الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1699 -
[7] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ، فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 971].
*
الْفَصْلُ الثَّانِي:
1700 -
[8] عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا يَلْحَدُ وَالآخَرُ لَا يَلْحَدُ، فَقَالُوا: أَيُّهُمَا جَاءَ أَوَّلًا عَمِلَ عَمَلَهُ. فَجَاءَ الَّذِي يَلْحَدُ، فَلَحَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ". [شرح السنة: 5/ 388، خ: 151].
1701 -
[9] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اللَّحْدُ لَنَا. . . . .
ــ
1699 -
[7](أبو هريرة) قوله: (فتحرق ثيابه) صححوه من الإحراق.
وقوله: (فتخلص) أي: تصل، من الخلوص.
الفصل الثاني
1700 -
[8](عروة بن الزبير) قوله: (أحدهما يلحد) الرواية بفتح الياء من باب فتح يفتح، وهو أبو طلحة الأنصاري. (والآخر لا يلحد) وهو أبو عبيدة بن الجراح، فإنه كان يشق وسط القبر، ويطلق عليه الشق بفتح الشين، وهو الضريح، والضريح يقال للقبر أيضًا بلحد وبلا لحد، من الضرح بمعنى الدفع، وضرح للميت: حفر له ضريحًا، واختلفت الصحابة في أيهما يفعل للنبي صلى الله عليه وسلم، فاتفقوا على أن أيَّ الرجلين جاء أولًا عمل عمله، فجاء أبو طلحة فلحد، فلا شك أن اللحد يكون هو الأفضل، ومع ذلك قيل: اللحد أفضل إن كانت الأرض صلبة، والشق أفضل إن كانت رخوة، كذا نقل عن الجزري.
1701، 1702 - [9، 10](ابن عباس، وجرير بن عبد اللَّه) قوله: (اللحد لنا
وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. [ت: 1045، د: 3208، ن: 2009، جه: 1554].
1702 -
[10] وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. [حم: 4/ 356].
1703 -
[11] وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: "احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَأَعْمِقُوا. . . . .
ــ
والشق لغيرنا) إن كان المراد بضمير الجمع في (لنا) المسلمون و (لغيرنا) اليهود والنصارى مثلًا، فلا شك أنه يدل على أفضلية اللحد، بل على كراهة غيره، وإن كان المراد (لغيرنا) الأمم السابقة، ففيه أيضًا إشعار بالأفضلية، وعلى كل تقدير ليس اللحد واجبًا، والشق منهيًّا عنه، وإلا لما كان يفعله أبو عبيدة، وهو لا يكون إلا بأمر من الرسول وتقرير منه، وأيضًا لم يتفقوا على أن أيهما جاء أولًا عمل عمله، فهذا من الاختيارات دون السنن، أي: اللحد هو الذي نؤثر ونختار، والشق اختيار من قبلنا، وقيل: المراد (لغيرنا) غير أهل المدينة من مكة وغيرها؛ لأن أرض المدينة صلبة صالحة للحد بخلاف أرض مكة، وهذا محل نظر (1)، وقال الطيبي (2): هذا إخبار عن الكائن، فيكون معجزة، واللَّه أعلم.
1703 -
[11](هشام بن عامر) قوله: (وأعمقوا) فيه دليل على أن الإعماق سنة في القبر، والمعنى فيه أن فيه صيانة الميت عن الضياع، وعن محمد رحمه الله قال: ينبغي أن يكون مقدار العمق إلى صدر رجل وسط القامة، وكلما زاد فهو أفضل، وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: يعمق القبر إلى صدر الرجل، فإن أعمق على مقدار قامة الرجل فهو
(1) انظر: "أوجز المسالك"(4/ 506 - 509).
(2)
"شرح الطيبي"(3/ 382).
وَأَحْسِنُوا، وَادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرآنًا". رَوَاهُ أحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ إِلَى قَوْله: "وأَحْسِنُوا". [حم: 4/ 19، ت: 1713، د: 3215، ن: 2011، جه: 156].
