المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الثالث: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٤

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌(5) كتاب الجنائز

- ‌1 - باب عيادة المريض وثواب المرض

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب تمني الموت وذكره

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب ما يقال عند من حضره الموت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب غسل الميت وتكفينه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب المشي بالجنازة والصلاة عليها

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب دفن الميت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب البكاء على الميت

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب زيارة القبور

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(6) كتاب الزكاة

- ‌ الفصل الأول:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب ما يجب فيه الزكاة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب صدقة الفطر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب من لا تحل له الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب من لا تحل له المسألة ومن تحل له

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الإنفاق وكراهية الإمساك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب فضل الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب أفضل الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب صدقة المرأة من مال الزوج

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب من لا يعود في الصدقة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌(7) كتاب الصوم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب رؤية الهلال

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب تنزيه الصوم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌‌‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب صوم المسافر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب القضاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب صيام التطوع

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب

- ‌‌‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب ليلة القدر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب الاعتكاف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(8) كتاب فضائل القرآن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الثالث:

"مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَلِ اللَّهَ بِهِ، فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ أَقْوَامٌ يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ بِهِ النَّاسَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ. [حم: 4/ 432، ت: 2917].

*‌

‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

2217 -

[7] عَن بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ يَتَأَكَّلُ بِهِ النَّاسَ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَوَجْهُهُ عَظْمٌ لَيْسَ عَلَيْهِ لَحْمٌ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 2625].

2218 -

[8] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَعْرِفُ فَصْلَ السُّورَةِ حَتَّى يَنْزِلَ عَلَيْهِ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 788].

ــ

وإنا إليه راجعون؛ لابتلاء القاصّ بهذه المصيبة التي هي السؤال من الناس بالقرآن، أو لابتلاء عمران بمشاهدة هذه الحال الشنيعة، وهي مصيبة.

وقوله: (فليسأل اللَّه به) أي: بالقرآن حاجاته الدنيوية والأخروية.

الفصل الثالث

2217 -

[7](بريدة) قوله: (يتأكل به الناس) أي: يستأكل ويطلب منهم الأكل، أي: يجعل القرآن وسيلة إلى حطام الدنيا.

2218 -

[8](ابن عباس) قوله: (لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}) قال الطيبي (1): هذا الحديث وما سيرد في آخر هذا الباب دليلان ظاهران على أن البسملة آية من كل سورة، أنزلت مكررة للفصل.

أقول: في دلالتهما على أنها جزء من كل سورة كما هو مذهب الشافعي خفاء ظاهر.

(1)"شرح الطيبي"(4/ 295).

ص: 608

2219 -

[9] وَعَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كُنَّا بِحِمْصَ، فَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ سُورَةَ يُوسُفَ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا هَكَذَا أُنْزِلَتْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَاللَّهِ لَقَرَأْتُهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَحْسَنْتَ"، فَبَيْنَا هُوَ يُكَلِّمُهُ إِذْ وَجَدَ مِنْهُ رِيحَ الْخَمْرِ، فَقَالَ: أَتَشْرَبُ الْخَمْرَ وَتُكَذِّبُ بِالْكِتَابِ؟ فَضَرَبَهُ الْحَدَّ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 4715، م: 1867].

2220 -

[10] وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عِنْدَهُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ: . . . . .

ــ

نعم يدلان على أنها من القرآن أنزلت للفصل، كما هو مذهبنا، واللَّه أعلم.

2219 -

[9](علقمة) قوله: (فقال) الضمير فيه لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وفي قوله:(فبينا هو) لرجل، وفي (يكلمه) لابن مسعود، و (وجد) بلفظ المعلوم أو المجهول.

