المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الثاني: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٤

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(5) كتاب الجنائز

- ‌1 - باب عيادة المريض وثواب المرض

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب تمني الموت وذكره

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب ما يقال عند من حضره الموت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب غسل الميت وتكفينه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب المشي بالجنازة والصلاة عليها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب دفن الميت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب البكاء على الميت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب زيارة القبور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(6) كتاب الزكاة

- ‌ الفصل الأول:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب ما يجب فيه الزكاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب صدقة الفطر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب من لا تحل له الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب من لا تحل له المسألة ومن تحل له

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الإنفاق وكراهية الإمساك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب فضل الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب أفضل الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب صدقة المرأة من مال الزوج

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب من لا يعود في الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌(7) كتاب الصوم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب رؤية الهلال

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب تنزيه الصوم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌‌‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب صوم المسافر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب القضاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب صيام التطوع

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب

- ‌‌‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب ليلة القدر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب الاعتكاف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(8) كتاب فضائل القرآن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الثاني:

فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا".

وَسَنَذْكُرُ حَدِيثَ خَبَّابٍ: قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، فِي "بَابِ جَامِعِ الْمَنَاقِبِ" إِنْ شَاءَ اللَّهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1267، م: 1206].

*‌

‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

1638 -

[5] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ، فَإِنَّهَا مَنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ، وَمِنْ خَيْرِ أَكْحَالِكُمُ. . . . .

ــ

وقوله: (في ثوبيه) أي: ثوبي إحرامه، وبه أخذ الشافعي وأحمد، وعندنا وعند مالك رحمهم الله: حكم المحرم حكم سائر الموتى (1)، وإنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم[بتكفين] هذا المحرم في ثوبيه لأنه لم يكن معه غيرهما فكان للضرورة، فلا يَستلزم جوازَ الاقتصار على ثوبين حالة القدرة، وأما عدم مس الطيب وتخميرِ الرأس فكان مخصوصًا به، ولم يأمر صلى الله عليه وسلم حكمًا كليًا بطريق التشريع، واللَّه أعلم.

الفصل الثاني

1638 -

[5](ابن عباس) قوله: (البياض) أي: الأبيض (2).

وقوله: ([ومن] خير أكحالكم) كلام مستأنف.

(1) لأن بالموت انقطع التكليف، قاله ابن الملقن في "التوضيح"(9/ 475)، وانظر:"المغني"(3/ 478).

(2)

يدل الحديث على استحباب التكفين في البياض، وقال النووي: وهو المجمع عليه، انظر:"أوجز المسالك"(4/ 412)، و"البدائع"(1/ 307)، و"المغني"(3/ 383).

ص: 111

الإِثْمِدُ، فَإِنَّهُ يُنْبِتُ الشَّعْرَ وَيَجْلُو الْبَصَر". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَرَوَى ابنُ مَاجَهْ إِلَى "مَوْتَاكُمْ" [خ: 4061، ت: 994، جه: 3566].

1639 -

[6] وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَغَالَوْا فِي الْكَفَنِ فَإِنَّهُ يُسْلَبُ سَلْبًا سَرِيعًا". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 3154].

1640 -

[7] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْمَيِّتُ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [3114].

ــ

وقوله: (الإثمد) بكسر الهمزة والميم: الحجر الذي يُكتحل به (1).

1639 -

[6](علي) قوله: (لا تَغالَوا) بفتح التاء من الغل، أي: لا تتغالوا، وقد يروى بضم التاء من المغالاة، وهو إكثار الثمن ضد الرخص، والمراد بالسلب: النبلاء (2)، نهى عن التبذير والإسراف في الكفن.

1640 -

[7](أبو سعيد الخدري) قوله: (جدد) بضمتين: جمع جديد.

وقوله: (ثم قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها) ظاهره أن أبا سعيد إنما لبس ثيابًا جددًا امتثالًا لهذا الحديث، وأن المراد به ظاهره،

(1) واختلف هل هو اسم الحجر الذي يتخذ منه الكحل، أو هو نفس الكحل؟ كذا في "فتح الباري"(10/ 158)، وقال التُّورِبِشْتِي: هو الحجر المعدني، وقيل: هو الكحل الأصفهاني الذي ينشف الدمعة والقروح ويحفظ صحة العين، ويقوي غصنها لا سيما للشيوخ والصبيان. "مرقاة المفاتيح"(8/ 249).

(2)

قال السهارنفوري (10/ 430): حاصله: أن الكفن في الأرض يبلى سريعًا ويضيع، وقال النووي في "الأسماء واللغات" (3/ 151): يفسر تفسيرين: أحدهما هذا، والثاني: أن النباش يقصده إذا كان غاليًا فيسلبه سريعًا، قاله الكاندهلوي في "حاشية البذل".