1704 -
[12] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ جَاءَتْ عَمَّتِي بِأَبِي لِتَدْفِنَهُ فِي مَقَابِرِنَا، فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"رُدُّوا الْقَتْلَى إِلَى مَضَاجِعِهِمْ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارِمِيُّ، وَلَفْظُهُ لِلتِّرْمِذِيِّ. [حم: 4/ 297، ت: 1717، د: 3165، ن: 3149، دي: 1/ 19 - 21].
ــ
أحسن، كذا في (مطالب المؤمنين) نقلًا عن (المحيط)(1).
وقوله: (وأحسنوا) أي: أجيدوا العمل في تسوية حفره وتنظيفه من التراب والقذاة ونحوهما، وفي شرح الشيخ: أحسنوا إلى الميت بالمبالغة في الرفق في تغسيله وتكفينه وحمله وإنزاله القبر.
وقوله: (وادفنوا الاثنين والثلاثة) هذا في حالة الضرورة، وأما في حالة الاختيار فيحرم جمع اثنين في قبر واحد.
1704 -
[12](جابر) قوله: (ردوا القتلى إلى مضاجعهم) أي: لا تنقلوهم من الموضع الذي قُتِلوا فيه إلى غيره، بل ادفنوهم حيث قتلوا، ويُفْهمُ من خصوص قصة جابر وأبيه أنه نُقِل وَرُدَّ وَأُعيد إلى الموضع الأول، إلا أن يراد بمجيء عمته بأبيه إرادتها لذلك، ولكن صحّ أن جابرًا جاء بأبيه عبد اللَّه بعد ستة أشهر من أحد،
(1)"المحيط البرهاني"(2/ 325).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ودفنه في البقيع (1).
وفي نقل الأموات من مكان إلى مكان تفصيل ذكر في الفقه (2)، والمختار أنه لا يجوز بلا ضرورة، ككون الأرض مغصوبة مثلًا، وقد جاء في بعض الروايات نقل الأم ولدها إلى قربها، وقال الشيخ ابن الهمام (3): إذا أرادوا نقله قبل الدفن وتسوية اللبن، فلا بأس بنقله نحو ميل أو ميلين؛ لأن المسافة في المقابر قد تبلغ هذا المقدار، والمستحب أن يدفن كل في مقبرة البلدة التي مات بها، وقالت عائشة حين رأت قبر أخيها عبد الرحمن -وكان مات على مرحلة من مكة، وحمل منها إليها-: لو كان الأمر قبل (4) إلي ما نقلتك، ولدفنتك حيث متَّ.
وقال في (التجنيس): في النقل من بلد إلى بلد لا إثم، لما نُقِل أن يعقوب عليه السلام مات بمصر فنقل إلى الشام، وموسى عليه السلام نقل تابوت يوسف بعد ما أتى عليه زمان من مصر إلى الشام ليكون مع آبائه الكرام، ولا يخفى أن هذا شرع من قبلنا، ولم يتوفر فيه شروط كونه شرعًا لنا، إلا أنه نقل عن سعد بن أبي وقاص أنه مات في ضيعة على أربعة فراسخ من المدينة، فحمل على أعناق الرجال إليها، وفي النقل من بلدة إلى بلدة اشتغال بما لا يعني، وفيه تأخير دفنه، وكفى بذلك كراهة.
ولا ينبش بعد إهالة التراب لا لمدة طويلة ولا قصيرة إلا لعذر، والعذر أن يظهر
(1) انظر: "الإصابة"(4/ 110).
(2)
انظر: "شرح فتح القدير"(2/ 141)، و"أوجز المسالك"(4/ 513)، و"شرح الزرقاني"(2/ 68)، و"الشرح الكبير" للمالكية (1/ 421)، و"رد المحتار"(2/ 259).
(3)
"شرح فتح القدير"(2/ 141).
(4)
"قبل إلي" كذا في النسخ المخطوطة، وفي "مرقاة المفاتيح"(4/ 184)"فيك إليَّ".
1705 -
[13] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سُلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ. [مسند الشافعي: 600].
1706 -
[14] وَعَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ قَبْرًا لَيْلًا،
ــ
أن الأرض مغصوبة أو يأخذها شفيع، ولهذا لم يحول كثير من الصحابة، وقد دُفِنوا بأرض الحرب، فإن أحب صاحب الأرض أن يسوي الأرض ويزرع فوقه كان له ذلك؛ فإن حقه في باطنها.