وقوله: (وتكذب بالكتاب) لا شك أن ما ثبت كونه من كتاب اللَّه يقينًا فتكذيبه كفر، وكان ذلك معلومًا قطعًا عند الصحابة خصوصًا على أمثال ابن مسعود، وبعدهم يثبت ذلك بالتواتر، وقد ادعى الجمهور ذلك في القراءات السبع، وبعضهم في العشرة، وفي هذا الباب كلام يعرف في كتب هذا الفن، وكتاب (الإتقان) للسيوطي وافٍ بذلك، وإن لم يكن ما قرأ ابن مسعود من سورة يوسف في هذه القصة من ذلك القبيل، فإطلاق تكذيب الكتاب عليه المستلزم للكفر تغليظ وتشديد، ولذا لم يحكم بارتداده، واللَّه أعلم.

2220 -

[10](زيد بن ثابت) قوله: (مقتل أهل اليمامة) بالنصب ظرف زمان، أي: أرسل إليّ وطلبني عنده في زمان قتل أهل اليمامة، وهو مقتل بني حنيفة الذي قتل فيه مسيلمة الكذاب -لعنة اللَّه عليه- في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

ص: 609

إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنِ اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ بِالْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرْآنِ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ، قُلْتُ لِعُمَرَ: كَيْفَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرحَ اللَّهُ صَدْرِي لذَلِكَ، وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَأَى عُمَرُ، قَالَ زَيْدٌ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ، وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ،

ــ

وقوله: (إن القتل قد استحر) في (القاموس)(1): استحر القتل: اشتد، والحارّ من العمل: شاقّه.

وقوله: (بقراء القرآن) وكان عِدّة من قتل من القرّاء سبع مئة.

وقوله: (وإني أخشى أن استحرّ) إن كان (أن) بالفتح فهو مفعول (أخشى)، وإن كان بالكسر فمفعول (أخشى) محذوف، وكذا جزاء الشرط محذوف بقرينة ما قبله، أو ما قبله هو الجزاء على المذهبين للنحاة في مثل هذا التركيب.

وقوله: (فيذهب) مرفوع أو منصوب.

وقوله: (إني أرى) من الرأي.

وقوله: (قلت: لعمر) قول أبي بكر.

وقوله: (هذا واللَّه خير) فيه أنه بدعة حسنة، ومن البدع ما هو واجب كتعلم الصرف والنحو، ومنه ما هو مستحب، وقد مر بيانه في أول الكتاب في (باب الاعتصام بالكتاب والسنة).

وقوله: (فتتبع [القرآن] فاجمعه) أمر من الجمع.

(1)"القاموس المحيط"(ص: 350).

ص: 610

فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْحِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآن، قَالَ: قُلْتُ: كَيفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الْعُسُبِ وَاللِّخَافِ وَصُدُورِ الرِّجَال، حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ، لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ، فَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ،

ــ

وقوله: (فواللَّه) قول زيد بن ثابت.

وقوله: (لو كلفوني) أي: الناس، ولم يسنده إلى أبي بكر رضي الله عنه تأدّبًا وصونًا له عن الأمر بالمحال، ولو فرضًا وتقديرًا.

وقوله: (العسب) بضمتين جمع عسيب بالمهملة، وهو جريدة النخل أو ورقه، وأكثر ما يقال إذا يبست، وإذا كانت رطبة فَشَطْبَةٌ، وقال السيوطي: كانوا يكشطون الخوص ويكتبون في الطرف العريض، (واللخاف) بالكسر جمع لخفة بالفتح: حجارة بيض رقاق، وفي رواية: والرقاع، وفي أخرى: وقطع الأديم، وفي أخرى: والأكتاف، وفي أخرى: والأضلاع، وفي أخرى: والأقتاب، والرقاع جمع رقعة، وقد يكون من جلد أو ورق أو كاغد، والأكتاف جمع كتف: وهو العظم الذي للبعير أو الشاة، كانوا إذا جف كتبوا عليه، والأقتاب جمع قتب، وهو الخشب الذي يوضع على ظهر البعير ليركب عليه.

وقوله: (وصدور الرجال) هذا هو الأصل والمعتمد، ووجدانه من العسب واللِّخاف وغيرها تقرير على تقرير، والمراد بقوله:(لم أجدها مع أحد غيره) يعني

ص: 611

ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 2690].

