الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط
معنى الشرط أن يقع الشيء لوقوع غيره (1). أي أن يتوقف الثاني على الأول (2). فإذا وقع الأول وقع الثاني، وذلك نحو:(إن زرتني أكرمك) فالاكرام متوقف على الزيارة، ونحو قوله تعالى:{فإن قاتلوكم فاقتلوهم} [البقرة: 191]، وقوله:{فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} [البقرة: 230]، وقوله:{وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} [البقرة: 280].
هذا هو الأصل، وقد يخرج الشرط عن ذلك فلا يكون الثاني مسببا عن الأول، ولا متوقفًا عليه، وذلك نحو قوله تعالى:{فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث} [الأعراف: 176]، فلهث الكلب ليس متوقفًا على الحمل عليه، أو تركه، فهو يلهث على كل حال، وإنما ذكر صفته فقط، ونحو قوله:{فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين} [آل عمران: 32]، والله لا يحب الكافرين سواء تولوا أم آمنوا، فليس الثاني مشروطا بالأول ولا مسببا عنه، ونحو قوله تعالى:{فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرا} [النساء: 19]، وقوله:{قل يأيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله} [يونس: 104]، فهو لا يعبد غير الله سواء شكوا أم آمنوا، وقوله:{إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل} [النحل: 37]، وقوله:{إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم} [فاطر: 14]، فهم لا يسمعون الدعاء سواء دعوهم أم لم يدعوهم، وقوله:{فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين} [فصلت: 24]، والنار مثواهم صبروا أم لم يصبروا، وقوله:{قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك} [البقرة: 97]، وهو قد أنزله على قلبه سواء عادوه أم والوه، وقوله:{وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما} [النساء: 127]. وهو عليم بالأفعال خيرًا أو شرًا.
(1) المقتضب 2/ 46
(2)
البرهان 2/ 354
فليس الشرط على هذا، من باب السبب والمسبب دومًا، وإنما الأصل فيه أن يكون ذلك.
جاء في (شرح الرضي على الكافية): " قد لا يكون مضمون الشرط والجزاء متعقبا لمضمون الشرط، بل يكون مقارنا له في الزمان نحو: (إن كان هناك نار كان احتراق) و (إن كان احتراق فهناك نار) و (إن كان الإنسان ناطقا فالحمار ناهق) لكن التعقب المذكور هو الأغلب"(1).
وجاء في (حاشية الصبان): " الجزاء قسمان:
أحدهما: أن يكون مضمونه مسببا عن مضمون الشرط، نحو (إن جئتني أكرمتك).
والثاني: أن لا يكون مضمون الجزاء مسببا عن مضمون الشرط، وإنما يكون الإخبار به مسببا نحو (إن تكرمني فقد أكرمتك أمس) والمعنى إن اعتددت علي بإكرامك إياي، فأنا أيضا أعتد عليك بإكرامي إياك (2).
وجاء في (البرهان): " وققال صاحب المستوفي: اعلم أن المجازاة لا يجب فيها أن يكون الجزاء موقوفا على الشرط أبدًا، ولا أن يكون الشرط موقوفا على الجزاء أبدًا بحيث يمكن وجوده، ولا أن تكون نسبة الشرط دائما إلى الجزاء نسبة السبب إلى المسبب، بل الواجب فيها أن يكون الشرط بحيث إذ فرض حاصلا لزم مع حصوله حصول الجزاء، سواء كان الجزاء قد يقع لا من جهة وقوع الشرط كقول الطبيب (من استحم بالماء البارد احتقنت الحرارة باطن جسده) لأن احتقان الحرارة قد يكون لا عن ذلك، أو لم يكن كذلك كقولك:(إن كانت الشمس طالعة كان النهار موجودًا).
وسواء كان الشرط ممكنا في نفسه، كالأمثلة السابقة، أو مستحيلا كما في قوله تعالى {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين} [الزخرف: 81].
(1) شرح الرضي على الكافية 1/ 272
(2)
حاشية الصبان 4/ 22