الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الثَّانِي:
2091 -
[9] عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: "قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعفُ عَنِّي". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. [حم: 6/ 171، جه: 3850، ت: 3513].
ــ
الليل، بأن تكون الإضافة معنوية بمعنى (في)، أو لفظية إلى المفعول به، وجهها أن النائم في حكم الميت، وأن الزمان حياته أن يعبد فيه، كذا قالوا (1).
الفصل الثاني
2091 -
[9](عائشة) قوله: (أيّ ليلة) الظاهر (أية ليلة) بالتأنيث، وإنما ذكره بتأويل الزمان، وقد وقع مثل ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم:(أيّ آية من كتاب اللَّه معك أعظم) باعتبار الكلام أو اللفظ، كذا قيل، ويجوز أن يكون ذلك باعتبار أن التأنيث لفظي.
(1) قَالَ الطِّيبِيُّ (5/ 1625): وَفِي إِحْيَاءِ اللَّيْلِ وَجْهَانِ: أَحَدُهما رَاجِعٌ إِلَى نَفْسِ الْعَابِدِ، فَإِنَّ الْعَابِدَ إِذَا اشْتَغَلَ بِالْعِبَادَةِ عَنِ النَّوْمِ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْتِ فَكَأَنَّمَا أَحْيَا نَفْسَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر: 42]. وَثَانِيهُمَا أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى نَفْسِ اللَّيْلِ فَإِنَّ لَيْلَهُ لَمَّا صَارَ بِمَنْزِلَةِ نَهَارِهِ فِي الْقِيَامِ فِيهِ كَأَنه أَحْيَاهُ وَزَيَّنَهُ بِالطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [الروم: 50]، فَمَنِ اجْتَهَدَ فِيهِ وَأَحْيَاهُ كُلَّهُ وَفَّرَ نَصِيبَهُ مِنْهَا، وَمَنْ قَامَ فِي بَعْضِهِ أَخَذَ نَصِيبَهُ بِقَدْرِ مَا قَامَ فِيهَا، وَإِلَيْهِ لَمَّحَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ بِقَوْلِهِ: مَنْ شَهِدَ الْعِشَاءَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَقَدْ أَخَذَ حَظَّهُ مِنْهَا، انتهى. "مرقاة المفاتيح"(4/ 1441).
2092 -
[10] وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْتَمِسُوهَا -يَعْنَى لَيْلَةَ الْقَدْرِ- فِي تِسْعٍ يَبْقَيْنَ، أَو فِي سَبْعٍ يَبْقَيْنَ، أَو فِي خَمْسٍ يَبْقَيْنَ، أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ آخِرِ لَيْلَةٍ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 794].
2093 -
[11] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَقَالَ: "هِيَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ: رَوَاهُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عُمَرَ. [د: 1387].
ــ
2092 -
[10](أبي بكرة) قوله: (في تسع يبقين أو في سبع يبقين أو في خمس يبقين) قيل: (في تسع يبقين) محمول على الثانية والعشرين، و (في سبع يبقين) محمول على الرابعة والعشرين، و (في خمس) على السادسة والعشرين، و (أو ثلاث) على الثامن والعشرين.
وقوله: (أو آخر ليلة) محمول على التاسع والعشرين، وقيل: على السلخ، أقول: هذا إذا كان الشهر ثلاثين يومًا، وأما إذا كان تسعًا وعشرين فالأولى على الحادية والعشرين، والثانية على الثالثة والعشرين، والثالثة على الخامسة والعشرين، والرابعة على السابعة والعشرين، وهذا أولى لكثرة الأحاديث الواردة في الأوتار، بل نقول: لا دليل على كونها أولى هذه الأعداد، فالظاهر أن المراد من كونها (في تسع يبقين. . . إلخ) ترديدها في الليالي الخمس أو الأربع أو الثلاث أو الاثنين أو الواحدة، وآخر ليلة يحتمل التاسعة والعشرين والسلخ، فافهم.
2093 -
[11](ابن عمر) قوله: (في كل رمضان) أي: ليست مخصوصة بالعشر الآخر، فهذا متمسك ما روي عن أبي حنيفة أن ليلة القدر في رمضان، ولكن لا يدرى أنها أية ليلة منه على ما ذكر الشيخ ابن الهمام كما مر، أو ليست مخصوصة برمضان
2094 -
[12] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لِي بَادِيَةً أُكَونُ فِيهَا، وَأَنَا أُصَلِّي فِيهَا بِحَمْدِ اللَّهِ، فَمُرْنِي بِلَيْلَةٍ أَنْزِلُهَا إِلَى هَذَا الْمَسْجِدِ، فَقَالَ:"انْزِلْ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ". قِيلَ لِابْنِهِ: كَيْفَ كَانَ أَبُوكَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: كَانَ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ، فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ لِحَاجَةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبْحَ، فَإِذَا صَلَّى الصُّبْحَ وَجَدَ دَابَّتَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَجَلَسَ عَلَيْهَا وَلَحِقَ بِبَادِيَتِهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 1380].
ــ
سنة دون سنة بل في رمضانات جميع السنين، فلا ترفع كما قيل: ولا في غير رمضان، وهذا أيضًا قول من الأقوال.
2094 -
[12](عبد اللَّه بن أنيس) قوله: (إن لي بادية (1)) إما دار إقامة له فيها فيكون من الأعراب، أو خيمة أو بيتًا هناك كما هو دأب العرب.
وقوله: (فمرني بليلة) أي: من رمضان.
وقوله: (أنزلها) بلفظ المتكلم من النزول مرفوع أو مجزوم، أي: أنزل فيها كما في: دخلت الدار، وفي ترك (في) إشارة إلى قيام الليل كله.
وقوله: (إلى هذا المسجد) أي: قاصدًا إليه أو منتهيًا إليه، والمراد المسجد النبوي، ولفظ (هذا) لتعظيمه وقربه إلى القلوب وانجذابها إليه.
وقوله: (فلا يخرج منه لحاجة) أي: لحاجة منافية للاعتكاف، وفي رواية: إلا في حاجة، أي: ضرورية يضطر إليه.
(1) اسم البادية: الوَطَاءة.