المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الأول: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٤

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(5) كتاب الجنائز

- ‌1 - باب عيادة المريض وثواب المرض

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب تمني الموت وذكره

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب ما يقال عند من حضره الموت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب غسل الميت وتكفينه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب المشي بالجنازة والصلاة عليها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب دفن الميت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب البكاء على الميت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب زيارة القبور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(6) كتاب الزكاة

- ‌ الفصل الأول:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب ما يجب فيه الزكاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب صدقة الفطر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب من لا تحل له الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب من لا تحل له المسألة ومن تحل له

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الإنفاق وكراهية الإمساك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب فضل الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب أفضل الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب صدقة المرأة من مال الزوج

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب من لا يعود في الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌(7) كتاب الصوم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب رؤية الهلال

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب تنزيه الصوم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌‌‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب صوم المسافر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب القضاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب صيام التطوع

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب

- ‌‌‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب ليلة القدر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب الاعتكاف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(8) كتاب فضائل القرآن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الأول:

*‌

‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

1722 -

[1] عَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي سَيْفٍ الْقَيْنِ، وَكَانَ ظِئْرًا لإِبْرَاهِيمَ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ،

ــ

وما يصنع في بلاد العجم من فرش البسط والقيام على قوارع الطريق من أقبح القبائح، كذا في (الظهيرية). وكره التعزية عند القبر، كذا في (القنية). وفي (جمع التفاريق): لا بأس بالجلوس ثلاثة أيام في بيت أو مسجد، جلس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما قتل جعفر وزيد ابن حارثة وابن رواحة والناس يأتونه، ولو قال للمعزى: بزركَ مصيبتى يا سخت مصيبتى ترا رسيد، بعض المشايخ قالوا: إنه يكفر، وبعضهم قالوا: إنه ليس بكفر، ولكنه خطأ عظيم، قالوا: ليس بخطأ ولا كفر، وإليه مال الحاكم وعليه الفتوى، ولو قال: هرجه از جان أو بكاست در جان تو زيادت باد، يخشى على قائله الكفر، ولو قال: زيادت كناد، فهذا خطأ وجهل، ذكر هذا كله في (مطالب المؤمنين).

الفصل الأول

1722 -

[1](عن أنس) قوله: (القين) هو الحداد، واسمه البراء بن أعوش، واسم زوجته خولة بنت المنذر.

وقوله: (وكان ظئرًا لإبراهيم) أي: زوج مرضعته، في (القاموس) (1): الظئر: العاطفة على ولد غيرها، المرضعة له في الناس وغيرهم، للذكر والأنثى. وإبراهيم كان ابن سنتين، وفي رواية: ابن ستة عشر شهرًا وثمانية أيام، وفي رواية: ابن سنة وعشرة أشهر وستة أيام، وبالجملة كان في مدة الرضاع، وقد سبق شيء من الكلام مما يتعلق به في (باب صلاة الخسوف).

(1)"القاموس المحيط"(ص: 403).

ص: 182

ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَذْرِفَانِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ ! فَقَالَ: "يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ" ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى فَقَالَ: "إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضِى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ". مُتَّفقٌ عَلَيْهِ. [خ: 303، م: 2315].

ــ

وقوله: (ثم دخلنا) أي: مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

وقوله: (يجود بنفسه) جاد بنفسه: قَارَبَ أَنْ يَقْضِيَ، من الجود، كأنه يجود بها كما يجود بماله، وفي هذا التعبير إشارة إلى أنه ينبغي للإنسان أن لا يضيق فزعًا عند الموت؛ لأن الحياة عارية.

وقوله: (تذرفان) ذرفت العين: سال دمعها، وذرف الدمع: سال، من باب ضرب.

وقوله: (وأنت يا رسول اللَّه) تعجب واستبعاد لصدوره صلى الله عليه وسلم؛ لدلالته في الظاهر على الضعف وعدم تحمل المصيبة، والواو للعطف على محذوف، أي: الناس يبكون وأنت تبكي مثلهم.

