الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتبرك بالأموات أو قبورهم، ولا أن يدعوهم من دون الله أو يسألهم قضاء حاجة أو شفاء مريض أو نحو ذلك؛ لأن العبادة حق الله وحده، ومنه تطلب البركة، وهو سبحانه الموصوف بالتبارك، كما قال عز وجل في سورة الفرقان:{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} (1)، وقال سبحانه:{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} (2)، ومعنى ذلك أنه سبحانه بلغ النهاية في العظمة والبركة، أما العبد فهو مبارك، - بفتح الراء - إذا هداه الله وأصلحه ونفع به العباد، كما قال عز وجل عن عبده ورسوله عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام:{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} (3){وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} (4).
والله ولي التوفيق.
(1) سورة الفرقان الآية 1
(2)
سورة الملك الآية 1
(3)
سورة مريم الآية 30
(4)
سورة مريم الآية 31
الزيارة الشرعية للقبور
س: سائل يسأل عن أولئك الذين يزورون القباب وقبور بعض الصالحين ما هو توجيهكم؟ (1).
ج: يجب أن يعلموا الزيارة الشرعية؛ لأن النبي صلى الله عليه
(1) من برنامج (نور على الدرب).
وسلم كان يعلم أصاحبه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية (1)» ، وفي حديث آخر قال:«السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون، غدا مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم أغفر لأهل بقيع الغرقد (2)» ، وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام:«يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر (3)» وبهذه الأحاديث وما جاء في معناها والأحاديث تعلم الزيارة الشرعية والمقصود منها أن يدعى للموتى، ويتذكر الزائر الموت والآخرة، لقوله صلى الله عليه وسلم:«زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (4)»
(1) رواه مسلم في (الجنائز) باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم (975)، وابن ماجه في كتاب (ما جاء في الجنائز) باب ما جاء فيما يقال إذا دخل المقابر برقم (1547).
(2)
رواه مسلم في (الجنائز) باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم (974).
(3)
رواه مسلم في (الجنائز) باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم (974) والترمذي في (الجنائز) باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر برقم (1053).
(4)
رواه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين) باقي مسند أبي هريرة برقم (9395)، ومسلم في (الجنائز) باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة أمه برقم (176).
أما وضع القباب على القبور والمساجد فلا يجوز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)» ، ولقوله عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه «لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبر مشرفا إلا سويته (2)» ، وصح عنه عليه الصلاة والسلام في حديث جابر رضي الله عنه أنه «نهى عليه الصلاة والسلام عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها (3)» . أخرجه مسلم في صحيحه.
فالقبور لا يجوز البناء عليها ولا يتخذ عليها مساجد ولا قباب ولا يجوز تجصيصها ولا القعود عليها كل هذا ممنوع ولا يجوز أن تكسى بالستور وإنما يرفع القبر قدر شبر ليعرف أنه قبر حتى لا يمتهن ولا يوطأ. فالواجب على كل من لديه علم أن يبلغ إخوانه ويعلمهم. وهذا هو واجب العلماء عليهم أن يعلموا الناس ما شرعه الله والمؤمن يتعلم من العلماء ويعلم من يأتي القبور يقول لهم: إن الزيارة الشرعية كذا وكذا وإن البناء على القبور أو سؤال الميت أو التبرك بتراب
(1) رواه البخاري في (الجنائز) باب ما يكره من اتخاذ القبور مساجد برقم (1390). ومسلم في (المساجد ومواضع الصلاة) باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور برقم (529).
(2)
رواه مسلم في (الجنائز) باب الأمر بتسوية القبر برقم (969).
(3)
رواه مسلم في (الجنائز) باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه برقم (970).
القبر أو تقبيل القبر أو الصلاة عنده كل هذا من البدع فلا يصلى عند القبور ولا تتخذ محلا للدعاء أو القراءة عندها وكل هذا من البدع، أما طلب البركة منها أو الشفاعة منها أو الشفاء للمرضى فهذا من أنواع الشرك الأكبر، فإذا قال: يا سيدي فلان اشفع لي إلى الله أو يقول للميت: انصرني أو اشف مريضي ونحو ذلك هذا لا يجوز؛ لأن الميت انقطع عمله بعد موته إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. أما أن يطلب منه شفاء المرضى أو النصر على الأعداء أو الشفاعة إلى ربه بكذا فهذا من الشرك الأكبر ولا يجوز طلبه من الموتى وإنما يطلب ذلك من الله تعالى فيقول: اللهم اشفني، اللهم اعطني كذا، اللهم شفع في أنبياءك، اللهم شفع في نبيك محمدا صلى الله عليه وسلم، اللهم شفع في الملائكة والمؤمنين فهذا لا بأس به، لأنه طلب من الله جل وعلا.
