الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1768 -
عن سَلَمَةَ بنِ الأكوعِ قالَ: خَرَجْتُ [مِنَ الْمَدِينَةِ ذَاهِبًا نَحْوَ الْغَابَةِ 4/ 27]، قبلَ أنْ يؤَذَّنَ بالأولى (116) ، وَكَانَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرْعَى بِذِى قَرَدٍ ، [حتى إذا كنتُ بثَنيةِ الغابةِ] قَالَ: فَلَقِيَنِى غُلَامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ [قلتُ: ويحَكَ ما بكَ؟!]، فَقَالَ: أُخِذَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قُلْتُ: مَنْ أَخَذَهَا؟ قَالَ: غَطَفَانُ [وفَزَارةُ]، قَالَ: فَصَرَخْتُ ثَلَاثَ صَرَخَاتٍ: يَا صَبَاحَاهْ! قَالَ: فَأَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لَابَتَىِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ انْدَفَعْتُ عَلَى وَجْهِى حَتَّى أَدْرَكْتُهُمْ، وَقَدْ أَخَذُوا يَسْتَقُونَ مِنَ الْمَاءِ، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ بِنَبْلِى -وَكُنْتُ رَامِيًا- وَأَقُولُ:
(أَنَا ابْنُ الأَكْوَعْ
…
الْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ) (117)
وَأَرْتَجِزُ، حَتَّى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ [قبلَ أن يَشْرَبُوا]، وَاسْتَلَبْتُ مِنْهُمْ ثَلَاثِينَ بُرْدَةً، [فَأَقْبَلْتُ بها أَسُوقُها]، قَالَ: وَجَاءَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ ، فَقُلْتُ: يَا نَبِىَّ اللَّهِ! قَدْ حَمَيْتُ الْقَوْمَ الْمَاءَ وَهُمْ عِطَاشٌ (وفى روايةٍ: إنَّ القومَ عِطاشٌ ، وإنِّي أعْجَلْتُهُم أنْ يَشْرَبُوا سِقْيَهُم) ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمُ السَّاعَةَ ، فَقَالَ:
«يَا ابْنَ الأَكْوَعِ! مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ (118) ، [إنَّ القومَ يُقْرَوْنَ فى قومِهِم]» ، قَالَ: ثُمَّ رَجَعْنَا، وَيُرْدِفُنِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَاقَتِهِ حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ.
40 - بابُ غزوةِ خيبرَ
1769 -
عن سلمةَ بنِ الأكوعِ رضي الله عنه قالَ: خرجْنا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم
(116) أي: بالصلاة الأولى، وهى صلاة الفجر. (لقاح): نجمع لقحة، وهي الناقة ذات اللبن.
(117)
أي: يوم هلاك اللئام. كذا فسروه.
(118)
أي: قدرت عليهم، فارفق بهم، ولا تأخذهم بالشدة. (يقرون): من القرى، وهي الضيافة.
إلى خيبرَ، فسِرْنا ليلًا، فقالَ رجلٌ مِن القومِ لعامِر [بنِ الأكوعِ 7/ 107]: يا عامِرُ! ألا تُسْمِعُنا مِن هُنَيْهَاتِكَ (119)؟ وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلاً شَاعِرًا فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ [يذَكِّرُ] يَقُولُ:
اللَّهُمَّ! لَوْلَا أَنْتَ (وفى روايةٍ: تا اللهِ لولا اللهُ) مَا اهْتَدَيْنَا
وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا
فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا أَبْقَيْنَا (وفى روايةٍ: اقْتَفَيْنا)
…
وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْناَ
…
إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَبَيْنَا (120)
وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا
فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ هَذَا السَّائِقُ؟» . قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ. قَالَ: «يَرْحَمُهُ اللَّهُ» . قَالَ رَجُلٌ (121) مِنَ الْقَوْمِ: وَجَبَتْ (122) يَا نَبِىَّ اللَّهِ!، لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ! فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ ، حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شديدةٌ ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ الْيَوْمِ الَّذِى فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ أَوْقَدُوا نِيرَانُا كَثِيرَةً، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:«مَا هَذِهِ النِّيرَانُ؟ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ تُوقِدُونَ؟» . قَالُوا: عَلَى لَحْمٍ. قَالَ: «عَلَى أَىِّ لَحْمٍ؟» . قَالُوا: لَحْمِ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ. قَالَ: النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم
(119) أي: من أراجيزك،، ويُروى:"من هنياتك"، بتشديد التحتية.
(120)
أي: إذا دُعينا إلى غير الحق امتنعنا. وروي: "أتينا" بالفوفية بدل الموحدة؛ أي: إذا دُعينا إلى الحق جئنا.
