الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
1740 -
[19] عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَة". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1291، م: 933].
1741 -
[20] وَعَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ -وَذُكِرَ لَهَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ عَلَيْهِ- تَقُولُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ، وَلَكِنَّهُ نَسِيَ أَوْ أَخْطَأَ (1)، إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى يَهُودِيَّةٍ يُبْكَى عَلَيْهَا، فَقَالَ:"إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1289، م: 932].
ــ
الفصل الثالث
1740 -
[19](المغيرة بن شعبة) قوله: (بما نيح) عبارة عن القول الذي ناحت به النائحة، يقال ذلك القول في حقه تهكمًا وسخريةً، كما في حديث النعمان، فكأنه أظهر نفسه بين الناس متصفًا بتلك الصفات ورضي بها، فكان محلًا للتوبيخ.
وقوله: (يوم القيامة) لعل المراد من يوم القيامة ما يشتمل عالم البرزخ بل أعم منه، كما يظهر من حديث النعمان بن بشير.
1741 -
[20](عمرة بنت عبد الرحمن) قوله: (عمرة) بفتح العين، وأبو عبد الرحمن كنية عبد اللَّه بن عمر.
(1) قيل في الفرق بينهما: إن في الأول ليس بشعور أصلًا، وفي الثاني شعور لكنه انتقل إلى الأخرى. كذا في "التقرير".
1742 -
[21] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: تُوُفِّيَتْ بِنْتٌ لِعُثْمَانَ ابْنِ عَفَّانَ بِمَكَّةَ، فَجِئْنَا لِنَشْهَدَهَا، وَحَضَرَهَا ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ، فَإِنِّي لَجَالِسٌ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن عمر لعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ وَهُوَ مُوَاجِهُهُ: أَلَا تَنْهَى عَنِ الْبُكَاءِ؟ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ". فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ كَانَ عُمَرُ يَقُولُ بَعْضَ ذَلِكَ، ثُمَّ حَدَّثَ فَقَالَ: صَدَرْتُ مَعَ عُمَرَ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى. . . . . .
ــ
1742 -
[21](عبد اللَّه بن أبي مليكة) قوله: (فإني لجالس)، وفي رواية:(وإني)، كذا في صحيح البخاري (1)، وهو الظاهر.
وقوله: (لعمرو بن عثمان) بفتح العين، سمع أسامة وأباه، وروى عنه مالك، قيل: قال يومًا مالك: حدثنا عمر بن عثمان بضم العين فقال أحد من الحاضرين: بل هو عمرو بفتح العين، فقال مالك: هكذا سمعنا، ثم بعد ذلك لما كان يروي مالك عنه قال: حدثنا صاحب هذا الدار، يشير إلى دار عثمان الذي في جوار مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (يقول بعض ذلك) أي: بعض هذا الحديث، أي: قريبًا من هذه العبارة، ولم تكن بعينها، هكذا في الحواشي، ويمكن أن يكون المراد كان عمر يقول: إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه، كما يأتي فيما يروي ابن عباس عن عمر: أن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه.
وقوله: (ثم حدث) أي: ابن عباس: (صدرت مع عمر من مكة) من الحج إلى المدينة، فوقع فيها قتل عمر على يد أبي لؤلؤة غلام المغيرة، و (البيداء) موضع قريب
(1)"صحيح البخاري"(1286).
إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ فَإِذَا هُوَ بِرَكْبٍ تَحْتَ ظِلِّ سَمُرَةٍ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ مَنْ هَؤُلَاءِ الرَّكْبُ؟ فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ صُهَيْبٌ. قَالَ: فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: ادْعُهُ، فَرَجَعْتُ إِلَى صُهَيْبٍ فَقُلْتُ: ارْتَحِلْ فَالْحَقْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا أَنْ أُصِيبَ عُمَرُ دَخَلَ صُهَيْبٌ يَبْكِي يَقُول: وَاأَخَاهُ وَاصَاحِبَاهُ. فَقَالَ عُمَرُ: يَا صُهَيْبُ أَتَبْكِي عَلَيَّ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ؟ " فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ ذَكَرْتُ ذَلِك لعَائِشَة فَقَالَت: يَرْحَمُ اللَّهُ عُمَرَ، لَا وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ: إِنَّ اللَّهَ يَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: حَسْبُكُمُ الْقُرْآنُ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]،
ــ
من المدينة، وهو بمعنى الفلاة.
