المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الأول: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٤

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(5) كتاب الجنائز

- ‌1 - باب عيادة المريض وثواب المرض

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب تمني الموت وذكره

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب ما يقال عند من حضره الموت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب غسل الميت وتكفينه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب المشي بالجنازة والصلاة عليها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب دفن الميت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب البكاء على الميت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب زيارة القبور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(6) كتاب الزكاة

- ‌ الفصل الأول:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب ما يجب فيه الزكاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب صدقة الفطر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب من لا تحل له الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب من لا تحل له المسألة ومن تحل له

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الإنفاق وكراهية الإمساك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب فضل الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب أفضل الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب صدقة المرأة من مال الزوج

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب من لا يعود في الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌(7) كتاب الصوم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب رؤية الهلال

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب تنزيه الصوم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌‌‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب صوم المسافر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب القضاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب صيام التطوع

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب

- ‌‌‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب ليلة القدر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب الاعتكاف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(8) كتاب فضائل القرآن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الأول:

‌6 - باب فضل الصدقة

*‌

‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

1888 -

[1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ (1)،

ــ

6 -

باب فضل الصدقة

هذا أيضًا يحتمل أن يحمل على النافلة وهو الأغلب، وعلى ما يعم الفرض والنفل، وإنما سميت صدقة لدلالتها على صدق صاحبها في دعوى صحة الإيمان ظاهرًا وباطنًا كما سمي الزكاة؛ لأنها تزكي صاحبه وتشهد بصحة إيمانه على أحد الوجوه التي ذكروها فيها كما مرّ.

الفصل الأول

1888 -

[1](أبو هريرة) قوله: (من تصدق بعدل تمرة) أي: بما يعادلها

(1) قال القاري: وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَن غَيْرَ الْحَلَالِ غَيْرُ مَقْبُولٍ وَأَنَّ الْحَلَالَ الْمُكْتَسَبَ يَقَعُ بِمَحَلٍّ عَظِيمٍ، وَكَانَ شَيْخُنَا الْعَارِفُ بِاللَّهِ الْوَليُّ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمُتَّقِي رحمه الله يَحْكِي أَنَّ أَحَدًا مِنَ الصَّالِحِينَ كَانَ يَكْتَسِبُ وَيَتَصَدَّقُ بِالثُّلُثِ وَيُنْفِقُ الثُّلُثَ وَيَصْرِفُ الثُّلُثَ فِي الْمُكْتَسَبِ، فَجَاءَهُ أَحَدٌ مِنْ أَرْبَابِ الدُّنْيَا وَقَالَ: يَا شَيْخُ أُرِيدُ أَنْ أَتَصَدَّقَ فَدُلَّنِي عَلَى الْمُسْتَحِقِّ، فَقَالَ: حَصِّلِ الْمَالَ مِنَ الْحَلَالِ ثُمَّ أَنْفِقْ فَإِنَّهُ يَقَعُ فِي يَدِ الْمُسْتَحِقِّ، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ الْغَنِيُّ فَقَالَ: اخْرُجْ فَإِذَا لَقِيتَ أَحَدًا حَنَّ عَلَيْهِ قَلْبُكَ فَأَعْطِهِ، فَخَرَجَ فَرَأَى شَيْخًا كَبِيرًا أَعْمَى فَقِيرًا فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ مَرَّ عَلَيْهِ يَوْمًا آخَرَ فَسَمِعَ أَنَّ الأَعْمَى يَحْكِي إِلَى مَنْ بِجَنْبِهِ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى شَخْصٍ بِالأَمْسِ فَأَعْطَانِي كَذَا وَكَذَا، فَانْبَسَطْتُ وَصَرَفْتُ الْبَارِحَةَ فِي الشُّرْبِ مَعَ فُلَانَةَ الْمُغَنِّيَةِ، فَجَاءَ إِلَى الشَّيْخِ وَحَكَى لَهُ بِالْوَاقِعَةِ فَأَعْطَاهُ الشَّيْخُ مِنْ دَرَاهِمِ كَسْبِهِ دِرْهَمًا وَقَالَ لَهُ: إِذَا خَرَجْتَ مِنَ الْبَيْتِ فَأَوَّلُ مَنْ يَقَعُ نَظَرُكَ عَلَيْهِ فَادْفَعِ =