(121)
وفي "المسند"(4/ 52) من طريق أخرى: "قالَ: غفر لك ربك، قالَ: وما استغفر لإنسان قط يخصه إلا استشهد، فلما سمع ذلك عمر بن الخطاب قال". وسنده حسن. قال الحافظ: "وبهذه الزيادة ظهر السر في قول الرجل: لولا أمتعتنا به".
(122)
يعني: أنه يرزق الشهادة بدعائك له، ووجبت الجنة فضلاً من ربه.
«أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا» . فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا؟ قَالَ: «أَوْ ذَاكَ» . فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ؛ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ قَصِيرًا، فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِىٍّ لِيَضْرِبَهُ، وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ (123) فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ، فَمَاتَ مِنْهُ ، قَالَ: فَلَمَّا قَفَلُوا؛ قَالَ سَلَمَةُ: رَآنِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم[شاحِباً] وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِى ، [فـ] قالَ [لى]:"ما لَكَ؟ ". قلتُ: فدَاك أبي وأمي، زَعمُوا أنَّ عامرًا حَبِطَ عَملُهُ! قالَ:["مَن قالَه؟ ". قلتُ: قالَه فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَأُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ الأَنْصَارِىُّ، فَقَالَ] النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «كَذَبَ مَنْ قَالَهُ، إِنَّ لَهُ لأَجْرَيْنِ [اثنينِ 8/ 41]، وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ، إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، قَلَّ عَرَبِىٌّ مَشَى (وفى روايةٍ: نَشأَ) بِهَا مِثْلَهُ (124)(وفى روايةٍ: وأى قتلٍ يَزيدُه عليهِ؟) ".
1770 -
عن أبي موسى الأشعريِّ قَالَ: لَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ -أَوْ قَالَ: لَمَّا تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (125) - أَشْرَفَ النَّاسُ عَلَى وَادٍ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ (وفى راويةٍ: فَجَعَلْنَا لَا نَصْعَدُ شَرَفًا، وَلَا نَعْلُو شَرَفًا، وَلَا نَهْبِطُ فِى وَادٍ، إِلَاّ رَفَعْنَا أَصْوَاتَنَا) بِالتَّكْبِيرِ (وفى روايةٍ: فَكُنَّا إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ؛ هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا 4/ 16): اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ ، [قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم على بَغلَتِهِ 7/ 169] ، [قالَ: فدَنا منَّا صلى الله عليه وسلم] ، فقالَ:
(123) أي: حده. قوله: "عين ركبة عامر"؛ أي: رأس ركبته.
(124)
أي: قلَّ من العرب من مشى مثله بهذه الخصلة الحميدة التي هي الجهاد في سبيل الله مع الجهد والجد. هذا؛ وعلى روايةٍ: (نشأ) بدل (مشى) يعود ضمير (بها) إلى أرض المدينة.
(125)
يعني: من خيبر إلى المدينة. قالَ الحافظ: "هذا السياق يوهم أن ذلك وقع وهم ذاهبون إلى خيبر، وليس كذلك، بل إنما وقع ذلك حال رجوعهم؛ لأن أبا موسى إنما قدم بعد فتح خيبر مع جعفر؛ كما سيأتي في الباب من حديثه (بعد سبعة أحاديث) واضحاً، وعلى هذا؛ ففي السياق حذف تقديره: لمَّا توجه النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فحاصَرَها، ففتَحَها، ففرغ، فرجع؛ أشرف الناس
…
إلخ".
«أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ» . قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى. قال: "لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ".
1771 -
عن يزيدَ بنِ أبي عُبيدٍ قالَ: رَأَيْتُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ فِى سَاقِ سَلَمَةَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ! مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ؟ قَالَ: هَذِهِ ضَرْبَةٌ أَصَابَتْنِى يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقَالَ: النَّاسُ: أُصِيبَ سَلَمَةُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَنَفَثَ فِيهِ (127) ثَلَاثَ نَفَثَاتٍ، فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ.
1772 -
عن أبي عمرانَ قالَ: نظرَ أنسٌ إلى النَّاسِ يومَ الجُمْعَةِ، فرأى طَيالِسَةً (128)، فقالَ: كأنَّهُمُ الساعَةَ يهودُ خيبَرَ!
1773 -
عنِ ابنِ عمرَ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نهى يومَ خيْبَرَ عن أكلِ الثَّوْمِ، وعن لحومِ الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ.
1774 -
عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي الله عنهما قالَ:
"نهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومَ خيبَرَ عن لحومِ الحُمُرِ الأهليةِ، ورَخَّصَ في [لحومِ
(126) بكسر الهمزة عند الابتداء، وتوصل في الدرج؛ أي: ارفقوا.
(127)
أي: في موضع الضربة، و (النفث): فوق النفخ، ودون التفل بريق خفيف.
(128)
(الطيالسة): جمع الطيلسان، وهو من لباس العجم.
