الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذهب الكوفيون إلى أنها أفعال، لدلالتها على الحدث والزمان، وذهب ابن صابر إلى أنها قسم رابع زائد على أقسام الكلام الثلاثة سماه الخالفة (1).
ومذهب الكوفيين بعيد، في نحو (رويد خالدا) و (بله زيدا) و (النجاءك)، ومكانك وعليك، فإن رويد وبله مصدران معلومان يستعملان مصدرين، نحو (رويد خالد) و (بله محمد) يجر ما بعدها.
ويستعملان اسمي فعل، نحو (رويد خالدا) و (بله محمدا) بنصب ما بعدهما (2).
و(النجاءك) مصدر محلي بأل، ومكانك ظرف، وعليك جار ومجرور، فجعل أسماء الأفعال أفعالا فيه نظر. وعلى أي حال لا خلاف بين النحاة في أنها تؤدي معاني الإفعال سواء قلنا باسميتها أم بفعليتها.
التنوين الداخل عليها:
يدخل التنوين على قسم من هذه الألفاظ، وذلك نحو صهٍ وايهٍ وافٍ، وهذا التنوين عند الجمهور يفيد التنكير، فإذا قلت (صه) بالتسكين كان أمرا له بالسكوت عن حديث معين وإذا قلت (صهٍ) بالتنوين كان أمرًا له بالسكون عن كل حديث، فيكون معنى (صه) السكوت، و (صهٍ) سكوتا، وهكذا (إيهِ) و (إيهٍ) فإن (إيهِ) بلا تنوين طلب الاستزادة من حديث معين (وايهٍ) طلب الاستزادة من أي حديث يشاء المتكلم، ومعنى (مهٍ) بالتنوين انكفافا، ومعنى (مهْ) بالتسكين الانكفاف.
قال سيبويه: وزعم - أي الخليل - أن بعضهم قال (صهٍ) ذلك أرادوا النكرة، كأنهم قالوا سكوتًا" (3).
(1) همع الهوامع 2/ 105
(2)
شرح ابن الناظم 250
(3)
كتاب سيبويه 2/ 53
وجاء في (الأمالي الشجرية): " ومن نونه أراد به التنكير، لأن تنوين هذا الضرب علم للتنكير كقولهم في المسزادة من الحديث (إيهٍ) إذا أرادوا حدثني حديثا ما، و (ايهِ) من حديث يعرفه المحدث، والمحدث ومثله صهٍ وصه، ومهٍ ومه، فمن نون فكأن قال: افعل سكوتا واكفا، ومن لم ينون فكأنه قال افعل السكوت وكذلك من قال (اف) فنون أراد أتضجر تضجرا، ومن لم ينون فهو بمنزلة اتضجر التضجر المعروف (1).
وجاء في (شرح الرضي على الكافية): " وأما التنوين اللاحقة لبعض هذه الأسماء فعند الجمهور للتنكير، .. فصهٍ بمعنى سكوتا، وايه بمعنى زيادة فيكون المجرد من التنوين مما يلحقه التنوين كالمعرف، فمعنى (صه) اسكت السكوت المعهود المعين، وتعيين المصدر بتعيين متعلقه أي المسكوت عنه، أي إفعل السكوت عن هذا الحديث المعين، فجاز على هذا أن لا يسكت المخاطب عن غير الحديث المشار إليه، وكذا (مه) أي كف عن هذا الشيء و (ايه) أي هات الحديث المعهود، فالتعريف في المصدر راجع إلي تعريف متعلقه.
وأما التنكير فكأنه للإبهام والتفخيم، كما في قوله:
ألا أيها الطير المربة بالضحى
…
على خالد لقد وقعت على لحم
أي لحم وأي لحم، فكان معنى صه اسكت سكوتا، واي سكوت، أي سكوتا بليغا أي اسكت عن كل كلام (2).
وذهب ابن السكيت والجوهري إلى أن التنوين فيما يدخل عليه منها، دليل الوصول وحذفه دليل القطع، فإذا وصلت في الكلام نونت، وإذا وقفت حذفت، فتقول صه صه بتنوين الأول وسكون الثاني (3).
(1) الأمالي الشجرية 1/ 391
(2)
شرح الرضي على الكافية 2/*77
(3)
شرح الرضي على الكافية 2/ 77
وذهب الرضي إلى التنوين الداخل عليها تنوين الحاق، وتنوين مقابلة، كما قيل في تنوين مسلمات، قال: ونستريح إذن بما تكلفناه لتوجيه التنوين (1).
وقال الدكتور سليم النعيمي: " ولا نعتقد أن لديه دليلا يؤيد ما يقولون من أن (صه) بلا تنوين تدل على طلب السكوت عن حديث معين، وأن (صه) بالتنوين تدل على طلب السكوت عن كل حديث وأن الذي يقول (اف) بغير تنوين يريد التضجر المعروف ومن يقل (افٍّ) بالتنوين يريد تضجرا غير معروف.
بل الذي نراه أن (صهٍ) بالتنوين أبلغ في الزجر وطلب السكوت، من التي لم تنون لزيادة لفظها، وكذل الذي يقول (افٍّ) بالتنوين، فإنه يعبر عن ضجر بلغ في نفسه درجة يحتاج للترفيه عنها صوتا أطول من صوت (اف) غير منونة" (2).
وما ذهب إليه النحاة في التفريق بينهما مقبول من ناحية مردود، من ناحية، وذلك أن التنوين هنا يفيد العموم والشمول، فما نون يكون اعم وأشمل مما لم ينون، فإذا قلت صه أردت السكوت التام المطبق، وكذلك أيه فإنه يراد به الحديث العام الشامل لأن التنكير قد يفيد العموم نحو (عنده مال) و (هو ذو علم ومعرفة ونشاط وقوة).
أما قولهم أن (صهٍ) معناه سكوتا، و (صه) معناه السكوت، وكذلك الباقي فهذا مردود ومغاير لتفسيرهم، فإن السكوت ليس معناه: اسكت عن حديث معين، وإنما هو تعريف للسكوت لا للمسكوت عنه، أي اسكت السكوت المعهود، فقولك (افعل سكوتا) لا يفيد نصا أن المسكوت عنه عام، ولا (افعل السكوت) يدل على أن المسكوت عنه خاص، بل يصح أن يقال (سكوتا عن هذه المسألة) فيكون خاصا، كما يصح أن يقال (السكوت عن كل حديث) فيكون عامًا.
(1) شرح الرضي على الكافية 2/ 90 - 91
(2)
اسم الفعل دراسة وطريقة تيسير - بحث في مجلة المجمع العلمي - المجلد السادس غير ص 68