الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا؛ مِنْ بَين يَدَيْهِ وَمن خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِيْنِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6638، م: 990].
*
الْفَصْلُ الثَّانِي:
1869 -
[11] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "السَّخِيُّ قَرِيبٌ مِنَ اللَّهِ،
ــ
لسان العرب على الأفعال كلها، يقال: قال بيده، أي: أخذ، وقال برجله، أي: مشى ونحو ذلك، وذلك كثير في الأحاديث، أي: فعل (هكذا وهكذا وهكذا) أي: بذله ونثره في كل جانب.
وقوله: (من بين يديه) وأخواته بيان للإشارة بهكذا وهكذا وهكذا، واكتفى في الإشارة بثلاثة مع أن الجوانب المذكورة أربعة اكتفاء (1).
وقوله: (وقليل ما هم) أي: وهم قليل، و (ما) مزيدة للإبهام والتعجب من قلتهم، كذا قال البيضاوي (2).
الفصل الثاني
1869 -
[11](أبو هريرة) قوله: (السخي قريب من اللَّه) الحديث مبالغة في
(1) قال القاري (4/ 1322): وَلَعَلَّ التَّثْلِيثَ إِشَارَةٌ إِلَى الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ وَالأَمَامِ لَكِنَّ قَوْلَهُ: "مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ" يَأْبَى عَنْ ذَلِكَ ظَاهِرًا فَإِنَّهُ بَيَان لِقَوْلِهِ: "هَكَذَا" فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالثَّلَاثِ الْجَمْعَ لأَنَّهُ أَقَلُّ مَرَاتِبِ الْجَمْعِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: إِلَّا مَنْ تَصَدَّقَ بِهِ مِنْ جَوَانِبِهِ الأَرْبَعِ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ، أَيْ: فَلَيْسَ مِنَ الْخَاسِرِينَ بَلْ مِنَ الْفَائِزِينَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالثَّلَاثِ الْقُدَّامُ وَالْخَلْفُ وَأَحَدُ الْجَانِبَيْنِ، وَعَلَى نسخَةِ التَّثْنِيَةِ فَالْمُرَادُ بِهَا التَّكْرِيرُ وَالتَّكْثِيرُ، انتهى.
(2)
"تفسير البيضاوي"(2/ 310).
قَرِيبٌ مِنَ الْجَنَّةِ، قَرِيبٌ مِنَ النَّاسِ، بَعِيدٌ مِنَ النَّارِ. وَالْبَخِيلُ بَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ، بَعِيدٌ مِنَ الْجَنَّةِ، بَعِيدٌ مِنَ النَّاسِ، قَرِيبٌ مِنَ النَّارِ. وَلَجَاهِلٌ سَخِيٌّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ عَابِدٍ بَخِيلٍ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 1961].
1870 -
[12] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ يَتَصَدَّقَ الْمَرْءُ فِي حَيَاتِهِ بِدِرْهَمٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمِئَةٍ عِنْدَ مَوْتِهِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 2866].
1871 -
[13] وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الَّذِي يَتَصَدَّقُ عِنْدَ مَوْتِهِ أَوْ يُعْتِقُ كَالَّذِي يُهْدِي. . . . .
ــ
مدح السخاوة وذمِّ البخل، والظاهر أن المراد بالبخل والسخاء هنا في أداء الزكاة، أو المراد الاتصاف بهذين الخلقين مطلقًا، وعلى الأول يناسب حمل اللام على العهد الخارجي نوعًا، وعلى الثاني على الجنس.
وقوله: (من عابد بخيل) ظاهر المقابلة يقتضي أن يقال هنا: من عالم بخيل، أو يقال هناك: غير عابد سخي، وسلوك هذه الطريقة في الكلام يشتمل على ذكر كل من مقابلي كل منهما، وهذا معنى قول الطيبي (1): ليفيد أن الجاهل غير العابد [السخي] أحب إلى اللَّه من العالم العابد [البخيل]، فافهم.
1870 -
[12](أبو سعيد) قوله: (في حياته) أي: في الحالة التي يكون فيها صحيحًا شحيحًا.
وقوله: (بمئة) في بعض النسخ: (بماله).