وقوله: (إنها رحمة) أي: هذا الدمع أثر رحمة ورأفة على المقبوض بمشاهدة حالته التي ابتلي بها من شدة الأمر وضعف البنية، لا من الجزع كما توهمت.

وقوله: (ثم أتبعها بأخرى) أي: أتبع الدمعة بدمعة أخرى، أو الكلمة بكلمة أخرى، ويلائمه قوله:(فقال: إن العين تدمع، والقلب يحزن) من باب سمع لازم، ومن نصر متعد، أي: أنها جبلة للمؤمن الرقيق القلب، ورحمة من اللَّه أودعت فيه (1).

(1) في هذا الحديث فوائد جليلة ذكرها الحافظ في "فتح الباري"(3/ 158) فلينظر ثمة.

ص: 183

1723 -

[2] وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: أَرْسَلَتِ ابْنَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ: إِنَّ ابْنًا لِي قُبِضَ فَأْتِنَا، فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلَامَ. . . . .

ــ

والتحقيق في هذا الباب أن كماله صلى الله عليه وسلم كمال بشري على الإطلاق، يشمل جميع اللطائف والقوى الظاهرة والباطنة، كما هو اللائق بحال البشر الجامع لصفات الروح والنفس والطبيعة على خلاف حال الملائكة، وكان يعطي كل شيء حقه، وتظهر منه آثار جميع الحواس والقوى، فما كان منها مقدورًا يصدر بالقدرة والاختيار، وما لم يكن مقدورًا بحكم الطبيعة والاضطرار، وإلا يلزم النقصان، ولكن الكل موافق للحق والحكمة، وهذا دليل سلامة الحواس والقوى، فله صلى الله عليه وسلم في كل مرتبة تمام وكمال، وهذا أحط وجوه وجودِ سكرات الموت في حقه صلى الله عليه وسلم.

قال أهل التحقيق من السادة الصوفية -قدس اللَّه أسرارهم-: إن جميع اللطائف من الطبيعة والنفس والروح والقلب والسر في أرباب التمكين في العمل فرادى من غير خلط ومزج بين هذه اللطائف وأعمالها وآثارها، فالسر متصل بذات اللَّه تعالى وتقدس، والروح مستغرق بمحبته، والقلب مشغول بذكره، والنفس عامل بخدمته، والطبيعة تأخذ من الحظوظ ما يقوم به البدن، والكل مطيع ومنقاد للحق فيما خلق لأجله، واللَّه أعلم.

1723 -

[2](أسامة بن زيد) قوله: (ابنة النبي صلى الله عليه وسلم) وهي زينب زوجة أبي العاص.

وقوله: (إن ابنا لي قبض)(1) أي: أشرف على الموت وحان أن تقبض روحه.

وقوله: (فأرسل) أي: النبي صلى الله عليه وسلم أحدًا إليها حال كونه (يقرئـ) ـها (السلام) بضم الياء.

(1) قِيلَ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي الْعَاصِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ عَاشَ حَتَّى نَاهَزَ الْحُلُمَ، وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ لَهُ صَبِيٌّ عُرْفًا، بَلْ لُغَةً، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْوَضْعَ اللُّغَوِيَّ يَكْفِي هُنَا، وَقِيلَ: الصَّوَابُ أَنَّهُ أُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ، كَمَا ثَبَتَ فِي "مُسْنَدِ أَحْمَدَ". "مرقاة المفاتيح"(3/ 1231).

ص: 184

وَيَقُولُ: "إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ". فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَيُّ بنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرِجَالٌ، فرُفِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا هَذَا؟ فَقَالَ: "هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، فَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1284، م: 923].

1724 -

[3] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوًى لَهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ وَجَدَهُ فِي غَاشِيَةٍ،

ــ

وقوله: (فلتصبر) أمر الغائبة، (ولتحتسب) أي: تدخر ثواب فقد الابن والصبر عليه عند اللَّه، حتى يجعل في حسابها، كذا في شرح الشبخ، والمعنى: فلتصبر ولتحتسب ثوابه في أعمالها، من الحسبة.

