الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2077 -
[2] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ، فَقَالَ:"أَعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِي سِقَائِهِ، وَتَمْرَكُمْ فِي وِعَائِهِ، فَإِنِّي صَائِمٌ". ثُمَّ قَامَ إِلَى ناحِيةٍ مِنَ الْبَيْتِ فَصَلَّى غَيْرَ الْمَكْتُوبَةِ فَدَعَا لأُمِّ سُلَيْمٍ وَأَهْلِ بَيتِهَا. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 1982].
2078 -
[3] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ". وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: "إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجبْ، فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ، وَإِن كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1150، 1431].
*
الْفَصْلُ الثَّانِي:
2079 -
[4] عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ فَتْح مَكَّةَ،
ــ
2077 -
[2](أنس) قوله: (على أم سليم) هي أم أنس.
وقوله: (فإني صائم) يؤيد مذهبنا، وفيما سبق لعله كان له عذر في ذلك، وللخصم أن يقول: لعله كان بعد الزوال وحينئذٍ يكره الإفطار، أو يقول: إن الإفطار جائز، فلا ينافيه عدم الإفطار.
وقوله: (فصلى غير المكتوبة) يدل على أن المراد بقوله: (فليصل) في الحديث الآتي حقيقة الصلاة، وقيل: المراد الدعاء لصاحب البيت.
2078 -
[3](أبو هريرة) قوله: (فليقل: إني صائم) أي: لا يفطر، وفي قوله باللسان كلام سبق في الفصل الأول من (كتاب الصوم).
الفصل الثاني
2079 -
[4](أم هانئ) قوله: (لما كان يوم الفتح فتح مكة) اتفقت الروايات
جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَجَلَسَتْ عَلَى يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1)، وَأَمُّ هَانِئٍ عَنْ يَمِينِهِ، فَجَاءَتِ الْوَلِيدَةُ بِإِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ، فَنَاوَلَتْهُ فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ ناوَلَهُ أُمَّ هَانِئٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! . . . . .
ــ
على أن فتح مكة كان في رمضان، إما في الثالث عشر منه أو عشرين، وعليه الأكثر، وعلى هذا يشكل كون صوم أم هانئ تطوعًا أو قضاء، وقد تكلموا في حديث أم هانئ، ويحتمل أن يكون هذا أحد وجوه الكلام فيه إلا أن يقال: ليس المراد بيوم الفتح أول أيامه، بل الزمان الممتد الذي أقام فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمكة، ويمكن أن يسمى بيوم الفتح وليس فيه كثير بعد، وقد روي حديث أم هانئ بطريق ليس فيها ذكر يوم الفتح كما في (جامع الترمذي)(2).
وقوله: (وأم هانئ) من وضع المظهر موضع المضمر.
وقوله: (فجاءت الوليدة) أي: الجارية (فناولته) أي: أعطت الجارية النبي، والمفعول الثاني محذوف، أي: ذلك الإناء، (ثم ناوله أم هانئ) أي: ناول النبي صلى الله عليه وسلم
(1) قال القاري في "مرقاة المفاتيح"(4/ 1432): وَلَعَلَّ اخْتِيَارَ الْيَسَارِ كَانَ بِإِشَارَة مِنْهُ عليه الصلاة والسلام، أَوْ إِيمَاءً إِلَى قَصْدِ تَوَجُّهِ قَلْبِهِ وَخَاطِرِهِ إِلَيْهَا بِحُسْنِ الْمُقَابَلَةِ وَالِالْتِئَامِ، وَإِمَّا تَوَاضُعًا مِنْهَا مَعَ بِنْتِ عَمِّهَا، وَأُخْتِ زَوْجِهَا، وَعَمَّةِ أَوْلَادِهَا، مَعَ إِمْكَانِ أَنَّهَا كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْهَا، وَإِمَّا لِشَغْلِ الْيَمِينِ أَوَّلًا بِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلهَا:"وَأُمُّ هَانِئٍ عَنْ يَمِيِنِهِ": فَإِنَّ الْجُمْلَةَ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ (جَلَسَتْ). قَالَ الطِّيبِيُّ: إِمَّا حَالٌ، أَيْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ وَجَلَسَتْ عَلَى يَسَارِهِ، وَالْحَالُ أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ عَنْ يَمِينِهِ، وإِمَّا عَطْفًا عَلَى تَقْدِيرِ: وَجَاءَتْ أُمُّ هَانِئٍ، فَجَلَسَتْ عَنْ يَميِنِهِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ الْكَلَامُ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ، لأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ: وَأَنَا جَالِسَةٌ عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ جَلَسَتْ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّجْرِيدِ كَأَنَّهَا تَحْكِي عَنْ نَفْسِهَا بِذَلِكَ، أَوْ أَنَّ الرَّاوِيَ وَضَعَ كَلَامَهُ مَكَانَ كَلَامِهَا، اهـ. يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ نَقَلَ بِالْمَعْنَى. انتهى.