وقوله: (فأخبرته) أي: أخبرت عمر بأنه صهيب، فقال عمر: ادعه.
وقوله: (ببعض بكاء أهله) أي: ما كان منه بالندبة والتفجع، أو هو مظنة التعذيب إن شاء اللَّه تعالى.
وقوله: (ما حدث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) أي: على إرادة العموم والإطلاق، كما فهم عمر؛ لأن الحديث صحيح، وقد ذكرنا في الفصل الأول أن إنكار عائشة إنما هو على تأويل الحديث لا على نفسه.
وقوله: (يزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه)، إما بمعنى أن عذابه مقارن وملابس ببكاء أهله، أو لأنه كان يرضى، أو يأمر ويوصي به، وذلك فعله، فلا يعذب بفعل غيره، بل بفعل نفسه، بخلاف المؤمن فإنه لا يرضى بالمعصية أصلًا ولا يأمر به.
وقولها: (حسبكم القرآن: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى})[الأنعام: 164]، عام في
قَالَ ابْن عَبَّاس عِنْد ذَلِك: وَاللَّهُ أَضْحَكَ وأَبْكَى. قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: فَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ شَيْئًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1286، م: 928].
1743 -
[22] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَتْلُ ابْنِ حَارِثَةَ. . . . .
ــ
المؤمن والكافر، ولكن فيما نحن فيه رضا الكافر وأمره ووصيته فعله، فقد وَزَرَ بِوِزْرِ نفسه، فقول الطيبي (1): أي: كافيكم أيها المؤمنون من القرآن هذه الآية، أنها في شأنكم، وما ذكر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من قوله:(إن اللَّه يزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله) في شأن الكفار، ليس على ما ينبغي، فافهم.
وقول ابن عباس عند ذلك: (واللَّه أضحك وأبكى) مقتبسان من قوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} [النجم: 43]، تقرير لنفي ما ذهب إليه ابن عمر في الجملة، لما أن بكاء الإنسان وضحكه وحزنه وسروره من اللَّه، يظهرها فيه من غير اختياره، فلا أثر لها في التعذيب، وإنما قلنا:(في الجملة)؛ لأن الكلام في البكاء الاختياري بل فيما يصاحبه فعل اللسان، كما تدل عليه الأحاديث.
وقوله: (فما قال ابن عمر شيئًا) وفيه أن المجتهد أسير الدليل، وأن له لأجل ذلك أن يخطِّئ غيره وأن يحلف على خطأه، وإن كان أجلَّ منه قدرًا، وأوسع علمًا، وعمر كذلك مع عائشة، وإن من الآداب أن يسكت بعد ظهور الحق ولا يشاغب، وذلك من دأب الكرام، وقال بعضهم: إن الحديث يحتمل التأويلين بأن كان واردًا فيمن يُوصي ويرضى بذلك أو في غيره، وأن تكون الباء للسببية أو للملابسة، لكن غلب على الفاروق الخوف، وعلى الصديقة الرجاء، فحمل كل منهما على ما يناسب مقامه، واللَّه أعلم.
1743 -
[22](عائشة) قوله: (قتل ابن حارثة) فاعل (جاء)، أي: خبر قتلهم،
(1)"شرح الطيبي"(3/ 404).
