الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (1). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارِمِيُّ. [حم: 4/ 149، ن: 953، دي: 3439].
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
2165 -
[57] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَعْرِبُوا الْقُرْآنَ، وَاتَّبِعُوا غَرَائِبَهُ، وَغَرَائِبُهُ فَرَائِضُهُ وَحُدُودُهُ".
2166 -
[58] وَعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ،
ــ
الفصل الثالث
2165 -
[57](أبو هريرة) قوله: (أعربوا القرآن) أي: بينوا معانيه وأظهروها، والإعراب: الإبانة والإفصاح، وهذا يشترك فيه جميع من يعرف لسان العرب، ثم ذكر ما يختص بأهل الشريعة من المسلمين بقوله:(واتبعوا كرائبه) وفسر الغرائب بالفرائض من الأحكام، وبالحدود من الأحكام الشاملة لها ولغيرها حتى السنن والآداب، وسماها غرائب لاختصاصها بأهل الدين، أو لأن الإيمان غريب، فأحكامه أن تكون غرائب.
وقال الطيبي (2): يجوز أن يراد بالفرائض فرائض المواريث، وبالحدود حدود الأحكام، أو يراد بالفرائض ما يجب على المكلف اتباعه، وبالحدود ما يطلع به على الأسرار والرموز، فتدبر.
2166 -
[58](عائشة) قوله: (أفضل من التسبيح والتكبير) وإن كانا في الصلاة.
(1) في "التقرير": ذكر أحدهما اكتفاءً على الفهم، والمراد كلاهما، ويحتمل أن ذكر الواحد فقط لأنه كان سأله.
(2)
"شرح الطيبي"(4/ 262).
وَالتَّسْبِيحُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَالصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّوْمِ، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ".
2167 -
[59] وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قِرَاءَةُ الرَّجُلِ الْقُرْآنَ فِي غَيْرِ الْمُصْحَفِ أَلْفُ دَرَجَةٍ،
ــ
وقوله: (والتسبيح أفضل من الصدقة) كأنه لم يذكر التكبير اكتفاء، أو المراد بالتسبيح ذكر اللَّه، قد اشتهر أن العبادة المتعدية أفضل من اللازمة، لكن ينبغي أن يخص هذا بما عدا ذكر اللَّه، فإن ذكر اللَّه أكبر، وقد ورد أنه خير من إنفاق الذهب والفضة في سبيل اللَّه، والأخبار في ذلك كثيرة، وهذا الحديث واحد منها، فتدبر.
وقوله: (والصدقة أفضل من الصوم) كأنه جعلها أفضل من جهة أن في الصوم إمساك المال عن نفسه ثم إنفاقه عليها، وفي الصدقة إنفاقه على الغير، وجهة أفضلية الصوم المشار إليها بقوله صلى الله عليه وسلم:(كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) باقية، ولا شك أن اختلاف الجهات معتبر في أمثال هذه المسائل، وإلى هذا أشار بقوله:(والصوم جنة).
وقال الطيبي (1): إذا نظر إلى نفس العبادة كانت الصلاة أفضل من الصدقة، وهي من الصوم؛ فإن موارد التنزيل وشواهد الأحاديث جارية على تقديم الأفضل، وإذا نظر إلى كل منها وما يدلى إليه من الخاصية التي لم يشاركه غيره فيها كان الصوم أفضل، وقال: إنما ذكر خاصية المفضول يعني بقوله: (والصوم جنة) ولم يذكر خواص الفواضل تنبيهًا على أنها تناهت عن الوصف، فتأمل.
2167 -
[59](عثمان بن عبد اللَّه) قوله: (ألف درجة) أي: ذات ألف درجة.
(1)"شرح الطيبي"(4/ 262).
وَقِرَاءَتُهُ فِي الْمُصْحَفِ تُضَعَّفُ عَلَى ذَلِك إِلَى أَلْفَيْ دَرَجَةٍ".
