المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الأول: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٤

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(5) كتاب الجنائز

- ‌1 - باب عيادة المريض وثواب المرض

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب تمني الموت وذكره

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب ما يقال عند من حضره الموت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب غسل الميت وتكفينه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب المشي بالجنازة والصلاة عليها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب دفن الميت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب البكاء على الميت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب زيارة القبور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(6) كتاب الزكاة

- ‌ الفصل الأول:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب ما يجب فيه الزكاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب صدقة الفطر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب من لا تحل له الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب من لا تحل له المسألة ومن تحل له

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الإنفاق وكراهية الإمساك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب فضل الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب أفضل الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب صدقة المرأة من مال الزوج

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب من لا يعود في الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌(7) كتاب الصوم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب رؤية الهلال

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب تنزيه الصوم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌‌‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب صوم المسافر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب القضاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب صيام التطوع

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب

- ‌‌‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب ليلة القدر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب الاعتكاف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(8) كتاب فضائل القرآن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الأول:

*‌

‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

1837 -

[1] عَنْ قَبِيصَة بْنِ مُخَارِقٍ قَالَ: تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْأَلُهُ فِيهَا، فَقَالَ: "أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ

ــ

ولا يعطى السائل الذي يضرب الطبل على الأبواب، فالأحب أن لا يعطى زجرًا له عن المعصية، وأفحش من هذا المطرب يسأل ويتغنى على الأبواب، كذا في (نصاب الاحتساب)، ذكرت هذه المسائل كلها في كتاب (مطالب المؤمنين)، وقد استوفى كتاب (الإحياء) أمثال هذه المسائل، فلينظر ثمة.

الفصل الأول

1837 -

[1] قوله: (عن قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة وسكون التحتانية والصاد المهملة (ابن مخارق) بضم الميم وبالخاء المعجمة في آخره قاف.

وقوله: (تحملت حمالة) بفتح الحاء المهملة، في (القاموس) (1): حمل به يحمل حمالةً: كفل، وفي (المشارق) (2): الحمالة: الضمان، والحميل: الضامن، وقالوا: الحمالة ما يتحمله الإنسان عن القوم من الدية والغرامة في ماله وذمته، ويقع بينهم الحرب وسفك الدماء، فيصلح ذات البين فيتحمل الديات، ويظهر من ذلك أن تحمل الحمالة مخصوص بصورة إصلاح ذات البين وتكفل الديات، وأما إذا استدان من غير هذه الجهة من غير أن يكون معصية كنفقة عياله أو إعانة لأحد فلا، هذا ولكن قد يظهر من كلام الطيبي (3) حيث قال: وإنما تحل له المسألة في إصلاح ذات [البين]، ويعطى

(1)"القاموس المحيط"(ص: 908).

(2)

"مشارق الأنوار"(1/ 315).

(3)

"شرح الطيبي"(4/ 56).

ص: 300

فَنَأمُرَ لَكَ بِهَا". ثُمَّ قَالَ: "يَا قَبِيصَةُ! إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ: رَجُلٌ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيْبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ. . . . .

ــ

من الزكاة بشرط أن يستدين لغير معصية الإطلاقُ، ولكن هو أيضًا صورة المسألة في إصلاح ذات البين، ويفهم من عبارة (الهداية)(1) أن هذا قول الشافعي، وعندنا الغارم من لزمه دَين ولا يملك نصابا فاضلًا عن دينه، وفي شرح ابن الهمام (2): أو له دين على الناس لا يقدر على أخذه، وليس عنده نصاب فاضل في الفصلين، ولو دفع إلى فقيرة لها مهر دين على زوجها يبلغ نصابًا وهو موسر بحيث لو طلبت أعطاها لا يجوز، وإن كانت بحيث لا يعطي لو طلبت جاز.

وقوله: (رجل) بدل من (أحد)، وبالرفع خبر مبتدأ محذوف.

وقوله: (حتى يصيبها) أي: الحمالة، أي: مالًا يؤدى عما ضمن وهو الصدقة.

وقوله: (ثم يمسك) أي: نفسه عن السؤال بعد أداء الحمالة اكتفاء بقدر الضرورة لئلا يعتاد بحكم الطبيعة.

وقوله: (أصابته جائحة) الجوح: الإهلاك والاستئصال، كالإجاحة والاجتياح، ومنه الجائحة للشدة المجتاحة للمال، يقال: جاحتهم الحاجة واجتاحتهم، وجاح اللَّه ماله وأجاحه، أي: أهلكه واستأصله بالجاحة، وهذا إشارة إلى حال المسكين وإصابة الفاقة للفقير على القول المشهور بأن المسكين من لا شيء له.

وقوله: (حتى يصيب قوامًا من عيش) بكسر القاف، أي: ما يغني عنه يقوم به

(1)"الهداية"(1/ 110).

