الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ يَعْلَى بْنِ مَمْلَكٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَحَدِيثُ اللَّيْثِ أَصَحُّ.
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
2206 -
[20] عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَنَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَفينَا الأَعرَابِيُّ وَالأَعْجَمِيُّ، فَقَالَ: "اقْرَؤُوا فَكُلٌّ حَسَنٌ،
ــ
كذا ذكروا، وهو أصل في هذا الباب، فظهر أن ما قال الطيبي (1): إن الوقف هنا يوجب قطع الصفة عن الموصوف وهو غير صواب، وما قال صاحب (سفر السعادة) (2): إن القراء اشترطوا في الوقف انفصال الكلام عما قبله وهو خلاف السنة، غير وارد، فتدبر.
وقوله: (وحديث الليث أصح) ليس بين الحديثين منافاة وتقابل، فلم يقع هذا القول في موقعه كما لا يخفى.
الفصل الثالث
2206 -
[20](جابر) قوله: (وفينا الأعرابي والأعجمي) في (القاموس)(3): العرب: سكان الأمصار أو أعم، والأعراب منهم سكان البادية، لا واحد له، ولا بد أن لا تكون قراءتهم في مرتبة قراءة العرب الفصحاء في التجويد ورعاية القواعد من الأصحاب، ولكنه صلى الله عليه وسلم أجاز قراءتهم كلهم وقررها وحسنها، ومراده دفع الحرج، والاستقصاء إلى الغاية، والنية في تحري الحسبة، والإخلاص في العمل، والتفكر في معاني القرآن، والغوص في بحارها، وشدة الاهتمام بهذا؛ فإن الاستقصاء في الأول دون الاهتمام بالثاني مما لا ينفع، ومع الاهتمام بالثاني والمساهلة في الأول لا يضر،
(1)"شرح الطيبي"(4/ 283).
(2)
انظر: "شرح سفر السعادة"(ص: 54).
(3)
"القاموس المحيط"(ص: 118).
وَسَيَجِيءُ أَقْوَامٌ يُقِيمُونَهُ كَمَا يُقَامُ الْقِدْحُ، يَتَعَجَّلُونَهُ وَلَا يَتَأَجَّلُونَهُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [د: 839، شعب: 4/ 204].
2207 -
[21] وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ بِلُحُونِ الْعَرَبِ وَأَصْوَاتِهَا، وَإِيَّاكُمْ وَلُحُونَ أَهْلِ الْعِشْق وَلُحُون أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ، وَسَيَجِيءُ بَعدِي قَومٌ يُرَجِّعُونَ بِالْقُرْآنِ تَرْجِيعَ الْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ، لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ،
ــ
كما قال: (وسيجيء أقوام يقيمونه) أي: يصلحونه ويسوّونه (كما يقام القِدح) بالكسر: وهو السهم قبل أن يراش وينصل، و (يتعجّلون) أي: يطلبون ثوابه في الدنيا ولا يطلبونه في الآخرة، أي: يؤثرون الدنيا على الآخرة.
2207 -
[21](حذيفة) قوله: (بلُحون العرب) في (القاموس)(1): لَحَّنَ في قِراءَتِهِ: طَرَّبَ فيها، وفي (الصراح) (2): لحن آواز ألحان لحون جماعت وآواز كردانيدن، لحن في قراءته: إذا طرب بها وغرد، وهو ألحن الناس أحسنهم قراءة، والمراد بلحون العرب ما كان فيه تحسين الصوت وتطريبه من غير تكلف في رعاية القوانين الموسيقية بإعانة الطبيعة كما يشاهد ذلك في قراءتهم، و (لحون أهل العشق) ما يفعلون في مغازلة النساء ومحادثتهن في الأشعار وما يجري مجراها من رعاية قواعد الموسيقي، وكان اليهود والنصارى يقرؤون كتبهم نحوًا من ذلك ويتكلفون فيها، وقد يصحف لفظ العشق بالفسق وليس بصحيح، و (الترجيع) في القراءة ترديد الحروف وتحريك الصوت.
وقوله: (ولا يجاوز حناجرهم) كناية عن عدم صعودها إلى مصعد القبول.
(1)"القاموس المحيط"(ص: 1134).
(2)
"الصراح"(ص: 526).
مَفْتُونَةٌ قُلُوبُهُمْ وَقُلُوبُ الَّذِينَ يُعْجبُهُمْ شَأْنُهُمْ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ" وَرَزِينٌ فِي كِتَابِهِ. [شعب: 4/ 208].
2208 -
[22] وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "حَسِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ، فَإِنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يَزِيدُ الْقُرْآنَ حُسْنًا". رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ. [دي: 2/ 474].
2209 -
[23] وَعَنْ طَاوُوسٍ مُرْسَلًا قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ النَّاسِ أَحْسَنُ صَوْتًا لِلْقُرْآنِ؟ وَأَحْسَنُ قِرَاءَةً؟ قَالَ: "مَنْ إِذَا سَمِعْتَهُ يَقْرَأُ أُرِيتَ أَنَّهُ يَخْشَى اللَّه". قَالَ طَاوُوسٌ: وَكَانَ طَلْقٌ كَذَلِك. رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ. [دي: 2/ 471 - 472].
ــ
وقوله: (مفتونة قلوبهم) أي مبتلى بحب الدنيا ومراءاة الناس وتحسينهم، نعوذ باللَّه من ذلك.
2208 -
[22](البراء بن عازب) قوله: (فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنًا) وبذلك تزداد لذته على السامع، ويدخل في قلبه، ويؤثر تأثيرًا، فيورث زيادة محبة وشوق إلى طاعة اللَّه ولقائه، وبهذا الوجه كان سماع الصحابة رضي الله عنهم المشار إليه بقوله تعالى:{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: 18]، وهذا مما لا يختلف في حسنه واستحبابه اثنان من أهل الإيمان، والكلام في هذا المقام طويل تركناه مخافة التطويل.
2209 -
[23](طاوس مرسلًا) قوله: (أريت) بلفظ الماضي المجهول من الإراءة، حاصل الجواب أنه تظهر في حسن صوته آثار الخشية والتحزن، فالخشية إنما تفهم من صوته وقراءته على الصفة المخصوصة، فمن يوجد في صوته بهذه الصفة فهو