وقوله: (ومعه سعد بن عبادة)، وفي (المصابيح): ومعه سعد بن عبادة ورجال.

وقوله: (تتقعقع) أي: تضطرب، والقعقعة: حكاية صوت السلاح، وصوت الأسنان لشدة وقعها في الأكل، وتحريك الشيء اليابس الصلب مع صوت.

1724 -

[3](عبد اللَّه بن عمر) قوله: (فوجده) بالفاء في أكثر النسخ، وفي نسخة الفربري بلا (فاء)، كذا في نسخ (المصابيح)، وهو الأظهر.

وقوله: (في غاشية) أي: في داهية تتغشاه من كرب ووجع، ولم يُرِدْ به حالة الموت، لأنه قد برأ من ذلك المرض، وعاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ومات في خلافة عمر، وقيل: في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، أو في جماعة حاضرة عنده أحاطت به للخدمة

ص: 185

فَقَالَ: "قَدْ قُضِي؟ " قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَبَكَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ بُكَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَكَوْا، فَقَالَ:"أَلَا تَسْمَعُونَ؟ إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا" وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ "أَوْ يَرْحَمُ، وَإِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1304، م: 924].

ــ

والعيادة ونحوهما.

وقوله: (قد قضي) بصيغة المجهول، وقد يروى بالمعلوم على طريق الاستفهام، أو قال على ظن الموت، لكن ظاهر حاله كذلك، وهذا اللفظ ربما ينظر إلى المعنى الأول، وما جاء في رواية:(وجده على غشية)، كذا قال التُّورِبِشْتِي (1).

وقوله: (أو يرحم) أي: بهذا إن قال خيرًا، مثل أن يقول: إنا واصلون إليه راجعون، ورضينا بقضاء اللَّه، ومثل ذلك.

وقوله: (وإن الميت ليعذب ببكاء أهله) عليه، أي: مع إطالة اللسان فيما لا يعني.

اعلم أن ابن عمر روى هذا عن أبيه رضي الله عنه، وأنكرت عليه عائشة لما سمعت حديثه هذا، وقالت: ذُهِلَ ابن عمر، وفي رواية: رحم اللَّه أبا عبد الرحمن، سمع شيئًا فلم يحفظه، إنما مرت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جنازةُ يهودي -وفي رواية: جنازة يهودية- وهم يبكون عليه، فقال:(إنه يعذب وهم يبكون)، فليس المراد أن تعذيبه بسبب بكائهم، بل مقارن له وواقع في تلك الحالة، فالباء في قوله:(ببكاء) للملابسة والمصاحبة، لا للسببية كما فهمه ابن عمر، فردّ عائشة على ابن عمر ليس في عدم صحة الحديث، بل في تأويله وفهم معناه، فإن الحديث صحيح، رواه عمر وابن عمر والمغيرة بن شعبة، ولم يذكر أحدهم حديث اليهودي أو اليهودية، وقد احتجت عليهم عائشة بقوله تعالى:

(1)"الميسر"(2/ 401).

ص: 186

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} . وظهر مما ذكرنا من التقرير أن ليس مقصود عائشة أن الحديث واقع في مادة مخصوصة، وأن التعذيب ببكاء الأهل في مادة الكفار، بل المقصود أن تعذيب الميت ليس بسبب بكاء أهله في شيء من المواد أصلًا، بل هو مقارن له في المادة المخصوصة، فافهم.

