الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - باب دفن الميت
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
1693 -
[1] عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَن سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي هَلَكَ فِيهِ: أَلْحِدُوا لِي لَحْدًا وَانْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْبًا كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 966].
ــ
6 -
باب دفن الميت
دَفَنَهُ يَدْفِنُهُ: ستره وواراه، غلب في ستر الميت في الأرض، والقبر بمعناه، قَبَرَهُ يَقْبُرُهُ قَبْرًا: دفنه، وأَقْبَرَهُ: جعل له قبرًا، والقبر مخصوص بمدفن الإنسان، والمقبرة: موضع القبور، مفتوحة الميم ومثلثة الباء، وجاء بكسر الميم وفتح الباء، وأوَّلُ من دفن في الأرض هابيل؛ لكونه أول من مات، والقبر نوعان: باللحد وبالشق، وكلاهما مشروع، لكن اللحد أفضل وأوفق بالسنة، كما سيجيء بيانه في شرح الأحاديث.
الفصل الأول
1693 -
[1](عامر بن سعد بن أبي وقاص) قوله: (ألحدوا)(1) اللحد بفتح اللام وبضم، والإلحاد في اللغة: الميل، وفي الشرع: الشق الذي يحفر في عرض القبر في جانب القبلة، يقال: لَحَدَ القبر كمنع. والحده: عمل له لحدًا، ولحد الميت: دفنه، و (ألحدوا) جاء بوصل الهمزة من اللحد، وبقطعها من الإلحاد. و (اللبن) بفتح اللام وكسر الباء ككتف، واللبنة واحدها، على مثال كلم وكلمة، وجاء بكسرتين.
(1) قال النووي: (4/ 39): فيه استحباب اللحد ونصب اللبن؛ وأنه فعل ذلك برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم باتفاق الصحابة، وقد نقلوا أن عدد لبناته صلى الله عليه وسلم تسع، انتهى.
1694 -
[2] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جُعِلَ فِي قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 967].
1695 -
[3] وَعَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ: أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُسَنَّمًا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. [خ: 139].
ــ
1694 -
[2](ابن عباس) قوله: (قطيفة) القطيفة: دِثَارٌ مُخَمَّلٌ، كذا في (القاموس)(1)، ويقال له: الخميلة، وسبب فرش القطيفة في قبره صلى الله عليه وسلم قيل: ألقاها شقران مولى النبي صلى الله عليه وسلم وَقالَ: كرهت أن يلبسها أحد بعده صلى الله عليه وسلم، ألقاها بعد أمر الصحابة ورضاهم، وكرهه العلماء لكونه تضييعًا وإسرافًا، وقيل: ذلك من خواص النبوة لكونه حيًّا في قبره، واللَّه أعلم (2).
1695 -
[3] قوله: (وعن سفيان التمار) من كبار أتباع التابعين، وقد لحق عصر الصحابة، ولم أر له رواية عن صحابي، كذا في (فتح الباري)(3).
وقوله: (مسنمًا) أي: على هيئة سنام البعير، وروى هذا الحديث ابن أبي شيبة في (مصنفه)، ولفظه: عن سفيان يعني التمار: دخلت البيت الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم، [فرأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم] وقبر أبي بكر وعمر مسنَّمةً، والسنة في القبر التسنيم، وقد جاء في ذلك أخبار وآثار صحيحة، قال أبو حنيفة: حدثنا شيخ لنا يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تربيع القبور وتجصيصها، وروى محمد بن الحسن عن أبي حنيفة عن حماد بن
(1)"القاموس"(ص: 780).
(2)
وقال الحافظ العراقي في "ألفيته" في السيرة (ص: 155): وفرشت في قبره قطيفة، وقيل: أخرجت، وهذا أثبت، انتهى.
(3)
"فتح الباري"(3/ 257).
1696 -
[4] وَعَنْ أَبِي الْهَيَّاجِ الأَسَدِيِّ قَالَ: قَالَ لِي عَلِيٌّ: . . . . .
ــ
سليمان عن إبراهيم قال: أخبرني من رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر أبي بكر وعمر ناشزة من الأرض، عليها فلق من مدر أبيض.
وما عورض به مما روى أبو داود عن القاسم بن محمد قال: دخلت على عائشة فقلت لها: يا أمه اكشفي لي عن قبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء (1)، ليس معارضًا لهذا حتى يحتاج إلى الجمع، يعرف بأدنى تأمل، كذا قال الشيخ ابن الهمام (2).
وعند الشافعي يسطح القبر، وقال في (الحاوي) (3): التسطيح أولى من التسنيم، وقال في شرحه: لأن النبي صلى الله عليه وسلم سطح قبر ابنه إبراهيم، وعن القاسم بن محمد أنه قال: رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما مسطحة، هذا وقد ذكر الشيخ ابن الهمام عن جماعة من التابعين والصحابة أنهم قالوا: إنها مسنمة، وأما حديث أبي الهَيَّاج الأسدي الآتي فلا يدل على التسطيح، بل هو على ما كانوا يفعلونه من تعلية القبور بالبناء الحسن العالي، وليس مرادنا بالتسنيم ذلك، بل قدر ما يبدو من الأرض، واللَّه أعلم.
وقيل: السنة أن يرفع القبر شِبرًا، وقد يروى ابن حبان (4) أن قبره صلى الله عليه وسلم كذلك.
1696 -
[4] قوله: (وعن أبي الهياج الأسدي) بفتح الهاء وتشديد التحتانية، تابعي جليل، صحيح الحديث.
(1) سيأتي برقم (1712).
(2)
"شرح فتح القدير"(2/ 140).
(3)
"الحاوي الكبير"(3/ 25).
(4)
"صحيح ابن حبان"(6712)، روي عن جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم ألحد ونصب عليه اللبن نصبًا، ورفع قبره من الأرض نحوًا من شبر.
أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنْ لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ، وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيتَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 969].
1697 -
[5] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 97].
1698 -
[6] وَعَنْ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إِلَيْهَا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 972].
ــ
وقوله: (على ما بعثني) التعدية بـ (على) لتضمين معنى الإمارة والتسليط، وفي الحديث دلالة على أن هذه الأمور الثلاثة المذكورة من الأمور العظيمة المهمة في الدين.
وقوله: (تمثالًا) أي: صورة، (إلا طمسته) أي: محوته، (ولا قبرًا مشرفًا) أي: عاليًا، أي: بني عليه حتى صار عاليًا، لا ما أعلم بالتراب والحجارة والرمل والحصى حتى يتميز من الأرض.
وقوله: (إلا سويته) قيل: المراد تسطيحه لا تسويته بالأرض؛ جمعًا بين الأخبار، كذا في شرح الشيخ.
1697 -
[5](جابر) قوله: (أن يبنى عليه) قيل: المراد البناء بالحجارة ونحوها، وقيل: أن يضرب الخباء ونحوه، فإن ذلك مكروه منهي عنه.
وقوله: (وأن يقعد عليه) لأن فيه خلاف ما يقتضيه القبر وإكرام المؤمن، وقيل: المراد الجلوس عليه لقضاء الحاجة (1).
1698 -
[6](أبو مرثد الغنوي) قوله: (لا تجلسوا على القبور) لأن فيه استخفافًا، (ولا تصلوا إليها) لأن فيه تعظيمًا بليغًا.
(1) انظر: مسألة القعود على القبر في "الأوجز"(4/ 528).