الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وآثار السلف الصالح وتركهم الابتداع، أخذا بوصية المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال:«عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (1)» .
10 -
أهل الحق: سموا بذلك؛ لأنهم أخذوا بالمذهب الحق (2)، الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه
قال ابن قدامة: - بعد أن حكى خلاف المبتدعة في الصفات - قال: " وأهل الحق سلكوا طريقا مستقيما بين الطريقين آمنوا فأمنوا وأسلموا فسلموا. . . "(3).
(1) سبق تخريجه.
(2)
انظر: درء تعارض العقل والنقل ج1 ص 203، ولوامع الأنوار البهية ج1، ص 21.
(3)
عقيدة ابن قدامة، ص48 (مع الفرقة الناجية).
المبحث الثاني: منهج أهل السنة والجماعة في تقرير العقيدة الإسلامية وشيء من مؤلفاتهم:
أولا: منهج أهل السنة:
يقوم على أسس منها:
1 -
الاقتصار على الكتاب والسنة الصحيحة فهما المصدر
الأساسي للعقيدة الإسلامية عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم (1)» ، والإجماع المعتبر عند أهل السنة في تقرير العقيدة إنما هو إجماع مبني على الكتاب والسنة أو أحدهما والعقل والفطرة: إنما يأخذ بهما أهل السنة مؤيدان لا مصدران بشرط موافقتهما الكتاب والسنة الصحيحة.
قال شيخ الإسلام: " ثم من طريق أهل السنة والجماعة اتباع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم باطنا وظاهرا. . . ويؤثرون كلام الله على كلام غيره من كلام أصناف الناس، ويقدمون هدي محمد صلى الله عليه ويسلم على هدي كل أحد، وبهذا سموا أهل الكتاب والسنة "(2)، وقال أيضا: " ولا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم وجمل كلامهم إن لم تكن ثابتة فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم بل يجعلون ما بعث به الرسول صلى الله عليه وسلم من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه؛ وما تنازع فيه الناس. . يردونه إلى الله ورسوله. . . فما كان من معانيها موافقا للكتاب
(1) أخرجه مالك في القدر باب النهي عن القول في القدر بلاغا. لكن يشهد له حديث ابن عباس عند الحاكم ج1 ص 93 بسند جيد فيتقوى به. انظر: جامع الأصول حديث 64 (المتن والحاشية) وكنز العمال حديث 876.
(2)
الفتاوى ج3 ص157.
والسنة أثبتوه وما كان منها مخالفا للكتاب والسنة أبطلوه " (1).
وقال أيضا وهو يتكلم عن أهل السنة: ". . . وكل ما يقولونه أو يفعلونه من هذا أو غيره فإنما هم فيه متبعون للكتاب والسنة "(2).
2 -
تقديم النقل - وهو الكتاب والسنة الصحيحة - على العقل وبيان ذلك: أنه إذا حصل ما يوهم التعارض بين العقل والنقل قدموا النقل. عملا بقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (3).
يقول شيخ الإسلام - بعد أن أورد هذه الآية -: (فإن هذا أمر للمؤمنين بما وصف به الملائكة كما قال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} (4){لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} (5)، فوصفهم سبحانه بأنهم لا يسبقونه بالقول وأنهم بأمره يعملون، فلا يخبرون عن شيء من صفاته ولا غير صفاته إلا بعد أن يخبر سبحانه بما يخبر به، فيكون خبرهم وقولهم تبعا لخبره وقوله، كما قال:{لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ} (6) وأعمالهم تابعة لأمره، فلا يعملون إلا ما أمرهم هو أن يعملوا به فهم مطيعون لأمره
(1) الفتاوى ج3 ص 347، 348.
(2)
الفتاوى ج3 ص 159.
(3)
سورة الحجرات الآية 1
(4)
سورة الأنبياء الآية 26
(5)
سورة الأنبياء الآية 27
(6)
سورة الأنبياء الآية 27
سبحانه. . . وقد أمر المؤمنين أن يكونوا مع الله ورسوله كذلك. . . فعلى كل مؤمن أن لا يتكلم في شيء من الدين إلا تبعا لما جاء به الرسول ولا يتقدم بين يديه بل ينظر ما قال فيكون قوله تبعا لقوله، وعلمه تبعا لأمره، فهكذا كان الصحابة ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين ولهذا لم يكن أحد منهم يعارض النصوص بمعقوله. . . وإذا أراد معرفة شيء من الدين والكلام فيه نظر فيما قاله الله والرسول. . . فهذا أصل السنة) (1).