ثم إن العلماء أولوا الحديث بتأويلات أخر لا يلزم بها التعذيب بفعل الغير، فقيل: إن ذلك إذا كان الميت راضيًا به في حال حياته، وقد أمرهم وأوصاهم به، كما كانوا يفعلونه في الجاهلية، فحينئذ يعذب ببكاء أهله؛ لأن بكاءهم بواسطة فعله، وقيل: ليس المراد تعذيبه ببكائهم بعد الموت، بل المراد بالميت من أشرف على الموت، كما في حديث:(لقنوا موتاكم)، والمراد بالعذاب ما يتأذى به من جزعهم وصراخهم وهو في كرب الموت، فيصير صنيعهم زيادة في كربه، فيقع ذلك منهم موقع التعذيب، وقد روى مسلم (1) عن أنس: أن عمر بن الخطاب لما طُعِنَ عَوَّلَتْ عليه حفصة، فقال: يا حفصة أما سمعتِ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: (المعوَّل عليه يُعَّذب؟ ) وعَوَّلَ عليه صهيبٌ، فقال عمر لصهيب مثل ذلك، ويفهم منه ظاهرًا أن المراد بالتعذيب مثل ما ذكرنا، لا التعذيب بعد الموت، فإن ذلك ببكائهم ونوحهم عليه بعد الموت، وضعف الطيبي هذا التأويل لما ورد في بعض الروايات:(أن الميت يعذب ببكاء الحي)(2)، وفي رواية:(يعذب في قبره)(3)، وفي منافاة الرواية الأولى من هذين الروايتين للتأويل المذكور نظر، نعم الرواية الثانية تنافيه، والجواب أن يحمل هذا الحديث على الميت الذي أوصى

(1)"صحيح مسلم"(927).

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(1290).

(3)

أخرجه البخاري في "صحيحه"(3978).

ص: 187

1725 -

[4] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1294، م: 103].

1726 -

[5] وَعَن أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى أَبِي مُوسَى فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ تَصِيحُ بِرَنَّةٍ، ثمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: أَلَمْ تَعْلَمِي؟ وَكَانَ يُحَدِّثُهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَنَا بَرِيٌ مِمَّنْ حَلَقَ وَصَلَقَ وَخَرَقَ". . . . .

ــ

بالنياحة عليه، والحديث الآخر محتمل للوجهين من التأويل، كذا قال التُّورِبِشْتِي (1)، واللَّه أعلم.

1725 -

[4](عبد اللَّه بن مسعود) قوله: (ودعا بدعوى الجاهلية) كالدعاء بالويل والثبور، كما تفعله النوائح.

1726 -

[5](أبو بردة) قوله: (تصيح برنة) بفتح الراء وتشديد النون، في (القاموس) (2): الرنة: الصوت، رَنَّ يَرِنُّ رنينًا: صاح، وفي (النهاية) (3): صوت مع البكاء فيه ترجيع، ولعل هذا أوجه في معنى الحديث.

وقوله: (أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) يتعلق بـ (ألم تعلمي)، و (يحدثها) سبيل التنازع.

وقوله: (حلق) أي: الرأس عند المصيبة، (وصلق) أي: صات صوتًا، كذا في (القاموس)(4)، وفي (النهاية) (5): هو الصوت الشديد، (وخرق) أي: الجيوب، ويروى:

(1)"الميسر"(2/ 403).

(2)

"القاموس المحيط"(ص: 1107).

(3)

"النهاية"(2/ 271).

(4)

"القاموس المحيط"(ص: 830).

(5)

"النهاية"(3/ 48).

ص: 188

مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلَفْظُهُ لِمُسْلِمٍ. [خ: 1296، م: 104].

1727 -

[6] وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِي الأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ، وَالِاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ".

وَقَالَ: "النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا. . . . .

ــ

(سلق) بالسين، وهو أيضًا بمعنى عدا وصاح، والسين والصاد كثيرًا ما يتناوبان.

1727 -

[6](أبو مالك الأشعري) قوله: (لا يتركونهن) قال التُّورِبِشْتِي (1): أراد أن الأمة بأسرهم لا يتركونها، إن تركها طائفة تمسك بها آخرون.

وقوله: (الفخر في الأحساب) الفخر والفخار: التمدح والتعظيم، والحسب: ما يعده الرجل من مفاخر آبائه وشرفهم ومجدهم وفضائل نفسه وكرمه. (والطعن في الأنساب) أي: العيب في أنساب الغير، وهو أن يعظم آباءه ويحقر آباء غيره، اللهم إلا بالإسلام والكفر، كذا قال الطيبي (2). (والاستسقاء بالنجوم) أي: توقع الأمطار عند وقوع النجوم في منازلها، كما جاء في الحديث:(يقولون: مُطِرْنا بِنَوْءٍ كذا)(3) أي: يقولون: إذا جاء الكوكب الفلاني في منزل كذا جاء المطر، وفي هذا زجر ومنع عن التمسك بقواعد النجوم. (وقال) الضمير لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

وقوله: (النائحة) مبتدأ و (تقام) خبره، مقول القول.