وَجَعْفَرٍ وَابْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ، وَأَنَا أَنْظُرُ مِنْ صَائِرِ الْبَابِ -تَعْنِي شَقَّ الْبَابِ- فَأَتَاهُ رَجُل فَقَالَ: إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ -وَذَكرَ بُكَاءَهُنَّ-، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ لَمْ يُطِعْنَهُ، فَقَالَ: انْهَهُنَّ فَأَتَاهُ الثَّالِثَةَ قَالَ: وَاللَّهِ غَلَبْنَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَزَعَمْتُ أَنَّهُ قَالَ:"فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ". . . . .
ــ
وذلك في غزوة موتة بضم الميم وبالتائين: موضع قريب الشام، وقصتها مشهورة.
وقوله: (جلس) أي: في المسجد، فيه جواز الجلوس للتعزية ولو في المسجد، ولكن الزيادة على الثلاثة مكروه كما ذكرنا.
وقوله: (من صائر الباب) أي: شقه، والأصل بمعنى الشق الصِّير، وبالعكس: شق الباب، واشتق منه الصائر بمعنى النسبة، أي: ذي صير، إذ الباب ليس فاعلًا للشق.
وقوله: (إن نساء جعفر) خبر (إن) محذوف، أي: فعلن كذا وكذا.
وقوله: (فزعمت) بلفظ الغائبة، وهذا قول عمرة راوية الحديث، والضمير لعائشة، والزعم قد يطلق على القول المحقق، أي: قالت عائشة: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وفي نسخة صحح بلفظ المتكلم، فيكون قول عائشة، أي: علمت أنه قال: (فاحث) بضم الثاء بصيغة الأمر كـ (ادع)، من (يحثو)، وفي بعض النسخ:(فاحث) بكسر الثاء، من (يحثي) كـ (ارم) يقال: حثى التراب عليه يحثو ويحثيه حثوًا وحثيًا، كذا في (القاموس)(1)، أي: ألق بيديك في أفواههن التراب، مبالغة في منعهن عن البكاء وإكراههن عليه، حيث أَصْرَرْن على البكاء، وكان من غير نياحة، أو حملن النهي على التنزيه، إذ يبعد تمادي الصحابيات بعد تكرر النهي التحريمي، ولذا لم يُطِعْنَه ظنًا منهن أنه كالمحتسب لا رسوله صلى الله عليه وسلم، أو غلبة نفوسهن عليهم لحرارة المصيبة، كذا قال في (مجمع
(1)"القاموس"(ص: 1170).
فَقُلْتُ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم. وَلَمْ تَتْرُكْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْعَنَاءِ. مُتَّفقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1299، م: 935].
1744 -
[23] وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: لَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ: غَرِيبٌ وَفِي أَرْضِ غُرْبَةٍ، لأَبْكِيَنَّهُ بُكَاءً يُتَحَدَّثُ عَنْهُ، فَكُنْتُ قَدْ تَهَيَّأْتُ لِلْبُكَاءِ عَلَيْهِ، إِذْ أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ تُرِيدُ أَنْ تُسْعِدَنِي، فَاسْتَقْبَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"أَتُرِيدِينَ أَنْ تُدْخُلِي الشَّيْطَانَ بَيْتًا أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْهُ؟ " مَرَّتَيْنِ، وَكَفَفْتُ عَنِ الْبُكَاءِ فَلَمْ أبْكِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 922].
ــ
البحار) (1) نقلًا عن القرطبي.
وقوله: (فقلت) يؤيد أن يكون (فزعمتُ) بلفظ المتكلم، وعلى تقدير كون (فزعمت) بلفظ التأنيث داخل تحته عطف على (أنه قال)، أو على (فزعمت) بتقدير: وقالت، فقلت للرجل: أذلّك اللَّه فإنك آذيت رسول اللَّه، وما كففتهن عن البكاء.
وقوله: (لم تترك) أي: تخلصه من العناء، أي: التعب.
1744 -
[23](أم سلمة) قوله: (وفي أرض غربة) تأكيد، وكان من المهاجرين الأولين.