وهناك دليل عقلي للبرهنة على ضرورة تقديم النقل على العقل يستخلصه ابن تيمية بعد ضرب الأمثال.
فيذكر أنه إذا حدث نزاع بين أصحاب المهن المختلفة. . احتكم المتنازعون إلى الأعلم منهم ثم يقول: (ومن المعلوم أن مباينة الرسول صلى الله عليه وسلم لذوي العقول أعظم من مباينة أهل العلم بالصناعات العلمية والعملية والعلوم العقلية الاجتهادية كالطب. . . لسائر الناس. فإن من الناس من يمكنه أن يصير عالما بتلك الصناعات العلمية والعملية كعلم أربابها، ولا يمكن من لم يجعله الله رسولا إلى الناس أن يصير بمنزلة من جعله الله تعالى رسولا إلى الناس، فإن النبوة لا تنال بالاجتهاد كما هو مذهب أهل الملل. .
(1) الفتاوى ج13 ص60 ـ 63 (بتصرف).
وإذا كان الأمر كذلك، فإذا علم الرجل بالعقل أن هذا رسول الله وعلم أنه أخبر بشيء ووجد في عقله ما ينازعه في خبره كان عقله يوجب عليه أن يسلم موارد النزاع إلى من هو أعلم به منه وألا يقدم رأيه على قوله ويعلم أن عقله قاصر بالنسبة إليه وأنه أعلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته واليوم الآخر منه، وأن التفاوت الذي بينهما في العلم بذلك أعظم من التفاوت الذي بين العامة وأهل العلم بالطب. . .).
ثم في النهاية يقول ابن تيمية: (فكيف حال الخلق مع الرسل عليهم الصلاة والتسليم والرسل صادقون مصدقون لا يجوز أن يكون خبرهم على خلاف ما أخبروا به قط، وأن الذين يعارضون أقوالهم بعقولهم عندهم من الجهل والضلال ما لا يحصيه إلا ذو الجلال، فكيف يجوز أن يعارض ما لم يخطئ قط بما يصب في معارضة له قط؟!).
3 -
عدم رد شيء من الكتاب والسنة الصحيحة ولو كانت آحادا أو تحريفه أو تأويله بل التسليم والانقياد لهما - عملا بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (1).
(1) سورة الأحزاب الآية 36
وقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (1)، ونحوهما من الآيات التي فيها الأمر بالتسليم والانقياد للكتاب والسنة.
يقول ابن تيمية: (وكان من أعظم ما أنعم الله به عليهم (2) اعتصامهم بالكتاب والسنة، فكان من الأصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان: أنه لا يقبل من أحد قط أن يعارض القرآن لا برأيه ولا ذوقه، ولا معقوله ولا قياسه ولا وجده. فإنهم ثبت عنهم بالبراهين القطعيات والآيات البينات أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء بالهدى ودين الحق، وأن القرآن يهدي للتي هي أقوم) (3).
ويقول ابن القيم: (وقد كان السلف يشتد عليهم معارضة النصوص بآراء الرجال ولا يقرون على ذلك)(4).
وقال أبو الحسن الأشعري: (جملة ما عليه أصحاب الحديث وأهل السنة الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاء من عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يردون من ذلك شيئا. . .)(5).
(1) سورة الحشر الآية 7
(2)
يعني أهل السنة.
(3)
الفتاوى ج13 ص 28.
(4)
مختصر الصواعق ص 146.
(5)
المقالات انظر: حادي الأرواح ص 28.
وعلى العكس من أهل الكلام الذين اعتمدوا على ما رواه ثم نظروا في الكتاب والسنة، فإن وجدوا النصوص توافقه أخذوا بها وإن وجدوها تخالفه، فإن كانت قرآنا حرفوا في اللفظ أو المعنى باسم التأويل، وإذا لم يستطيعوا قالوا متشابه. وإن كانت من السنة: فإما أن تكون متواترة أو لا، إذا لم تكن متواترة ردوها من البداية، وإن كانت متواترة حرفوا في اللفظ أو المعنى باسم التأويل وإذا لم يستطيعوا طعنوا في صحتها، وبذلك تخلصوا من دلالتها (1).
4 -
الالتزام بما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم (2)، والأخذ بما ورد عنهم في بيان القضايا الإسلامية عامة وفي قضايا العقيدة خاصة وتقديمها على أقوال من بعدهم عملا بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث قال:. . . «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها عضوا عليها بالنواجذ. . (3)» الحديث.
وإقتداء بالسلف من بعده. فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (من كان منكم متأسيا فليتأس بأصحاب محمد صلى الله عليه
(1) انظر: الفرقان بين الحق والباطل ص 41، 42 والفتاوى ج13 ص63.