ص: 344

فَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ،

ــ

ويماثلها في القيمة، والعدل بالكسر: المثل، وبالفتح في الأصل مصدر بمعنى التسوية، فجعل اسمًا للمثل، ويطلق أيضًا على الفدية؛ لأنها سميت بالمفدى، ومنه قوله تعالى:{وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} [البقرة: 48]، ويفرق بأن العدل بالفتح مثل الشيء من غير جنسه، وبالكسر من جنسه، نقل ذلك عن الفراء، وربما يكسر بعض العرب في غير الجنس أيضًا، قال الجوهري: وكأنه منهم غلط، ويروى في الحديث بالفتح والكسر.

وقوله: (فإن اللَّه يتقبلها بيمينه) المراد حسن القبول ووقوعها منه عز وجل موضع الرضا، وذكر اليمين للتعظيم والتشريف، وكلتا يدي الرحمن يمين، والمراد بـ (تربيتها) تضعيفها ومزيد الثواب عليها كما أومئ إليه بذكر (الفلو) بالنسبة إلى تمرة، وهو بفتح الفاء وضم اللام وروي بسكون لام وفتح فاء، كذا في (مجمع البحار)، الْمُهْر وهو ولد الفرس أول ما ينتج، وفي (مجمع البحار) (1): الفلو المهر الصغير، وقيل: هو العظيم من أولاد ذات الحافر، وفي (القاموس) (2): والفِلْوُ، بالكسر وكعَدُوٍّ وسُمُوٍّ: الجَحْشُ والمُهْرُ

= الدِّرْهَمَ إِلَيْهِ، فَخَرَجَ فَرَأَى شَخْصًا مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ يَظْهَرُ مِنْهُ آثَارُ الْغِنَى فَخَافَ مِنْهُ أَنْ يُعْطِيَهُ لَكِنْ لَمَّا كَانَ بِأَمْرِ الشَّيْخِ عَرَضَ عَلَيْهِ وَدَفَعَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَخَذَهُ رَجَعَ مِنْ طَرِيقِهِ وَتَبِعَهُ الْغَنِيُّ إِلَى أَنْ رَآهُ دَخَلَ فِي خَرَابَةٍ وَخَرَجَ مِنْ بَابٍ آخَرَ وَرَجَعَ إِلَى الْبَلَدِ، فَدَخَلَ وَرَاءَهُ فِي تِلْكَ الْخَرَابَةِ فَلَمْ يَرَ فِيهَا إِلَّا حَمَامَةً مَيِّتَةً فَتَبِعَهُ وَأَقْسَمَ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَهُ بِمَا وَقَعِ لَهُ مِنَ الْحَالِ، فَذَكَرَ أَنَّ مَعَهُ أَوْلَادًا صِغَارًا وَكَانُوا فِي غَايَةِ مِنَ الْمَجَاعَةِ فَحَصَلَ لَهُ اضْطِرَابٌ، فخَرَجَ دَائِرًا فَرَأَى الْحَمَامَةَ فَأَخَذَ بِهَا لَهُمْ، فَلَمَّا حَصَلَ لَهُ مِنَ الْفُتُوحِ رَدَّ الْحَمَامَةَ إِلَى مَكَانِهَا، فَعَرَفَ تَحْقِيقَ مَعْنَى كَلَامِ الشَّيْخِ. "مرقاة المفاتيح"(4/ 1333).

(1)

"مجمع البحار"(4/ 180).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 1214).

ص: 345

حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَل". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1410، م: 1014].

1889 -

[2] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ شَيْئًا، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2588].

1890 -

[3] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ شَيْءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دُعِيَ مِنْ أَبْوَاب الْجنَّة،

ــ

فُطِمَا، أو بَلَغَا السَّنَةَ، وقال في (مشارق الأنوار) (1): فلوه بفتح الفاء وضم اللام وهو المهر؛ لأنه يفلي عن أمه، أي: يعزل ويتحد، وحكي فيه فلو بكسر الفاء وسكون اللام، وحكاه الداودي، وأنكر ابن دريد وغيره غير الوجه الأول، وخص الفلو بالتشبيه لأنه أقبل للتربية من سائر النتاج وأشرف، وأصل الفلو: العظم، فَلَا الصبيُّ والمهر فلوًا وفَلاءً: عزله عن الرضاع أو فطمه، ثم بالغ في التشبيه فقال:(حتى تكون) أي: التمرة، أي: ثوابها عظيمًا كنسبة الجبل إلى ما هو مثل التمرة في المقدار.