ــ

مكتوبًا لا محفوظًا، وكذا ما ورد في بعض الروايات: أنهم كانوا يحلفون من عنده أنه من القرآن، أو قام على ذلك شاهدان، والمراد به التأكيد والتحقيق والمبالغة في الاحتياط، وإلا فقد كان زيد وعدة من الأصحاب حافظين له، وقال الشيخ ابن حجر (1): المراد بالشاهدين الحفظ والكتاب، وقال السخاوي في (جمال القراء) (2): المراد أنهما يشهدان على أن ذلك المكتوب كتب بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وقال أبو شامة: وكان غرضهم أن لا يكتب إلا من عين ما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم لا من مجرد الحفظ، قال: ولذلك قال في آخر سورة التوبة: لم أجدها مع غيره، أي: لم أجدها مكتوبة مع غيره؛ لأنه كان لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة، أو المراد أنهما يشهدان على أن ذلك مما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم عام وفاته، وكل ذلك تأكيد ومبالغة في التحقيق والتفتيش، ذكر هذا كله السيوطي في (الإتقان)(3).

وأقول: لا شبهة أن القرآن كان معلومًا بالقطع، معروفًا عندهم، متميزًا عما سواه، وكان مجمعًا عليه مقطوعًا به لا أنه كان مشتبهًا، وكان بعضه عند أحد ولا يعرفه آخر، أو ينكر كونه قرآنًا، أو يثبت بالحلف أو الشهادة، حاشا من ذلك، وكانوا يُبدون عن تأليف معجز ونظم معروف، وقد شاهدوا تلاوته من النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثًا وعشرين سنة، فكان عن تزوير ما ليس منه مأمونًا، وإنما كان الخوف من ذهاب شيء من صحيفة، ونقل السيوطي عن الحارث المحاسبي من (كتاب فهم السنن): كتابة القرآن ليست بمحدثة، فإنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر بكتابته، ولكنه كان مفرقًا في الرقاع وغيرها، وإنما أمر الصديق رضي الله عنه

(1) انظر: "فتح الباري"(9/ 14).

(2)

"جمال القراء"(1/ 161).

(3)

انظر: "الإتقان في علوم القرآن"(1/ 68).

ص: 612

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بنسخها من مكان إلى مكان مجتمعًا، وكان ذلك بمنزلة أوراق وجدت في بيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيها القرآن منتشرًا، فجمعها جامع وربطها بخيط حتى لا يضيع منها شيء.

وقال الخطابي: إنما لم يجمع صلى الله عليه وسلم القرآن في المصحف لما كان يترقبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته، فلما انقضى نزوله بفوته ألهم اللَّه الخلفاء الراشدين ذلك وفاءً بوعده الصادق بضمان حفظه على هذه الأمة، فكان ابتداء ذلك على يد الصديق الأكبر بمشورة عمر رضي الله عنهما، والكلام في كتابة مخصوصة على صفة مخصوصة (1).

تنبيه: قد كان القرآن كله كتب في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، لكن غير مجموع في موضع واحد ولا مرتب السورة، ولهذا قال الحاكم (2): جمع القرآن ثلاث مرات:

أحدها: بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرج بسند على شرط الشيخين عن زيد بن ثابت قال:(كنا عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن في الرقاع)، الحديث.

وقال البيهقي (3): يشبه أن يكون المراد تأليف ما نزل من الآيات المتفرقة في سورها، وجمعها فيها بإشارة النبي صلى الله عليه وسلم.

والثانية: بحضرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، روى البخاري في (صحيحه) (4) عن زيد ابن ثابت قال:(أرسل إليّ أبو بكر)، الحديث المذكور في الكتاب، وأخرج ابن أبي داود في (المصاحف) بسند حسن عن عبد خير قال: سمعت عليًّا رضي الله عنه يقول: أعظم

(1) انظر: "فتح الباري"(9/ 12).

(2)

"المستدرك"(2910).

(3)

"شعب الإيمان"(1/ 195).