ومن الأعذار أن يسقط في اللحد مال أو ثوب أو درهم لأحد، واتفقت كلمة المشايخ في امرأة دُفِن ابنها وهي غائبة في غير بلدها فلم تصبر وأرادت نقله أنه لا يسعها ذلك، فتجويز بعض المتأخرين لا يلتفت إليه، ولم نعلم خلافًا بين المشايخ في أنه لا ينبش وقد دفن بلا غسل أو بلا صلاة، ولا يدفن صغير ولا كبير في البيت الذي كان فيه؛ فإن ذلك خاص بالأنبياء، بل ينقل إلى مقابر المسلمين، ولا يدفن اثنان في قبر واحد إلا لضرورة، انتهى.
1705 -
[13](ابن عباس) قوله: (سل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) أي: جُرَّ، والسلّ والإسلال: انتزاع الشيء وإخراجه في رفق كسلِّ السيف، وذلك بأن توضع الجنازة في مؤخر القبر، ثم يخرج من قبل رأسه ويدخل القبر، وبه أخذ الشافعي، وعندنا السنة: أن توضع الجنازة إلى القبلة من القبر، ويحمل منها الميت ويوضع في القبر، وهكذا كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يدخل الميت في القبر كما يأتي في الحديث الآتي؛ لأن جانب القبلة معظَّم، فيستحب الإدخال منه، والأخبار جاءت مضطربة متعارضة فتساقطت، ولم يكن في حجرة النبي صلى الله عليه وسلم سعة في ذلك الجانب؛ لأن قبره ملصق بالجدار، واللَّه أعلم.
1706 -
[14](وعنه) قوله: (دخل قبرًا) قيل: صاحب القبر هو عبد اللَّه
فَأُسْرِجَ لَهُ بِسِرَاجٍ، فَأَخَذَ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ وَقَالَ:"رَحِمَكَ اللَّهُ إِنْ كُنْتَ لأَوَّاهًا تَلَّاءً لِلْقُرْآنِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ": إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. [ت: 1057].
ــ
ذو البجادين، والبجاد بكسر الموحدة وبالجيم: كساء مخطط، وسمي به لأنه قطع بجادًا قطعتين فارتدى بإحداهما واتَّزر بالأخرى، كان دليل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، كذا في (القاموس)(1).
وقوله: (فأسرج له) بلفظ المجهول، أي: اشعل له سراج.
وقوله: (فأخذ) أي: الميت، والضمير للنبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (إن كنت) مخففة من المثقلة، و (الأواه) أي: الموقن بالدعاء، أو الرحيم الرقيق، أو الفقيه، أو المؤمن بالحَبَشِيَّةِ، وَالأهّةُ: التحزن والتوجع، كذا في (القاموس)(2)، وقال البيضاوي (3): كثير التأوه من الذنوب والتأسف على الناس.
وقوله: (إسناده ضعيف) لأن فيه الحجاج بن أرطاة، ومنهال بن خليفة، وقد اختلفوا فيهما، وبذلك ينحط الحديث عن درجة الصحيح إلى الحسن، ولذا حسَّنَهُ الترمذي، وفيه دليل لمذهبنا، وفيه جواز الدفن بالليل، وعليه أكثر أهل العلم، كذا قال الترمذي، وقال أيضًا: وفي الباب عن جابر ويزيد بن ثابت، وهو أخو زيد بن ثابت، وحديث ابن عباس حديث حسن صحيح، وقد ذهب بعض أهل العلم [إلى هذا]، وقالوا: يدخل الميت القبر من قبل القبلة، وقال بعضهم: يسلّ سلًّا.
(1)"القاموس"(ص: 255).
(2)
"القاموس"(ص: 1144).
(3)
"تفسير البيضاوي"(1/ 423).
1707 -
[15] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَدْخَلَ الْمَيِّتَ الْقَبْرَ قَالَ: "بِسم اللَّه وَبِاللَّهِ وعَلى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ". وَفِي رِوَايَةٍ: "وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَرَوَى أَبو دَاوُدَ الثَّانِيَةَ. [حم: 2/ 27، ت: 1046، جه: 155، د: 3213].