(2)

انظر: "فتح القدير"(4/ 186).

ص: 301

-أَوْ قَالَ: سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ-، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِن ذَوِي الْحِجَى مِنْ قَوْمِهِ،. . . . .

ــ

حاجته، وأيضًا قوام الشيء بالكسر: نظامه وعماده وملاكه، وهو قريب من هذا المعنى، ومنه قوله تعالى:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: 5]، وأما القوام لا فهو بمعنى العدل والوسط، ومنه قوله تعالى:{وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67] أي: كان إنفاقهم وسطًا عدلًا بين الإسراف والتقتير، هكذا في الشروح وكتب اللغة والتفسير، وأما صاحب (القاموس)(1) فقد جعل القوام كَسَحَابٍ بمعنى العدل وما يعاش به، وبالكسر نظام الأمر وعِمَاده، فتدبر.

وقوله: (أو قال: سدادًا) بكسر السين بمعنى ما يسدّ به الحاجة، وكل ما يسدّ به شيء فهو سداد، ومنه سداد الثغر والقارورة، قال التُّورِبِشْتِي (2): والسين منه مكسورة، ومن فتح فقد أخطأ، وأما السداد -بالفتح- فهو بمعنى الصواب والقصد في القول والعمل، وفي ذكر القوام أو السداد مبالغة في الكفّ عن المسألة كأنه شبه السائل بالمضطر الذي يحل له أكل الميتة لسدّ رمقه وقيام بدنه، وليس ذلك شرطًا في حلّ السؤال، بل يكفى في ذلك فقدان قوت يومه.

وقوله: (يقوم) هكذا في رواية مسلم، وقيل: الصواب (يقول) كما جاء في رواية أبي داود، وأجيب بأن التقدير: يقوم ثلاثة قائلين: لقد أصابت، ولكنه ذكر (يقوم) مبالغة، ولهذا برزه في معرض القسم في قوله:(لقد أصابت) بقرينة ذكر اللام، وليس المراد معنى الشهادة، وذكر الثلاثة أيضًا للاحتياط؛ ولكونها جماعة، وكذا ذكر (ذوي الحجى)

(1)"القاموس المحيط"(ص: 1062)

(2)

"كتاب الميسر"(2/ 432)

ص: 302

لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ -أَوْ قَالَ: سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ-، فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتٌ. . . . .

ــ

بكسر الحاء وفتح الجيم بمعنى العقل، حتى لا يقولوا بالتخمين والمساهلة، وكل ذلك للمبالغة في المنع والزجر عن المسألة والمساهلة فيها، وظاهر الحديث أن الفاقة تثبت بشهادة ثلاثة رجال، ولكنهم أجمعوا على أن ذلك ليس بمراد.

قال التُّورِبِشْتِي (1): نحن وإن علمنا أن اللَّه يتعبد عباده بما يشاء من أمره، فله أن يجعل الحجة في هذه القضية مثبتة بثلاثة كما جعلها مثبتة في هلال رمضان بواحد، وفي الحقوق الواجبة باثنين، وفي الزنا بأربعة، ولكنا وجدنا تلك الصور مثبتة بصريح الحكم مبنية على النصوص البينة، ووجدنا الأمر في هذا الحديث معدولًا به عن صيغة الشهادة، ثم إنا وجدنا الأحكام الراجعة إلى الدماء والأموال والفروج مثبتة بشهادة اثنين، وليس الأمر فيها بأيسر من الأمر في هذه القضية، بل هذه أقرب فيما يهتدى إليه من النظر إلى التسامح والتساهل فيها، فالوجه فيه أن يجعل الأمر فيه إلى ثلاثة من طريق الاستحباب لا من طريق الوجوب، انتهى. وإنما لم يعتبر قيام البينة في رجل أصابته الجائحة لظهور حاله بخلاف إصابة الفاقة.

وقوله: (فما سواهن من المسألة [يا قبيصة] سحت) السحت -بالضم وبضمتين-: الحرام أو ما خبث من المكاسب، فيلزم منه العار، أسحت الشيء: اكتسبه، والشيء: استأصله، كسحَّت فيهما، كذا في (القاموس)(2). فعلى المعنى الأول يكون المراد بالمسألة ما يحصل بها، وعلى الثاني محمول على ظاهرها.

(1)"كتاب الميسر"(2/ 432).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 54).

ص: 303

يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحُتًا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1044].

1838 -

[2] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا، فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتكْثِرَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1041].

1839 -

[3] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ". . . . .

ــ

وقوله: (يأكلها صاحبها سحتًا) تأكيد وإشارة إلى أنه سحت خالص لا اشتباه في كونه سحتًا.