1871 -
[13](أبو الدرداء) قوله: (كالذي يهدي) بضم الياء من الهدية، أي:
(1)"شرح الطيبي"(4/ 80).
إِذَا شَبعَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. [حم: 5/ 196، ن: 3614، د: 3226، ت: 2123].
1872 -
[14] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "خَصْلَتَانِ لَا تَجْتَمِعَانِ فِي مُؤْمِنٍ: الْبُخْلُ وَسُوءُ الْخُلُقِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 1962].
ــ
يعطي، وفي التعبير بالإهداء استهزاء.
1872 -
[14](أبو سعيد) قوله: (خصلتان لا تجتمعان) قال الطيبي (1): مبتدأ موصوف وخبره محذوف، أي: فيما أحدثكم، و (البخل وسوء الخلق) خبر مبتدأ محذوف، والجملة مبنية، ويجوز أن يكون خبرًا، والبخل مبتدأ، انتهى. ويحتمل العكس، وهذا كله على محافظة ما اشتهر من النحويين من عدم جواز كون المبتدأ نكرة، ولو جوز ذلك وجعل المدار على الإفادة كما قال الرضي في:(كوكب انقض الساعة) لم يحتج إلى هذه التحملات، ويكون (خصلتان) مبتدأ و (لا تجتمعان) خبره، وهو المتبادر إلى الفهم، وقد ذكرنا هذا الكلام مرارًا، فتدبر.
وقال التُّورِبِشْتِي (2): وتأويل هذا الحديث أن نقول: المراد به اجتماع الخصلتين فيه مع بلوغ النهاية بحيث لا ينفك عنهما، ويوجد منه الرضاء بهما، فأما الذي يبخل حينًا ويسوء خلقه في وقت، أو في أمر دون أمر، أو يندر منه فيندم [عليه] ويلوم نفسه أو تدعوه النفس إلى ذلك فينازعها فإنه بمعزل عن ذلك، انتهى. ثم المراد من سوء الخلق فيما يخالف أحكام الإيمان، وإلا فالغضب للَّه محمود، فافهم.
(1)"شرح الطيبي"(4/ 81).
(2)
"كتاب التيسر"(2/ 440).
1873 -
[15] وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ خِبٌّ وَلَا بَخِيلٌ وَلَا مَنَّانٌ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. [ت: 1963].
1874 -
[16] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "شَرُّ مَا فِي الرَّجُلِ شُحٌّ هَالِعٌ، وَجُبْنٌ خَالِعٌ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 2511].
وَسَنَذْكُرُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ: "لَا يَجْتَمعُ الشُّحُّ وَالإِيمَانُ" فِي "كِتَابِ الْجِهَاد" إِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ــ
1873 -
[15](أبو بكر الصديق) قوله: (لا يدخل الجنة خبٌّ) الخب: الخدّاع الجُرْبُز، ويكسر خاؤه كما ورد:(المنافق خب لئيم)، والظاهر أن (المنان) من المنة المنهي عنها بقوله تعالى:{لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: 264]، وقد يجعل من المن بمعنى القطع والنقص، أي: قطع الحق ونقصه بالخيانة فيه وقطع التحاب والتوادد، وهذا تغليظ وتشديد بليغ من الشارع على هذه الصفات الذميمة، وقد عرف تأويله في أصول الدين جمًا بين الأدلة، والنبي صلى الله عليه وسلم اقتصر في مثل هذه المواطن على القول المجمل إبقاء للخوف في نفوس المكلفين، وتحذيرًا عما فيه المنقصة في الدين، علمًا منه أنه يرده العلماء الراسخون إلى ما هو الحق من أصول الدين.
1874 -
[16](أبو هريرة) قوله: (شح هالع) الهلع أفحش الجزع، وقد علم تفسيره من قوله تعالى:{إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: 20 - 21] والمراد هنا أنه يجزع في شحه أشد الجزع على استخراج الحق فيه، و (هالع) على لفظ النسبة أو الإسناد المجازي للملابسة، وكذا (خالع)، والخلع: النزع إلا أن في الخلع مهلة، أي حين يخلع فؤاده من الخوف يريد شدتهما، فأما أصل الشح والجبن فموجود في الكل؛ لكونهما غريزتين.