وقوله: (إذا لم تتب قبل موتها) إنما قال هذا لأن من شرط التوبة أن يكون في حالة الاختيار، وأن يكون قبل مشاهدة أحوال الموت، وهو المشار إليه

(1)"الميسر"(2/ 403).

(2)

"شرح الطيبي"(3/ 395).

(3)

أخرجه مسلم في "صحيحه"(71).

ص: 189

تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 934].

ــ

بقوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} الآية [النساء: 17].

وقوله: (تقام) أي: تحشر، أو تقام في الموقف، وهذا أظهر.

وقوله: (وعليها سربال) أي: قميص كما في قوله تعالى: {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ} [إبراهيم: 50].

قال البيضاوي (1): أي: قمصانهم، و (القطران) بكسر الطاء وسكونها: دهن يتحلب من شجر معروف، ثم يطبخ ويسرج به؛ لأنه أشد في اشتعال النار، ويطلى به الإبل الجربى، حارٌّ مُحْرِقٌ للجلد، و (الدرع) قميص المرأة، والسربال أعم، وذكره مع السربال تأكيد ومبالغة، وإشارة إلى أنه يجمع بينهما.

و(الجرب) محركة: داء معروف، يعني يسلط على أعضائها الجرب والحكة، ويطلى بالقطران ليداوى به زيادة في الألم والبشاعة.

وقال الشيخ التُّورِبِشْتِي (2): إنا نظرنا إلى المناسبات الواقعة بين الذنوب وبين عقوبتها فوجدنا لتعذيبها بالجرب وجهين:

أحدهما: أنها كانت تخمش وجهها فابتليت بما لا صبر لها عليه إلا بالخمش والتمزيق.

والآخر: أنها كانت تجرح بكلماتها المُرِقَّة قلوبَ ذوات المصيبات، وتحرك بها بواطنهم، فعوقبت في ذلك المعنى بما يماثله في الصورة، واللَّه أعلم.

(1)"تفسير البيضاوي"(3/ 204).

(2)

"الميسر"(2/ 405).

ص: 190

1728 -

[7] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَالَ:"اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي" قَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي، وَلَمْ تَعْرِفْهُ، فَقِيلَ لَهَا: إِنَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ، فَقَالَتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ. فَقَالَ: "إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1283، م: 926].

ــ

1728 -

[7](أنس) قوله: (إليك عني) أي: تنح عني و (إليك) من أسماء الأفعال بمعنى أبعد.

وقوله: (فلم تجد عنده بوابين) كأنه كانت استشعرت في نفسها خوفًا وهيبة من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وظنت أنه مثل الملوك والسلاطين فلا أجد مجال الدخول عليه حتى أعتذر عن خطيئتي فطابت نفسها بذلك.

وقوله: (لم أعرفك) أي: تبت وامتنعت عن البكاء والجزع، وامتثلت أمرك، ولم أعرفك قبل حتى أمتثل أمرك، أو هو اعتذار عما أساءت الأدب بحضرته، وقالت ما قالت، فافهم.

وقوله: (إنما الصبر) أي: الصبر الكامل المعتد به (عند الصدمة الأولى) أي عند وقع المصيبة وقربها، فأما بعد ذلك فلا محالة تصبر، وهذا الجواب من الأسلوب الحكيم أي: دعي الاعتذار عني، فإن من شيمتي أن لا أغضب لنفسي وأنت لم تقصديني بذلك ولم تعرفيني وكنت معذورة، وانظري إلى تفويتك الثواب بالجزع. و (الصدم) ضرب صلب بمثله، وإصابة الأمر، والمعنى الأخير أظهر، ولكن في الأول إشارة إلى ضرب صلابة المصيبة بالقلب الذي هو صلب وشديد في تحمل الشدائد، وكسره ويجعله لينًا ورقيقًا.

