الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتقول: (إن تعنف أخاك فتغضبه لا أكلمك) بالجزم، تقول:(إن تعنف أخاك فتغضبه با أكلمك) بالنصب على السببية.
فإن جئت بالفعل بعد الجواب، جاز فيه الرفع على الاستئناف زيادة على الوجهين السابقين (1). نحو (إن تكرم سالما أكرمك وأساعدك) فالجزم على العطف، والنصب على المعية، والرفع على الاستئناف، ومعنى الاستئناف أنك تساعده، سواء فعل ذلك أم لا.
فمعنى الجزء أنك تساعده أن أكرم سالمًا، ومعنى الرفع أنك تساعده على كل حال وليست مساعدتك له مرتبطة بالشرط ومثله قوله تعالى:{وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون} [آل عمران: 111]، فجاء بالفعل مرفوعا، والمعنى أنهم لا ينصرون وليس ذلك مشروطًا بالقتال، وإنما هو أخبار مستأنف، ولو جزم لكان مشروطا بالقتال.
اجتماع الشرط والقسم
إذا اجتمع شرط وقسم، فالجواب للسابق منهما، فإن تقدمهما ذو خبر، جاز جعل الجواب لأي منهما (2).
وذلك لأن المتقدم يكون الكلام مبنيا عليه، فإذا قلت (والله إن زرتني لأكرمنك) فقد بنيت الكلام على القسم، وكان الشرط مقيدًا له، وإن قلت (إن زرتني والله أكرمك) كنت بنيت الكلام على الشرط وجعلت القسم عترضا.
جاء في (أمالي ابن الشجري): " والله إن قمت لأقومن - لأقومن جواب القسم والشرط معترض .. وإن تقدم الشرط كان القسم معترضا، والجواب للشرط، مثل: إن قمت والله قمت (3).
(1) انظر: الأشموني 4/ 24 - 25، التصريح 2/ 251
(2)
التصريح 2/ 253، شرح ابن الناظم 790، شرح ابن عقيل 2/ 126
(3)
أمالي ابن الشجري 1/ 240، وانظر شرح الرضي على الكافية 2/ 284، كتاب سيبويه 1/ 444
فإن تقدمهما ذو خبر نحو (إنا والله إن تأتني أكرمك) جاز جعل الجواب للقسم أو للشرط، باعتبار أن الكلام بني على اسم متقدم غير الشرط والقسم، وهو يحتاج إلى خبر فيمكن جعل كل من القسم أو الشرط معترضا، فإذا قلت:(أنا والله إن تاتني آتك) جعلت القسم اعتراضا بين المبتدأ والخبر، وإن قلت (أنا والله إن اتيتني لآتينك) جعلت الشرط قيدًا للقسم.
هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية يبدو أن اطلاق لفظ (معترض)، أو (اعتراض) على الشرط غير موفق أحيانا، لأنه قد يفهم أن أهميته ثانوية في الكلام، في حين أنه قد يكون الكلام قسما على الشرط وذلك نحو قوله تعالى:{ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين} [البقرة: 145]، فإنه ليس من السداد أن تقول: إن أصل الكلام: والله إنك لمن الظالمين ثم اعترض بالشرط، كيف وقد أقسم الله على الشرط
ونحوه قوله تعالى: {وإن أطعتموهم إنكم لمشركون} [الأنعام: 121]، فإن القسم مضمر عند النحاة، وتقدير الكلام (ولئن أطعتموهم) بدليل أن الجواب للقسم، ولم يقترن بالفاء.
جاء في (الكتاب): " فلو قلت: (إن اتيتني لأكرمتك) وإن لم تأتني لأغمنك. جاز لأنه فيمعنى لئن أتيتني لأكرمنك، ولئن لم تأتني لأغمنك، ولابد من هذه اللام مضمرة أو مظهرة، لأنها لليمين كأنك قلت: والله لئن اتيتني لأكرمتك (1).
وهو كما ترى قسم على الشرط، فالشرط هو المقصود بالكلام، وقد أقسم الله عليه، فتسميه الشرط معترضا، في نحو هذا تسمية غير موفقة، لا تناسب أهميته في الكلام، ولا في أداء المعنى، وعلى أي حال فهو مصطلح نحوي، وهو نظير التسمية بالفضلة، مع أن المعنى يتوقف عليها أحيانًا، فإذا حذفت ذهب معنى الكلام، وذلك نحو قوله تعالى:
(1) كتاب سيبويه 1/ 436، وانظر المغنى 2/ 640