1889 -

[2](أبو هريرة) قوله: (من مال)(من) زائدة أو تبعيضية أو بيانية، بل يزيد أضعافًا مضاعفة في الدنيا بالبركة وجلب المزيد، وفي الآخرة بزيادة الأجر والثواب، وكذا العفو وإن كان يرى ذلًّا في الصورة لكنه يزيد عزه وكرامته وسيادته في الدنيا والآخرة، وكذا في التواضع، وفي الحديث دليل على أن العبرة للمعنى والحقيقة، دون الصورة والظاهر.

1890 -

[3](أبو هريرة) قوله: (من أنفق زوجين) قال في (المشارق)(2):

(1)"مشارق الأنوار"(2/ 265).

(2)

"مشارق الأنوار"(1/ 501).

ص: 346

وللجنة أَبْوَابٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجهَاد دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجهَادِ، وَمَنْ كَانَ مَنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ،

ــ

قال الحسن البصري: يعني اثنين درهمين دينارين ثوبين، وقال غيره: يريد شيئين درهمًا ودينارًا، درهمًا وثوبًا، فالمراد بالزوج الصنف، وما يأتي من حديث أبي ذر في (الفصل الثالث) صريح في المعنى الأول، وقال الباجي: يحتمل أن يريد بذلك العمل من صلاتين أو صيام يومين، انتهى. ولا يخفى أن الإنفاق لا يلائم هذا المعنى، وأما إرادة تكرار الإنفاق مرة بعد أخرى، ومعنى الكلام الإنفاق بعد الإنفاق فلا يخلو عن بعد، ووجهه أنه إذا أنفق درهمًا في سبيل اللَّه ثم عاد فأنفق آخره يصير زوجين.

وقوله: (فمن كان من أهل الصلاة) أي: من كان الغالب عليه ذلك وكذا في البواقي، وإلا فالمؤمن يتصف بالجميع لا يخلو عن شيء منها أو أكثرها.

وقوله: (من باب الريان) بفتح الراء وتشديد الياء التحتية بوزن فعلان: من الري اسم علم لباب من أبواب الجنة يختص بدخوله الصائمون، وقد روي:(من دخله لم يظمأ) اكتفى بذكر الري عن الشبع من حيث إنه يستلزمه، أو لكونه أشق على الصائم، كذا قال الشيخ (1)، أو لكونه أهم حينئذٍ، قاله الطيبي (2).

وقوله: (ما على من دعي من تلك الأبواب)(ما) نافية، أي: ليس ضرورة على

(1) انظر: "فتح الباري"(4/ 111).

(2)

"شرح الطيبي"(4/ 97).

ص: 347

فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1897، م: 1027].

1891 -

[4] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ:"فَمَنْ تَبعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. قَالَ: "فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. قَالَ: "فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟ ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ (1) ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1028].

ــ

من دعي من تلك الأبواب، إذ لو دعي من باب واحد يحصل مراده، وهو دخول الجنة، وهذا نوع تمهيد قاعدة السؤال في قوله:(فهل يدعى) أي: ومع أنه لا ضرورة في أن يدعى من جميع الأبواب، فهل يدعى أحد. . . إلخ (2).

1891 -

[4](أبو هريرة) قوله: (قال أبو بكر: أنا) فيه أنه لا منع لأن يقال: أنا، وإنما منع من منع ذلك من بعض الصوفية إذا كان على قصد التكبر ودعوى الوجود والأنانية، وإلا فوقوعه في الكتاب والسنة والآثار أكثر من أن يحصى، فكيف يمنع منه، وكفى بقول الصديق هذا، وتقرير النبي صلى الله عليه وسلم إياه حجة، وقد بسط الكلام فيه الشيخ التُّورِبِشْتِي (3)، ونقله الطيبي.