ص: 112

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهو أن البعث يكون في الثياب، واستشكل ذلك بأنه قد ورد في الحديث الصحيح:(يحشر الناس حفاة عراة) فأجاب بعضهم بأن البعث غير الحشر (1)، أو كأنه أراد أن البعث هو إخراج الموتى من القبر أحياء، والحشر نشرهم في عرصات القيامة، فيحتمل أن يكون البعث في الثياب، والحشر عراة، وهذا الكلام بعيد في غاية البعد (2).

قال التُّورِبِشْتِي (3): قائل هذا لم يصنع شيئًا، فإنه ظن أنه نَصَر السنَّةَ، وقد ضيَّع أكثر مما حفظ، وسعى في تحريف سنن كثيرة؛ ليسوِّي كلام أبي سعيد، وكيف وقد ورد عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أنه أوصى أن يكفن في ثوبيه اللذين كان لابِسَهما، وقال:(اغسلوهما وكفنوني فيهما، فإن الحي أحوج إلى الجديد)، وقال:(إنما هما للمُهْل والتراب)(4)، وقد ورد في حديث علي رضي الله عنه:(لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سلبًا سريعًا)(5)، وأمثال ذلك كثيرة، فيعلم من ذلك أن ثياب الميت وكفنه يفنيان ولا يبقيان معه.

وقال المحققون من أهل الحديث: إن الثياب في قوله صلى الله عليه وسلم: (الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها) كناية عن الأعمال التي يموت فيها، وقد ورد: "يبعث العبد على

(1) قال الكاندهلوي: به جمع الخطابي في "معالمه"(1/ 302)، كذا في "التلخيص الحبير"(2/ 257) وأجاب عنه العيني بوجوه، "عمدة القاري"(11/ 54)، وخصّه في "الفتاوى الحديثية" (ص: 244) بالشهيد، انظر:"بذل المجهول"(10/ 378).

(2)

انظر: "مرقاة المفاتيح"(4/ 125).

(3)

"الميسر"(2/ 388).

(4)

أخرجه مالك في "موطئه"(524).

(5)

أخرجه أبو داود في "سننه"(3153).

ص: 113

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ما مات عليه من عمل صالح أو سيِّئ"، والعرب تكني بالثياب عن الأعمال لملابسة الرجل بها ملابسته بالثياب، وقيل في تأويل قوله سبحانه:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4]: أي: أعمالك فأصلح، وأبو سعيد رضي الله عنه فهم من كلامه صلى الله عليه وسلم ما دل عليه الظاهر، فغاب عن مفهوم الكلام أيضًا.

وقال الشيخ التُّورِبِشْتِي: وكان في الصحابة رضوان اللَّه عليهم مَن يقصر فهمه في بعض الأحايين عن المعنى المراد، والناس متفاوتون في ذلك، فلا يعدُّ أمثالُ ذلك عشرة (1)، وقد سمع عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه قول اللَّه تعالى:{حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]، فعمد إلى عقالين: أسود وأبيض، فوضعهما تحت وسادته، فلما سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:(إنك لعريض الوسادة)، وفي بعض طرقه:(إنك لعريض القفاء)، انتهى (2).

وهذا القول كما يُرى في الظاهر مما لا يُجترأ عليه؛ لما فيه من توهم نسبة النقص إلى الصحابة في فهم معاني أحاديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولكنه ليس كلامًا يبالَغ في إنكاره، وقد تكلم هذا الشيخ في حديث:(وإنما أنا قاسم واللَّه يعطي)(3) أيضًا بمثل هذا الكلام، وقال: أعلم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أصحابه: أني ما فضَّلتُ ولا رجَّحتُ أحدًا من أمتي على

(1) كذا في النسخ المخطوطة، وفي "مرقاة المفاتيح" (4/ 125):"فلا يعد في أمثال ذلك عليهم"، فليتأمل.

(2)

قصة عدي بن حاتم الطائي أخرجها البخاري في "صحيحه"(1916)، ومسلم في "صحيحه"(1090)، وأبو داود في سننه (2349)، والترمذي في "جامعه"(2970)، وأحمد في "مسنده"(4/ 377).

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(71).

ص: 114

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

آخر في قسمة ما أوحي إلى من العلم والدين، بل سوَّيت بينهم في الإبلاغ، وعدلت في القسمة، والتفاوت بينهم إنما هو في إدراك وفهم معناه، وذلك عطاء من اللَّه وفضل منه، وقد كان بعض الأصحاب يسمعون حديثًا ولم يفهموا منه إلا [ما] هو الظاهر الجلي منه، وكان يسمعه بعضٌ آخر من قَرْنهم أو مَنْ بعدهم مِن التابعين وتبع التابعين، ويستنبطون منه معاني، ويخرِّجون مسائل، وذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء، انتهى كلامه بمعناه.