(2)
انظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة، ج1 ص 6 (المدخل).
(3)
أخرجه أبو داود في السنة باب لزوم السنة، والترمذي في العلم باب 16، وإسناده صحيح انظر: جامع الأصول حديث 67 (المتن والحاشية).
وسلم فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا وأقومها هديا وأحسنها حالا، قوما اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم وإقامة دينه فاعرفوا فضلهم واتبعوهم في آثارهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم) (1).
وروي أن الحسن كان في مجلس فذكر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقال: إنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا قوما اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم فإنهم ورب الكعبة على الهدى المستقيم) (2).
وقال الإمام أحمد: (أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم. . .)(3).
ولأن الوحي نزل بين أظهرهم فهم أعلم بتأويله ممن أتى بعدهم كما أن أذهانهم صافية مما جد من البدع الضالة، فقد كانوا مؤتلفين في أصول الدين لم يتفرقوا فيه إلى جانب ما يتمتعون به من الفهم اللغوي للنصوص الشرعية (4).
(1) جامع بيان العلم وفضله ج2 ص97، وانظر: جامع الأصول ج1 ص 292.
(2)
جامع بيان العلم وفضله ج2 ص 97.
(3)
طبقات الحنابلة ج1 ص 241، وانظر: الفتاوى ج10 ص363.
(4)
انظر: الرد الجهمية للدارمي ص108، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة ج1 ص 55 (المدخل).
5 -
عدم الخوض في المسائل الاعتقادية مما لا مجال للعقل فيه من الأمور الغيبية. عملا بقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (1).
وقوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (2).
وقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أطفال المشركين - «الله أعلم بما كانوا عاملين (3)» .
ولإدراكهم أيضا بأن العقل البشري عاجز عن معرفة الأمور الغيبية بنفسه استقلالا وأن دور العقل هو الفهم والاتباع والاعتقاد لما جاء به الوحي (4).
قال الإمام أحمد: (ومن لم يعرف تفسير الحديث ويبلغه عقله فقد كفي ذلك. . . فعليه الإيمان به والتسليم له. . .)(5).
(1) سورة الأعراف الآية 33
(2)
سورة الإسراء الآية 36
(3)
أخرجه البخاري في القدر باب الله أعلم بما كانوا عاملين، ومسلم في القدر باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، والنسائي في الجنائز باب أولاد المشركين، وانظر: جامع الأصول حديث 7597.
(4)
انظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة، ج1 ص 56 (المدخل).
(5)
طبقات الحنابلة ج1 ص 241.
وقال الإمام الطحاوي - وهو يتكلم عن عقيدة أهل السنة - (. . . ولا نخوض في الله. . . ونقول الله أعلم فيما اشتبه علينا علمه. .)(1).
6 -
الاهتمام بالغاية المحبوبة لله المرضية له التي خلق الخلق لها، وهي إقامة العباد على منهج العبودية الحقة لله رب العالمين؛ ذلك أنها أول دعوة الرسل وأول مقام يقوم به السالك إلى الله، ولأجلها خلق البشر وأنزلت الكتب وبعث الرسل.
قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (2).
وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (3).
وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (4).
وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (5)، ولذلك حرصوا كل الحرص على تصحيحه والتحذير مما يناقضه من الشرك والكفر والنفاق، ومن كل
(1) العقيدة الطحاوية، انظر: عقيدة الفرقة الناجية ص 101 ـ107.
(2)
سورة الأعراف الآية 59
(3)
سورة الذاريات الآية 56
(4)
سورة الأنبياء الآية 25
(5)
سورة النحل الآية 36
وسيلة قد تؤدي إلى ناقض من تلك النواقض أسوة بالرسل جميعا وبخاتمهم عليه أفضل الصلاة والسلام (1).
7 -
الاتباع وترك الابتداع. عملا بقوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (2).
قال الشاطبي: (الصراط المستقيم هو سبيل الله الذي دعا إليه وهو السنة، والسبل: هي سبل أهل الاختلاف. . وهم أهل البدع)(3).
وقوله صلى الله عليه وسلم: «وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (4)» .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: اتبعو آثارنا ولا تبتدعوا فقد كفيتم (5)، قال شيخ الإسلام:(وأهل السنة والجماعة يتبعون الكتاب والسنة)(6).
وعلى إثر ذلك كان منهم الحرص الشديد على إحياء سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم في عباداتهم وأخلاقهم ومعاملاتهم
(1) انظر: تهذيب شرح الطحاوية ص 35، وأهل السنة للأشقر ص60، 61، ومنهاج الفرقة الناجية ص 9.