2168 -
[60] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ تَصْدَأُ كَمَا يَصْدَأُ الْحَدِيدُ إِذَا أَصَابَهُ الْمَاءُ"، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَا جِلَاؤُهَا؟ قَالَ: "كَثْرَةُ ذِكْرِ الْمَوْتِ،
ــ
وقوله: (إلى ألفي درجة) لمزيد ثواب النظر إلى المصحف وحمله ومسه، وقد جاء أن النظر في المصحف عبادة، وإن كثيرًا من الصحابة كانوا يقرؤون في المصحف، قيل: خرق عثمان رضي الله عنه مصحفين لكثرة قراءته فيهما، وقال النووي (1): ليس هذا على إطلاقه، بل إن كان القارئ من حفظه يحصل له من التدبر والتفكر وجمع القلب [والبصر] أكثر مما يحصل له من المصحف، فالقراءة من الحفظ أفضل، وإن استويا فمن المصحف أفضل، وهذا مراد السلف، ويدل كلام الطيبي (2) أن التمكن من التفكر واستنباط المعاني في صورة القراءة من المصحف أكثر، وفي كُلِّيته نظر.
2168 -
[60](ابن عمر) قوله: (إن هذه القلوب تصدأ (3) كما يصدأ الحديد) كفرح وكرم، عَلاه الطِّبعُ (4) والوسخُ.
(1)"الأذكار"(ص: 107).
(2)
"شرح الطيبي"(4/ 263).
(3)
أَيْ: يَعْرِضُ لَهَا دَنَسٌ بِتَرَاكُمِ الْغَفَلَاتِ وَتَزَاحُمِ الشَّهَوَاتِ. وقوله: "كَثْرَةُ ذِكْرِ الْمَوْت" وَهُوَ الْوَاعِظُ الصَّامِتُ، وَيُوَافِقُهُ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ:"أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَادِمِ اللَّذَّاتِ" بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُعْجَمَةِ، أَيْ: قَاطِعُهَا أَوْ مُزِيلُهَا مِنْ أَصْلِهَا، وَفَسَّرَ قَوْلَهُ تَعَالَى:{أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك: 2] بِأَكْثَر ذِكْرًا لِلْمَوْتِ. "وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ" بِالرَّفْعِ وَيَجُوزُ جَرُّهُ، وَهُوَ الْوَاعِظُ النَّاطِقُ، فَهُمَا بِلِسَانِ الْحَالِ وَبَيَانِ الْقَالِ يبْردَانِ عَنْ قُلُوبِ الرِّجَالِ أَوْسَاخَ مَحَبَّةِ الْغَيْرِ مِنَ الْجَاهِ وَالْمَال، انتهى. "مرقاة المفاتيح"(4/ 1487).
(4)
الطِّبع: الصدأ والدنس.
وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ". رَوَى الْبَيْهَقِيُّ الأَحَادِيثَ الأَرْبَعَةَ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 2293، 2243، 2218، 2014].
2169 -
[61] وَعَنْ أَيْفَعَ بْنِ عَبْدٍ الْكَلَاعِيِّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! أَيُّ سُورَةِ الْقُرْآنِ أَعْظَمُ؟ قَالَ: " {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} "، قَالَ: فَأَيُّ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ أَعْظَمُ؟ قَالَ: "آيَةُ الْكُرْسِيِّ {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} "، قَالَ: فَأَيُّ آيَةٍ يَا نَبِيَّ اللَّهِ تُحِبُّ أَنْ تُصِيبَكَ وَأُمَّتَكَ؟ قَالَ: "خَاتِمَةُ سُورَةِ الْبقَرَةِ، فَإِنَّهَا مِنْ خَزَائِنِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ تَحْتِ عَرْشِهِ، أَعْطَاهَا هَذِهِ الأُمَّةَ، لَمْ تَتْرُكْ خَيْرًا من خَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ". . . . .
ــ
وقوله: (وتلاوة القرآن) بالرفع، وقد يجرُّ.
2169 -
[61] قوله: (وعن أيفع) بفتح الهمزة وسكون الياء تحتها نقطتان، وفتح الفاء، و (الكلاع) بفتح الكاف، كذا في (جامع الأصول)(1)، وفي (المغني) (2): بفتح الكاف وتخفيف اللام منسوب إلى ذي الكلاع قبيلة من اليمن.
وقوله: (قال: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}) قد سبق أن أعظم سورة في القرآن فاتحة الكتاب، فيعتبر تعدد الجهات، ففاتحة الكتاب أعظم من جهة جامعيتها لمقاصد القرآن ووجوب قراءتها في الصلاة، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} لبيان توحيد الحق سبحانه، و (آية الكرسي) لجامعية صفاته الثبوتية والسلبية وعظمته وجلاله، وخواتيم البقرة لاشتمالها على الدعاء الجامع لخير الدنيا والآخرة، واللَّه أعلم.