(2)
"سنن الترمذي"(732).
لَقَدْ أَفْطَرْتُ وَكُنْتُ صَائِمَةً، فَقَالَ لَهَا:"أَكُنْتِ تَقْضِينَ شَيْئًا؟ " قَالَتْ: لَا. قَالَ: "فَلَا يَضُرُّكِ إِنْ كَانَ تَطَوُّعًا". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالدَّارِمِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ لأَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ نَحْوُهُ، وَفِيهِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَمَا إِنِّي كُنْتُ صَائِمَةً فَقَالَ: "الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ، إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ". [د: 2456، ت: 431، دي: 2/ 16، حم: 6/ 424].
ــ
الإناء أم هانئ، وأم هانئ المفعول الأول، أُخّر لاتصال الأول بالفعل.
وقوله: (لقد أفطرت وكنت صائمة) وفي رواية (1): (أني أذنبت فاستغفر لي).
وقوله: (أكنت تقضين شيئًا؟ ) أي: كان عليك قضاء صوم من رمضان أو من نذر حتى تحرجت من إفطاره.
وقوله: (رواه أبو داود والترمذي) وقال الترمذي: في إسناده مقال، وكذا قال المنذري، قال: ولا يثبت، وفي إسناده اختلاف كثير أشار إليه النسائي.
وقوله: (أمير نفسه) وفي رواية: (أمين نفسه، أو أمير نفسه) على الشك.
وقوله: (إن شاء صام وإن شاء أفطر) تأويله أن له أن يفطر نظرًا إلى ما يبدو له من الأمور التي ائتمن عليها كالذي يضيف قومًا أو ينزل بقوم وهم يحبون أن يفطر، ويرى في ترك الإفطار استيحاشًا من جانب صاحبه، فله أن يساعده على ما يؤنسه من غير حرج وتبعة، وهو أمين نفسه راعيًا شرائط الأمانة فيما يتوخاه، وهذا معنى قوله:(لا يضرك)، وليس في أحد القولين دليل على أن القضاء غير واجب عليه بعد الالتزام، لا سيما وقد ورد في الحديث الأمر بقضائه، وهو حديث عائشة الذي بعد هذا الحديث، كذا قال التُّورِبِشْتِي (2).
(1) أخرجه الترمذي (731).
(2)
"كتاب الميسر"(2/ 479).
2080 -
[5] وَعَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ صَائِمَتَيْنِ، فَعُرِضَ لَنَا طَعَامٌ اشْتَهَيْنَاهُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ، فَقَالَتْ حَفْصَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا كُنَّا صَائِمَتَيْنِ، فَعُرِضَ لَنَا طَعَامٌ اشْتَهَيْنَاهُ، فَأَكَلَنَا مِنْهُ قَالَ:"اقْضِيَا يَوْمًا آخَرَ مَكَانَهُ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَذَكَرَ جَمَاعَةً مِنَ الْحُفَّاظِ رَوَوْا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَائِشَةَ مُرْسَلًا، وَلَمْ يَذْكرُوا فِيهِ عَن عُرْوَةَ، وَهَذَا أَصَحُّ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ زُمَيْلٍ مَوْلَى عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. [ت: 735، د: 2457].
ــ
2080 -
[5](الزهري) قوله: (فعرض) بلفظ المجهول، وفي بعض النسخ بلفظ المعلوم بمعنى ظهر وحضر.
وقوله: (اقضيا يومًا آخر) وهذا دليل الحنفية على وجوب قضاء صوم التطوع، وقال الشافعية: كان الأمر بالقضاء على طريق الاستحباب، ولعله كان صوم نذر أو قضاء، والمذهب عندهم أنه لا يجب قضاؤه لقوله صلى الله عليه وسلم:(المتطوع أمير نفسه)، وأيضًا:(المتطوع متبرع)، ولا يلزم التبرع، وقضاء الشيء يكون حكمه حكم الأصل، وكذا عند أحمد، وفي رواية منه: إن نوى في الليل وأفطر بلا عذر وجب القضاء، وكذا عند مالك، وعندنا يجب القضاء، ويلزم النفل بالشروع كما يلزم بالنذر، وتحقيقه في أصول الفقه.
وقوله: (مرسلًا) أراد به المنقطع كما هو اصطلاح البعض.
وقوله: (ورواه أبو داود) من حديث يزيد بن الهاد (عن زميل) بالزاي على صيغة التصغير، وقيل: لا يعرف لزميل سماع من عروة، ولا ليزيد من زميل، انتهى.
وقال الخطابي (1): إسناده ضعيف، وزميل مجهول.
(1) انظر: "معالم السنن"(2/ 135)، و"بذل المجهود"(8/ 683).