1708 -
[16] وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَثَى عَلَى الْمَيِّتِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا، وَأَنَّهُ رَشَّ عَلَى قَبْرِ أَبْنِهِ إِبْرَاهِيمَ وَوَضَعَ عَلَيْهِ حَصْبَاءَ. رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ"، وَرَوَى الشَّافِعِيُّ من قَوْلِهِ:"رَشَّ". [شرح السنة: 5/ 401، ح: 1515، مسند الشافعي: 602].
ــ
1707 -
[15](ابن عمر) قوله: (إذا أدخل) رُوي بصيغة المجهول وبالمعلوم، وكان صلى الله عليه وسلم يدخل بعض أصحابه القبر بنفسه الكريمة.
1708 -
[16](جعفر بن محمد) قوله: (حثى على الميت ثلاث حثيات) حثية التراب قبضة، قال في (القاموس) (1): الحَثْيُ كالرَّمي: ما رفعت به يدك.
وقوله: (بيديه جميعًا) تأكيد، أي: لا بإحداهما، والحصباء بالمد: الحصى الصغار (2).
(1)"القاموس"(ص: 1170).
(2)
قال الشوكاني في "نيل الأوطار"(3/ 30): ويستحب أن يقول عند الحثي {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55]، انتهى. وقال النووي في "الأذكار" (ص: 253): السنة لمن كان على القبر أن يحثي في القبر ثلاث حثيات بيديه جميعًا من قبل رأسه، قال جماعة من أصحابنا: يستحب أن يقول في الحثية الأولى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} ، وفي الثانية:{وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} ، وفي الثالثة:{وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} .
1709 -
[17] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُجَصَّصَ الْقُبُورُ، وَأَن يُكْتَبُ عَلَيْهَا، وَأَنْ تُوطَأَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 1052].
1710 -
[18] وَعَنهُ قَالَ: رُشَّ قَبْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ الَّذِي رَشَّ الْمَاءَ عَلَى قَبْرِهِ بِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ بِقِرْبَةٍ، بَدَأَ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى رِجْلَيْهِ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. فِي "دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ". [7/ 264].
ــ
1709 -
[17](جابر) قوله: (أن يجصص القبور) لما فيه من الزينة والتكلف، وجوز الحسن البصري التطيين، وقال الشافعي: يستحب أن يطين القبر، وقال في (الخانية): وتطيين القبور لا بأس به خلافًا لما قاله الكرخي، كذا في (مطالب المؤمنين).
وقوله: (وأن يكتب عليها) اسم اللَّه والقرآن واسم الرسول؛ لئلا يمتهن، أو يبول عليه حيوان، ويكره أيضًا اتخاذ الألواح المكتوبة على القبور؛ لأنه لا يغني عنه شيء (1).
وقوله: (وأن توطأ) أي: بالأرجل والنعال، ويستحب أن يمشي في القبور حافيًا، كذا في (شرعة الإسلام)(2).
1710 -
[18](وعنه) قوله: (رش على قبر النبي صلى الله عليه وسلم) وذلك لمصلحة رآها الأصحاب، والعلة في رش قبر غيره صلى الله عليه وسلم التفاؤل باستنزال الرحمة، وغسل الخطايا، وتطهير الذنوب، وعلل أيضًا بأنه يمسك تراب القبر عن الانتشار ويمنعه عن الدروس.
(1) قال ابن حجر: وَيُسَنُّ كِتَابَةُ اسْمِ الْمَيِّتِ لَا سِيَّمَا الصَّالِحُ لِيُعْرَفَ عِنْدَ تَقَادُمِ الزَّمَانِ؛ لأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْكِتَابَةِ مَنْسُوخٌ كَمَا قَالَهُ الْحَاكِمُ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الزَّائِدِ عَلَى مَا يُعْرَفُ بِهِ حَالُ الْمَيِّتِ، اهـ. قال القاري: وَفِي قَوْلِهِ: (يُسَنُّ) مَحَلُّ بَحْثٍ، وَالصَّحِيحُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ يَجُوزُ. "مرقاة المفاتيح"(3/ 1223).
