الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصبح لمن التزم طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه اسم يميزهم عن غيرهم من المبتدعة فاشتهرت تسميتهم بأهل السنة والجماعة، وأول ما برز هذا الاسم في أواخر عهد الصحابة، فقد أخرج اللالكائي بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} (1)، (فأما الذين ابيضت وجوههم: فأهل السنة والجماعة وأولوا العلم، وأما الذين اسودت وجوههم فأهل البدع والضلالة) (2)، وقد اشتهر إطلاق هذا الاسم عليهم لأمور، منها:
1 -
لزومهم طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
2 -
تحريهم الصدق فيما ينقلونه من السنة، واعتمادها مصدرا للعقيدة بعد كتاب الله وتقديمها على العقل، على خلاف من سواهم من المبتدعة.
3 -
حرصهم على الاجتماع ونبذ الفرقة (3).
(1) سورة آل عمران الآية 106
(2)
شرح أصول اعتقاد أهل السنة ج1 ص72.
(3)
انظر: أهل السنة، محمد عبد الهادي ص57ـ60، ووسطية أهل السنة ص41.
ثالثا: أسماؤهم وعلة تلقيبهم بها:
تمهيد: لأهل السنة أسماء مرضية، وأسماء غير مرضية
نبزهم بها خصومهم، إما لقولهم بسنة لا يراها المبتدع، وإما بدافع العداء ومحاولة تنفير الناس منهم. وتجنبا للإطالة نقتصر على الأسماء المرضية فنقول وبالله التوفيق.
من أسماء أهل السنة المرضية ما يلي:
1 -
أهل السنة والجماعة (1): وقد أشرت آنفا (2)، إلى سبب التسمية به.
2 -
أهل السنة (3): من دون إضافة الجماعة: سموا بذلك؛ لانتسابهم لسنته (4) صلى الله عليه وسلم ولأنهم أكثر الناس عناية بها، واتباعا لها في الاعتقاد والقول والعمل، امتثالا لقوله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (5)، وقوله صلى الله عليه وسلم «عليكم بسنتي. . . (6)» الحديث.
(1) انظر: شرح الطحاوية ص109، والفتاوى ج3 ص 129ـ 159.
(2)
انظر ص 109، 110.
(3)
انظر شرح أصول اعتقاد أهل السنة ج1 ص 179، وعقيدة السلف أصحاب الحديث ص 4.
(4)
انظر: التنبيهات السنية ص 15.
(5)
سورة الأحزاب الآية 21
(6)
جزء من حديث رواه أبو داود في السنة باب لزوم السنة، والترمذي في العلم باب 16 وابن ماجة في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين وإسناده صحيح، انظر: جامع الأصول حديث 67، وحاشيته.
3 -
الجماعة، أهل الجماعة (1): سموا بذلك لاجتماعهم على الحق متبعين في ذلك ما أجمع عليه السلف من الصحابة والتابعين، ولزومهم جماعة المسلمين، وأخذا من قوله صلى الله عليه وسلم في بيان الفرقة الناجية «ألا إن من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين، ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة (2)» .
إذ المراد بالجماعة - هنا - من اتصف بأوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم وأوصاف أصحابه - بدليل الرواية الأخرى «. . قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على ما أنا عليه وأصحابي (3)» ، وهذه الصفة إنما تنطبق على أهل السنة؛ إذ هم المتمسكون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة أصحابه بعده (4).
قال السهارنفوري في شرح هذا الحديث: (وهي الجماعة
(1) انظر: الفتاوى ج3 ص157، 158، ودرء تعارض العقل والنقل ج7 ص350، 351.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
سبق تخريجه.
(4)
انظر: الاعتصام ج2 ص 470، وبذل المجهود ج18 ص118 والحلية ج9 ص 239.
أي وهي أهل السنة والجماعة) (1).
4 -
السلف (2)، أو السلفيون (3) نسبة إلى السلف. سموا بذلك لسلوكهم نهج الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ودعوتهم إلى ذلك.
والسلف: لغة: جمع سالف كخادم وخدم وهو يأتي لمعان منها:
القوم المتقدمون في السير؛ ولذا قيل سلف الإنسان: من تقدمه بالموت من آبائه وذوي قرابته ومنه قوله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا} (4)، أي جمعا قد مضى (5)، والمراد بالسلف - قيل - هم الصحابة (6)، وقيل: هم الصحابة والتابعون (7)، وقيل: هم أهل القرون الثلاثة المفضلة التي أثنى عليها الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، - قال عمران: فلا أدري
(1) بذل المجهود ج18، ص118.
(2)
انظر: درء تعارض العقل والنقل ج1ص203، ونجاة الخلف ص34، وعقيدة السلف أصحاب الحديث. ص1.
(3)
الفتاوى ج4ص149، وقواعد المنهج السلفي ص 26.
(4)
سورة الزخرف الآية 56
(5)
انظر: لسان العرب ج2 ص 184، 185، والقاموس المحيط ج3ص153، وتفسير النسفي ج3ص317.
(6)
تنوير المقالة في حل ألفاظ الرسالة ص372.
(7)
إلجام العوام عن علم الكلام ص53.