وقوله: (مرتين) أي: بالإسلام، ثم الهجرة، أو بالهجرتين إلى الحبشة وإلى المدينة، أو يوم دخوله في الإسلام ويوم خروجه من الدنيا، قال الطيبي (2): ويجوز أن يراد به التكرير، كقوله تعالى:{ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: 4]، وأقول: ويجوز أن يكون متعلقًا بقوله (فقال).
(1)"مجمع بحار الأنوار"(1/ 438 - 439).
(2)
"شرح الطيبي"(3/ 406).
1745 -
[24] وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكِي: وَاجَبَلَاهَ وَاكَذَا وَاكَذَا، تُعَدِّدُ عَلَيْهِ، فَقَالَ حِينَ أَفَاقَ: مَا قُلْتِ شَيْئًا إِلَّا قِيلَ لِي: أَنْتَ كَذَلِكَ؟ زَادَ فِي رِوَايَةٍ: فَلَمَّا مَاتَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 4267 - 4268].
1746 -
[25] وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ. . . . .
ــ
1745 -
[24](النعمان بن بشير) قوله: (أغمي) أي: أوقع الإغماء عليه، ولما لم يكن الإغماء باختياره كأنه أوقع عليه، ولهذا لا يستعمل إلا بصيغة المجهول مثل جُنّ.
وقوله: (واجبلاه) أي: قائلة هذا القول، ومفعول (تُعَدِّدُ) محذوف، أي: الأوصاف.
وقوله: (إلا قيل) أي: تهكمًا واستهزاء.
وقوله: (كذلك) أي: كما قلت من الأوصاف أو قالت الملائكة لي: كذلك، أي: أنت كذلك، أي: كما قالت أختك، ويلائمه ظاهر قوله:(أهكذا كنت؟ ) في حديث أبي موسى.
وقوله: (فلما مات لم تبك عليه) أخته عمرة مخافة أن يقال له بعد الموت أيضًا كما قيل في حالة الإغماء، وإن لم تكن جازمة بذلك لتفاوت حالتي الإغماء وما بعد الموت، فليس فيه دليل على قول عمر رضي الله عنه، كما قال الطيبي (1)، قتدبر.
1746 -
[25](أبو موسى) قوله: (ما من ميت يموت) أي: كان في حالة الاحتضار وانزهاق الروح والإغماء، فهو كحديث النعمان، أو يقال: إن هذا ليس بتعذيب، بل هو استهزاء وسخرية لا يدوم، واللَّه أعلم.
(1)"شرح الطيبي"(3/ 406).
فَيقُومُ بَاكِيهِمْ فَيَقُولُ: وَاجَبَلَاهُ وَاسِيِّدَاهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ إِلَّا وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكَيْنِ يَلْهَزَانِهِ وَيَقُولَانِ: أَهَكَذَا كُنْتَ؟ ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ حَسَنٌ. [ت: 1003].
1747 -
[26] وَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَاتَ مَيِّتٌ مِنْ آلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاجْتَمَعَ النِّسَاءُ يَبْكِينَ عَلَيْهِ، فَقَامَ عُمَرُ يَنْهَاهُنَّ وَيَطْرُدُهُنَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"دَعْهُنَّ يَا عُمَرُ، فَإِنَّ الْعَيْنَ دَامِعَة، وَالْقَلْبَ مُصَابٌ، وَالْعَهْدَ قَرِيبٌ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ. [حم: 2/ 110، ن: 1859].
1748 -
[27] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَاتَتْ زينَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَكَتِ النِّسَاءُ، فَجَعَلَ عُمَرُ يَضْرُبهُنَّ بِسَوْطِهِ، فَأَخَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ وَقَالَ:"مَهْلًا يَا عُمَرُ! " ثُمَّ قَالَ: "إِيَّاكُنَّ وَنَعِيقَ الشَّيْطَانِ". . . . .
ــ
وقوله: (فيقوم باكيهم) أي: باكي القوم.
