الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِم". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1904، م: 1151].
*
الْفصْلُ الثَّانِي:
1960 -
[5] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ. . . . .
ــ
وقوله: (فإن سابه) أي شتمه (أو قاتله) أي: خاصمه.
وقوله: (فليقل) إما باللسان وهو الأظهر؛ لأن حقيقة القول فعل اللسان، وقال في (فتح الباري) (1): وبه جزم المتولي ونقله عن الرافعي، أو بالقلب يعني يذكر نفسه أني صائم حتى لا يجيبه بالشتم، ورجحه النووي في (الأذكار)(2)، وقال في (شرح المهذب) (3): كلا القولين حسن، والقول باللسان أقوى، ولو جمع بينهما كان أحسن، وقيل: إن كان صوم فرض يقول باللسان، وإن كان نفلًا فبالقلب ليبعد عن الرياء، واختاره الروياني، ونقل عن القاضي أبي بكر بن العربي أن موضع الخلاف صوم التطوع، وفي الفرض يقول باللسان قطعًا (4).
الفصل الثاني
1960، 1961 - [5، 6](أبو هريرة) قوله: (صفِّدت) بلفظ المجهول من التصفيد، في (القاموس) (5): صفده: شده وأوثقه، كأصفَده وصفّده، وككتاب:
(1)"فتح الباري"(4/ 105).
(2)
"الأذكار"(ص: 249).
(3)
"المجموع"(6/ 258).
(4)
انظر: "مرعاة المفاتيح"(6/ 412).
(5)
"القاموس المحيط"(ص: 280).
وَمَرَدَةُ الْحِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ. . . . .
ــ
ما يوثق به الأسير من قِدٍّ أو قيد، (مردة) بفتحات جمع مارد وهو العاتي الشديد المتجرد للشرور، والمراد من التصفيد والفتح والتغليق المذكورة إما حقائقها أو كناية عن قلة إغواء الشياطين وفعل الخيرات والكف عن المخالفات، وأغرب من قال بتخصيصه بزمان النبوة، وإرادة الشياطين المسترقة للسمع، والظاهر العموم ولعدم خصوصيتها في ذلك الزمان برمضان إلا أن يراد الكثرة والغلبة، واللَّه أعلم (1).
(1) فَإِن قيل: كيف ترى الشرور والمعاصي واقعة فِي رَمَضَان كثيرًا، فَلَو صُفِّدَتِ الشَّيَاطِين لم يَقع شَيْء من ذَلِك؟ وأجيب عن ذلك بوجوه، الأول: أَن المراد من الشَّيَاطِين مسترقو السّمع مِنْهُم، فإنهم منعُوا زمن نزُول الْقُرْآن من استراق السّمع، فزيد التسلسل مُبَالغَة فِي الْحِفْظ. وَالثاني: أَن المراد أَن الشَّيَاطِين لَا يخلصون من إِفْسَاد الْمُسلمين إِلَى مَا يخلصون إِلَيْهِ فِي غَيره لاشتغالهم بالصيام الَّذِي فِيهِ قمع الشَّيَاطِين، وبقراءة الْقُرْآن، وَالذكر. وَالثالث: أن ذلك فِي حق الصائمين الَّذين حَافظُوا على شُرُوط الصَّوْم وراعوا آدابه. والرابع: أن المراد منها بعض الشَّيَاطِين وهم المردة كَمَا ورد في بعض الروايات، فالمطلق من الأحاديث محمول على المقيد، وَبذلك ترْجم ابْن خُزَيْمَة فِي "صَحِيحه" كذا في "العيني" (8/ 27). والخامس: ما أشار إليه ابن العربي في الجواب: أنه لَيْسَ مِنْ شَرْطِ وَسْوَسَة الشيطان وإغوائه اتِّصَالُه، بل يحتمل أن يوجد كَمَا يُوجَدُ الأَلَمُ فِي جَسَدِ الْمَسْحُورِ وَالْمَعْيُونِ عِنْدَ تَكَلُّمِ السَّاحِرِ أَوِ الْعَاكنِ، فَكَذَلِكَ يُوجَدُ عِنْدَ وَسْوَسَتِهِ مِنْ خَارِجٍ، كذا في "الزرقاني" (2/ 299). وقريب منه ما قال الباجي: إن المصفَّد هو المغلول اليد إلى العنق يتصرف بالكلام والرأي وكثير من السعي، انتهى. والسادس وهو الأوجه عندي: أن صدور المعاصي في رمضان ليس من أثر الشيطان بل من أثر النفس اللوّامة التي تشرّبتْ من أثر الشيطان في سائر السنة، فإن النفس لما تصبَّغَتْ بلونه تَصْدُرُ منها أفعاله، والفائدة إذ ذاك في تصفيد الشيطان ضعف التأثير في ارتكاب المعاصي، فمن أراد التجنب عن ذلك يسهل عليه. وهذا أمر مشاهد. والسابع: ما أفاده شيخ مشايخنا الشاه محمد إسحاق: أن ذلك مختلف =
فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ (1): يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. [ت: 682، جه: 1642].