(4)

"صحيح البخاري"(4986).

ص: 613

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الناس في المصحف أجرًا أبو بكر، رحمة اللَّه على أبي بكر، هو أول من جمع كتاب اللَّه (1).

الثالث: جمع عثمان رضي الله عنه، جمع الصحابة فنسخوها في المصاحف وكتبوها بلغة قريش، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا كما يأتي في الحديث الآتي.

قال ابن حجر (2): وكان ذلك في سنة خمس وعشرين، وأخرج ابن أبي داود بسند صحيح عن سويد بن غفلة قال: قال علي رضي الله عنه: لا تقولوا في عثمان إلا خيرًا، فواللَّه ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا، قال: فما يقولون في هذا القرآن، فقد بلغني أن بعضهم يقول: إن قراءتي خير من قراءتك، وهذا يكاد أن يكون كفرًا، قلنا: فما ترى؟ قال: أرى أن نجمع الناس على مصحف واحد، فلا تكون فرقة ولا اختلاف، قلنا: فنعم ما رأيت.

قال ابن التين وغيره (3): الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان رضي الله عنهما أن جمع أبي بكر كان لخشية أن يذهب من القرآن شيء بذهاب حملته؛ لأنه لم يكن مجموعًا في موضع واحد، وجمع عثمان كان لما كثر الاختلاف في وجوه القراءات حين قرؤوه بلغاتهم على اتساع اللغات، فأدى ذلك إلى تخطئة بعضهم بعضًا، فخشي من تفاقم الأمر، واقتصر من سائر اللغات على لغة قريش محتجًّا بأنه نزل بلغتهم، وإن كان وسع في قراءته بلغة غيرهم رفعًا للحرج والمشقة في ابتداء الأمر، فرأى أن الحاجة إلى ذلك انتهت، فاقتصر على لغة واحدة.

(1) انظر: "المصاحف"(1/ 154، رقم: 17).

(2)

انظر: "فتح الباري"(9/ 12).

(3)

انظر: "فتح الباري"(9/ 21).

ص: 614

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال الحارث المحاسبي: المشهور عند الناس أن جامع القرآن عثمان، وليس كذلك، إنما حمل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد على اختيار وقع بينه وبين من شهده من المهاجرين والأنصار لما خشي الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات، فأما قبل ذلك فقد كانت المصاحف بوجوه من القراءات المطلقات على الحروف السبعة التي أنزل بها القرآن، فأما السابق إلى جمع الجملة فهو الصديق، وقد قال علي رضي الله عنه: لو وليت لعملت بالمصاحف عمل عثمان بها (1)، انتهى.

واختلف في عدة المصاحف التي أرسلها عثمان إلى الآفاق، فالمشهور أنها خمسة، قال أبو داود: سمعت أبا حاتم السجستاني يقول: كتب سبعة مصاحف، فأرسل إلى مكة وإلى الشام وإلى اليمن وإلى البحرين وإلى البصرة وإلى الكوفة، وحبس واحدًا بالمدينة، هذا في جمع المصاحف.

أما ترتيب السور والآيات فالإجماع والنصوص مترادفة على أن ترتيب الآيات توقيفي لا شبهة في ذلك ولا خلاف فيه بين المسلمين، أما النصوص فمنها حديث ابن عباس الآتي، ومنها ما أخرج أحمد (2) بإسناد حسن عن عثمان بن أبي العاص قال: كنت جالسًا عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذ شخص ببصره ثم صوبه، قال: (أتاني جبريل عليه السلام فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من هذه السورة {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل: 90] الآية.

ومنها حديث في خواتيم سورة البقرة.

(1)"الإتقان في علوم القرآن"(1/ 69).

(2)

"مسند أحمد"(4/ 218، رقم: 17947).

ص: 615

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومنها ما جاء من حفظ عشر آيات من أول سورة البقرة، ومنها ما أخرجه ابن أبي داود (1) من طريق أبي الغالب (2) عن أبي بن كعب أنهم جمعوا القرآن، فلما انتهوا إلى الآية التي في سورة براءة:{ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} [التوبة: 127] ظنوا أن هذا آخر ما نزل، فقال أبي: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أقرأني بعد هذا آيتين {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ} إلى آخر السورة، وغير ذلك من الأحاديث.