وقوله: (ويلهزانه) أي: يدفعانه ويضربانه، واللهز: الضرب بجميع الكف في الصدر، ولَهَزَه بالرمح: طَعَنَه به، كذا في (النهاية)(1)، وفي (الصراح) (2): لهز مشت بر سينه زدن، ونيزه برسينه زدن، وفي (القاموس) (3): لهز الفصيل: ضَرَبَ ضَرْعَ أمّهِ برأسه عند الرَّضَاع.
1747 -
[26](أبو هريرة) قوله: (يبكين) أي: من غير نياحة وجزع.
وقوله: (العهد) أي زمان المصيبة (قريب).
1748 -
[27](ابن عباس) قوله: (ونعيق الشيطان) أي: صياحه، يريد
(1)"النهاية في غريب الحديث والأثر"(4/ 281).
(2)
"الصراح"(ص: 230).
(3)
"القاموس"(ص: 486).
ثُمَّ قَالَ: "إِنَّهُ مَهْمَا كَانَ مِنَ الْعَيْنِ وَمِنَ الْقَلْبِ فَمِنَ اللَّهِ عز وجل وَمِنَ الرَّحْمَةِ، وَمَا كَانَ مِنَ الْيَدِ وَمِنَ اللِّسَانِ فَمِنَ الشَّيْطَانِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 1/ 335].
1749 -
[28] وَعَنِ الْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا قَالَ: لَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ ابْنِ عَليٍّ ضَرَبَتِ امْرأَتُهُ الْقُبَّةَ عَلَى قَبْرِهِ سَنَةً، ثُمَّ رَفَعَتْ فَسَمِعَتْ صَائِحًا يَقُولُ: أَلَا هَلْ وَجَدُوا مَا فَقَدُوا؟ فَأَجَابَهُ آخَرُ: بَلْ يَئِسُوا فَانْقَلَبُوا. [خ: ك 23: الجنائز، ب: 61].
1750 -
[29] وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَبِي بَرْزَةَ قَالَا: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَنَازَةٍ، فَرَأَى قَوْمًا قَدْ طَرَحُوا أَرْدَيْتَهُمْ يَمْشُونَ فِي قُمُصٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: . . . . .
ــ
النياحة والتفجع.
وقوله: (فمن اللَّه) أي: اللَّه تعالى راضٍ عنه.
وقوله: (فمن الشيطان) أي: لا يرضى اللَّه عنه.
1749 -
[28](البخاري تعليقًا) قوله: (لما مات الحسن بن الحسن) وهو الحسن المثنى.
وقوله: (فسمعت) عقيب الرفع إنكارًا لها.
وقوله: (هل وجدوا ما فقدوا) إيراد ضمير المذكرين مع أن الظاهر أن يقول: هل وجدت ما فقدت؟ تنبيه على عموم الحكم للكل، وكأنه في حكم المثل، فافهم.
1750 -
[29](عمران بن حصين وأبو برزة) قوله: (وأبي برزة) بفتح الموحدة وسكون الراء قبل الزاي.
وقوله: (قد طرحوا أرديتهم) كانوا في الجاهلية إذا مشوا خلف الجنازة تركوا
"أَبِفِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ تأْخُذُونَ؟ أَوْ بِصَنِيعِ الْجَاهِلِيَّةِ تَشَبَّهُونَ؟ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَدْعُوَ عَلَيْكُمْ دَعْوَةً تَرْجِعُونَ فِي غَيْرِ صُوَرِكمْ" قَالَ: فَأَخَذُوا أَرْدِيَتَهُمْ وَلَمْ يَعُودُوا لِذَلِكَ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. [جه: 1485].
1751 -
[30] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُتْبَعَ جَنَازَةٌ مَعهَا رَانَّةٌ. رَوَاهُ أَحْمدُ وَابْنُ مَاجَهْ. [حم: 2/ 92، جه: 1583].
1752 -
[31] وَعَنْ أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: مَاتَ ابْنٌ لِي فَوَجَدْتُ عَلَيْهِ، هَلْ سَمِعْتَ مِنْ خَلِيلِكَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ شَيْئًا يُطَيِّبُ بِأَنْفُسِنَا عَنْ مَوْتَانَا؟ قَالَ: نَعَمْ سَمِعْتُهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "صِغَارُهُمْ دَعَامِيصُ الْجَنَّةِ،
ــ
أرديتهم.
