: لَا، قَالَ:"اجْلِسْ" وَمَكَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، -وَالْعَرَقُ: الْمِكْتَلُ الضَّخْمُ- قَالَ: "أَيْنَ السَّائِلُ؟ " قَالَ: أَنَا،
ــ
2004 -
[6](أبو هريرة) قوله: (هلكتُ) وزاد في رواية: (وأهلكت) أي: زوجتي.
وقوله: (وأنا صائم) وفي نسخ (المصابيح): (في نهار رمضان) بدل قوله: (وأنا صائم)، و (المكث) مثلثة ويحرك، والفعل كنصر وكرم، كذا في (القاموس)(1)، و (العرق) محركة: السَّفيفَةُ المَنْسوجَةُ من الخوصِ قَبْل أَنْ يُجْعَلَ منه الزِّنْبيلُ نَفْسُه، ويُسَكَّنُ، كذا في (القاموس)(2)، وقال في (المشارق) (3): هو بفتح العين والراء الزنبيل يسع خمسة عشر إلى عشرين صاعًا، وقد فسره في الحديث بالمكتل وهو نحو منه، ضبط بعضهم بالسكون وصححه بعضهم، والأشهر الفتح، جمع عرقة وهي الضفيرة التي تخاط منها القفة، انتهى.
وقوله: (أين السائل؟ ) في معنى (من هو) في العرف.
= وَرَفْعُهُ، كَذَا ذَكَرَهُ الشُّمُنِّيُّ. "مرقاة المفاتيح"(4/ 1390)، وانظر:"بذل المجهود"(8/ 572).
(1)
"القاموس المحيط"(ص: 175).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 836).
(3)
"مشارق الأنوار"(2/ 133).