(1) قال القاري: أَيْ: بِلَا مُحَاسَبَةٍ وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ الإِيمَانِ يَكْفِي لِمُطْلَقِ الدُّخُولِ، أَوْ مَعْنَاهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ بَابٍ شَاءَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. "مرقاة المفاتيح"(4/ 1336).

(2)

وقد أجاد شيخ مشايخنا الكلام على هذا الحديث في "لامع الدراري"(3/ 79)، و"الكوكب الدري"(2/ 319) فليراجعه.

(3)

"كتاب الميسر"(2/ 442)، و"شرح الطيبي"(4/ 98).

ص: 348

1892 -

[5] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6017، م: 1030].

1893 -

[6] وَعَنْ جَابِرٍ وَحُذَيْفَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ مَعْرُوفٍ. . . . .

ــ

1892 -

[5](أبو هريرة) قوله: (يا نساء المسلمات) فيه وجوه، أحدهما: أنه منادى مضاف إضافة الموصوف إلى الصفة كمسجد الجامع، فعلى مذهب الكوفية متروك على ظاهره، والبصرية يأولونه بحذف الموصوف، والتقدير: يا نساء الطوائف المسلمات، قال الطيبي (1): هذا أصح الوجوه يعني من حيث الرواية.

وثانيهما: أنه منادى مفرد مضموم، والمسلمات صفة، إما مرفوع على لفظ أو منصوب على المحل مثل يا زيد العاقل، وهذا أظهر الوجوه من حيث المعنى.

وقوله: (لا تحقرن) بصيغة المعلوم، والمراد الحقارة في الإهداء، أي: لا تحقر امرأة أن تهدي إلى جارتها ولو أن تهدي فرسن شاة، أي: لا ينبغي ترك الصدقة وإن كان شيئًا قليلًا وأن يستحيى منها، و (الفرسن) بكسر الفاء وسكون الراء وكسر السين آخره نون على وزن زبرج: خف البعير كالحافر للدابة، وقد يستعار للشاة، والذي للشاة الظلف، وهو مما لا ينتفع به، فذكره للمبالغة كما في حديث (2):(من بنى للَّه مسجدًا ولو كمَفْحصَ قطاة)، وفي حديث آخر (3):(ولو بظلف محرق).

1893 -

[6](جابر وحذيفة) قوله: (كل معروف) أي: أمر حسن فيه خير

(1)"شرح الطيبي"(4/ 99).

(2)

أخرجه أحمد (1/ 241، رقم: 2157).

(3)

أخرجه أحمد (4/ 70، رقم: 1699).

ص: 349

صَدَقَةٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6021، م: 1005].

1894 -

[7] وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلِيقٍ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2626].

ــ

وتقرب، وهو ما عرف في الشرع، ولم ينكر من الأموال والأقوال والوجه الطليق ونحو ذلك.

وأما قوله: (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) فقيل: ظاهره أن كلًّا من البخاري ومسلم أخرجه من حديث جابر وحذيفة، وأصل الحديث معًا وليس كذلك، فقد أخرجه البخاري من حديث جابر، ومسلم من حديث حذيفة، وأصل الحديث مع قطع النظر عن الراويين متفق عليه، انتهى.

وقال الشيخ: الحديث المتفق عليه إنما يطلق اصطلاحًا إذا كان البخاري ومسلم روياه من صحابي واحد، وإذا كان البخاري رواه من صحابي، ومسلم من صحابي آخر لا يسمى متفقًا عليه، فتدبر.

1894 -

[7](أبو ذر) قوله: (بوجه طليق) أي: بشاش به، قال في (القاموس) (1): طلق ككرم، وهو طلق الوجه مثلثة، وككتف وأمير، أي: ضاحكة مشرقة (2).

(1)"القاموس المحيط"(ص: 833).

(2)

قَالَ الطِّيبِيُّ: الْمَعْرُوفُ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا عُرِفَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ -تَعَالَى- وَالإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ وَهُوَ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ، أَيْ: أَمْرٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ النَّاسِ إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يُنْكِرُوهُ، وَمِنَ الْمَعْرُوفِ النَّصَفَةُ وَحُسْنُ الصُّحْبَةِ مَعَ الأَهْلِ وَغَيْرِهِمْ وَتَلَقِّي النَّاسَ بِوَجْهٍ طَلِيقٍ. "مرقاة المفاتيح"(4/ 1336).