ص: 191

1729 -

[8] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَيَلِجُ النَّارَ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6656، م: 2632].

ــ

1729 -

[8](أبو هريرة) قوله: (فيلج) روي بالنصب والرفع، وفي النصب إشكال؛ لأن النصب بتقدير (أن) مشروط بوجود سببية ما قبل الفاء لما بعدها، وهي ههنا غير ظاهرة، وفي شرح الشيخ: بالنصب بظاهر الفاء، ولا يخفى ما فيه، وأما الرفع فلكون الفاء بمعنى الواو، والمراد عدم اجتماع موت ثلاثة من أولاده وولوجه النار، أو الفاء على حقيقتها، فيدل على عدم وجود الولوج عقيب الموت.

وقوله: (إلا تحلة القسم) تحلة مصدر بمعنى التحليل، يقال: حللته تحليلًا وتحلة، قال اللَّه تعالى:{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2]، شرع لكم تحليلها بالكفارة أو بالاستثناء، فالتحلة ما تنحل به عقدة اليمين، ويتحلل به ما حرم على المقسم، والعرب تقول: فعلت تحلة القسم، أي: لم أفعل إلا بقدر ما حللت به يميني ولم أبالغ، وهو صار مثلًا للقليل المفرط في القلة.

ثم القسم الذي يلج المسلم لتحلته هو قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا} [مريم: 71]، إما بإضمار القسم فيه، أي: واللَّه إن منكم إلا واردها، أو المراد بالقسم ما دل على القطع والبت، وقيل: هو في قوله قبل هذا: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ} [مريم: 68] الآية، أقسم اللَّه تعالى على أن يورد ويدخل جهنم كُلَّ أحد، وهو عام للكل حتى الأنبياء والمرسلين إلا سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين- في الأصح من القول، ولو في آنٍ كالبرق الخاطف أو الريح العاصف على ما ورد في المرور على الصراط، ولولا هذا القسم لما ولج المسلم الذي مات له ثلاثة من الولد.

ص: 192

1730 -

[9] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِنِسْوَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ: "لَا يَمُوتُ لإِحْدَاكُنَّ ثَلَاثَةٌ من الْوَلَدِ فَتَحْتَسِبُهُ إِلَّا دَخَلَتِ الْجنَّةَ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: أَوِ اثْنَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَوِ اثْنَانِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهما:"ثَلَاثَةٌ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ". [م: 2634].

1731 -

[10] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَقُولُ اللَّهُ: مَا لِعَبْدِي الْمُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ. . . . . .

ــ

1730 -

[9](وعنه) قوله: (فتحتسبه) أي: تصبر حسبة للَّه، وقد مرت حقيقة معناه، وهو مرفوع لا غير، إذ ليس هذا مقام النصب، بل هو عطف على (يموت)، وحرف النفي داخل على كليهما.

وقوله: (أو اثنان) عطف على (ثلاثة)، ويقال لمثل هذا: عطف تلقيني، كأنه يلقن المخاطب المتكلم بأن يعطفه على ما قبله، أي: قل: يا رسول اللَّه أو مات اثنان؟ فقال: أو اثنان، وهذا يحتمل الوحي في هذا الآن بعد قول الامرأة وتوجهه صلى الله عليه وسلم إلى جناب رحمة اللَّه والدعاء منه وإجابته، واللَّه أعلم.

وقوله: (لهما) أي: للبخاري ومسلم.

وقوله: (لم يبلغوا الحنث) صفة (ثلاثة)، والحنث بالكسر: الإثم، والمراد به البلوغ الذي هو سبب حرمان الحنث، أي: الصغار، وإنما خص بهم لأنهم يشفعون ويجرون والديهم إلى الجنة، وأما موت الكبار فهو مصيبة أشدّ منه، وله ثواب عظيم.

1731 -

[10](وعنه) قوله: (إذا قبضت صفيه) على وزن [غنيٍّ]: الحبيب المصافي، وخالص كل شيء، كذا في (القاموس)(1)، وقال:(من أهل الدنيا) وكيف

(1)"القاموس المحيط"(ص: 1197).

ص: 193