وقال مكي وغيره: ترتيب الآيات في السورة بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال البغوي في (شرح السنة)(3): الصحابة جمعوا بين الدفتين القرآن الذي أنزل اللَّه على رسوله من غير أن زادوا أو نقصوا شيئًا؛ خوف ذهاب بعضه بذهاب حفظته، فكتبوه كما سمعوا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من غير أن قدموا شيئًا أو أخروه، أو وضعوا له ترتيبًا لم يأخذوه من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يلقن أصحابه ويعلمهم ما أنزل عليه من القرآن على الترتيب الذي هو الآن في مصاحفها بتوقيف جبرئيل إياه على ذلك وإعلامه عند نزول كل آية أن هذه الآية تكتب عقيب آية كذا في سورة كذا، فثبت أن سعي الصحابة كان في جمعه في موضع واحد لا في ترتيبه؛ فإن القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب، أنزله اللَّه جملة إلى السماء الدنيا، ثم كان ينزله مفرقًا عند الحاجة، فترتيب النزول على غير ترتيب التلاوة.

وقال ابن الحصّار: ترتيب السور ووضع الآيات موضعها إنما كان بالوحي، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: ضعوا آية كذا في موضع كذا، وقد حصل اليقين من النقل

(1)"المصاحف"(81).

(2)

كذا في الأصل، والصواب: أبي العالية.

(3)

"شرح السنة"(4/ 521).

ص: 616

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المتواتر بهذا الترتيب من تلاوة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ومما أجمع الصحابة على وضعه بكذا في المصحف، هذا وقد ظهر به أن ترتيب السور أيضًا توقيفي (1).

وقال الكرماني في (البرهان)(2): ترتيب السور هكذا هو عند اللَّه في اللوح المحفوظ، [وهو] على هذا الترتيب كان صلى الله عليه وسلم يعرض على جبرئيل كل سنة ما كان يجتمع عنده منه، وعرضه في السنة التي توفي فيها مرتين، هذا هو الذي عليه الجمهور، وقد ينقل عن بعض العلماء، منهم مالك والقاضي أبو بكر في أحد قوليه.

وقال القاضي: قال أبو بكر ابن الأنباري: أنزل اللَّه القرآن كله إلى سماء الدنيا، ثم فرّقه في بضع وعشرين، فكانت السورة تنزل لأمر يحدث والآية جوابًا لمستخبر، ويُوقف جبرئيل النبي صلى الله عليه وسلم على موضع الآية والسور، فاتساق السور كاتساق الآيات، والحروف كلها عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمن قدم سورة أو أخرها فقد أفسد نظم القرآن، وقال القاضي في قوله الآخر في أن ترتيب السور باجتهاد من الصحابة، ومما يستدل به لذلك اختلاف مصاحف بعض السلف في ترتيب السور، فمنهم من رتبها على النزول، وهو مصحف علي رضي الله عنه، كان أوله:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} ، ثم {الْمُدَّثِّرُ} ، ثم {الْمُزَّمِّلُ} ، ثم {تَبَّتْ} ، ثم التكوير، وهكذا إلى آخر المكي والمدني، وكان أول مصحف ابن مسعود البقرة، ثم النساء، ثم آل عمران على اختلاف شديد، وكذا مصحف أُبي وغيره.

وقال الزركشي في (البرهان)(3): الخلاف بين الفريقين لفظي؛ لأن القائل بأن

(1) انظر: "الإتقان في علوم القرآن"(1/ 70 - 72).

(2)

انظر: "البرهان في توجيه متشابه القرآن"(ص: 68).

(3)

"البرهان في علوم القرآن"(1/ 257).