وقوله: (أن تصيبك) أي: خيرها وبركتها ودعاؤها.
(1)"جامع الأصول"(12/ 202).
(2)
"المغني"(ص: 235).
رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ. [دي: 3380].
2170 -
[62] وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ مُرْسَلًا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ داءٍ". رَوَاهُ الدَّارمِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَان". [دي: 3370، شعب: 2370]
2171 -
[63] وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: مَنْ قَرَأَ آخِرَ آلِ عِمْرَانَ فِي لَيْلَةٍ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ. رَوَاهُ الدَّارمِيُّ. [دي: 3396].
2172 -
[64] وَعَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: مَنْ قَرَأَ سُورَةَ آلِ عِمْرَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ إِلَى اللَّيْلِ. رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ. [دي: 3397].
ــ
2170 -
[62](عبد الملك بن عمير) قوله: (من كل داء)(1) جسماني وروحاني.
2171 -
[63](عثمان بن عفان) قوله: (آخر آل عمران) من قوله: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: 190] إلى آخر السورة، وقد صح قراءته صلى الله عليه وسلم بعد القيام لصلاة الليل والنظر إلى السماء.
2172 -
[64](مكحول) قوله: (من قرأ سورة آل عمران يوم الجمعة صلت عليه الملائكة إلى الليل) وقد ورد في فضيلة سورة الكهف يوم الجمعة (2): (أضاء له النور ما بين الجمعتين)، فانظر إلى تفاوت ما بين الفضيلتين أيهما أتم وأكمل.
(1) قال القاري: دِينيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ، حِسِّيٍّ أَوْ مَعْنَوِيٍّ، قَالَ الطِّيبِيُّ: يَتَنَاوَلُ دَاءَ الْجَهْلِ وَالْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي وَالأَمْرَاضَ الْبَدَنِيَّةَ. "مرقاة المفاتيح"(4/ 1488).
(2)
أخرجه الحاكم في "مستدركه"(3392).
2173 -
[65] وَعَن جُبَير بنِ نُفَيرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ خَتَمَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ بِآيتيْنِ، أُعْطِيتُهُمَا مِنْ كَنْزِهِ الَّذِي تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَعَلَّمُوهُنَّ وَعَلِّمُوهُنَّ نِسَاءَكُمْ؛ فَإِنَّهَا صَلَاةٌ وقُرْبَانٌ وَدُعَاءٌ رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ مُرْسَلًا (1). [دي: 3390].
2174 -
[66] وَعَن كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اقْرَؤُوا سُورَةَ هُودٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ". رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ. [دي: 3404].
ــ
2173 -
[65] قوله: (وعن جبير بن نفير) بلفظ التصغير بالراء في آخره.
وقوله: (فإنها) أي: الجمل التي فيهما، وأرادوا بـ (الصلاة) الاستغفار كما في صلاة الملائكة، و (القربان) بالضم والكسر مصدر قَرِبَ كسمع، والقربان بالضم ما يتقرب به إلى اللَّه تعالى، ولعل الطيبي (2) حمله على المعنى الأول فقال: إما إلى اللَّه، وهو المشار إليه بقوله:{وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} ، وإما إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بعطف قوله:{وَالْمُؤْمِنُونَ} على (الرسول)، ثم جمعه في قوله:{كُلٌّ آمَنَ} ، والظاهر هو المعنى الثاني، فافهم.
2174 -
[66] قوله: (عن كعب) كعب من الصحابة كثير، ولا يدرى من هو، وإن كان كعب الأحبار فالحديث مرسل (3)، والظاهر أن المراد كعب بن مالك؛ لأنه المشهور بهذا الاسم.
وقوله: (اقرؤوا سورة هود) وفي (كتاب الدارمي): (اقرؤوا هودًا).
(1) وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا. "مرقاة المفاتيح"(4/ 1489).
(2)
"شرح الطيبي"(4/ 265).
(3)
قال القاري: (4/ 1489): وَالْحَدِيثُ مُرْسَلٌ، وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَعِنْدَ الْكُلِّ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْفَضَائِلِ.
