الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك وكذلك بالنسبة للآية، فقد يحتمل أنهم سجدوا في وقت واحد، ولكن (أجمعون) لا تدل عليه ولا تفيده، بل الآمر كما ذكرنا آنفا في معنى (كل) و (أجمع).
ويدلك على ذلك أيضا أنه يجوز أن تقول (يموت الناسكلهم أجمعون) وليس معناه أنهم يموتون في وقت واحد.
فهي تختلف عن (جميع) فإن جميعا قد تتجرد للدلالة على الاجتماع، فلا يراد بها معنى الإحاطة، وأما هذه فلا تتجرد لهذا المعنى، ولا يفارقها معنى العموم والشمول.
الأعداد من ثلاثة إلى عشرة إذا أضيفت إلى ضمير ما تقدمها:
تقول العرب (أقبل الرجال ثلاثتهم) و (رأيت الأولاد خمستهم) وفيها لغتان: لغة الحجاز، وهي النصب ولغة تميم وهي الأتباع، قال سيبويه: " هذا باب ما جعل من الأسماء مصدرا كالمضاف في الباب الذي يليه) وذلك قولك (مررت به وحده) و (مررت بهم وحدهم) و (مررت برجل وحده).
ومثل ذلك في لغة أهل الحجاز (مررت بهم ثلاثتهم وأربعتهم) وكذلك إلى العشرة وزعم الخليل أنه إذا نصب (ثلاثتهم) فكأنه يقول: مررت بهؤلاء فقط، ولم أجاوز هؤلاء كما إذا قال (وحده) فإنما يريد مررت به فقط لم أجاوزه.
وأما بنو تميم فيجرونه على الاسم الأول، إن كان جرا فجرا، وإن كان نصبا فنصبا، وإن كان رفعًا فرفعًا.
وزعم الخليل أن الذين يجرون كأنهم يريدون أن يعملوا كقولك: مررت بهم كلهم أي لم أدع منهم أحدًا (1). وظاهر من كلام سيبويه أن النصب يكون على الحالية، والاتباع على التوكيد (2).
(1) كتاب سيبويه 1/ 187، وانظر المقتضب 3/ 239
(2)
انظر الهمع 1/ 239، شرح الرضي 1/ 362
ومع أنهما لغتان فمعنى النصب لا يطابق معنى الاتباع، فإن الاتباع يفيد الإحاطة والشمول، فإذا قلت (أقبل الرجال ثلاثتهم) بالرفع، كان المعنى: أقبلو كلهم، وذلك إذا كان العدد معلومًا.
وإن النصب يفيد اجتماعهم، في المجيء، أي أقبلوا مجتمعين، فكأنك قلت: أقبوا حال كونهم ثلاثة، وقد يفيد النصب ما يفيده الاتباع من شمول، فيكون من باب الحال المؤكدة كما تقول (أقبل الطلاب جميعهم وجميعًا). وقد مر بنا في (جميع) أن الإتباع يفيد الإحاطة والنصب، يحتمل الإجتماع، ويحتمل الإحاطة، وهذا شبيه بذاك.
فالإتباع يكون للدلالة على الإحاطة والشمول من غير نظر إلى اجتماعهم، أو عدمه والنصب يحتمل معنى الاجتماع والإحاطة
قال الرضي: وهذه الأسماء الثمانية (يعني من الثلاثة إلى العشرة) إذا أضيفت إلى ضمر ما، تقدم منصوبة عند أهل الحجاز على الحال، لوقوعها موقع النكرة، أي (مجتمعين في المجيء) وبنو تميم يتبعونها ما قبلها في الإعراب على أنها توكيد (1).
وقال: " وبعضها يستعمل مرة تابعًا على التأكيد، ومرة حالا، وذلك من الثلاثة فما فوقها كما مر في باب الحال، نحو:(جاءني القوم ثلاثتهم) و (جاءووني ثلاثتهم). ولا يؤكد بـ (ثلاثة) وأخواتها إلا بعد أن يعرف المخاطب كمية العدد، قبل ذكر لفظ التأكيد وإلا لم يكن توكيدًا بخلاف الوصف، في نحو: جاءني رجال ثلاثة (2).
والظاهر أن تميم تريد بهذا الاستعمال الدلالة على الإحاطة، مثل (كل) و (أجمع) من دون نظر إلى افتراق، أو اجتماع، فاتبعت لذلك.
(1) شرح الرضي على الكافية 1/ 220
(2)
شرح الرضي على الكافية 1/ 362