قال العبد الضعيف -أصلح اللَّه شأنه وصانه عما شانه-: ومن هذا القبيل ذرع الأزواج المطهرة رضي الله عنهن بقبضة أيديهن عند سماع حديث: (أسرعكن لحوقًا بي أطولكن يدًا) الحديث (1). ونقل الطيبي (2) عن القاضي البيضاوي: أنه قال في جواب الشيخ التُّورِبِشْتِي: إن العقل لا يأبى حمله على ظاهره حسبما فهم منه الراوي، إذ لا يَبعد إعادة ثيابه البالية كما لا يَبعد إعادة عظامه الناخرة، فإن [الدليل] الدال على جواز إعادة المعدوم لا مخصِّص له بشيء دون شيء، انتهى.

وفيه: أن الإشكال إنما هو من جهة منافاته الحديثَ الناطق: (يحشر الناس عراة) الدالَّ على عدم إعادة الثياب مع الميت، والآبيَ عن العمل على الظاهر، نعم قد زاد الشيخ في أثناء الكلام كون الأكفان والثياب: المهلَ والتراب، وكلام القاضي يصلح جوابًا عنه، ولكن هذه الزيادة المذكورة لا مما حاجة إليه في أصل الكلام.

هذا وغاية ما يقال في توجيه حديث أبي سعيد وتوفيقه بالحديث الآخر: إنه رضي الله عنه

(1) أخرجه مسلم في "صحيحه"(2452)، وذكر قصة ذرعهن.

(2)

"شرح الطيبي"(3/ 356).

ص: 115

1641 -

[8] وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "خَيْرُ الْكَفَنِ الْحُلَّةُ،

ــ

إنما لبس الثياب الجدد لقصد النظافة والطهارة مثلًا، واتفق له في ذلك حضور الحديث الذي سمعه من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ثياب الميت، فروى ذلك لمناسبة المقام، لا بيانًا بسبب لبس الثياب، وكان تأويله عنده ما ذكروه من إرادة الأعمال من الثياب لا الظاهر، ويمكن أن يكون مقصوده رضي الله عنه من ذلك الإبهامَ بحمله على الظاهر، حرصًا على أمثال الظواهر، وإن كان حقيقة المراد غير ذلك، ومثله ما ذكره العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم:(سأزيد على السبعين) في قوله تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} [التوبة: 80]-مع القطع بأن المراد به التكثير- تخييلًا لإظهار رحمة ورأفة على من بعث إليه، واللَّه أعلم.

1641، 1642 - [8، 9](عبادة بن الصامت، وأبو أمامة) قوله: (خير الكفن الحلة) الحلة: إزار ورداء من برود اليمن، ولا يطلق إلا على ثوبين، والمقصود -واللَّه أعلم- أنه لا ينبغي الاقتصار على الثوب الواحد، والثوبان خير منه، وإن أريد التشبه والكمال فثلاث على ما عليه الجمهور، وقد ذكر الشيخ ابن الهمام (1) من رواية محمد ابن الحسن عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم النخعي: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كفن في حلّة يمانية وقميص.

ويحتمل أن يكون المراد أنه ينبغي أن يكون من برود اليمن، وفيه خطوط أحمر أو أخضر، ويفهم هذا من تقرير الطيبي (2) حيث قال: اختار بعض الأئمة أن يكون الكفن

(1)"فتح القدير"(2/ 114).

(2)

"شرح الطيبي"(3/ 357).

ص: 116

وَخَيْرُ الأُضْحِيَةِ الْكَبْشُ الأَقْرَنُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. [د: 3156].

1642 -

[9] وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ. [ت: 1517، جه: 3130].

1643 -

[10] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُم الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ، وَأَنْ يُدْفَنُوا بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ. [د: 3134، جه: 1515].

ــ

من برود اليمن لهذا الحديث، والأصح أن الثوب الأبيض أفضل (1)، فافهم.

وقوله: (وخير الأضحية الكبش الأقرن) قال الطيبي (2): لكونه أعظم جثة وسِمَنًا في الغالب، انتهى. وقد جاء في الروايات أن فداء ولد إبراهيم الخليل عليهما السلام كان بذلك.

1643 -

[10](ابن عباس) قوله: (أن ينزع عنهم الحديد والجلود) المذهب عندنا أن ينزع عن الشهيد السلاح ولباس الحرب، وإن كان ثيابه أقلَّ من الكفن المسنون يزاد، وإن كان أكثر ينقص، ثم عدم غسل الشهيد متفق عليه بين الأئمة، وأما في الصلاة فخلاف، فعندنا يصلَّى، وعند مالك والشافعي لا يصلَّى، وعن أحمد قولان، والمشهور من مذهبه عدم الصلاة، وفي قول منه التخييرُ لتعارض الأدلة، والكلام مذكور في كتب الفقه (3)، وقد بسطناه في (شرح سفر السعادة) فليرجع إليه.

(1) وقد مر بيان استحباب التكفين في الأبيض، وهو إجماع.

(2)

"شرح الطيبي"(3/ 357).

(3)

انظر: "شرح فتح القدير"(2/ 143)، و"المحيط البرهاني"(2/ 295)، و"المغني"(3/ 379)، و"المجموع"(5/ 163)، و"بداية المجتهد"(1/ 248).

ص: 117