2175 -
[67] وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "من قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ النُّورُ مَا بَيْنَ الْجُمْعَتَيْنِ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الدَّعَوَاتِ الْكَبِير". [5261].
2176 -
[68] وَعَن خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: اقْرَؤُوا الْمُنْجِيَةَ، وَهِي {الم (1) تَنْزِيلُ} ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَقْرَؤُهَا، مَا يَقْرَأُ شَيْئًا غَيْرَهَا، وَكَانَ كَثِيرَ الْخَطَايَا، فَنَشَرَتْ جَنَاحَهَا عَلَيْهِ، قَالَتْ: رَبِّ اغْفِرْ لَهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يُكْثِرُ قِرَاءَتِي، فَشَفَّعَهَا الرَّبُّ تَعَالَى فِيهِ وَقَالَ: اكْتُبُوا لَهُ بِكُلِّ خَطِيئَةٍ حَسَنَةً، وَارْفَعُوا لَهُ دَرَجَةً، وَقَالَ أَيْضًا: إِنَّهَا تُجَادِلُ عَنْ صَاحِبِهَا فِي الْقَبْرِ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ مِنْ كِتَابِكَ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَإِنْ لَمْ أَكنْ مِنْ كِتَابِكَ فَامْحُنِي عَنْهُ، وَإِنَّهَا تَكُونُ كَالطَّيْرِ تَجْعَلُ جَنَاحَهَا عَلَيْهِ فَتَشْفَعُ لَهُ، فتَمْنَعُهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. وَقَالَ فِي {تَبَارَكَ} مِثْلَهُ. وَكَانَ خَالِدٌ لَا يَبِيتُ حَتَّى يَقْرَأَهُمَا،
ــ
2175 -
[67](أبو سعيد) قوله: (أضاء)(1) جاء لازمًا ومتعديًا، والضوء: هو النور، ففي (أضاء) تجريد على بعض المعنى.
2176 -
[68](خالد بن معدان) قوله: (وعن خالد بن معدان) بفتح الميم وسكون العين، تابعي كبير.
وقوله: (ما يقرأ شيئًا غيرها) بمعنى أنه ما جعل لنفسه وِردًا غيرها.
وقوله: (وقال) أي: ابن معدان، وهذا في (كتاب الدارمي) حديث آخر بسند آخر عن خالد بن معدان، فالأول (2) أنا أبو المغيرة قال: أنا عبدة عن خالد بن معدان،
(1) أَيْ: فِي قَلْبِهِ أَوْ قَبْرِهِ أَوْ يَوْمَ حَشْرِهِ فِي الْجَمْعِ الأَكْبَرِ. قاله القاري (4/ 1489).
(2)
"سنن الدارمي"(3408).
وَقَالَ طَاوُوسٌ: فُضِّلَتَا عَلَى كُلِّ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ بِسِتِّينَ حَسَنَةً. رَوَاهُ الدَّارمِيُّ. [دي: 3410].
2177 -
[69] وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ قَرَأَ {يس} فِي صَدْرِ النَّهَارِ قُضِيَتْ حَوَائِجُهُ" رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ مُرْسَلًا. [دي: 3418].
2178 -
[70] وَعَنْ مَعقِلِ بْنِ يَسَارٍ الْمُزَنِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ قَرَأَ {يس} ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ،
ــ
والثاني (1) أنا عبد اللَّه بن صالح قال: حدثني معاوية بن صالح أنه سمع أبا خالد عامر ابن جشيب وبحير بن سعد يحدثان أن خالد بن معدان قال: ({الم (1) تَنْزِيلُ} تجادل عن صاحبها في القبر) الحديث، وهذان الحديثان مرسلان في حكم المرفوع؛ لأن هذه الأخبار لا تعلم إلا من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (وقال طاوس) هذا أيضًا حديث رواه الدارمي (2) عن موسى بن خالد قال: أخبرنا معتمر عن ليث عن طاوس، وهو أيضًا مرسل، وقول المؤلف:(رواه الدارمي) يوهم أن الكل حديث واحد.
2177 -
[69](عطاء بن أبي رباح) قوله: (وعن عطاء بن أبي رباح) أبو محمد القرشي، مولاهم المكي، أحد الأعلام.