1961 -
[6] وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ رَجُلٍ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [حم: 4/ 312].
ــ
وقوله: (يا باغي الخير) أي طالب الثواب (أقبل) ويقال: واطلب الثواب، فهذا أوانه وموسمه، و (أقصر (2)) من الإقصار أقصر وقصر وتقاصر، انتهى. وقصر عنه تركه هو لا يقدر عليه.
= باختلاف الأشخاص، فيُصَفَّدُ الْمَرَدَةُ في حق الفسقة، والعامةُ في حق الصلحاء، وفيه سرٌّ لا يخفى. "أوجز المسالك"(5/ 345 - 346).
(1)
قيل: يحتمل أنه ملك أو المراد أنه يلقي في قلوب من يريد اللَّه إقباله على الخير، كذا في "قوت المغتذي" (1/ 254). قال السندي: إن قلت: أيّ فائدة في هذا النداء مع أنه غير مسموع للناس؟ قلت: قد علم الناس به بإخبار الصادق وبه يحصل المطلوب بأن يتذكر الإنسان كل ليلة بأنها ليلة المناداة فيتعظ بها. "حاشية السندي على سنن النسائي"(4/ 140).
(2)
قال القاري: أَيْ أَمْسِكْ عَنِ الْمَعَاصِي وَارْجِعْ إِلَى اللَّهِ -تَعَالَى- فَهَذَا أَوَانُ قَبُولِ التَّوْبَةِ وَزَمَانُ الاسْتِعْدَادِ لِلْمَغْفِرَةِ، وَلَعَلَّ طَاعَةَ الْمُطِيعيِنَ وَتَوْبَةَ الْمُذْنِبِينَ وَرُجُوعَ الْمُقَصِّرِينَ فِي رَمَضَانَ مِنْ أثَرِ النِّدَاءَيْنِ، وَنَتِيجَةُ إِقْبَالِ اللَّهِ -تَعَالَى- عَلَى الطَّالِبِينَ، وَلِهَذَا تَرى أَكْثَرَ الْمُسْلِمِينَ صَائِمِينَ حَتَّى الصِّغَارَ وَالْجَوَارِ، بَلْ غَالِبُهُمُ الَّذِينَ يَتْرُكُونَ الصَّلَاةَ يَكُونُونَ حِينَئِذٍ مُصَلِّيِنَ مَعَ أَنَّ الصَّوْمَ أَصْعَبُ مِنَ الصَّلَاةِ، وَهُوَ يُوجِبُ ضَعْفَ الْبَدَنِ الَّذِي يَقْتَضِي الْكَسَلَ عَنِ الْعِبَادَةِ، وَكَثْرَةَ النَّوْمِ عَادَةً، وَمَعَ ذَلِكَ تَرَى الْمَسَاجِدَ مَعْمُورَةً، وَبِإِحْيَاءِ اللَّيَالِي مَغْمُورَةً، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. "مرقاة المفاتيح"(4/ 1364).