الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونحو قولنا: (يجب أن لا تخبره بذلك) و (لا يجب أن تخبره بذلك) ففي الأولي أوجب عليه عدم الإخبار، وفي الثانية نفي وجوب إخباره، بل أجاز له أن يخبره وأن لا يخبره، ونحو (يجب أن لا تحضر) و (لا يجب أن تحضر) ففي الأولى ألزمه بعدم الحضور، وفي الثانية لم يوجب عليه الحضور، بل أجاز له الحضور وعدم الحضور، ومثله (يجوز أن لا تفعل) و (لا يجوز أن تفعل) ففي الجملة الأولى جوز له عدم الفعل، وجوز له الفعل، وفعله أولى، وفي الثانية منعه من الفعل، أي لم يجوز له الفعل.
ونحو (أدركت أنه ليس غبيا) و (ما أدركت أنه غبي) ففي الأولى أدركت عدم غبائه وفي الثانية لم يدرك غباءه.
ونحوه قولك (ما أصبحت تملك عقارًا) و (أصبحت لا تملك عقارًا) ففي الجملة الأولى لم يصبح وفي الثانية أصبح ومعنى العبارة الأولى أن المخاطب كان يأمل أن يكون من أصحاب العقار، ولم يتيسر له ذاك، وأما الثانية فتقولها لمن كان يملكه وهو الأن لا يملكه، فالعبارة الأولى لا تدل على أنه كان يملك العقار بخلاف الثانية.
ونحوه قولك: (ما أصبحت تملك زرعا ولا ضرعا) و (أصبحت لا تملك زرعا ولا ضرعا) فالعبارة الأولى تفيد أنه يريد ذاك فلم يتحقق له ما أراد، والثانية تفيد أنه كان يملكها ففقدها، وهكذا.
والخلاصة أنه إذا وقع الفعل في حيز النفي تسلط عليه، وإن لم يقع حيزه كان مثبتا ولم يتسلط عليه.
ج - وقوع (كل) في حيز النفي وعدمه:
قد مر بنا هذا في باب التوكيد، وذكرنا ثم أنه إذا وقعت (كل) في حيز النفي، أفادت الثبوت لبعض الأفراد، وإذا لم تقع حيزه اقتضي ذلك النفي عن كل فرد، فإذا قلت مثلا (ما أعانني كل الطلاب) كنت اثبت الإعانة لبعضهم، فلم يعنك كلهم، بل أعانك بعضهم، وإذا قلت (كل الطلاب لم يعينوني) نفيت الإعانة عن كل الطلاب.
جاء في (دلائل الإعجاز) في قول أبي النجم:
قد أصبحت أم الخيار تدعى
…
علي ذنبا كله لم أصنع
برفع كل " أنه أراد أنها تدعى عليه ذنبا لم يصنع منه شيئا البتة، لا قليلا ولا كثيرا، ولا بعضا ولا كلا، والنصب يمنع من هذا المعنى، ويقتضي أن يكون قد أتى من الذنب الذي أدعته بعضه وذلك أنا إذا تأملنا وجدنا أعمال الفعل في (كل) والفعل منفي لا يصلح أن يكون إلا حيث أن يراد أن بعضا كان، وبعضا لم يكن، تقول:((لم ألق كل القوم))، و (لم آخذ كل الدراهم) فيكون المعنى: أنك لقيت بعضا من القوم، ولم تقل الجميع، وأخذت بعضا من الدراهم وتركت الباقي، ولا يكون أن تريد أنك لم تلق واحدًا من القوم، ولم تأخذ شيئا من الدراهم. .
وإذ قد بان لك من حال النصب أنه يقتضي أن يكون المعنى، على أنه قد صنع من الذنب بعضا، وترك بعضا، فاعلم أن الرفع على خلاف ذلك، وأنه يقتضي نفي أن يكون قد صنع منه شيئا، وأتي منه قليلا أو كثيرا، وإنك إذا قلت:(كلهم لا يأتيك)، و (كل ذلك لا يكون) و (كل هذا لا يحسن) كنت نفيت أن يأتيه واحدٌ منهم، وأبيت أن يكون أو يحسن شيء مما أشرت إليه" (1).
وقيل: وقد يشكل على الشق الأول من هذا القول نحو قوله تعالى: {إن الله لا يحب كل مختال فخور} [لقمان: 18]، وقوله:{والله لا يحب كل كفار أثيم} [البقرة: 276]، إذ يقتضي ذلك أن يحب الله بعض هؤلاء.
وأجيب " أن دلالة المفهوم إنما يعول عليها عند عدم المعارض، وهو ههنا موجود إذ دل الدليل على تحريم الاختيال والفخر مطلقا"(2).، وتحريم الكفر والإثم
(1) دلائل الإعجاز 215 - 215
(2)
المغنى 1/ 200 - 201