والخلاصة أن المسلمين ينصح بعضهم بعضا ويعلم بعضهم بعضا في أمر الشرع، والعلماء عليهم في ذلك التوجيه للعامة إلى شرع الله جل وعلا، ومن ذلك أن يعلموا الزيارة الشرعية للقبور التي جاءت في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم والتي تقدم بيانها، ويعلموا أنه لا يجوز البناء على القبور ولا وضع القباب ولا المساجد عليها، وإنها لا تجصص ولا يقعد عليها ولا تتخذ محلا للدعاء عندها أو الصلاة عندها أو القراءة عندها كل هذه الأمور من البدع ومن وسائل الشرك الأكبر.
والله ولي التوفيق.
حديث: «من زار أهل بيتي بعد وفاتي كتبت له سبعون حجة» لا أصل له
س: زيارة القبور أمثال الإمام علي رضي الله عنه والحسين والعباس وغيرهم. وهل الزيارة إليهم تعدل سبعين حجة إلى بيت الله الحرام؟
وهل قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من زار أهل بيتي بعد وفاتي كتبت له سبعون حجة» ؟
نرجو أن تفيدونا جزاكم الله خيرا.
ج: زيارة القبور سنة، وفيها عظة وذكرى، وإذا كانت القبور من قبور المسلمين دعا لهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يزور القبور ويدعو للموتى، وكذا أصحابه رضي الله عنهم. ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام:«زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (1)» . وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله
(1) رواه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين) باقي مسند أبي هريرة برقم 9395، ومسلم في (الجنائز) باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة أمه برقم (176).
بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية (1)». وفي حديث عائشة:«يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (2)» ، وفي حديث ابن عباس:«يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن في الأثر (3)» . فالدعاء لهم بهذا وأشباهه كله طيب، وفي الزيارة ذكرى وعظه؛ ليستعد المؤمن لما نزل به وهو الموت، فإنه سوف ينزل به ما نزل بهم، فليعد العدة ويجتهد في طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويبتعد عما حرم الله ورسوله من سائر المعاصي، ويلزم التوبة عما سلف من التقصير، هكذا يستفيد المؤمن من الزيارة. أما ما ذكرت من زيارة القبور لعلي رضي الله عنه والحسن والحسين أو غيرهم إنها تعدل سبعين حجه - فهذا باطل ومكذوب على الرسول صلى الله عليه وسلم، ليس له أصل، وليست الزيارة لقبر النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أفضل الجميع - تعدل حجة. الزيارة لها حالها وفضلها، لكن لا تعدل حجة، فكيف بزيارة غيره عليه الصلاة والسلام؟ هذا من الكذب، وهكذا قولهم: "من زار أهل بيتي بعد
(1) رواه مسلم في (الجنائز) باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم (975) وابن ماجه في كتاب ما جاء في (الجنائز) باب ما جاء في ما يقال إذا دخل المقابر برقم (1547).
(2)
رواه مسلم في (الجنائز) ما يقال عند دخول القبر برقم (974).
(3)
رواه الترمذي في (الجنائز) باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر برقم (1053).
وفاتي كتبت له سبعون حجة" كل هذا لا أصل له، وكله باطل، وكله مما كذبه الكذابون. فيجب على المؤمن الحذر من هذه الأشياء الموضوعة المكذوبة على الرسول صلى الله عليه وسلم.
وإنما تسن الزيارة للقبور، سواء كانت قبور أهل البيت أو غيرهم من المسلمين، يزورهم ويدعو لهم ويترحم عليهم وينصرف.
أما إن كانت القبور للكفار فإن زيارتها للعظة والذكرى من دون أن يدعو لهم، كما زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، ونهاه ربه سبحانه أن يستغفر لها، زارها للعظة والذكرى ولم يستغفر لها. وهكذا القبور الأخرى - قبور الكفرة - إذا زارها المؤمن للعظة والذكرى فلا بأس، ولكن لا يسلم علهم ولا يستغفر لهم، لأنهم ليسوا أهلا لذلك.
صفحة فارغة
من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
مفتي عام المملكة العربية السعودية
يقول السائل: ظهرت بعض المزاعم التي تقول إن التكفير في العالم اليوم هو نتاج دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ويزعمون أن بعض الكتب هي كتب تأصيل لمنهج التكفير، ككتاب كشف الشبهات والدرر السنية. فما رد فضيلتكم على هؤلاء وبارك الله فيكم؟
ج: دعوة الشيخ بريئة مما نسب إليها البعض من الغلو والأباطيل؛ والتكفير ليس هو المنهج في دعوة الشيخ، المنهج الدعوة إلى الخير، أما باب التكفير، فذاك باب دل الكتاب والسنة عليه، الله تعالى يقول:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا} (1)، فالقرآن كفر من خالف الحق والهدى، فالتكفير إنما هو بما دل الكتاب والسنة عليه أما أصل الدعوة فلم تقم إلا على توضيح الحق، والرجوع إلى
(1) سورة النساء الآية 137