وقوله: (يأكلها) خبر بعد خبر، فالضمير للمسألة أو صفة لـ (سحت)، وتأنيث الضمير بتأويل الصدقة، ولا يخفى أن الحصر في الصورة المذكورة لأجل حلّ السؤال وإباحته، لا لحصر مصارف الزكاة فيها، فإنها كثيرة سوى الفقراء والمساكين، ولا حاجة إلى ما قال الطيبي (1): إن ما سوى المذكور داخل فيه ومندرج فيه، قال: الغارم والغازي والعامل والمؤلفة قلوبهم يجمعهم معنى السعي في مصالح المسلمين، والرقاب وابن السبيل من جنس الفقراء والمساكين.

1838 -

[2](أبو هريرة) قوله: (أموالهم) بدل اشتمال. و (تكثرًا) بمعنى الإكثار مفعول له، أي: يسأل لتكثر ماله لا ليدفع الحاجة، و (الجمر) النار المتَّقِدة، أي: ما يكون سببًا لدخولها.

وقوله: (فليستقل) أي: الجمر أو السؤال.

1839 -

[3](عبد اللَّه بن عمر) قوله: (مزعة لحم) بضم الميم وكسرها وسكون

(1)"شرح الطيبي"(4/ 58).

ص: 304

متَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1474، م: 1040].

1840 -

[4] وَعَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُلْحِفُوا فِي الْمَسْأَلَةِ، فوَاللَّهِ لَا يَسْأَلُنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا فَتُخْرِجَ لَهُ مَسْأَلَتُهُ مِنِّي شَيْئًا وَأَنَا لَهُ كَارِهٌ فَيُبَارَكَ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتُهُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1038].

1841 -

[5] وَعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّام قَالَ: . . . . .

ــ

الزاي بعدها مهملة: القطعة من اللحم، كذا في (القاموس)(1)، وقد ضبط بعضهم بفتح الميم والزاي، والمحفوظ عن المحدثين الضم والسكون، وهو إما كناية عن الذل والهوان، أي: لا جاه ولا قدر له، أو يكون عظمًا لا لحم عليه (2)، والصور في الآخرة تختلف باختلاف المعاني.

1840 -

[4](معاوية) قوله: (لا تلحفوا) أي: لا تلحوا، من الإلحاف لاحفه لحفه: لازمه، ومنه قوله تعالى:{لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273]، ومنه: كان يلحف شاربه، أي: يبالغ في قصه.

وقوله: (فيبارك) بالنصب بعد الفاء على معنى الجمعية، وقد يرفع وهو أظهر بحسب المعنى، وكذا صحح قوله:(فتخرج) وهو بصيغة المعلوم من الإخراج، و (مسألته) فاعله.

1841 -

[5] قوله: (عن الزبير بن العوّام) بتشديد الواو.

(1)"القاموس المحيط"(ص: 705).

(2)

وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ عَلَامَةً لَهُ يَعْرِفُهُ النَّاسُ بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ أَنَّهُ كَانَ يَسْأَلُ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا فَيَكُونُ تَفْضِيحًا لِحَالِهِ وَتَشْهِيرًا لِمَا لَهُ وَإِذْلَالًا لَهُ كَمَا أَذَلَّ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا وَأَرَاقَ مَاءَ وَجْهِهِ بِالسُّؤَالِ، وَمِنْ دُعَاءِ الإِمَامِ أَحْمَدَ: اللَّهُمَّ كَمَا صُنْتَ وَجْهِي عَنْ سُجُودٍ لِغَيْرِكَ فَصُنْ وَجْهِي عَنْ مَسْأَلَةِ غَيْرِكَ. "مرقاة المفاتيح"(4/ 1309).

ص: 305

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ حَطَبٍ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 1471].

1842 -

[6] وَعَنْ حَكِيم بْنِ حِزَامٍ قَالَ: سَأَلَتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأْلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثمَّ قَالَ لِي:"يَا حَكِيمُ! إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَذَ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُوْرِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ. وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى". قَالَ حَكِيمٌ: . . . . .

ــ

وقوله: (بحُزمة) بضم المهملة وسكون الزاي: قدر ما يحمله الرجل بصدره بين عضديه، ويستعمل فيما يحمله على الظهر من الحطب، وحزمه يحْزمُه: شدَّه، والحزيم: الصدر أو وَسَطُه، والحُزْمة: ما حُزِمَ.

قوله: (فيكف اللَّه بها وجهه) أي: ذاته وقدره عن الذل الذي يلحق به بالسؤال، وفي هذه العبارة تنبيه على أن ذلك فضل من اللَّه وتكريم له بتوفيقه لما يصان به ماء وجهه وعرضه.

1842 -

[6] قوله: (حكيم بن حِزام) بكسر الحاء بعدها زاي.