أذكر قرنين أو ثلاثة. . . (1)» الحديث،، ولعل الأولى أن يقال السلف: هم أصحاب رسول الله عليه وسلم ومن سار على نهجهم من أهل القرون الثلاثة المفضلة ممن قدموا النقل على العقل؛ ليخرج بذلك أهل البدع، كالخوارج، والروافض، والجهمية، والمرجئة، والمعتزلة وغيرهم من فرق الضلال التي وجدت في القرون الثلاثة (2).
وبذلك يتضح أن أئمة أهل السنة الذين أدركوا القرون الثلاثة يتناولهم اسم السلف، لأنهم ساروا على نهج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما من أتى بعدهم فيقال لهم السلفيون؛ لأنهم ساروا على نهج السلف ودعوا إليه. قال شيخ الإسلام:(لا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه، بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا. . .)(3).
(1) رواه البخاري في فضائل الصحابة باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم في فضائل الصحابة باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، والترمذي في الفتن باب مما جاء في القرن الثالث، وانظر: جامع الأصول حديث 6355 وحاشيته.
(2)
انظر: لوامع الأنوار البهية ج1 ص20 والعقائد السلفية ص16.
(3)
الفتاوى ج4ص149.
5 -
أهل الحديث (1): سموا بذلك لعنايتهم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم رواية ودراية وإتباعه ظاهرا وباطنا، وتقديمه على العقل. قال شيخ الإسلام (ونحن لا نعني بأهل الحديث المقتصرين على سماعه أو كتابته وروايته، بل نعني بهم: كل من كان أحق بحفظه ومعرفته وفهمه، وإتباعه باطنا وظاهرا. . .)(2).
وقال الشهرستاني: (سموا أصحاب الحديث؛ لأن عنايتهم بتحصيل الأحاديث ونقل الأخبار وبناء الأحكام على النصوص، ولا يرجعون إلى القياس الجلي والخفي ما وجدوا خبرا أو أثرا)(3).
6 -
أهل الأثر (4): سموا بذلك لأخذهم عقيدتهم من الكتاب أو السنة الصحيحة أو ما صح عن السلف الصالح. قال السفاريني: في بيان معنى أهل الأثر - (أي الذين إنما يأخذون عقيدتهم من المأثور عن الله عز وجل شأنه في كتابه أو في سنة النبي صلى الله عليه وسلم أو ما ثبت وصح عن السلف الصالح. . .)(5).
(1) انظر: درء تعارض العقل والنقل ج1 ص203، وعقيدة السلف أصحاب الحديث ص3.
(2)
الفتاوى ج4 ص95.
(3)
الملل والنحل ج2 ص 45.
(4)
انظر: قواعد المنهج السلفي ص23، ولوامع الأنوار البهية ج1 ص 64.
(5)
انظر: لوامع الأنوار البهية ج1 ص64.
7 -
الطائفة المنصورة (1): سموا بذلك أخذا من قوله صلى الله عليه وسلم: «. . . ولا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة (2)» .
ذلك أن المراد بالطائفة المنصورة المذكورة في الحديث هم أهل السنة، قال ابن المديني:(هم أصحاب الحديث)(3)، وقال الإمام أحمد:(إن لم تكن هذه الطائفة المنصورة أصحاب الحديث فلا أدري من هم)(4) وقال القاضي عياض - عقب قول الإمام أحمد (إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة ومن يعتقد مذهب أهل الحديث)(5)، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية "ـ وهم - أي أهل السنة - الطائفة المنصورة الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة (6)» (7)
(1) انظر الفتاوى، ج3 ص129، 159.
(2)
رواه الترمذي في الفتن باب ما جاء في الشام وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانظر: جامع الأصول حديث 6778 (المتن والحاشية).
(3)
جامع الترمذي (المطبوع مع تحفة الأحوذي) ج 6، ص360.
(4)
انظر: تحفة الأحوذي ج6، ص360، وتلبيس إبليس ص 400.
(5)
انظر: تحفة الأحوذي ج6، ص 360.
(6)
سنن الترمذي الفتن (2229)، سنن ابن ماجه الفتن (3952)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 278).
(7)
الفتاوى، ج3، ص 159.
8 -
الفرقة الناجية (1): سموا بذلك أخذا من قوله صلى الله عليه وسلم: «وستفترق أمتي على ثلاث وسعين ملة كلها في النار إلا ملة واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على ما أنا عليه وأصحابي (2)» ، وهذا الوصف لا ينطبق إلا على أهل السنة فهم الذين على ما كان عليه رسول صلى الله وسلم وأصحابه (3).
قال الإمام أحمد: - بعد أن ذكر حديث الافتراق - " إن لم يكونوا أصحاب الحديث فلا أدري من هم "(4). وقال: عبد القاهر ابن طاهر التميمي - في شرح حديث الافتراق ت (. . . والثالثة والسبعون هم أهل السنة والجماعة وهي الفرقة الناجية)(5). وقال المباركفوري - في شرح هذا الحديث - (. . . والفرقة الناجية هم أهل السنة البيضاء المحمدية. . .)(6).
9 -
أهل الاتباع: سموا بذلك لاتباعهم الكتاب وصحيح السنة
(1) انظر الفتاوى، ج3 ص 129.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
وسطية أهل السنة ص 121.
(4)
شرف أصحاب الحديث ص 25.
(5)
تحفة الأحوذي ج7، ص 332
(6)
تحفة الأحوذي ج7، ص 334.