ص: 617

2221 -

[11] وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ، وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّامِ فِي فَتْحِ أَرْمِينِيَّةَ وَأَذَرْبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ،

ــ

ترتيب السور باتفاق الصحابة واجتهادهم يقول: إنه رمز إليهم بذلك لعلمهم بأسباب نزوله ومواقع كلماته، ولهذا قال مالك: إنما ألفوا القرآن على ما كانوا يسمعون من النبي صلى الله عليه وسلم مع قوله بأن ترتيب السور باجتهاد منهم، فآل الخلاف إلى أنه هل هو بتوقيف قولي أو بمجرد إستناد فِعْلِيٍّ بحيث بقي لهم فيه مجال للنظر، وسبقه إلى ذلك جعفر ابن الزبير، هذا كله مما نقلناه من كتاب (الإتقان)(1) للسيوطي الذي هو أجمع كتاب في علوم القرآن، ولقد وقع فيه الإكثار والإطناب، ولا بأس فإن المطلب مهم يكثر فيه التكلم والتفاؤل، واللَّه أعلم بالصواب.

2221 -

[11](أنس بن مالك) قوله: (أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان) قد [تقدم] شرح الحديث في ضمن ما بيناه من الكلام في جمع القرآن، فلم يبق إلا بيان معنى بعض الألفاظ الواقعة فيه.

وقوله: (فتح أرمينية)(2) في (القاموس)(3): بالكسر، وقد تشدد الياء الأخيرة،

(1)"الإتقان في علوم القرآن"(1/ 73).

(2)

قال الحافظ (9/ 16): إن أرمينية فتحت في خلافة عثمان، وكان أمير العسكر من أهل العراق سلمان، بن ربيعة الباهلي، وكان عثمان أمر أهل الشام وأهل العراق أن يجتمعوا على ذلك، وكان أمير أهل الشام على ذلك العسكر حبيب بن مسلمة الفهري، وكان حذيفة من جملة من غزا معهم، وكان هو على أهل المدائن، وهي من جملة أعمال العراق. انتهى.

قال العيني (20/ 18): قال الرشاطي: افتتحت فِي سنة أَربع وَعشْرين فِي خلَافَة عُثْمَان، رَضِي اللَّه تَعَالَى عَنهُ، على يَد سلمانَ بن ربيعةَ الْبَاهِلِيّ.

(3)

"القاموس المحيط"(ص: 1107).

ص: 618

فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! أَدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلَافَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ: أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نرُدُّهَا إِلَيْكِ، فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ ابْنَ الزّبَيْرِ وَسَعِيدَ بنَ الْعَاصِ وَعَبدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ (1) بْنِ هِشَامٍ، فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثِ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ، فَفَعَلُوا، حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ، وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا،

ــ

وفي (المغني)(2) بفتح الهمزة وسكون الراء وكسر الميم وسكون تحتية أولى وكسر نون وخفة ثانية، ونقل عن (جامع الأصول) بتثليث الهمزة، وفيه لغات أخر، وقد اجتمعت فيه خمس أسباب لمنع الصرف (3).

وقوله: (فأفزع حذيفة اختلافهم) الرواية المشهورة بنصب (حذيفة) ورفع (اختلافهم) وهو الظاهر، وقد يعكس.

و(القرشيين الثلاث) هم غير زيد.

(1) في الأصل: "عبد اللَّه بن الحارث"، والتصحيح من "الجامع الصحيح" للبخاري.

(2)

"المغني"(ص: 35).

(3)

هذا الكلام في شأن أذربيجان، قال القسطلاني (11/ 302): وهو اسم اجتمعت فيه خمس موانع من الصرف: العجمة والتعريف والتأنيث والتركيب ولحاق الألف والنون.

وقال الحافظ (9/ 17): وهي الآن تبريز وقصباتها، وهي تلي أرمينية من جهة غربيها، انتهى.

ص: 619

وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بنُ زَيدِ بنِ ثَابتٍ أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: فَقَدْتُ آيَةً مِنَ الأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِهَا، فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْناهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. [خ: 4987].