(2)
"شرعة الإسلام"(ص: 305).
1711 -
[19] وَعَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ قَالَ: لَمَّا مَاتَ عُثْمَان بْنُ مَظْعُونٍ أُخْرِجَ بِجَنَازَتِهِ فَدُفِنَ، أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَجَرٍ، فَلم يسْتَطِعْ حَمْلَهَا، فَقَامَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، قَالَ الْمُطَّلِبُ: قَالَ الَّذِي يُخْبِرُنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ ذِرَاعَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ حَسَرَ عَنْهُمَا، ثُمَّ حَمَلَهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَالَ: "أُعْلِمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي،
ــ
1711 -
[19] قوله: (المطلب بن أبي وداعة)(1) بفتح الواو السهمي، له ولأبيه صحبة.
وقوله: (لما مات عثمان بن مظعون) وهو أول من مات من المهاجرين بالمدينة، وأول من دفن بالبقيع منهم، وما شرب الخمر في الجاهلية، وقال: لا أشرب ما يُضحك مَن هو دوني، وكان من أكابر أهل الصفة.
وقوله: (أخرج بجنازته) كأنه حال بتقدير (قد)، أو لعل الواو سقط من قلم الكاتب.
وقوله: (حملها) الضمير للحجر بتأويل الصخرة.
وقوله: (وحسر) أي: كشف كميه عن ذراعيه، أي: أخرجهما عن كميه.
وقوله: (أعلم) من الإعلام.
وقوله: (قبر أخي) سماه أخًا لأخوة الإسلام؛ تعظيمًا له، أو لقرابة؛ فإنه كان
(1) أخرجه أَبُو دَاوُدَ ولَمْ ينسب المطلب راويه، وَكَذَا فِي "الْمَصَابِيحِ" وَقَعَ غَيْرَ مَنْسُوبٍ، وَالْمُصَنِّفُ جَعَلَهُ مَنْسُوبًا إِلَى أَبِي وداعة مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، وَأَخْطَأَ فِي ذَلِكَ، هُوَ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ الْمَخْزُومِيُّ، تَابِعِيٌّ. كذا "مرقاة المفاتيح"(3/ 1224).
وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ من أَهلِي".
1712 -
[20] وَعَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ: يَا أُمَّاهُ! اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبَيْهِ، فَكَشَفَتْ لِي عَنْ ثَلَاثَةِ قُبُورٍ لَا مُشْرِفَةٍ وَلَا لَاطِئَةٍ، مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 322].
ــ
قرشيًا، وفي بعض الشروح: أو لرضاع، واللَّه أعلم.
وفيه أن جعل العلامة على القبر ووضع الأحجار ليعرفه الناس سنة.
وقوله: (من مات من أهلي) وأول من ضمَّ إليه إبراهيم بن رسول اللَّه، ولما ماتت زينب بنته صلى الله عليه وسلم قال:(الحقي بسلفنا الخير؛ عثمان بن مظعون)(1).
1712 -
[20](القاسم بن محمد) قوله: (لا مشرفة) من الإشراف بمعنى الرفعة، فكانت مرتفعة قدر شبر.
وقوله: (ولا لاطئة) أي: ملتصقة بالأرض، لطأ بالأرض لَطْأً وَلُطُوءًا: لصق، والمراد بـ (البطحاء) ههنا الحصى، وهو في الأصل اسم للمسيل فيه الحصى، و (العرصة) كل بقعة من الدور واسعة ليس فيها بناء، كذا في (القاموس)(2)، ويطلق على كل موضع واسع، ثم صار اسمًا لموضع مخصوص (3).
(1) أخرجه الحاكم في "المستدرك"(3/ 210)، وأخرجه أيضًا أحمد في "مسنده"(1/ 335)، ولكن فيه ذكر موت رقية بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
(2)
"القاموس"(ص: 573، 574).
(3)
وقد اختلف في صفة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، وبسطها العلامة السمهودي في كتابه:"وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى"(2/ 309) في الفصل الحادي والعشرين من الباب الرابع.