ص: 350

1895 -

[8] وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ". قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: "فَلْيَعْمَلْ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعَ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقَ". قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؟ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: "فَيُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ". قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ؟ قَالَ: "فَيَأْمُرُ بِالْخَيْرِ". قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: "فَيُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهُ لَهُ صَدَقَةٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6022، م: 1008].

1896 -

[9] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ سُلَامَى. . . . .

ــ

1895 -

[8](أبو موسى الأشعري) وقوله: (أو لم يفعل) شك من الراوي، ويؤيده ما بعده قوله:(فإن لم يفعله) ويكون هذا أيضًا محمولًا على عدم الاستطاعة كيلا يعد تقصيرًا، و (الملهوف) المكروب، وفي (القاموس) (1): لهف كحزن، الملهوف واللهفان واللاهف: المظلوم المضطر يستغيث ويضطر.

وقوله: (فإن لم يفعله) مع الضمير المنصوب، وبعده (فإن لم يفعل) بلا ضمير.

وقوله: (فيمسك) أي: نفسه أو الناس.

1896 -

[9](أبو هريرة) قوله: (كل سلامى) بضم السين وتخفيف اللام وفتح الميم، جمعه السلاميات بفتح الميم، قال في (المشارق) (2): أي كل عظم ومفصل، وأصله عظام الكف والأكارع، وقد جاء في الحديث مفسرًا، فذكر ثابت في دلائله عنه صلى الله عليه وسلم:(لابن آدم ثلاث مئة وستون مفصلًا، على كل مفصل صدقة) الحديث (3)، وتذكير الضمير في (عليه) باعتبار (كل) يعني يجب في مقابلة كل عظم ومفصل من

(1)"القاموس المحيط"(ص: 788).

(2)

"مشارق الأنوار"(2/ 369).

(3)

أخرجه أبو داود (5242).

ص: 351

مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ: يَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2989، م: 1009].

1897 -

[10] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِ مِئَةِ مَفْصِلٍ، فَمَنْ كَبَّرَ اللَّه، وَحَمِدَ اللَّهَ، وَهَلَّلَ اللَّهَ، وَسَبَّحَ اللَّهَ، وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ، وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ شَوْكَةً، أَوْ عَظْمًا،

ــ

الإنسان صدقة شكرًا لما في خلقها من رغائب النعم وعجائب الحكم.

وقوله: (كل يوم) منصوب على الظرفية لما في (عليه) من معنى الفعل.

وقوله: (يعدل) استئناف لبيان الصدقة وتفسيرها، وتنبيه على أن الصدقة هنا ليست مخصوصة بإنفاق المال، وهو مبتدأ بتقدير أن، و (صدقة) خبره، ويحتمل أن يكون (كل يوم) ظرفًا لـ (يعدل) فيكون ابتداء الاستئناف منه، والضمير في (دابته) للرجل، ويجوز أن يكون لما هو فاعل (يعين).

وفي قوله: و (الكلمة الطيبة) و (الخطوة) تفنن لما لم يأت بلفظ الفعل إشارة إلى أن ذاتيهما صدقة.

وقوله: (كُلُّ خطوة) بالرفع والنصب، وعلى الثاني يكون المبتدأ (يخطوهما) بتقدير أن كما في القرائن الآخر، وسبق معنى إماطة الأذى عن الطريق في أول الكتاب في (كتاب الإيمان).

1897 -

[10](عائشة) قوله: (كل إنسان) أي: كل شخص.

ص: 352

أَوْ أَمَرَ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ وَالثَّلَاثِ مِئَةِ، فَإِنَّهُ يَمْشِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1007].

1898 -

[11] وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ،

ــ

وقوله: (عدد) منصوب بنزع الخافض أو بفعل مقدر أي: يعد هذا العدد، والظاهر أن المراد أن يكون أحد من المذكورات بهذا العدد، أو بعض من هذه الأقوال وبعض من الأفعال مختلط، ولعل إيراد (أو) في قوله:(أو أمر) والواو في بواقيها أنه أراد مقابلة الأمر والنهي للأفعال والترديد بينهما يعني أن ثواب الأمر والنهي في جانب، ولسائر الأفعال في جانب.

وقوله: (ونهى) في بعض النسخ بـ (أو)، وفي أكثرها بالواو، فافهم.