وقوله: (أو بصنيع الجاهلية تشبهون) كلمة (أو) للشك أو للتنويع، كذا في شرح الشيخ، والظاهر هو الأول، فإن معنى الكلامين واحد.
وقوله: (ترجعون) أي: تصيرون خنازير أو قردة أو غيرها، أو ترجعون إلى بيوتكم حال كونكم في غير صوركم.
1751 -
[30](ابن عمر) قوله: (أن تتبع جنازة معها رانة) بتشديد النون، أي: صائحة نائحة، يعني أن اتباع الجنازة سنة، ولكن يترك عند وجود النائحة، وهذا كما أن إجابة الدعوة سنة، ويترك لأجل وجود المناهي.
1752 -
[31](أبو هريرة) قوله: (فوجدت عليه) أي حزنت عليه.
وقوله: (يطيب بأنفسنا) الباء للتعدية أو زائدة.
وقوله: (دعاميص الجنة) جمع دُعْموصِ بالضم: دُويبةٌ أو دُوْدَةٌ سوداءُ تكون في الغُدْرانِ إذا نَشَّتْ، أو الدَّخَّال في الأمور الزَّوَّارُ للملوك، ومنه (أطفالُ المؤمنين
يَلْقَى أَحَدُهُمْ أَبَاهُ فَيَأْخُذ بِنَاحِيَةِ ثَوْبِهِ، فَلَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَاللَّفْظُ لَهُ. [م: 2635، حم: 2/ 509].
1753 -
[32] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ. قَالَ:"اجْتَمِعْنَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا" فَاجْتَمَعْنَ، فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ:"مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمَ بَيْنَ يَدَيْهَا من وَلَدِهَا ثَلَاثَةً إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ" فَقَالَتِ امْرأَةٌ مِنْهُنَّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أوَ اثْنَيْنِ؟ فَأَعَادَتْهَا مَرَّتَيْنِ. ثُمَّ قَالَ: "وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 7310].
ــ
دَعَاميصُ الجنة)، أي: سياحون في الجنة، لا يُمْنَعون من بيت، كذا في (القاموس)(1).
وقوله: (يلقى أحدهم أباه) لعل وجه التخصيص بالأب واللَّه أعلم، لكونه متبوعًا والأم تابعة له، أو لأن الرجال يجيء منهم الصبر غالبًا بخلاف النساء، وقد يأتي تخصيص النساء في الحديث الآتي، وفي الحديث الآخر ذكر الوالدين، ولعل ذلك باختلاف المقام ووجود تقريب الكلام فيه.
1753 -
[32](أبو سعيد) قوله: (ذهب الرجال بحديثك) أي: أخذوا نصيبًا وافرًا من مواعظك، و (يومًا)، أي: نصيبًا، إطلاقًا للمحل على الحال، أو مفعول (اجْعَل) محذوف و (يومًا) ظرف و (من) في (من نفسك) ابتدائية أو تبعيضية.
وقوله: (إلا كان) أي: المذكور أو التقديم لها حجابًا من النار، وهذا مقيد بالصبر وترك النياحة، فيوافق العنوان.
(1)"القاموس"(ص: 571).
1754 -
[33] وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يُتَوَفَّى لَهُمَا ثَلَاثَةٌ إِلَّا أَدْخَلَهُمَا اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمَا". فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّه! أَوْ اثْنَان؟ قَالَ: "أَوْ اثْنَانِ". قَالُوا: أَوْ وَاحِدٌ؟ قَالَ: "أَوْ وَاحِدٌ". ثُمَّ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ السِّقْطَ لَيَجُرُّ أُمَّهُ بِسَرَرِهِ إِلَى الْجَنَّةِ إِذَا احْتَسَبَتْهُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ قَوْلِهِ:"وَالَّذِي نفَسِي بِيَدِهِ". [حم: 5/ 241، جه: 1608].