2178 -
[70](معقل بن يسار) قوله: (وعن معقل) بفتح الميم وكسر القاف (ابن يسار) بالتحتانية والمهملة.
(1)"سنن الدارمي"(3410).
(2)
"سنن الدارمي"(3412).
فَاقْرَؤُوْهَا عِنْدَ مَوْتَاكُمْ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 2458].
2179 -
[71] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا، وَإِنَّ سَنَامَ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ، وَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ لُبَابًا، وَإِنَّ لُبَابَ الْقُرْآن الْمُفَصَّلُ. رَوَاهُ الدَّارمِيُّ. [دي: 3377].
2180 -
[72] وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: "لِكُلِّ شَيْءٍ عَرُوْسٌ، وَعَرُوْسُ الْقُرْآنِ الرَّحْمَنُ".
ــ
وقوله: (عند موتاكم) أي: مشرفي الموت حتى يسمعها ويجريها على قلبه، وكان في حكم القراءة، كذا قالوا، ويحتمل أن تكون لها خاصية في غفران الذنب ممن أشرف على الموت وقرئ عنده، لكن الفاء في قوله:(فاقرؤوها) أوقعهم في ذلك، واللَّه أعلم.
2179 -
[71](عبد اللَّه بن مسعود) قوله: (سنامًا) بفتح السين واحدة أسنمة الإبل، ثم استعير لكل شيء رفيع، وسنام الأرض وسطها، ثم استعير للرفعة والعلوّ، و (اللباب) بالضم: خالص كل شيء، و (المفصل) السبع الأخير من القرآن، وأوله على القول المشهور من سورة الحجرات؛ لأن سوره قصار، وكل سورة كفصل من الكلام، وقيل: لقلة المنسوخ فيه، وقد قيل فيه أقوال شتّى ذكرت في (القاموس)(1).
2180 -
[72](علي) قوله: (لكل شيء عروس) أي: كل شيء يستقيم ويناسب أن يضاف إليه العروس، والمراد به هنا زينة وحسن وجمال بذكر الملزوم وإرادة اللازم، وذلك بتكرار قوله سبحانه:{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 13].
(1)"القاموس المحيط"(ص: 961).
2181 -
[73] وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْوَاقِعَةِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ لَمْ تُصِبْهُ فَاقَةٌ أَبَدًا". وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَأْمُرُ بَنَاتَهُ يَقْرَأْنَ بِهَا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ. رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 494، 2498].
2182 -
[74] وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ هَذِهِ السُّورَةَ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} . رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 1/ 96].
2183 -
[75] وَعَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَقْرِئْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ: "اقْرَأْ ثَلَاثًا مِنْ ذَوَاتِ {الر} "،
ــ
2181 -
[73](ابن مسعود) قوله: (وعن ابن مسعود) أنه (قال)، ظاهر أنه قول ابن مسعود، فيكون الحديث موقوفًا، ولا حاجة إلى جعله في حكم المرفوع، فتدبر.
وقوله: (لم تصبه فاقة) الفاقة: الفقر والحاجة، كذا في (القاموس)(1)، قد حرض الشارع على بعض العبادات المؤثرة في الأمور الدنيوية التي حصولها ممد ومعين على الآخرة؛ ليكونوا مشغولين بالعبادة على أي وجه كان، فذلك يورث المحبة بها، ومحبتها تفضي إلى محبة من أتى بها؛ لأن محبة المنعم جبلية، ولذلك امتنانه تعالى بقوله:{أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الشعراء: 133 - 134] الآية.
2182 -
[74](علي) قوله: ({سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}) قيل: إن ذلك بقوله سبحانه: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [الأعلى: 18 - 19].
2183 -
[75](عبد اللَّه بن عمرو) قوله: (ثلاثًا من ذوات {الر}) وفي نسخة:
(1)"القاموس المحيط"(ص: 847).
فَقَالَ: كَبُرَتْ سِنِّي، وَاشْتَدَّ قَلْبِي، وَغَلُظَ لِسَانِي، قَالَ:"فَاقْرَأْ ثَلَاثًا مِنْ ذَوَاتِ {حم} "، فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، قَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَقْرِئْنِي سُورَةً جَامِعَةً، فَأَقْرَأَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {إِذَا زُلْزِلَتِ} حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَزِيدُ عَلَيْهِ أَبَدًا، ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَفْلَحَ الرُّوَيْجِلُ" مَرَّتَيْنِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ. [حم: 2/ 169، د: 1399].