2222 -

[12] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قُلتُ لعُثْمَان: مَا حَمَلَكُمْ أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى الأَنْفَالِ وَهِيَ مِنَ الْمَثَانِي، وَإِلَى بَرَاءَةٍ وَهِيَ مِنَ الْمِئينِ، فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا وَلم تكْتبُوا سَطْرَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبعِ الطُّوَلِ؟ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِك؟ . . . . .

ــ

و(أن يحرق) المشهور بالحاء المهملة، وقد يروى بالمعجمة، ولعله بعد ردها إلى حفصة رضي الله عنها.

2222 -

[12](ابن عباس) قوله: (وهي من المثاني) أي: من السبع المثاني، وهي السبع الطوال (1).

وقوله: (وهي من المئين) وهي السور التي تلي المثاني، سميت بذلك لأن كل سورة تزيد على مئة آية أو تقاربها، ثم ما يلي المئين تسمى الثواني؛ لأنها تَثْنيها، أي: كانت بعدها، فهي لها ثوان، والمئون لها أوائل، وقيل: هي السور التي آيها أقل من مئة؛ لأنها تثنى أكثر مما يثنى الطوال والمئون، وقيل: لتثنية الأمثال فيها بالعبر والخبر،

(1) في هامش "الكوكب"(4/ 7): أول القرآن السبع الطول، ثم المثاني، وهي ما لم تبلغ مئة آية، وهي عشرون سورة، ثم المفصل.

ص: 620

قَالَ عُثْمَانُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ وَهُوَ تَنزلُ عَلَيْهِ السُّوَرُ ذَوَاتُ الْعَدَدِ، وَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ دَعَا بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ فَيَقُولُ:"ضَعُوا هَؤُلَاءِ الآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا"، فَإِذَا نزَلَتْ عَلَيْهِ الآيَةُ فَيَقُولُ:"ضَعُوا هَذِهِ الآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا". وَكَانَتِ الأَنْفَالُ مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ بَرَاءَةُ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ نُزُولًا، وَكَانَت قِصَّتُهَا شَبيهَةً بِقِصَّتِهَا، فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا، فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَرَنْتُ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ أَكْتُبْ بَينَهُمَا سَطْرَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ،

ــ

والمفصل ما ولي الثواني من قصار السور، كذا ذكر السيوطي في (الإتقان)(1)، فالمراد بقول ابن عباس:(وهي من المثاني) أي: عندكم جعلتموها داخلة في السبع الطوال، وجعلتم براءة من المئين مع أن الأولى أقصر من الثانية، ثم بعد تقدير هذا الجعل لم تكتبوا بينهما {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، فكأنه سأل سؤالين، فأجاب عثمان رضي الله عنه أنهما سورة واحدة، فتصح التسمية بالسبع المثاني التي هي السبع الطوال، ولم تصح كتابة البسملة بينهما، لكنهم وضعوا فاصلة بالبياض من غير البسملة لمكان الاحتمال والاشتباه، فافهم.

وقوله: (وهو تنزل) بلفظ المعلوم والمجهول (2).

وقوله: (ذوات العدد) أي: السور المتعددة، أو ذوات الآيات المتعددة، وهذا أولى وأنسب.

(1)"الإتقان في علوم القرآن"(1/ 75).

(2)

بِالتَّأْنِيثِ مَعْلُومًا، وَبِالتَّذْكِيرِ مَجْهُولًا. "مرقاة المفاتيح"(4/ 1520).

ص: 621

وَوَضَعْتُهَا فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ. [حم: 1/ 57، ت: 3086، د: 786].

ــ

وقوله: (ووضعتها) أي: مجموعها.

تم (كتاب فضائل القرآن) بعون اللَّه وتوفيقه، ويتلوه (كتاب الدعوات).

تم بحمد اللَّه وتوفيقه المجلد الرابع ويتلوه إن شاء اللَّه تعالى المجلد الخامس وأوله: (كتاب الدعوات).

وصلى اللَّه تعالى على خير خلقه سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وبارك وسلم تسليمًا كثيرًا.

* * *

ص: 622