(2)
سورة الأنعام الآية 153
(3)
الاعتصام، ج1 ص 76.
(4)
جزء من حديث سبق تخريجه.
(5)
انظر: الاعتصام ج1 ص 107.
(6)
الفتاوى ج3 ص 279.
وفي كل جانب من جوانب حياتهم وترك الابتداع بل ومحاربة البدع وأهلها لإيمانهم أن الدين كامل وأن كل بدعة مردودة.
قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (1).
وقال صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» ، ولذا نهوا عن مناظرة أهل البدع إلا لضرورة من عالم لا يخشى عليه أو الجلوس معهم أو سماع كلامهم خوفا من التلبيس على المناظر وهم لا يرجعون، أو التأثير على الجليس أو السامع لكلامهم، بل وينهون عن نقل شبهاتهم خوفا من ضعف الناقل فيعجز عن إبطالها، ومن ثم يفتتن بها بعض من سمعها أو قرأها، زيادة على كون ذلك فيه إهانة للمبتدعة ومحاصرة لأفكارهم وعدم جعل الكتب السلفية جسورا تعبر عليها تلك الآراء المنحرفة (3).
ومما ورد عن السلف في ذلك ما رواه البغوي عن سفيان الثوري (من سمع بدعة فلا يحكها لجلسائه لا يلقيها في قلوبهم)(4).
(1) سورة المائدة الآية 3
(2)
أخرجه البخاري في البيوع باب النجش، ومسلم في الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، وأبو داود في السنة باب لزم السنة، وانظر: جامع الأصول حديث 75 (المتن والحاشية).
(3)
انظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة، ج1 ص56 (المدخل).
(4)
شرح السنة للبغوي ج1، ص 227.
وعن أبي قلابة قال: (لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم ويلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون)(1).
وروي عن عبد الله بن السري: (ليس السنة عندنا أن يرد على أهل الأهواء ولكن السنة عندنا أن لا نكلم أحدا منهم)(2).
وروي عن حنبل بن إسحاق بن حنبل أنه قال: (كتب رجل إلى أبي عبد الله رحمه الله كتابا يستأذن فيه أن يضع كتابا يشرح فيه الرد على أهل البدع وأن يحضر مع أهل الكلام فيناظرهم ويحتج عليهم فكتب إليه أبو عبد الله كتابا فيه (الذي كنا نسمع وأدركنا عليه من أدركنا من أهل العلم أنهم كانوا يكرهون الكلام والجلوس مع أهل الزيغ وإنما الأمر في التسليم والانتهاء إلى ما كان في كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا في الجلوس مع أهل البدع والزيغ لترد عليهم فإنهم يلبسون عليك وهم لا يرجعون فالسلامة إن شاء الله في ترك مجالستهم والخوض معهم في بدعتهم. .)(3).
8 -
الحرص على جماعة المسلمين ووحدة كلمتهم (4).
(1) الاعتصام ج1 ص 112، والشريعة ص56، وشرح السنة ج1 ص 227.
(2)
شرح أصول اعتقاد أهل السنة ج1 ص 56 (المدخل).
(3)
شرح أصول اعتقاد أهل السنة ج1 ص56، 57، (المدخل).
(4)
انظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة ج1 ص 53 (المدخل).
والمراد بذلك الحرص على الحق وأهله والبعد عن الفرقة والخلاف سواء في أمر الدين أو الدنيا؛ امتثالا لقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (1)، وقوله تعالى:{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (2).
وقوله صلى الله عليه وسلم: «. . . عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة. . . (3)» الحديث.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يجمع أمتي - أو قال أمة محمد - على ضلالة، ويد الله على الجماعة، ومن شذ شذ إلى النار (4)» .
وقوله صلى الله عليه وسلم: «. . . وأنا آمركم بخمس الله
(1) سورة آل عمران الآية 103
(2)
سورة آل عمران الآية 105
(3)
أخرجه الترمذي في الفتن باب ما جاء في لزوم الجماعة بإسناد حسن صحيح، ورواه أحمد في المسند برقم 114، 177، والحاكم في الإيمان من طرق صحيحة فالحديث صحيح. انظر: جامع الأصول حديث رقم 4972. (المتن والحاشية).
(4)
أخرجه الترمذي في الفتن باب ما جاء في لزوم الجماعة وقال غريب من هذا الوجه، وللحديث شواهد بمعناه، انظر: جامع الأصول حديث 6761 (المتن والحاشية)، وأورده اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة برقم 154 وقال محققه الحمدان: سنده حسن. انظر: ج1 ص 106 (الحاشية).