6/ 229] الخيلِ".
1775 -
عنِ البراءِ وعبدِ اللهِ بنِ أبي أوْفى أنَّهم كانوا معَ النبيِّ، فَأَصَابُوا حُمُرًا، فَطَبَخُوهَا، فَنَادَى مُنَادِى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:
"أَكْفِئُوا الْقُدُورَ"، (ومن طريق أخرى عنِ البراءِ قالَ: أَمَرَنَا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فِى غَزْوَةِ خَيْبَرَ أَنْ نُلْقِىَ الْحُمُرَ الأَهْلِيَّةَ؛ نِيئَةً وَنَضِيجَةً، ثُمَّ لَمْ يَأْمُرْنَا بِأَكْلِهِ بَعْدُ).
1776 -
عنِ ابنِ عباسٍ قالَ: لَا أَدْرِى أَنَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ حَمُولَةَ النَّاسِ؛ فَكَرِهَ أَنْ تَذْهَبَ حَمُولَتُهُمْ (129) أو حَرَّمَهُ فِى يَوْمِ خَيْبَرَ؟ لَحْمَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ (130)؟
1777 -
عنِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما قالَ: قسَمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومَ خَيْبَرَ للفرَسِ سهمَيْنِ، وللرَّاجِلِ (وفي روايةٍ: ولصاحِبِهِ 3/ 218) سَهْماً (131).
(129)(الحمولة): هي التي يحمل عليها الناس، أعمُّ من الركوبة.
(130)
فيه دليل على أن ابن عباس رجع عن القول بإباحة الحمر الأهلية؛ كما سيأتي عنه في "ج 3/ 72 - الذبائح/ 27 - باب"، وهذا هو المفروض فيه بعد أن يبلغه النص، وهذا هو الواجب على المقلدة ، فلعلهم يفعلون.
(131)
كذا وقع في هذه الرواية، وعند مسلم:"وللرجل"؛ أي: صاحب الفرس. وهذه الرواية هي الصواب؛ لموافقتها للرواية الأخرى في الكتاب، وتفسير نافع للحديث لا يتفق إلا معها؛ لأنه صرح أن للفارس ثلاثة أسهم؛ يعني: سهمان من أجل فرسه، وسهم من أجله هو، وهذا هو الذي يلتقي مع تمام تفسيره:"فإن لم يكن له فرس؛ فله سهم". وأما على الرواية الأولى؛ فالمعنى: للفارس سهمان؛ أحدهما له، والآخر للفرس، وللراجل -يعني: الذي لا فرس له- سهم واحد.
ومما لا شك فيه أن ما اتفق عليه الشيخان أصح مما تفرَّد به أحدهما، لا سيما مع المخالفة؛ كما هو الشأن هنا، فكيف وقد تضافرت الروايات الصحيحة عن ابن عمر وغيره من الصحابة على رفق الرواية الصحيحة؛ كما حققه الشيخ اليماني رحمه الله تعالى في "التنكيل"، وأطال النفس في ذلك جدَّا -جزاه الله خيراً- (2/ 65 - 76)، وبها أخذ الجمهور.=
فسَّرَهُ نافع فقالَ: إذا كانَ معَ الرَّجُلِ فرسٌ؛ فلهُ ثلاثةُ أسْهُمٍ، فإنْ لم يَكُنْ له فرسٌ؛ فلهُ سَهْمٌ.
1778 -
عن أبي موسى رضي الله عنه قالَ: بَلَغَنا مَخْرَجُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ونحنُ باليمنِ، فخَرَجْنا مهاجرينَ إليهِ أنا وأخَوانِ لي، أنا أصغَرُهم، أحدُهما أبو بُرْدَةَ، والآخرُ أبو رُهْمٍ، إمَّا قال [في 4/ 55] بِضْعٍ؛ وإمَّا قالَ في ثلاثةٍ وخمسينَ؛ أوِ اثْنَيْنِ وخمسينَ رجلًا مِن قومي، فرَكِبْنا سفينةً، فالْقَتْنا سفينَتُنا إلى النَّجاشِيِّ بالحبشةِ، فوافَقْنا جعفَرَ بنَ أبي طالبٍ [وأصحابَهُ عندَه، فقالَ جعفرٌ: إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بعَثَنا ها هُنا، وأمَرَنا بالِإقامَةِ، فأَقِيْمُوا معَنا]، فأقَمْنا معهُ حتَّى قدِمْناً جميعاً، فوافَقْنا النبيَّ صلى الله عليه وسلم حينَ افْتَتَحَ خيبرَ، [فأسْهَمَ لنا -أو قالَ: فأعْطانا منها- وما قسَمَ لأحدٍ غابَ عن فَتْحِ خيبرَ منها شيئاً؛ إلا لِمَنْ شهِدَ معهُ؛ إلا أصحابَ سفينَتِنا مع جعفرٍ وأصحابهِ، قسمَ لهُم معهُم].
- وَكَانَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا -يَعْنِى لأَهْلِ السَّفِينَةِ-: سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ، وَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ -وَهْىَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا- عَلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم زَائِرَةً -وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِىِّ فِيمَنْ هَاجَرَ- فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَتْ: أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ. قَالَ عُمَرُ: آلْحَبَشِيَّةُ هَذِهِ؟ آلْبَحْرِيَّةُ هَذِهِ (132)؟ قَالَتْ أَسْمَاءُ: نَعَمْ. قَالَ:
=وأما الحنفية؛ فأخذوا بالرواية الشاذة، وبروايات أخرى بمعناها، وكلها ضعيفة منكرة؛ كما تراه محققاً في المصدر المذكور، فقالوا: للفارس سهمان: سهم له، وسهم لفرسه، وللراجل سهم.
ومن غرائب الرأي ما حكوه عن أبي حنيفة أنه قال: "أنا لا أجعل سهم بهيمة أكثر من سهم المؤمن! " ودافع عنه الكوثري كعادته بكل تكلف وتعسف. فيقال للحنفية: فكيف جعلتم المؤمن مثل البهيمة حين حكمتم لكل منهما بسهم؟! هذا من بركات الرأي!
(132)
البحر قد يحرك لمكان حرف الحلق.
سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكُمْ. فَغَضِبَتْ، وَقَالَتْ: كَلَاّ وَاللَّهِ؛ كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ، وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا فِى دَارِ -أَوْ فِى أَرْضِ- الْبُعَدَاءِ الْبُغَضَاءِ بِالْحَبَشَةِ، وَذَلِكَ فِى اللَّهِ وَفِى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَايْمُ اللَّهِ لَا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلَا أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنُخَافُ، وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَسْأَلُهُ، وَاللَّهِ لَا أَكْذِبُ، وَلَا أَزِيغُ، وَلَا أَزِيدُ عَلَيْهِ.
1779 -
فَلَمَّا جَاءَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: يَا نَبِىَّ اللَّهِ! إِنَّ عُمَرَ قَالَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ:«فَمَا قُلْتِ لَهُ؟» . قَالَتْ: قُلْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا. قَالَ:
قَالَتْ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونِى أَرْسَالاً يَسْأَلُونِى عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ؟ مَا مِنَ الدُّنْيَا شَىْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلَا أَعْظَمُ فِى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قَالَ لَهُمُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِّى.
1780 -
عن أبي موسى: قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:
"إِنِّى لأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ، وَمِنْهُمْ حَكِيمٌ (133)؛ إِذَا لَقِىَ الْخَيْلَ -أَوْ قَالَ: الْعَدُوَّ- قَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَصْحَابِى
(133) صفة لرجل منهم، وقيل: اسم علم.
يَأْمُرُونَكُمْ أَنْ تَنْظُرُوهُمْ".
1781 -
عن أَبي هُريرةَ رضي الله عنه قالَ: افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ وَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً، إِنَّمَا غَنِمْنَا الْبَقَرَ وَالإِبِلَ، وَالْمَتَاعَ، وَالْحَوَائِطَ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى وَادِى الْقُرَى، وَمَعَهُ عَبْدٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ، أَهْدَاهُ لَهُ أَحَدُ بَنِى الضِّبَابِ (وفى روايةٍ: الضُّبَيْبِ؛ يقالُ له: رِفاعةُ بنُ زيدٍ 7/ 235]، فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ (134)، حَتَّى أَصَابَ ذَلِكَ الْعَبْدَ، [فقَتَلَهُ]، فَقَالَ: النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ (وفى روايةٍ: الجَنَّةُ). فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشِرَاكٍ -أَوْ بِشِرَاكَيْنِ-[إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم]، فَقَالَ: هَذَا شَىْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"شِرَاكٌ -أَوْ شِرَاكَانِ- مِنْ نَارٍ".
1782 -
عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ رضي الله عنه قالَ: أمَا والذي نفسي بيدِهِ؛ لولا أنْ أتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَبَّاناً (135) ليسَ لهُم شيءٌ؛ ما فُتِحَتْ عليَّ قريةٌ إلا قَسَمْتُها [بين أهلِها 3/ 70]؛ كما قَسَمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم خيبَرَ، ولكِنِّي أتْرُكُها خِزانةً لهُم يَقْتَسِمونَها.
1783 -
عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: لمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ؛ قلنا: الآنَ
(134) هو سهم لا يُدرى من أين أتى؟ وقيل: هو الحائد عن قصده.
(135)
(ببَّان) مفسر بما بعده، والمعنى: لولا أن أتركهم فقراء معدومين لا شيء لهم؛ أي: متساوين في الفقر."فتح".