1755 -
[34] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "من قَدَّمَ ثَلَاثَةً مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ؛ . . . . .
ــ
1754 -
[33](معاذ بن جبل) قوله: (ما من مسلمين) أي: الوالدين.
وقوله: (يتوفى لهما) إدخال اللام باعتبار نفعه لهما، ويحتمل أن يكون صفة (لثلاثة)، والأول أظهر وأولى.
وقوله: (بفضل رحمته) وفي بعض النسخ: (بفضله ورحمته).
وقوله: (إياهما) تأكيد للضمير المنصوب في قوله: (أدخلهما)، كذا قال الطيبي (1)، ويجوز أن يكون مفعولًا (لرحمته)، والمصدر المضاف قد يعمل.
وقوله: (إن السقط ليجر أمه) فكيف بالوالد مع قوة العلاقة والألفة.
وقوله: (بسرره) بفتحتين: ما تقطع القابلة من سرته، وهو إشارة إلى العلاقة بينهما، كأنه يصير مثل الجبل يجر به.
وقوله: (إذا احتسبته) أي: صبرت عليه.
1755 -
[34](عبد اللَّه بن مسعود) قوله: (أبو المنذر) كنية أبي بن كعب.
(1)"شرح الطيبي"(3/ 410).
كَانُوا لَهُ حِصْنًا حَصِينًا مِنَ النَّارِ" فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَدَّمْتُ اثْنَيْنِ. قَالَ: "وَاثْنَيْنِ". قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَبُو الْمُنْذِرِ سَيِّدُ الْقُرَّاءِ: قَدَّمْتُ وَاحِدًا. قَالَ: "وَوَاحِدًا". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. [ت: 1061، جه: 1606].
1756 -
[35] وَعَنْ قُرَّةَ الْمُزَنِيِّ: أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْتِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَتُحِبُّهُ؟ " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَحَبَّكَ اللَّهُ كَمَا أُحِبُّهُ، فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"مَا فَعَلَ ابْنُ فُلَانٍ؟ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَاتَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَمَا تُحِبُّ أَنْ لَا تَأْتِيَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ إِلَّا وَجَدْتَهُ يَنْتَظِرُكَ؟ " فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَهُ خَاصَّةً أَمْ لِكُلِّنَا؟ قَالَ: "بَلْ لِكُلِّكُمْ". رَوَاهُ أَحْمدُ. [حم: 5/ 35].
ــ
وقوله: (سيد القراء) كان أقرأ الصحابة، وقد ورد ذلك في الحديث، والمراد السيد من بين القراء.
1756 -
[35](قرة المزني) قوله: (قرة) بضم القاف وتشديد الراء، (المزني) بضم الميم وفتح الزاي نسبة إلى مزينة، قبيلة من العرب.
وقوله: (ففقده النبي صلى الله عليه وسلم) أي: لم ير ذلك الابن معه.
وقوله: (ما فعل ابن فلان؟ ) كان الرجل حاضرًا بدليل الخطاب في قوله: (أما تحب أن لا تأتي)، ولكن لم يسأله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لشدة مصيبته، وخاطبه في البشارة ليفرج كربه.
وقوله: (ينتظرك) أي: لِيَفْتح لك الباب.
وقوله: (لكلنا) و (لكلكم) يبطل قول بعض النحاة: إن الكل بالإضافة إلى الضمير
1757 -
[36] وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِن السِّقْطَ لَيُرَاغِمُ رَبَّهُ إِذَا أَدْخَلَ أَبَويهِ النَّارَ، فَيُقَالُ: أَيُّهَا السِّقْطُ الْمُرَاغِمُ رَبَّهُ أَدْخِلْ أَبَويْكَ الْجَنَّةَ، فَيَجُرُّهُمَا بِسَرَرِهِ حَتَّى يُدْخِلَهُمَا الْجَنَّةَ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. [جه: 1608].