وقوله: (والثَّلَاثِ مِئَةِ) وقيل في الاعتداد عن إضافة المعرفة إلى النكرة: إن اللام زائدة، وقال الطيبي (1): يجوز أن يكون التعريف بعد الإضافة.

وقوله: (يمشي) بالمعجمة من المشي، أو بالمهملة من الإمساء.

وقوله: (يومئذٍ) إشعار بأنه ينبغي أن يفعل ذلك كل يوم ليكون شكرًا له.

وقوله: (قد زحزح نفسه) في (القاموس)(2): زَحَّه: نَحَّاهُ عن مَوْضِعِه، ودَفَعَه، وجَذَبَه في عَجَلَةٍ. وزَحْزَحَه عنه: باعَدَه فَتَزَحْزَحَ.

1898 -

[11](أبو ذر) قوله: (أن بكل تسبيحة صدقة) منصوب على أنه اسم

(1)"شرح الطيبي"(4/ 102).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 216).

ص: 353

وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهِ وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1006].

1899 -

[12] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "نِعْمَ الصَّدَقَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً، وَالشَّاةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً تَغْدُو بِإِناءٍ وَتَرُوحُ بِآخَرَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 5608، م: 1020].

ــ

(إن)، وفي البواقي إما منصوب على العطف عليه ولفظ (كل) مجرور، أو كلاهما مرفوع على أنه كلام مستأنف، وترك (كل) في (أمر) و (نهي) إشارة إلى عظم شأنهما كأنه يكتفي واحد منهما ولو في العمر مرة، و (البضع) بالضم: الجماع والفرج نفسه، وإدخال (في) إشارة إلى أن ذاته ليست صدقة، بل ما في ضمنه من التحصن وأداء حق الزوجة، والأمور المذكورة ذواتها صدقة، لأنها أذكار وقربات.

وقوله: (أكان عليه) بهمزة الاستفهام قبل (كان).

1899 -

[12](أبو هريرة) قوله: (اللقحة) بكسر اللام وقد يفتح: الناقة الحلوب، وهي اللَّقُوحُ، كصَبُورٍ، أو التي نتُجَتْ لَقُوحٌ إلى شَهْرَيْنِ أو ثلاثةٍ، ثم هي لَبُونٌ، و (الصفي) على وزن الغني: الغزير الدر، و (المنحة) بكسر الميم: العطية، ويطلق على ناقة عارية ليشرب درها مدة ثم ترد إلى مالكها.

وقوله: (منحة) تمييز، وهذا يؤيد مذهب المبرد من صحة وقوع التمييز بعد الفاعل الظاهر لباب (نِعْمَ)، ومنعه سيبويه، وخصه بالفاعل المضمر، كذا ذكره

ص: 354

1900 -

[13] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ إِنْسَانٌ أَوْ طَيْرٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6012، م: 1553].

1901 -

[14] وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ: "وَمَا سُرِقَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةٌ". [م: 1552].

1902 -

[15] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "غُفِرَ لِامْرَأَةٍ مُومِسَةٍ. . . . .

ــ

الطيبي (1)، و (تغدو) إما بلفظ التأنيث أو بصيغة الخطاب صفة (منحة)، أو استئناف لبيان وجه المدح الذي تفيده (نِعم)، أي: تحلب من لبنها ملء إناء بالغدوة، وملء إناء آخر وقت المساء.

1900 -

[13](أنس) قوله: (يغرس) غرسًا، في (القاموس) (2): غَرَسَ الشَّجَرَ يَغْرِسُهُ: أثْبَتَهُ في الأرضِ، كأَغْرَسَهُ، والغرس -بالفتح- المغروس.

وقوله: (إلا كانت له صدقة) بالرفع والنصب (3).

1902 -

[15](أبو هريرة) قوله: (مومسة) أي: زانية، بضم الميم الأولى وكسر الثانية، من الومس؛ احتكاك الشيء بالشيء حتى تجرد، وفي حديث جريج الراهب (4):

(1)"شرح الطيبي"(4/ 104).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 519).