وقوله: (خضر) بفتح الخاء وكسر الضاد. (حُلو) بضم الحاء وسكون اللام، والخضرة باعتبار حسنه ومرغوبيته في الظاهر، والحلاوة باعتبار ذوقه ولذّته في الباطن.

قوله: (فمن أخذه بسخاوة نفس) أي: بغير إلحاح وإشراف، أو ممن يعطيه بانشراح وانبساط، ويناسب المعنى الأول مقابلته بقوله:(ومن أخذه بإشراف).

وقوله: (واليد العليا) المراد منها اليد المنفقة والمتعففة، كما ستعرف في شرح

ص: 306

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1472، م: 1035].

1843 -

[7] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَذْكُرُ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ عَنِ الْمَسَأَلَةِ: "الْيَدُ الْعُلْيَا. . . . .

ــ

الحديث الآتي، وعلى كل تقدير فيه نهيٌ عن السؤال وبيانٌ لفضل تركه، ففرَّعَ عليه قَوْلَهُ:(قلت: يا رسول اللَّه! والذي بعثك بالحق لا أرزأ) أي: لا أسأل أحدًا بعدك شيئًا، وأصل الرُّزْء بتقديم الراء على الزاي مهموز أو غير مهموز، من باب فتح وعلم: إصابة الخير من أحدٍ، يقال: رزأتُ الوحلَ ورزئتُهُ: إذا أصبت منه خيرًا، ورجل مُرَزَّأ: كريم يصيب الناس خيره، ويجيء بمعنى النقص، يقال: ما رزأته وما رزئته: أي: ما نقصته، فيكون المعنى لا أنقص أحدًا، أي:(شيئًا)، أي: مالًا، أي: لا أنقص مال أحد بالسؤال عنه والأخذ منه، وقد يجيء بمعنى إصابة مصيبة، والرزيئة: المصيبة، يقال: رَزَأَتْهُ، أي: أصابته مصيبة، ولو حمل على هذا المعنى ويراد عدم الطلب والسؤال لم يبعد، فإن سؤال مال أحد وأخذه لا يخلوا عن معنى إصابة المصيبة له، فافهم.

1843 -

[7](ابن عمر) قوله: (واليد العليا) هي المنفقة من الإنفاق، هكذا وقع في (صحيح البخاري) و (صحيح مسلم)، وقال الطيبي (1): وكذا ذكره أبو داود عن أكثر الرواة، وفي رواية أخرى له: اليد العليا هي المتعففة، من العفّة، والتعفف بمعنى الاستعفاف بمعنى طلب العفاف، يقال: عفّ عفًّا وعفافًا ومعافةً بفتحتين وعفّةً بالكسر، وهو الكف عن السؤال وعما لا يحل كاستعفّ وتعفّف، وهذا أنسب بسياق الحديث من قوله:(وهو يذكر الصدقة والتعفف عن المسألة)، وكلا المعنيين صحيح، ونقل

(1)"شرح الطيبي"(4/ 62).

ص: 307

خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا هِيَ الْمُنْفِقَةُ، وَالسُّفْلَى هِيَ السَّائِلَةُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1429، م: 1033].

1844 -

[8] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: إِنَّ أُناسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ. فَقَالَ:"مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعِفَّ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً هُوَ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ مِنَ الصَّبْرِ (1) ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1469، م: 1053].

1845 -

[9] وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُولُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي. فَقَالَ: "خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ. . . . .

ــ

عن النووي: أن الصحيح الرواية الأولى، واللَّه أعلم.

1844 -

[8](أبو سعيد الخدري) قوله: (ومن يستعف يعفّه) بضم الياء وكسر العين، أي: من يجاهد نفسه في تحصيل العفاف يصيره اللَّه عفيفًا ويوفقه له، كقوله تعالى:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69] وفيه ترغيب على الرياضة والمجاهدة ليحصل التحلي بالمحامد.

1845 -

[9](عمر بن الخطاب) قوله: (فتموّله) أدخله في ملكك ومالك، أي:

(1) وَذَلِكَ لِأَنَّ مَقَامَ الصَّبْرِ أَعْلَى الْمَقَامَاتِ؛ لِأَنَّهُ جَامِعٌ لِمَكَارِمِ الصِّفَاتِ وَالْحَالَاتِ، وَلِذَا قُدِّمَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45]، وَمَعْنَى كَوْنِهِ أَوْسَعَ أَنَّهُ تَتَّسِعُ بِهِ الْمَعَارِفُ وَالْمَشَاهِدُ وَالأَعْمَالُ وَالْمَقَاصِدُ، فَإِنْ قِيلَ: الرِّضَا أَفْضَلُ مِنْهُ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، أُجِيبُ: بِأَنَّهُ غَايَتُهُ الَّتِي لَا يُعْتَدُّ بِهِ إِلَّا مَعَهَا فَلَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ. "مرقاة المفاتيح"(4/ 1311).

ص: 308