1758 -
[37] وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى: ابْنَ آدَمَ إِنْ صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى لَمْ أَرْضَ لَكَ ثَوَابًا دُونَ الْجَنَّةِ". رَوَاهُ ابْن مَاجَه. [جه: 1597].
1759 -
[38] وَعَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا مُسْلِمَةٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ فَيَذْكُرُهَا وَإِنْ طَالَ عَهْدُهَا، فَيُحْدِثُ لِذَلِكَ اسْتِرْجَاعًا إِلَّا جَدَّدَ اللَّهُ تبارك وتعالى لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَأَعْطَاهُ مِثْلَ أَجْرِهَا يَوْمَ أُصِيبَ بِهَا". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [حم: 1/ 201].
1760 -
[39] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ أَحَدِكُمْ فَلْيَسْتَرْجِعْ فَإِنَّهُ مِنَ الْمَصَائِبِ".
ــ
لا يستعمل إلا تأكيدًا.
1757 -
[36](علي) قوله: (ليراغم ربه) المراغمة في اللغة بمعنى المغاضبة، والمراد ههنا المحاجة.
1758 -
[37](أبو أمامة) قوله: (عند الصدمة الأولى) أي: حال حدوث المصيبة، وقد عرفت معناه.
1759 -
[38](الحسين بن علي) قوله: (إلا جدد اللَّه) أي: الثواب.
1760 -
[39](أبو هريرة) قوله: (شسع) بالكسر: قبال النعل.
1761 -
[40] وَعَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ: سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى قَالَ: يَا عِيسَى! إِنِّي بَاعِثٌ مِنْ بَعْدِكَ أُمَّةً إِذَا أَصَابَهُمْ مَا يُحِبُّونَ حَمِدُوا اللَّه، وَإِنْ أَصَابَهُمْ مَا يَكْرَهُونَ احْتَسَبُوا وَصَبَرُوا، وَلَا حِلْمَ وَلَا عَقْلَ. فَقَالَ: يَا رَبِّ! كَيْفَ يَكُونُ هَذَا لَهُمْ وَلَا حِلْمَ وَلَا عَقْلَ؟ قَالَ: أُعْطِيهِمْ مِنْ حِلْمِي وَعِلْمِي". رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 9693، 4482].
* * *
ــ
1761 -
[40](أم الدرداء) قوله: (ولا حلم ولا عقل) يعني: إنما حمدوا لا من جهة أنهم فرحوا بالنعم من جهة حظوظ نفوسهم وشهواتها، ويتعقلون ويريدون بأفكارهم وعقولهم في ذلك أغراضًا ومصالح لهم، (وصبروا) ليُحَصِّل لهم الصبر الخلف والبدل، كما وعدوا عليه، بل لمجرد الإخلاص وطلب رضا اللَّه تعالى والفناء في فعل اللَّه وإرادته، وهذا إشارة إلى مقام الفناء الذي يشير إليه السادة الصوفية قدس اللَّه أسرارهم.
قال سيدنا الشيخ محيي الدين أبو محمد عبد القادر الجيلي (1) رحمه الله: ثم صبر، ثم رضا، ثم فنا في فعل اللَّه وإرادته، لكن لما كان يختلج في صدر السامع أنه كيف يحمد ويصبر بلا حلم وعقل، قال عيسى: واستفسر ربه يا رب! كيف يحصل الحمد والصبر والاحتساب بدون العلم والعقل والإدراك؟ قال الرب تعالى في جوابه:
(1) هو الإمام الزاهد محيي الدين أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح الجيلي الحنبلي، شيخ بغداد، مولده بجيلان في 471 هـ، وكانت وفاته في 561 هـ، قال الذهبي: ليس في كبار المشايخ من له أحوال وكرامات كثر من الشيخ عبد القادر، وفي الجملة: الشيخ عبد القادر كبير الشأن، وعليه مآخذ في بعض أقواله ودعاويه. أنظر:"سير أعلام النبلاء"(2/ 439).