(3)

قَالَ الطِّيبِيُّ: الرِّوَايَةُ بِرَفع (الصَّدَقَةِ) عَلَى أَنَّ كَانَتْ تَامَّةٌ، اهـ. وَفِي نُسْخَةِ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إِلَى الْمَأْكُولِ، وَأُنِّثَ لِتَأْنِيثِ الْخَبَرِ. "مرقاة المفاتيح"(4/ 1339).

(4)

أخرجه البخاري (3436)، ومسلم (2550).

ص: 355

مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسِ رَكِيٍّ يَلْهَثُ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا، فَنَزَعَتْ لَهُ مِنَ الْمَاءِ، فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ". قِيلَ: إِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا؟ قَالَ: "فِي كُلِّ ذَاتِ كبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3321، م: 2245].

ــ

(لا تمته حتى ينظر في وجوه المومسات)، وفي حديث أبي وائل (1):(أكثر تبع الدجال أولاد الموامس). والركي: بوزن الزكي: البئر، والركية واحدة منها. واللهث بالتحريك: العطش، كمنع لهثًا ولهاثًا -بالضم-: أخرج لسانه عطشًا.

وقوله: (في كل ذات كبد رطبة أجر) أي: حية، إذ الرطوبة لازمة للحياة، كذا في (مجمع البحار)(2).

واللهاث كغراب: حر العطش، ولهث الكلب كمنع لهثًا ولهاثًا بالضم: أخرج لسانه عطشًا.

وقال التُّورِبِشْتِي (3): قيل: الكبد إذا ظمئت ترطبت، وقيل: هو من باب وصف الشيء باعتبار ما يؤول، وروي:(كبد حرّى)(4)، وقيل: فيه مبالغة؛ فإن الرطبة تدل على الحرّى بالأولوية، ثم قد استثنى من هذا ما أمر بقتله من البهائم المؤذية كالحية والعقرب وغيرها (5).

(1) أخرجه نعيم بن حماد في "كتاب الفتن"(1534).

(2)

"مجمع البحار"(2/ 342).

(3)

"كتاب الميسر"(2/ 445).

(4)

أخرجه ابن ماجه (3686).

(5)

قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى غُفْرَانِ الْكَبِيرَةِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ، قِيلَ: وَفِي الْحَدِيثِ تَمْهِيدُ فَائِدَةِ الْخَيْرِ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا. "مرقاة المفاتيح"(4/ 1339).

ص: 356

1903 -

[16] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ أَمْسَكَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ مِنَ الْجُوعِ، فَلَمْ تَكُنْ تُطْعِمُهَا وَلَا تُرْسِلُهَا فَتَأْكُلَ مِنْ خِشَاشِ الأَرْضِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3318، م: 2242].

1904 -

[17] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ، فَقَالَ: لأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنْ طَرِيقِ الْمُسلمين لَا يُؤْذِيهِمْ، فَأُدْخِلَ الْجنَّةَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 652، م: 1914].

1905 -

[18] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ (1) فِي الْجَنَّةِ فِي شَجَرَةٍ. . . . .

ــ

1903 -

[16](ابن عمر) وقوله: (في هرة) أي: في شأن هرة، والتحقيق أن (في) للتعليل، وهو كثير في كلامهم، ومنه قوله تعالى:{لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} [الأنفال: 68] وفي موضع آخر {فِي مَا أَفَضْتُمْ} [النور: 14]، ومنه قولهم: التفكر في معرفة اللَّه واجب، ثم دخولها قد يكون علة موجبة، وقد يكون علة غاية كما هو شأن العلة في المفعول، و (الخشاش) بالكسر ما لا دماغ له من دواب الأرض ومن الطير، ومثله حشرات الأرض والعصافير ونحوها.

1904 -

[17](أبو هريرة) قوله: (على ظهر طريق) أي: على ظاهره وفوقه.

وقوله: (لأنحين) من التنحية، أي: أبعده وأجعله على ناحية من الطريق وجانبه منها.

وقوله: (فأدخل) ماض مجهول، يعني: أدخل الجنة بمجرد النية وإن نحاها فذاك.

1905 -

[18](أبو هريرة) قوله: (في شجرة) أي: لأجل شجرة، وفي هذا

(1) أَيْ: يَمْشِي وَيَتَبَخْتَرُ، أَيْ: يَتَرَدَّدُ وَيَتَنَعَّمُ. "مرقاة المفاتيح"(4/ 1340).

ص: 357