2184 -
[76] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ أَلْفَ آيَةٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ؟ " قَالُوا: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقْرَأَ أَلْفَ آيَةٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ؟ قَالَ: "أَمَا يَسْتَطِيعُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}؟ ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [شعب: 2518].
ــ
ذوات الراء.
وقوله: (أفلح الرويجل) تصغير راجل أو رجل، وهو شاذ، كذا قيل، وهو للتعظيم أو للتعطيف.
2184 -
[76](ابن عمر) قوله: (أن يقرأ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}) يعني أن ثوابها يعدل ثواب ألف آية، وسرُّه موكول إلى علم الشارع (1).
(1) قال القاري: هَذه السورة كَقِرَاءَةِ أَلْفِ آيَةٍ فِي التَّزْهِيدِ عَنِ الدُّنْيَا وَالتَّرْغِيبِ فِي عِلْمِ الْيَقِينِ بِالْعُقْبَى، وَقِيلَ: وَجْهُهُ أَنَّ الْقُرْآنَ سِتَّةُ آلَافٍ وَكَسْرٍ، وَإِذَا تَرَكَ الْكَسْرَ كَانَتِ الأَلْفُ سُدُسَهُ، وَمَقَاصِدُ الْقُرْآنِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ سِتَّةٌ، ثَلَاثَةٌ مُهِمَّةٌ، وَثَلَاثَةٌ مُتِمَّةٌ، وَاحِدُهَا مَعْرِفَةُ الآخِرَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهَا السُّورَةُ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِأَلْفِ آيَةٍ أَفْخَمُ مِنَ التَّعْبِيرِ عَنْهُ بِسُدُسِ الْقُرْآنِ، مَعَ أَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ عَنْهُ بِثُلُثِ الْقُرْآنِ صَحَّ، انتهى. "مرقاة المفاتيح"(4/ 1493).
2185 -
[77] وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مُرْسَلًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ قَرَأَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} عَشْرَ مَرَّاتٍ بُنِيَ لَهُ بِهَا قَصْرٌ فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَرَأَ عِشْرِينَ مَرَّةً بُنِي لَهُ بِهَا قَصْرَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثِينَ مَرَّةً بُنِيَ لَهُ بِهَا ثَلَاثَةُ قُصُورٍ فِي الْجَنَّةِ". فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِذًا لَنُكْثِرَنَّ قُصُورَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُ أَوْسَعُ من ذَلِك". رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ. [دي: 3305].
2186 -
[78] وَعَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِئَةَ آيَةٍ لَمْ يُحَاجَّهُ الْقُرْآنُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَمَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِئَتَيْ آيَةٍ كُتِبَ لَهُ قُنُوتُ لَيْلَةٍ، وَمَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ خَمْسَ مِئَةٍ إِلَى الأَلْفِ أَصْبَحَ وَلَهُ قِنْطَارٌ مِنَ الأَجْرِ". قَالُوا: وَمَا الْقِنْطَارُ؟ . . . . .
ــ
2185 -
[77](سعيد بن المسيب) قوله: (اللَّه أوسع من ذلك) أي: قدرة اللَّه وفضله ورحمته أوسع وأكثر من أن يتعجب من ذلك ويستبعد، كذا يدل عليه كلام الطيبي (1)، والظاهر أن يكون غرضه إظهار الرغبة في تكثيره كما يظهر من قوله:(إذًا لنكثرن) مع تضمنه شيئًا من الاستبعاد، فيكون الجواب أن ثواب اللَّه وفضله ورحمته أوسع، فارغبوا فيه ولا تستبعدوه، وكلام الطيبي منحصر في التعجب والاستبعاد، وما ذكرنا أظهر، فافهم.
2186 -
[78](الحسن) قوله: (لم يحاجه القرآن تلك الليلة) أي: لم يأخذه اللَّه ولم يسأله عن أداء حق القرآن في تلك الليلة.
وقوله: (قنوت ليلة) القنوت يجيء بمعان، منها: الطاعة والقيام، و (القنطار)
(1)"شرح الطيبي"(4/ 269).